ابن تيمية ومعركة الحرية
(2)
الحروب الصليبية والثورة الفكرية
قال المؤرخ الذهبي عن ابن تيمية
(أحيا الله به الشام، بل والإسلام، بعدما كاد ينثلم)
ذيل طبقات الحنابلة (4 /497)
أ.د. حاكم المطيري
الأمين العام لمؤتمر الأمة
25 رجب 1437هـ
2 مايو 2016م
عادة ما ترتبط التحولات الفكرية العميقة في المجتمعات الإنسانية بالحروب الكبرى، التي تشكل فواصل زمنية في تاريخ البشرية، وليست الحرب الصليبية الجديدة التي تشنها أمريكا وأوربا على العالم الإسلامي ببدع من تلك الفواصل في تاريخ الأمم؛ فهي تمثل منعطفا خطيرا، وستحدث تحولا فكريا وسياسيا كبيرا وعلى مدى عقود بل وقرون قادمة، سيكون لهما أكبر الأثر في تغيير واقع العالم مرة أخرى!
ولم يكن الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون يفشي سرا حين صرح في كتابه(الفرصة السانحة- (الذي ترجم للعربية سنة 1992م ورسم فيه خطة طريق الحملة الصليبية القادمة في مطلع الألفية الثالثة- بأن حاجة أمريكا للحرب لا تقل عن حاجتها للسلم، وأن تطور حضارتها، وازدهار نهضتها، ونمو اقتصادها، في الحرب أكثر من ازدهارها في فترة السلم، وأن أمريكا) تستظل تحت خيمة الرب يسوع المسيح(، وأن حجر الأساس الذي تقوم عليه علاقة أمريكا بإسرائيل )ليس الدولار بل الكتاب المقدس بعهديه القديم)التوراة (والجديد)الإنجيل(..(، وبأن الحرب القادمة يجب أن تكون مع الأصولية في العالم العربي والإسلامي، وتنطلق من القواعد العسكرية الأمريكية في الخليج، فقد كان أول رئيس أمريكي يدعو وبكل صراحة لشن الحملة الصليبية الجديدة، واقتناص الفرصة السانحة -بعد سقوط الاتحاد السوفيتي الروسي- لاحتلال العالم العربي والإسلامي بشكل مباشر، وبالتعاون مع الأنظمة العربية الوظيفية التي تتمتع بحماية أمريكا الصليبية، من أجل حماية أمن إسرائيل، تحت ذريعة مواجهة الأصولية، وبدعوى مكافحة الإرهاب، لتحقيق السلام الدائم بين العرب وإسرائيل، هذه الحملة التي قادها بالفعل بعد ذلك جورج بوش الابن سنة 2001م!
وإذا كان التاريخ هو كتاب الوجود الإنساني منذ بدايته؛ فالحروب هي أبوابه وفصوله، حيث تعد زلازل مجتمعية وفكرية وسياسية، تعيد تشكيل واقع المجتمع، وصياغة وعي الإنسان لنفسه ولواقعه من جديد، وبحسب حجم الحروب وكوارثها يكون حجم تلك التحولات الفكرية ومن ثم السياسية، كما في حروب الفتح الإسلامي، والحروب الصليبية، والحروب المغولية، وفتح القسطنطينية، والحروب العالمية، {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض}!
لقد كانت الحملات الصليبية المعاصرة -البريطانية الفرنسية التي استطاعت إسقاط الخلافة الإسلامية، واحتلال العالم العربي والإسلامي وتقاسمه منذ 1914م، ثم الحملة الصليبية الجديدة الأمريكية الغربية منذ غزو أفغانستان، بتاريخ 19 رجب 1422هـ / 7 أكتوبر 2001 م، ثم غزو العراق، بتاريخ 28 ذو الحجة 1423هـ /20 مارس 2003م، ثم الحملة الصليبية الروسية على سوريا، بتاريخ 18 ربيع الأول 1437هـ / 30 ديسمبر 2015م، هذه الحملات الصليبية التي أمكنها احتلال كابل وبغداد ودمشق - زلزالا عسكريا وسياسيا وفكريا ما زالت الأمة تعيش تداعياته التي تعصف بواقعها السياسي والفكري وتموج بها موج البحر، كما كانت من قبلها الحملات المغولية الوثنية، والصليبية الفرنجية، التي تصدى لها ابن تيمية، زلزالا كبيرا فجّر ثورة فكرية كبرى ما زال صداها يهز جنبات الفكر الإسلامي منذ القرن السابع الهجري وإلى اليوم!
