الثورات العربية الموؤدة منذ الحرب العالمية الأولى
وكيف واجهها الغرب
أ.د. حاكم المطيري
DrHAKEM@
dr-hakem.com
* عرف العرب مفهوم الثورة الشعبية كما في ثورة مصر وسوريا والعراق... إلخ من ١٩١٩ - ١٩٢٥م على الاحتلال الأجنبي البريطاني والفرنسي والإيطالي.. إلخ.
* واجه الاستعمار الثورة بإقامة ملكيات صورية في الدول التي أسسها بعد سقوط الخلافة العثمانية كما في مصر وليبيا والعراق وسوريا والخليج والمغرب.
* قام الاستعمار الغربي بتأسيس جيوش الدول العربية وتنظيمها وتدريبها وتسليحها لتظل في خدمته فلا يحتاج إلى جيوشه في تنفيذ وفرض سياساته في محمياته.
* لم يتصور العرب حين ثاروا بأن الاستعمار كان يسبقهم دائما بخطوة ويطور وسائله كلما طوروا وسائلهم للتحرر منه فمنحهم استقلالا صوريا تحت حمايته!
* حين أدرك العرب طبيعة الملكيات التي منحها الاستعمار استقلالا صوريا وأنها لم تحقق له الحرية، بادر الاستعمار بإسقاطها بانقلابات عسكرية أشد طغيانا بيد جيوشه التي صنعها!
* جاءت الانقلابات العسكرية العربية المدعومة من أمريكا وروسيا بعد الحرب العالمية الثانية في الخمسينات والستينات في القرن العشرين في ظل الحرب الباردة بينهما.
* تفاجأ العرب بأن انقلابات الأنظمة العسكرية كانت أشد فسادا وإجراما من الملكيات إلا أنها صارت هي الثورة الشعبية التي تمثل إرادتهم شاءوا أم أبوا وكل من يرفضها يعدم كعميل وخائن للوطن!
* بدأت بوادر الربيع العربي وأول ثورة شعبية ضد نظام وطني في تونس والمغرب بثورة الخبز ١٩٨٤م وثورة ١٩٨٥م في السودان وثورة الخبز سنة ١٩٨٨م في الجزائر.
* شهد السودان بعد ثورته التي أسقطت نميري فترة حكم انتقالية ثم تعددية سياسية أزعجت الأنظمة العربية الدكتاتورية، فحاصرتها، فلم يلبث الإسلاميون أن انقلبوا فيها على النظام المنتخب بانقلاب عسكري سنة ١٩٨٩م وما يزالون!
* قامت الدول العربية بالاعتراف بالانقلاب العسكري في السودان سنة ١٩٨٩م وقدمت دول الخليج النفط بالمجان لنظام البشير لإسقاطه السلطة المنتخبة!
* شهدت الجزائر انفراجا سياسيا فأجريت أول انتخابات بلدية ١٩٨٨م وتفاجأ العالم بفوز الجبهة الإسلامية للانقاذ حديثة التأسيس ذات التوجه السلفي بنحو ٦٥٪ من البلديات.
* نجحت الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر في إدارة البلديات ١٩٨٨م نجاحا كبيرا خلال سنتين وكسبت تعاطفا شعبيا عارما بحسن إدارتها ونزاهتها.
* جرت أول انتخابات جزائرية حرة في سبتمبر ١٩٩١م فأذهلت نتائجها العالم حيث فازت جبهة الإنقاذ برئاسة عباسي مدني وعلي بلحاج بأكثر من ٨٠ ٪ من الأصوات.
* قررت فرنسا التدخل بتفويض غربي وكذا مصر والسعودية بتفويض عربي، لوأد هذه التجربة التي هزت المنطقة، فحدث الانقلاب العسكري بعد ٣ أشهر وتم حل جبهة الإنقاذ!
* دعمت مصر والسعودية ودول الخليج الانقلاب العسكري الجزائري سنة ١٩٩٢م أمنيا وماليا بأربعة مليارات دولار وتم إعلان حالة الطوارئ لمكافحة الإرهاب!
* تم اعتقال ٢٠ ألف قيادي من جبهة الإنقاذ وزجهم بالسجون ١٩٩٢م وعلى رأسهم رئيس الجبهة عباسي مدني ونائبه علي بلحاج وعشرات الآلاف من أنصار الجبهة.
* أطلق الشيخ محمد الغزالي بعد الانقلاب العسكري في الجزائر تصريحه الخطير بأنه يحمد الله أن جبهة الإنقاذ لم تستلم السلطة وإلا لشوهت الإسلام!
* وقف الإخوان في الجزائر بقيادة النحناح مع العسكر وشاركوا بإقرار دستور الانقلاب والانتخابات الصورية التي أدارها العسكر ودخلوا الحكومة!
