المدينة المنورة …
والحصار الأخير
تاريخ الحملة الصليبية ودولها
الوظيفية في المنطقة العربية
بقلم: أ.د. حاكم المطيري
بين يدي الكتاب:
لقد تأخر إخراج هذا الكتاب عشر سنوات، مع فراغي منه قبيل الثورة
العربية، بعد كتابي (عبيد بلا أغلال)، وذلك انتظارا مني للفرصة المناسبة التي تكون
العقول والنفوس فيه أكثر استعدادا لسماع الحقيقة التي ما كان يمكن لي آنذاك أن
أقولها عملا بالأثر (حدثوا الناس بما يعقلون)، ولا كان يمكن للنخب فضلا عن العامة
تصديقها، لولا حدوث ما حدث منذ الثورة المضادة للثورة العربية سنة 2013م، وعقد
الرئيس الأمريكي ترامب المؤتمر الأمريكي الإسلامي بالرياض سنة 2017م، والإعلان عن
(صفقة القرن) التي اعترف فيها بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل، وما تلاه من تسارع
لوتيرة التطبيع معها في الخليج العربي، والمؤامرة على الأمة ودينها وهويتها
وعقيدتها في جزيرة العرب نفسها، حتى بدأ الجميع يسأل ما الذي يجري؟
وكيف حدث كل هذا؟
وما أسبابه وجذوره؟
وكان لا بد من العودة مئة عام للوراء والوقوف على تفاصيل لحظة تأسيس
الحملة الصليبية لهذه الدول الوظيفية -منذ دخول القائد البريطاني أدموند اللنبي
دمشق، ثم القدس، ثم دخول الجيش البريطاني بغداد، ثم استسلام حامية المدينة النبوية
بقيادة فخري باشا لقوات الحلفاء وللضابط البريطاني غارلند، وتنصيب اللنبي قائدا
عاما لمنطقة الحجاز والشام- لفهم كل ما يجري اليوم في العالم العربي!
لقد جاء عنوان هذا الكتاب (المدينة المنورة.. والحصار الأخير) تذكيرا
بالاحتلال البريطاني للمدينة المنورة بعد حصارها في الحرب العالمية الصليبية
الأولى حتى استسلمت للضابط البريطاني غارلند، وتعبيرا عن الخطر الحالي الذي يحدق
بالحرمين الشريفين -حيث تتعرض المنطقة العربية كلها لحملة صليبية جديدة افتتحها
الرئيس الأمريكي بوش الابن الذي قال بأنها (ستكون حربا صليبية) باحتلال أفغانستان
2001 ثم العراق 2003م، وأكملها الرئيس الروسي بوتين في الشام سنة 2014، وبلغت
ذروتها بإعلان ترامب حربه على الإسلام باسم الإرهاب! وإعلان القدس عاصمة أبدية
يهودية!
وباتت القوى الصليبية بجيوشها وقواعدها العسكرية التي تحيط اليوم
بجزيرة العرب كلها إحاطة السوار بالمعصم تهدد أمن الحرمين الشريفين؛ كما جرى لهما
قبل مئة عام، وباتت هذه الحملة الصليبية تفرض مشروعها العقائدي والثقافي التغريبي
على شعوبها لسلخها من دينها وهويتها، وأصبحت نذر الحرب عليها بعد العراق والشام
تلوح بالأفق- وهو ما يوجب على الأمة وشعوبها كلها اليوم لتحمل مسئولياتها، والدفاع
عن مقدساتها، قبل تفاجئها بوقوع الكارثة بها، كما تفاجأ فخري باشا قائد حامية
المدينة بعد حصارها لمدة ثلاث سنوات بأنه استسلم وسلم المدينة النبوية لضابط
بريطاني صليبي!
ليعتذر وهو يبكي عند قبر رسول الله عن تخلي أمته عن الدفاع عن مسجده
ومدينته، كما تخلت قبله عن مسراه ومسجد صخرته!
اللهم هذا البلاغ، وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بك!
إسطنبول - الاثنين 10 محرم 1441 هـ / الموافق 9 سبتمبر 2019م.
تنزيل الكتاب
…………………………….
مواضيع ذات صلة:
كتاب عبيد بلا أغلال
مكتبة أ.د. حاكم المطيري