وكما كشفت هذه الحملات الصليبية الجديدة عن طبيعة الصراع والحرب التي يخوضها الغرب المسيحي من جديد مع الإسلام وأمته، وفي كل الساحات العسكرية والسياسية والفكرية والإعلامية، وكشفت أسبابها الدينية، وجذورها التاريخية - تلك الحملة التي قادها الرئيس الأمريكي بوش الابن الذي صرح بدوافعه، وبكل جرأة للعالم كله، بتاريخ 16 سبتمبر 2001م، بأن حربه (ستكون حربا صليبية)(1)، وأن (الرب خاطبه للقيام بهذه المهمة)(2)؛ فاحتل أفغانستان، ثم احتل بغداد، وأكمل الحملة بعده بوتين الرهيب؛ فاحتل دمشق بمباركة بابا الكنيسة الأرثوذوكسية - كشفت كذلك القناع عن وجه النظام الدولي وحقيقته، فإذا هو أكبر تحالف صليبي إجرامي عرفه العالم، تتآمر فيه القوى الصليبية الغربية البروتستانتية والكاثوليكية، مع القوى الصليبية الشرقية الروسية الأرثوذكسية على العالم الإسلامي وشعوبه ودوله، التي احتلوها ولم يخرجوا منها إلا بعد أن أخضعوها لنظامهم الدولي الذي كفل لهم حق السيادة المطلقة عليها وعلى شعوبها باسم قرارات مجلس الأمن! والذي تجلى في أوضح صوره اليوم فيما يجري من حرب دموية ومذابح في سوريا والعراق، عجز عن وقف أنهار الدماء فيها ألفا مليون مسلم، وستون دولة إسلامية، حيث تحاصر دول مجلس الأمن الصليبية الشعب السوري الأعزل، وتحظر عنه السلاح الذي يدفع به عن نفسه؛ ليذبح على مرأى من العالم المتحضر، ويهجر الملايين منه، ويسهل النظام الدولي للقاتل الإجهاز على الضحية باسم القانون الدولي؛ ليرضخ الشعب مكرها للاتفاق الأمريكي الروسي الذي يحدد له طبيعة نظامه الذي يحكمه، كما فعلوا من قبله في الشعب العراقي!
لقد كان انطلاق هذه الحملات الصليبية الجديدة، ثم تفجر الثورة العربية المجيدة -التي ابتدأت في تونس بتاريخ 10 محرم 1432هـ / 17 ديسمبر سنة 2010م، والتي جاءت كردة فعل تراكمية على احتلال العراق، وعلى حرب غزة- ثم الثورة المضادة التي قادها الغرب وأنظمته الوظيفية والطائفية لمواجهة ثورة الشعوب العربية، في مصر والعراق وسوريا واليمن وليبيا وتونس، زلزالا عنيفا كانت الأمة وشعوبها في أشد الحاجة إليه، وهي تخضع منذ مئة عام لنفوذ الاحتلال الأجنبي، لتستيقظ من سباتها، وتواجه طغاتها، حيث تجلى لها زيف الواقع الذي تعيشه، ووهم الاستقلال الصوري الذي فرحت به، وهشاشة الدولة الوطنية الوظيفية التي فرضها الاحتلال وحدد حدودها واختار نظامها، وهزلية عضويتها في الأمم المتحدة، وسخرية الاعتراف باستقلالها، وخديعة الجيوش الوطنية التي أسسها المحتل وسلّحها وأشرف على شئونها، حيث يشاهد العرب والمسلمون، ومنذ مطلع الألفية الثالثة سنة 2001م، وعلى شاشات الفضائيات بالصوت والصورة أبشع جرائم القتل الهمجي، والتدمير الوحشي، والتهجير القسري، حيث يدك الصليبيون الهمجيون، وحلفاؤهم الباطنيون الحاقدون، بطيرانهم وصواريخهم وقنابلهم، وبجيوشهم الوطنية الوظيفية التي صنعوها على أعينهم، مدن الشام والعراق وأفغانستان وقراها، ليحولوها أثرا بعد عين، وليقتلوا الملايين من الأبرياء، ويهجروا الملايين من الأطفال والنساء، -ليذكّروا الأمة بمذابح جنكيز خان وهولاكو- ولتقف الأقليات مرة أخرى مع العدو المحتل، لتستيقظ الأمة من غفلتها على أمر جلل، لم يخطر لها على بال، ولا عبر لها في خيال -بعد عقود من تضليل الفكر، وتزييف الوعي، وغيبة العقل الجمعي، وفقدان الذاكرة، والانخداع الطفولي بوهم الوطنية والقومية والليبرالية والشيوعية ومجلس الأمن والأمم المتحدة وحقوق الإنسان والسلم العالمي- على حقيقة الصراع العقائدي التاريخي بين