* كانت مصر منذ سنة ١٩٨٠م تعيش أجواء ثورة شعبية فبدأ مبارك بمواجهتها بشماعة مكافحة الإرهاب فبدأ بالجهاد الإسلامي ١٩٨٠ -١٩٩٠م ثم الجماعة الإسلامية ١٩٩٠- ٢٠٠٠م!
* فتح مبارك الباب للإخوان لدخول البرلمان منذ ١٩٨٠ - ٢٠١٠م وفي المقابل فتح السجون لباقي الإسلاميين الذي زج بهم بعشرات الآلاف وفق قانون الطوارئ ومكافحة الإرهاب!
* تفجرت الثورة الشعبية في الجزائر سنة ١٩٩٢م وعمت المدن؛ فتم مواجهتها عسكريا ورفض الجيش مواجهة الشعب؛ فتم الاستعانة بالميليشيات والعصابات المسلحة!
* حوّل الانقلاب العسكري في الجزائر الأزمة من ثورة شعب من أجل الحرية إلى حرب مع الإرهاب وبدأت المجازر الوحشية في كل المدن التي انتخبت الجبهة!
* لم ينجح الانقلاب في إخضاع الشعب الثائر والذي عزف عن المشاركة في الانتخابات الصورية ١٩٩٥م التي شارك فيها النحناح تحت حكم العسكر ولم تحل الأزمة.
* ظهرت فجأة الجماعة المسلحة سنة ١٩٩٦م وبدأت بإعلان الجهاد والخلافة وفتح لها الطريق لتسيطر على مناطق شاسعة في الجبال وكفرت الشعب الجزائري وشنت حربها عليه!
* كانت ذريعة الجماعة المسلحة في قتالها للشعب الجزائري هي أنه يريد الحرية وحقه في اختيار السلطة وهذا كفر! واقترفت المجازر الرهيبة التي عرفت بالعشرية السوداء!
* بدأت ماكينة الإعلام الغربي والعربي تتحدث عن فظائع الإرهاب وتنسبها إلى جبهة الإنقاذ التي كان قادتها يقبعون في السجون ووُئدت الثورة والحقيقة!
* كانت مناظر قطع رؤوس الأطفال والنساء في الجزائر تنشر يوميا في الصحف الفرنسية والأوربية وتتحدث عن الإرهاب الإسلامي في الجزائر وتواطأ العالم على المؤامرة.
* خلال عشر سنوات تم القضاء على ثورة شعب الجزائر السلمية من أجل الحرية ووئدت إرادة ٨٠ ٪ من الشعب الذي اختار جبهة الإنقاذ للحكم بدعوى مكافحة الإرهاب!
* فرّ رئيس وزراء الجزائر الأسبق الإبراهيمي إلى لندن سنة ١٩٩٧م وعقد مؤتمرا صحفيا كشف فيه بأن العسكر ورجال فرنسا في الجيش الجزائري هم من يقف وراء المجموعات الجهادية المسلحة المجهولة والمجازر الوحشية!
* بدأ ضباط الجيش الجزائري يفرون إلى أوربا ويعترفون بالمجازر ضد المدنيين التي كانت تقترفها ميليشا وقوات خاصة للنظام على أنها جماعات جهادية وتنسب للإسلاميين!
http://youtu.be/sQxBfujiQRo
* كتبت حينها سنة ١٩٩٧م مقالا بعنوان (لمن تقرع الأجراس) عن حقيقة ما يجري من تضليل إعلامي تجاه الثورة الجزائرية الموؤدة بعد شهادة رئيس الوزراء الجزائري الذي اعترف بعد فوات الأوان!
* كانت اعترفات رئيس الوزراء الأسبق عبدالحميد الإبراهيمي عن جرائم الجيش ومليشياته صدمة مذهلة! http://bit.ly/1gY4cg5
* كان كثير من الدعاة والكتاب الإسلاميين في العالم العربي يروجون أكاذيب الانقلاب العسكري في الجزائر عن الإرهاب وتفتح لهم وسائل الإعلام الرسمي!
* عرف العالم كله بحقيقة ما جرى بعد فوات الأوان وبعد القضاء على الربيع الجزائري بقتل ٢٠٠ ألف مواطن ليستسلم الشعب للانقلاب العسكري والنفوذ الفرنسي إلى اليوم!
* كتبت سنة ١٩٩٧م مقالا بعنوان (الانتخابات الجزائرية والأزمة الأخلاقية) ردا على تصريح النحناح بأن (الزمن تجاوز جبهة الإنقاذ)!
* بعد سيطرة الانقلاب في الجزائر والقضاء على الثورة تم الإعلان عن عفو ٢٠٠٢م وطويت صفحة الجهاد والخلافة بعد انتهاء المهمة.
