كتاب
عودة الخلافة
الخلافة .. أحكامها ونظامها وأيامها
- الجزء الثاني -
تاريخ الخلافة .. أيامها وتطور نظامها
بين يدي الجزء:
الحمد الله الملك الحق، الذي وعد عباده المؤمنين بالاستخلاف في الأرض،
فقال: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذينَ آمَنوا مِنكُم وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَستَخلِفَنَّهُم
فِي الأَرضِ كَمَا استَخلَفَ الَّذينَ مِن قَبلِهِم وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُم دينَهُمُ
الَّذِي ارتَضى لَهُم وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِن بَعدِ خَوفِهِم أَمنًا يَعبُدونَني لا
يُشرِكونَ بي شَيئًا وَمَن كَفَرَ بَعدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الفاسِقونَ﴾ [النور:
٥٥].
وجعل ذلك مشروطا بنصر دينه الحق، فقال: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِن
تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُركُم وَيُثَبِّت أَقدامَكُم﴾ [محمد: ٧].
وصلى الله وسلم على نبينا محمد السراج المنير، والهادي البشير، الذي بشر
بعودة استخلاف الله للمؤمنين، وعودة الخلافة الراشدة، بعد الملك العضوض، والملك الجبري،
فقال: (ثم تكون خلافة على منهاج النبوة).
وبعد..
فهذا هو الجزء الثاني من كتابي (عودة الخلافة)، يصدر اليوم والأمة على
أعتاب تحول تاريخي كبير، بعد هزيمة الحملة الصليبية وتراجع نفوذها، وانسحاب أمريكا
والنيتو من أفغانستان هذه السنة، في ظل انهيار النظام الدولي الغربي، الذي تبدّى جليا
هذه الأيام بالغزو الروسي لأوكرانيا، وانهيار النظام العربي الوظيفي، بجمهورياته وملكياته،
بعد ثورات الشعوب العربية، التي كفرت بمشروع الوطنية والقومية، ورأت كيف تداعى الغرب
مع جيوشها الوظيفية لاستباحة دمائها وأرضها وثرواتها، فلم تنفعها شعارات الحرية وحقوق
الإنسان والديمقراطية!
ولم يبق أمام الأمة وشعوبها إلا بلورة مشروعها السياسي الإسلامي الذي عبّر
طوال تاريخها عن وحدتها وسيادتها وهويتها، واستعادة وعيها به، كبديل عن مشروع سايكس
بيكو الذي فرضته الحملة الصليبية عليها منذ احتلالها العالم الإسلامي، ومنذ إلغاء الخلافة،
وتقسيم أقاليمها إلى دول قومية ووطنية تحت نفوذها، واختراق "القاديانية السياسية"
لثقافتها الدينية، ليصبح المحتل الغربي شريكا حضاريا، لا محتلا أجنبيا، ونظامه الدولي
والوظيفي سلطة شرعية، ومرجعية تستمد منه منظومتها الدستورية والسياسية والقانونية!
وإن أول خطوة على طريق استعادة نظام الخلافة الراشدة، هو العلم بضرورته
الشرعية، والوعي بطبيعته السياسية، وأطواره التاريخية، وعناصر قوته، وإمكان عودته،
وقد كان الجزء الأول عن (الخلافة وأحكامها)، وقد جاء هذا الجزء الثاني ليتحدث عن (الخلافة
وأيامها)، ابتداء من الخلافة الراشدة، إلى سقوط الخلافة العباسية ببغداد سنة ٦٥٦، وتطور
نظامها السياسي، عبر الخلافة المركزية، ثم الخلافة غير المركزية في عواصمه الثلاث:
المدينة، ثم دمشق، ثم بغداد، بتطور المجتمع الإسلامي، واتساع الدولة بالفتوح، وامتداد
المجتمع بامتداد الأمم التي دخلت في الإسلام، فصارت جزءا منه، لتشارك بعد ذلك في السلطة
وإدارة الدولة، وعن أهم الأحداث التاريخية التي عصفت بها، وكيف تجاوزتها، خاصة الحملات
الصليبية في القرن الهجري الخامس، ودور الشهيد
محمود زنكي، وصلاح الدين الأيوبي في مواجهتها، وإذكاء روح الجهاد لتحرير أقاليمها،
وهو شبيه حد المطابقة مع أحداث الحملة الصليبية المعاصرة!
وسيلي هذا الجزء -بإذن الله- الجزء الثالث عن الخلافة العباسية في القاهرة
-وكيف استعادت الخلافة فيها دورها في توحيد شعوب الأمة وتحرير أرضها- ثم الخلافة العثمانية
في إسطنبول؛ ليعرف كل مسلم تاريخ الخلافة على حقيقته، كنظام سياسي ودستوري فريد من
نوعه، ليكون ذلك عونا على معرفة أسباب سقوطه، وشروط عودته، كما بشر بذلك النبيﷺ.
وقد صادف الفراغ من هذا الجزء ونشره اليوم ذكرى إلغاء الخلافة، وطمس تاريخها،
فعسى أن يسهم في بعثها وتعريف الأمة بها، وتمهيد الطريق لعودتها، وما ذلك ببعيد، ولا
على الله بعزيز.
وكتبه:
أ.د. حاكم المطيري
٢٧ رجب ١٤٤٣ هـ
٢٨ فبراير ٢٠٢٢ م
مدينة إسطنبول - بشاك شهير.
تنزيل الكتاب