الأمة وعدوها، فإذا بوش وبلير وساركوزي وبوتين وبرلسكوني بليبراليتهم وعلمانيتهم واشتراكيتهم وشيوعيتهم البائدة، هم الروم والروس والفرنجة بصليبيتهم الحاقدة، كما هم لم ولن يتغيروا منذ 1400 عام! وكما أخبر القرآن {ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا}، {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم}، وكما عبر عن ذلك قبل ألف سنة شاعر العربية أبو الطيب المتنبي وهو يتحدث عن الحملة الصليبية الرومية الروسية في عصره في مطلع القرن الرابع الهجري بقوله:
وكيف ترجــي الروم والروس هدمها *** وذا الطعن آسـاس لها ودعائمُ
خميس بشرق الأرض والغرب زحفه *** وفي أذن الجوزاء منه زمازمُ
تجــمــع فيــه كــل لـــــســن وأمـــة *** فما تفهم الحــداث إلا التراجمُ
وإذا القرامطة والباطنية الجدد -الذين تدثروا برداء القومية والناصرية والبعثية والليبرالية- يعيثون في الأرض فسادا، ويعيدون تاريخهم بكل همجيته ودمويته وخيانته ليصطفوا مع جيوش الحملة الصليبية، كما فعل أسلافهم من قبل، وليعيدوا التاريخ بكل تفاصيله وأوزاره وأثقاله، كأنما يراه العرب والمسلمون المعاصرون رأي العين، وليشاهدوا اليوم ما لم يدركوه بالأمس من أحداث القرن السابع الهجري، الذي طوته الذاكرة حتى قيل بأن ما يروى عنه قد لا يمت إلى الحقيقة بصلة! وحاول الواهمون باسم الوطنية والقومية والليبرالية نفي حدوث تلك الفواجع، أو التخفيف من وطأتها وحدتها بدعوى مبالغة المؤرخين، وحتى اتهموا ابن تيمية بتطرفه في موقفه من هذه الفرق الباطنية! فإذا ما يجري اليوم أشد هولا، وأدعى ذهولا، يتضاءل أمامه ما ذكره المؤرخون المسلمون قديما، وليصبح بعده ابن تيمية أكثر تسامحا واعتدالا مما ينبغي! ولتتحول بغداد والعراق ودمشق والشام على يد الجيوش الصليبية، وفرق الموت الطائفية الصفوية، والأحزاب الباطنية، ركاما من القتلى والأشلاء، فوق ركام من قبور الأحياء البؤساء، لا يصدق من يراها أنها هي نفسها تلك العواصم العامرة قبل الاحتلال الأمريكي الروسي الإيراني!
لقد عاد التاريخ، بل تم إعادته قهرا ليحكم الحاضر، ويتحكم في المستقبل، وبدأ الجميع يعيد قراءة ابن تيمية من جديد، وكيف أنه كان أبعد نظرا، وأثقب فكرا، وأصوب رأيا، في معرفة طبيعة الصراع، وحقيقة الفرق الباطنية وأحوالها، وأنه كان أقدر على استشراف أفعالها، حين حذر من خطورة تآمرها على الأمة مع عدوها الخارجي كلما سنحت لها الفرصة: (وكثير منهم يواد الكفار من قلبه أكثر من موادته للمسلمين، ولهذا لما خرج التتر والكفار من جهة المشرق فقاتلوا المسلمين وسفكوا دماءهم ببلاد خراسان والعراق والشام والجزيرة وغيرها كانت -تلك الفرق- معاونة لهم على قتال المسلمين، ووزير بغداد المعروف بالعلقمي هو وأمثاله كانوا من أعظم الناس معاونة لهم على المسلمين، وكذلك الذين كانوا بالشام بحلب وغيرها كانوا من أشد الناس معاونة لهم على قتال المسلمين، وكذلك النصارى الذين قاتلهم المسلمون بالشام كانت -تلك الطوائف- من أعظم أعوانهم، وكذلك إذا صار لليهود دولة بالعراق وغيره تكون -تلك الطائفة- من أعظم أعوانهم، فهم دائما يوالون الكفار من المشركين واليهود والنصارى ويعاونونهم على قتال المسلمين ومعاداتهم!).(3)
وكأن ابن تيمية وهو يقص تلك الوقائع قبل سبعة قرون إنما يعيش هذا العصر ويتابع الأحداث عن كثب، ويتحدث عما يجري اليوم في العراق ومصر والشام وحلب، فأطراف الصراع الرئيسة -الأمة وعدوها الخارجي- هي هي، وأدواتها الوظيفية -من أقليات وأنظمة عميلة- هي هي، والوسائل كما هي!