* أدرك الاستعمار بأن الجيوش التي صنعها قد لا تستطيع اليوم مواجهة ثورة الشعوب فقام بصناعة جماعات مسلحة وبلاك ووتر جهادية لمواجهة الأمة وجهادها فاغتر بها آلاف الشباب المخدوع!
* كتب أبو مصعب السوري المنظر الجهادي كتابه عن تجربة الجزائر وكيف اخترقت الاستخبارات الجماعة المسلحة وأدارت حربا على الشعب وثورته باسم الجهاد! http://bit.ly/1aNcsL8
* ها هو المشهد يتكرر وبالأسلوب نفسه في سوريا وبتعاون بين الاستخبارات الجزائرية والسورية ودعم عربي وغربي وباسم الخلافة والجهاد لتقوم بلاك ووتر جهادية باستباحة دماء الشعوب الثائرة في سوريا والعراق وليبيا بدعوى الردة وباسم الجهاد والخلافة!
* لا يريد الإسلاميون الذين شاركوا الطغاة في الأنظمة الملكية والعسكرية وتحالفوا معها برعاية أمريكية مدة نصف قرن على حساب الأمة وتحررها أن يعترفوا بخطيئتهم!
* يدفع الإسلاميون اليوم في دول الربيع العربي ثمن ركونهم من قبل مع الانقلاب العسكري في الجزائر ضد جبهة الإنقاذ وسكوتهم عن الظلم الذي تعرضت له!
* لم يزد برهامي وحزب النور في كل ما فعله مع انقلاب السيسي في مصر على ما فعله النحناح وجماعته مع الانقلاب العسكري في الجزائر حذو القذة بالقذة!
* دماء آلاف الأبرياء والسجناء في الجزائر ومصر وغيرها في ظل صمت كثير من الإسلاميين بل وتحالفهم مع الطغاة منكر عظيم يحتاج لتوبة جماعية إلى الله لا تبريرات واهية!
* ما لم يتب الإسلاميون على اختلاف تياراتهم من ركونهم للطغاة وللاحتلال الأمريكي ومن تقديم مصالحهم على حساب الأمة وتحرر شعوبها فلن يتحقق لهم نصر.
* كما يمارس فقهاء السلطة تبرير انحراف الطغاة وتضليل الرأي العام يمارس بعض شيوخ وكتاب الجماعات الإسلامية تبرير انحرافات جماعاتهم بما في ذلك تعاونها مع الاحتلال وتضليل كوادرهم.
* كما لا تعرف الشعوب كثيرا من تاريخ حكوماتها وجرائمها لا يعرف كثير من أتباع الجماعات تاريخ جماعاتهم وانحرافها بسبب التضليل الإعلامي لكتابها!
* لا يوجد معيار أخلاقي وشرعي تحتكم له الجماعات في موقفها من الطغاة ومن الاحتلال الذي فرضهم فصار المعيار مصلحة الجماعة والدعوة لا مصلحة الإسلام والأمة!
* لا يمكن التفريق بين موقف برهامي وحزبه في مصر والنحناح وحزبه في الجزائر فإما أنهما ركنا للطغاة أو أنهما قدرا مصلحة مرعية وراعيا سياسة شرعية.
* ما اقترفه الانقلاب العسكري في حق الشعب الجزائري الذي قتل ٢٠٠ ألف أضعاف ما فعله الانقلاب في مصر وشرعية جبهة الإنقاذ التي انتخبها ٨٠ ٪ من الشعب أربعة أضعاف نسبة حزب العدالة في مصر!
* واجه الاستعمار ثورة الأمة بإقامة الأنظمة الملكية الصورية منذ ١٩٢٠ - ١٩٥١م ثم بالانقلابات العسكرية منذ ١٩٥٢م ثم الآن بالميليشيات الطائفية كحزب الله والحوثي وداعش والحشد الشيعي في العراق... إلخ
* إذا كان الغرب نجح في محاصرة الثورة في الجزائر والقضاء عليها فإن الثورة العربية اليوم أعمق أثرا وأوسع مساحة جغرافيا وديمغرافيا وأكثر قدرة على المواجهة!
* كل ما تحتاجه الثورة العربية هو الإيمان الراسخ بالله ووعده بالنصر والتوبة إليه من الظلم كله والتوبة من الركون للظالمين والطغاة المجرمين.
* قال تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}
{وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْض الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}!
* لن تتخلف سنن الله ولن تحابي أحدا
{لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ} {قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ}
اللهم إننا نتوب إليك ونبرأ من كل طاغية وظالم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
٢٠ أغسطس ٢٠١٥م
……………………………
مواضيع ذات صلة:
لمن تقرع الأجراس
الانتخابات الجزائرية والأزمة الأخلاقية
الثورات العربية والمؤامرات الدولية
الانقلاب في مصر والموقف الخليجي (مرئي)
كتاب عبيد بلا أغلال
مكتبة أ.د. حاكم المطيري