وحين يقول أيضا عن تلك الفرق الباطنية: (وهم الذين أعانوا التتار على قتال المسلمين، وكان وزير هولاكو النصير الطوسي من أئمتهم، وهؤلاء أعظم الناس عداوة للمسلمين.. يوالون من حارب أهل السنة والجماعة، ويوالون التتار، ويوالون النصارى، وقد كان بالساحل بينهم وبين الفرنج مهادنة حتى صارت تحمل إلى قبرص خيل المسلمين وسلاحهم وغلمان السلطان وغيرهم من الجند والصبيان، وإذا انتصر المسلمون على التتار أقاموا المآتم والحزن، وإذا انتصر التتار على المسلمين أقاموا الفرح والسرور، وهم الذين أشاروا على التتار بقتل الخليفة وقتل أهل بغداد، ووزير بغداد ابن العلقمي الرافضي هو الذي خامر(4) على المسلمين، وكاتب التتار حتى أدخلهم أرض العراق بالمكر والخديعة ونهى الناس عن قتالهم، وقد عرف العارفون بالإسلام : أن - هذه الفرق - تميل مع أعداء الدين، ولما كانوا ملوك القاهرة كان وزيرهم مرة يهوديا، ومرة نصرانيا أرمينيا، وقويت النصارى بسبب ذلك النصراني الأرميني، وبنوا كنائس كثيرة بأرض مصر في دولة أولئك المنافقين.. وفي أيامهم أخذت النصارى ساحل الشام من المسلمين حتى فتحه نور الدين وصلاح الدين، وفي أيامهم جاءت الفرنج إلى بلبيس وغلبوا من الفرنج؛ فإنهم منافقون، وأعانهم النصارى والله لا ينصر المنافقين الذين يوالون النصارى، فبعثوا إلى نور الدين يطلبون النجدة فأمدهم بأسد الدين وابن أخيه صلاح الدين، فلما جاءت الغزاة المجاهدون إلى ديار مصر قامت -تلك الفرقة- مع النصارى فطلبوا قتال الغزاة المجاهدين المسلمين، وجرت فصول يعرفها الناس، حتى قتل صلاح الدين مقدمهم شاور، ومن حينئذ ظهرت بهذه البلاد كلمة الإسلام والسنة والجماعة).(5)
لقد سقطت بغداد تحت الاحتلال الأمريكي، وبالتعاون مع تلك الطوائف نفسها، بعد سبعة قرون من نبوءة ابن تيمية، ووقع ما حذر منه، وسقطت بعدها دمشق تحت الاحتلال الروسي، وكانت تلك الفرق الباطنية هي أيضا من استدعاه، وهي الساعد الأيمن له والحليف، والمساعد والرديف، حتى صرح أبطحي (لولا إيران لما استطاعت أمريكا دخول كابل وبغداد)(6)، وكان حزب البعث القومي السوري، وبمؤازرة حزب اللات الشعوبي، وراء استدعاء الاحتلال الروسي لدك حلب وحمص وإدلب، في مشهد لا يكاد يصدق حيث يصطف أدعياء القومية العربية، مع الشعوبية الطائفية، في خندق الاحتلالين الروسي والإيراني!
وكان أشد من تصدى للاحتلال الأمريكي وأبرز من شارك في المقاومة العراقية هي الجماعات الجهادية على اختلاف توجهاتها، وكذلك كانت أبرز من شارك في الثورة السورية وجهاد الحملة الصليبية الروسية، ووجدت في كتب ابن تيمية بغيتها في تعبئة الأمة لمواجهة هذا الخطر الداهم، فعاد ابن تيمية من جديد وبكل قوة -وعلى رغم أنوف أعدائه- وهو في قبره كملهم لروح الجهاد والمقاومة والثورة كما كان حيا!
لقد بدأ الإسلاميون الذين كانوا قد عزفوا عن كتب ابن تيمية، ليواكبوا تطور الحضارة الإنسانية، يعودون لرسائله وكتبه، ويتخلون عن أوهامهم الخادعة، لفهم واقعهم الذي أعمى بصائرهم عن رؤيته على حقيقته سحرُ تلك الحضارة الزائفة، ونسوا أن الإنسان هو الإنسان، والأمم هي الأمم، والأيام دول!
وهمٌ يقيد بعضهم بعضا به *** وقيود هذا العالم الأوهام!
لقد كان من أبرز تداعيات هذه الحملة الصليبية الصهيونية الصفوية الجديدة: الثورة العربية التي عبرت فيها شعوب الأمة عن رفضها لواقعها، وضيقها بأحوالها -التي فرضتها عليها تلك الحملة الصليبية وأنظمتها الوظيفية منذ الحرب العالمية الأولى، ومنذ سقوط الخلافة، ومنذ فرض عليها العدو المحتل خريطة سايكس بيكو التي تقاسم الصليبيون بموجبها العالم العربي، وكان حجر الأساس في التقسيم الشام والعراق، وأقاموا فيها دولهم الوظيفية والطائفية- وكانت المفاجأة للشعوب العربية الثائرة أن اصطف مع الطغاة، ومع الثورة المضادة، ومع العدو الخارجي، وأنظمته الوظيفية: فئتان طالما حذر ابن تيمية من خطورة انحرافهما، وطالما دخل في صراع معهما، وكانا وراء محاكمته وسجنه، وهما:
1- فقهاء السلطة، من متمذهبة الفقهاء، من أهل العصبية والتقليد، وأهل الإرجاء، وهم (من يبيح الملك مطلقا؛ من غير تقيد بسنة الخلفاء -الراشدين-؛ كما هو فعل الظلمة والإباحية والمرجئة)! (7)
2- وشيوخ الطرق الصوفية الجبرية ممن يذهب (إلى الإباحة والجبر ويعرض عن الشرع والأمر والنهي فهذه الآفة توجد كثيرا في المتصوفة)(8)، (وهؤلاء يئول الأمر بهم إلى أن لا يفرقوا بين المأمور والمحظور، وأولياء الله وأعدائه، ويجعلون الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض، ويجعلون المتقين كالفجار، ويجعلون المسلمين كالمجرمين، ويعطلون الأمر والنهي، والوعد والوعيد، والشرائع، وربما سموا هذه حقيقة!).(9)
ثم وقعت مذابح الشام وتتابع وقعها ورأى الشعب السوري كيف اصطف البوطي وحسون مع طاغية الشام وباطنيته، ثم تلتها مذابح رابعة والنهضة ورأى الشعب المصري كيف اصطف مفتي مصر علي جمعة، وشيخ الأزهر أحمد الطيب، مع طاغية مصر، وخطب علي جمعة يحرضه على الضرب بالمليان وبالحديد والنار لقتل شعبه(10)! وجاء إعلان السيسي بتاريخ 1 يناير 2015م بضرورة تجديد الخطاب الديني(11)، وتغيير نصوص الجهاد التي تمثل التخلف وتشيع الإرهاب، تماما كما دعا إليه تقرير راند!
وخطب ابن بيه على منبر الأمم المتحدة(12) -بين يدي جون بايدن نائب الرئيس الأمريكي، الذي حياه فرد التحية بأحسن منها، وبكل أدب وضيع، وجيوشه وجيوش الروس تقتل الملايين في العراق والشام دون أن يندد بهم ابن بيه ولو تلميحا- ليحاكم فتوى ابن تيمية التي يحتج بها المتطرفون الثائرون على الاحتلال والطغيان!
وأطلق الجميع على ابن تيمية النار، وبلا سابق إنذار -كما أرادت الحملة الصليبية وكما أوصى بذلك تقرير راند منذ سنة 2007م- بدعوى مكافحة التطرف والإرهاب، وصرح علي جمعة بتاريخ 9 يناير 2016م بأن بدعة ابن تيمية هي التي جاءت بالتطرف والإرهاب(13)، وليس الاحتلال الأمريكي الروسي!
وفتحت أنظمة الخليج الوظيفية أبواب محاريبها، وخزائن ذهبها، أمام فقهاء السلطة، وشيوخ السلفية والصوفية، ودعاة الوسطية، لمحاكمة ابن تيمية الذي كانت كتبه وراء المقاومة والجهاد والثورة -كما أوصت بذلك تقارير مؤسسة راند التي أثنت على دور الكويت والإمارات والسعودية- وتم تأسيس (مجلس حكماء المسلمين) في الإمارات وتحت رعايتها لتحقيق هذا الغرض ذاته!
وبدأ العرب الأحرار بما فيهم الإسلاميون والقوميون والليبراليون -الذين تجاهلوا من قبل حقائق التاريخ والأديان، وتوهموا أن القومية والوطنية والعلمانية والليبرالية والديمقراطية هي الحل- يستعيدون شيئا فشيئا، تحت طوارق المحن، وبوارق الفتن، ثقتهم بابن تيمية وبفكره ويعيدون قراءته لفهمه!
لقد كان ما جرى منذ مطلع الألفية الثالثة سنة 2001م -من احتلال، ومقاومة، وجهاد، ثم ثورة شعبية، ثم ثورة مضادة- بركانا فكريا عنيفا، فكما زلزل الأرض تحت جيوش الاحتلال عسكريا، وهز عروش الطغاة وصنائع الاستعمار سياسيا، فقد اهتزت له أركان المدارس الفكرية كلها صوفيتها وسلفيتها، وتهاوت عروشها، وسقط أكثرها من عين الأمة وشعوبها، التي أذهلها موقف بعض هذه الفئات التي تجردت من إنسانيتها، وتخلت عن فطرتها، وهي ترى المذابح الوحشية، ثم تصطف خلف الطغاة المجرمين، والغزاة المحتلين، تحت شعار الأمن قبل الحرية والعدل!
وصرح ابن بيه، بعد الثورة العربية، بتاريخ 22 يناير 2012، وبوحي من الأنظمة الوظيفية التي أرعبها ثورة الشعوب المقهورة (بأن المحرضين على الثورة في العالم الإسلامي اليوم حرفوا فتوى ابن تيمية التي يتكئون عليها، وإن هذه الفتوى تعرضت للتحريف قبل مئة عام من طرف الذين أشعلوا الحرائق في بلاد المسلمين)(14)!
فلم يعد يرى ابن بيه الاحتلال الأمريكي الروسي وحروبه الدموية الهمجية، ولا جرائم أنظمته الوظيفية، بحق شعوبها الضعيفة، ولا يرى حال هذه الشعوب المظلومة، والجماهير المنكوبة -وهي التي تشكل وعيها وثقافتها في دول وطنية علمانية لا دخل لفتوى ابن تيمية بها- التي خرجت ثائرة بالملايين لتستعيد كرامتها وحريتها، ولعلها لم تسمع بابن تيمية ولا بفتواه المحرفة المزعومة!
وكأنما قدر ابن تيمية -لحكمة يعلمها الله- أن يخوض اليوم معركة التحرير ميتا، كما خاضها بالأمس حيا، وأن يلهم بفكره كل حركات التحرر الإسلامي منذ عصره إلى عصر الناس اليوم، ليكون له أجرها وأجر من قام بها إلى يوم القيامة!
وعاد المفكرون المعتدلون -مرة أخرى- الذين طالما انتقدوا ابن تيمية لحدته في موقفه من العدو الخارجي، وموقفه من الفرق الباطنية والصوفية وفقهاء السلطة وأهل التقليد، يعيدون من جديد قراءة كتبه وتراثه، ويستنبئونه أخبارهم، ويستنطقونه أسرارهم، بعد أن امتلأت السجون العربية بالآلاف من الإصلاحيين من المحيط إلى الخليج بعد الثورة المضادة، ممن كانوا يحلمون فقط بالعيش في وطن يستظل بسقف الأمم المتحدة ومجلس الأمن ويحترم حقوق الإنسان! وبعد أن أعلنوا للعالم كله كفرهم بالخلافة البائدة، وقبولهم بالنظام الدولي الجديد! لتتبخر أحلامهم، وتتحطم أوهامهم، على صخرة الواقع السياسي الذي آمنوا به، هذا الواقع الذي كان وما يزال يعيش صراعا أمميا دينيا منذ وجد الإنسان، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها!
لقد صار السيسي كما يدعي علي جمعة إماما مصلحا يجب الوقوف معه، وصار جون بايدن -نائب الرئيس الأمريكي- صديقا حميما كما يناديه ابن بية، وصار بوتين حليفا كما يقول حسون، وأصبح ابن تيمية هو العدو الذي تجب محاكمته، في مشهد مسرحي هزلي يضحك الثكلى، وبواكي ملايين القتلى، الذين قضوا في العراق والشام ومصر، ولم يكن عند ابن بيه الاطفائي الكبير، ما يسعفهم به ويطفئ حريقهم إلا باكتشافه الخطير، بأن فتوى ابن تيمية في شأن ماردين تصحفت فيها كلمة (يعامل) إلى (يقاتل)، وهذه هي شرارة الحريق الذي أطفأها (مجلس حكماء المسلمين)، لتنعم الملايين بعدها بالأمن والسلام!
ولو اجتمع حمقى العالم كله على أن يأتوا بمثل هذا الهوس الذي جاء به (حكماء المسلمين) ليطفئوا حريق الحرب التي تشنها جيوش الاحتلال والطغاة على الأمة وشعوبها ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا!
وما لأقوالهم إذا كشفت *** حقائق بل جميعها شبه
لقد نسي رئيس (منتدى السلم)، ورئيس (مجلس حكماء المسلمين)، في غمرة فرحه وحماسته باكتشافه الخطير، بأن للإمام ابن تيمية ألف مؤلف، بين فتوى ومصنف، فيها من تفصيل القول في شأن دار الإسلام والولاء والبراء والجهاد ما لا يوجد في فتوى ماردين، وأن عامة ما قرره ابن تيمية يكاد يكون محل إجماع أئمة الإسلام، وفقهائه الأعلام، أو قول عامة جماهيرهم، فلم تعد المشكلة مع ابن تيمية بل مع الفقه الإسلامي كله، ومع الأئمة الأربعة، وإذا استطاع (حكماء المسلمين) الجدد تجاوز كل ذلك بدعوى وجوب الاجتهاد، فأمامهم مئات النصوص القرآنية والنبوية التي توجب الجهاد فرض عين وفرض كفاية، دفاعا عن الدين والنفس والأرض والعرض، ولتحقيق الأمن والسلم من منظور قرآني، كقوله تعالى: {أذن للذين يُقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير... ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره}، {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم}، {وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة}، والصبر على تبعات الجهاد كما في قوله {ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين}!
لقد تراجع كثير من أحرار العرب اليوم وبكل تواضع -بعد أن رأوا سياسيي أوربا وليبرالييها وعلمانييها تباركهم كنائسهم وهم يشنون حروبهم الصليبية على الشعوب العربية التي كان أقصى أماني أكثرها: أن تعيش في بلدانها بأمن وحرية وادعة وداعة الأغنام في حظائرها! وبعد أن رأوا الغرب نفسه تخلى عن كل ما دعاهم إليه من اتباع ملته وديمقراطيته لينعموا مثله بالحضارة الإنسانية- عن كثير من أوهامهم عن السلم العالمي، وعادوا إلى تراث ابن تيمية فلربما اختصر عليهم الطريق في معرفة حقيقة هذه الحياة وطبيعة الصراع العقائدي!
ولا يمكن فهم ابن تيمية وفكره كظاهرة سياسية فريدة، إلا بقراءة متأنية عميقة، وإلا بالإمعان أطول ما يكون النظر الفلسفي، والتأمل الصوفي، في سبب إطراء أئمة عصره له وثنائهم عليه، على نحو غير مسبوق في تراجم أهل الإسلام، ولا معهود في سير الأعلام، وهو ما يفسر حدوث ظاهرة إنسانية لا عهد للأمة بها من قبل، توجب على من أراد دراسة ابن تيمية معرفة عصره وظروفه بكل تفاصيلها، لفهم آرائه وأحكامه وأسبابها، فحين يسجل قاضي القضاة في الشام ومصر الفقيه الزاهد شمس الدين بن الحريري الحنفي (محضرا بخطه ثلاثة عشر سطرا بالثناء عليه بالعلم والفهم ومن جملتها أنه منذ ثلاثمائة سنة ما رأى الناس مثله!). (15)
ويقول عنه (إن لم يكن ابن تيمية شيخ الإسلام فمن يكون!).(16)
وحين يقول إمام محدث كبير كالحافظ أبي الحجاج المزي الشافعي: (الذي كان يبالغ في تعظيم الشيخ والثناء عليه، حتى كان يقول: لم ير مثله منذ أربعمائة سنة).(17)
أو حين يقول عنه قاضي القضاة ابن دقيق العيد -عند اجتماعه به وسماعه لكلامه- : (ما كنت أظن أن الله بقي يخلق مثلك). (18)
ويعترف خصمه قاضي القضاة أبو الحسن السبكي الشافعي بعظم (وكبر قدره، وزخارة بحره، وتوسعه في العلوم الشرعية والعقلية، وفرط ذكائه واجتهاده، وبلوغه في كل من ذلك المبلغ الذي يتجاوز الوصف، ويقول: وقدره في نفسي أكبر من ذلك وأجلّ، مع ما جمعه اللّه له من الزهادة، والورع، والديانة، ونصرة الحق، والقيام فيه لا لغرض سواه، وجريه على سنن السلف، وأخذه من ذلك بالمأخذ الأوفى، وغرابة مثله في هذا الزمان، بل من أزمان).(19)
أو يقول عنه قاضي القضاة كمال الدين الزملكاني الشافعي: (لم ير من خمسمائة سنة أحفظ منه).(20)
وكتب بخطه على نسخة من كتاب (رفع الملام) : (تأليف الشيخ الإمام، العالم، العلامة الأوحد، الحافظ المجتهد، الزاهد العابد، القدوة، إمام الأئمة، قدوة الأمة، علامة العلماء، وارث الانبياء، آخر المجتهدين، أوحد علماء الدين، بركة الإسلام، حجة الأعلام، برهان المتكلمين، قامع المبتدعين، محيي السنة، ومن عظمت به لله علينا المنة، وقامت به على أعدائه الحجة، واستبانت ببركته وهديه المحجة). (21)
ويقول عنه (كان إذا سئل عن فن من العلم ظن الرائي والسامع أنه لا يعرف غير ذلك الفن، وحكم أن أحدا لا يعرف مثله، وكان الفقهاء من سائر الطوائف إذا جلسوا معه استفادوا في مذاهبهم منه ما لم يكونوا عرفوه قبل ذلك، ولا يعرف أنه ناظر أحدا فانقطع معه، ولا تكلم في علم من العلوم سواء كان من علوم الشرع أو غيرها إلا فاق فيه أهله والمنسوبين إليه). (22)
وحين يقول أئمة الصوفية في عصره (والمشايخ العارفون، كالقدوة أبي عبد الله محمد بن قوام: ما أسلمت معارفنا إلا على يد ابن تيمية.
ويقول الشيخ عماد الدين الواسطي، وكان يعظمه جدا، وتتلمذ له، مع أنه كان أسن منه : قد شارف مقام الأئمة الكبار، ويناسب قيامه في بعض الأمور الصديقيين.
وكتب رسالة إلى خواص أصحاب الشيخ يوصيهم بتعظيمه واحترامه، ويعرفهم حقوقه، ويذكر فيها: أنه طاف أعيان بلاد الإسلام، ولم ير فيها مثل الشيخ علما، وعملا، وحالا، وخلقا، واتباعا، وكرما، وحلما، في حق نفسه، وقياما في حق الله تعالى، عند انتهاك حرماته.
وأقسم على ذلك بالله ثلاث مرات، ثم قال: أصدق الناس عقدا، وأصحهم علما وعزما، وأنفذهم وأعلاهم في انتصار الحق وقيامه، وأسخاهم كفا، وأكملهم اتباعا لنبيه محمد ﷺ، ما رأينا في عصرنا هذا من تستجلى النبوة المحمدية وسننها من أقواله وأفعاله إلا هذا الرجل، بحيث يشهد القلب الصحيح: أن هذا هو الاتباع حقيقة). (23)
أو يقول عنه الإمام العارف أبو العباس الحزامي الواسطي -وهو أكبر سنا منه وأقدم وفاة- (إمام الأمة، ومحيي السنة، أنموذج الخلفاء الراشدين، والأئمة المهديين، الذين غابت عن القلوب سيرهم، ونسيت الأمة حذوهم وسبلهم). (24)
أو حين يقول عنه مؤرخ الإسلام الذهبي (أحيا الله به الشام، بل والإسلام، بعد أن كاد ينثلم، بتثبيت أولى الأمر لما أقبل حزب التتر والبغي في خيلائهم، فظنت بالله الظنون، وزلزل المؤمنون، واشرأب النفاق وأبدى صفحته، ومحاسنه كثيرة، وهو أكبر من أن ينبه على سيرته مثلي، فلو حلفت بين الركن والمقام، لحلفت: إني ما رأيت بعيني مثله، وأنه ما رأى مثل نفسه).(25)
فعبارة مثل (لم يُر مثله منذ أربع مئة سنة)، أو (خمس مئة سنة)، أو (شارف مقام الأئمة الكبار، ويناسب قيامه في بعض الأمور الصديقيين)، أو عبارة (ما رأينا في عصرنا هذا من تستجلى النبوة المحمدية وسننها من أقواله وأفعاله إلا هذا الرجل)، أو عبارة (أحيى الله به الشام، بل والإسلام، بعد أن كاد ينثلم)، كلها عبارات محملة بأوضح الدلالات، ومثقلة بالمعاني الواضحات، بأن ابن تيمية ليس فقيها أو إماما كغيره من أئمة الإسلام، بل هو شخصية تاريخية فريدة لا تتكرر في تاريخ الأمة إلا كل خمس مئة سنة!
فالوصف بالصديقية، التي تُستجلى منها سنن النبوة، وإحياء الشام، بل وإحياء الإسلام حين كاد ينثلم، بعد أن اشرأب النفاق، وزلزل المسلمون زلزالا شديدا، يؤكد بأن الأمر الذي تصدى له ابن تيمية خطب جلل، وأن الوقائع عظيمة، والأحداث جسيمة، وأن ابن تيمية كان فيها كأحمد بن حنبل بالفتنة، أو كالصديق في الردة، حتى أنقذ الله به الأمة ودينها، وأقام به الحجة، وأبان به المحجة، وعظمت به النعمة، وهو ما لا يمكن إدراكه إلا بمعرفة ذلك الأمر الجلل، والوقوف على أحداث تلك الفترة الخطيرة من تاريخ الإسلام وأمته، والتي أنطقت أولئك الأئمة الكبار -على اختلاف مذاهبهم الفقهية، ومدارسهم العقائدية، ومشاربهم العلمية- بمثل تلك العبارات التي أطلقوها في وصف ابن تيمية كمنقذ ومخلص وملهم، ومحرر للأمة، ومجدد لدينها، في معركة تحرير كبرى، عاشت الأمة أحداثها بالأمس، وتعيش مثلها اليوم، فالتاريخ يعيد نفسه بتحولاته السياسية والفكرية، ولهذا اضطرت الأمة، مرة أخرى، لمواجهة واقعها، وتداعي الأمم عليها، وبعد سبعة قرون: إلى استعادة روح ابن تيمية، لخوض معركة الحرية!
وللحديث بقية..
...........................................
(1) من كلمة بوش التي ألقاها بتاريخ 16 سبتمبر2001م، البيت الأبيض
http://georgewbush-whitehouse.archives.gov/news/releases/2001/09/20010916-2.html
(2) أدلى بهذا التصريح لوزير الخارجية الفلسطيني الأسبق نبيل شعث في أكتوبر 2005 ونشرته الصحف الغربية
http://www.bbc.co.uk/pressoffice/pressreleases/stories/2005/10_october/06/bush.shtml
http://www.theguardian.com/world/2005/oct/07/iraq.usa
http://www.independent.co.uk/news/world/americas/bush-god-told-me-to-invade-iraq-6262644.html
(3) منهاج السنة النبوية (3/ 224)
(4) خامر بمعنى تآمر عليهم وصار جاسوسا للأعداء.
(5) مجموع الفتاوى (28/ 636)
(6) صرح بذلك في ختام أعمال مؤتمر "الخليج وتحديات المستقبل" الذي ينظمه مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية - أبو ظبي 13يناير2004
(7) مجموع الفتاوى (35/ 25)
(8) الاستقامة (1/ 148)
(9) الاستقامة 2/ 77، وإقامة الدليل على إبطال التحليل - (2 / 493) الفتاوى الكبرى (2/ 395).
(10) خطاب جمعة الذي يحرض فيه على قتل الشعب المصري
https://www.youtube.com/watch?v=7aAFuhCQvLc
(11) أعلن ذلك في الخطاب الذي نظمته وزارة الأوقاف بمناسبة المولد النبوي
https://www.youtube.com/watch?v=725X0UJq63E
(12) خطاب ابن بيه في الأمم المتحدة
https://www.youtube.com/watch?v=BkoChw3_Lkw
(13) صرح بذلك في برنامجه التلفزيوني "الله أعلم"
http://www.youm7.com/story/2016/1/9/%D8%A8...
(14) جاء ذلك في حديثه لإذاعة موريتانيا
http://aqlame.com/article7001.html
(15) ابن حجر - الدرر الكامنة ١/ 172 رقم ٤٠٩، وكان ابن الحريري (لا يقبل من أحد هدية، ولا تأخذه في الحكم لومة لائم)، كما قال ابن كثير في البداية والنهاية 14/163 .
(16) ابن كثير - البداية والنهاية 14/163 .
(17) ابن رجب - ذيل طبقات الحنابلة (4/ 503)
(18) ابن رجب - ذيل طبقات الحنابلة (4/ 503)
(19) ابن رجب - ذيل طبقات الحنابلة (4/ 503)
(20) ابن رجب - ذيل طبقات الحنابلة (4/ 503)
(21) ابن ناصر الدين - الرد الوافر(1 / 57)
(22) ابن ناصر الدين - الرد الوافر - (1 / 58)
(23) ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب (4 /504)
(24) الرد الوافر (1 / 72)
(25) ذيل طبقات الحنابلة (4/ 496- 497)