محور الأمة
واختطاف المقاومة
بقلم: أ.د. حاكم المطيري
الأمين العام لمؤتمر الأمة
٢٧/ ٨ / ١٤٤٦هـ
٢٦ / ٢ / ٢٠٢٥م
أن يصل الخلاف في مفهوم المقاومة حد اعتبار من جاءوا في العراق على ظهر
الدبابة الأمريكية -وشاركوا المحتل الأمريكي في قتل وتهجير الملايين من العراقيين-
مقاومة إسلامية!
واعتبار نظام بشار -والميليشيات الإيرانية التي قتلت وهجرت مع المحتل
الروسي الملايين من السوريين- جزءا من محور المقامة!
واعتبار مشروع الردة والخيانة للأمة وتمهيد الطريق للمحتل في أفغانستان
والعراق وسوريا مقاومة!
وعدّ الواحد من قادتها إبليسا قديسا في آن واحد لمشاركته العدو المحتل
قتل ملايين المسلمين هنا ودفاعه عن بعضهم هناك!
فهذا والله نبأ عظيم وخلاف جد جسيم واختطاف لمفهوم المقاومة وتضليل للوعي
الجمعي وتزييف لحقائق التاريخ القريب الموثق بالصوت والصورة!
إن محور المقاومة الحقيقي للاحتلال الأجنبي هو حصرا (محور الأمة وشعوبها)
التي قاومت الاحتلالين الأمريكي في أفغانستان والعراق والروسي في سوريا وقبلهما الاحتلال
الصهيوني في فلسطين منذ وجوده سنة ١٩٤٨ وقبله الاحتلالين البريطاني والفرنسي للشام
-الذي قاد المقاومة له الشيخ عزالدين القسام منذ ١٩٣٦ م- وهو المحور الذي يمثل الأمة
وشعوبها وجماعاتها على اختلاف توجهاتها الفكرية والمذهبية في كل بلدانها وقد استطاع
هذا المحور خلال سنوات تحرير أفغانستان وسوريا وهزيمة العدو في العراق لولا (محور إيران)
وميليشياته التي استخدامها المحتل الأمريكي لمواجهة المقاومة العراقية الحقيقية!
لقد اختطف (محور إيران) شعار (المقاومة) بينما كان يقاتل وميليشياته الطائفية
جنبا إلى جنب مع المحتل الأمريكي الأوربي في أفغانستان ٢٠٠١ والعراق ٢٠٠٣ والمحتل الروسي
في سوريا ٢٠١٤ واستطاع اختراق الأمة برفع شعار المقاومة في فلسطين وهو الذي يشارك في
قتل شعوبها في كل ساحات الصراع مع الحملة الصليبية! حتى غدا صنائع الاحتلال الأمريكي
فجأة هم قادة المقاومة الإسلامية في العراق! بينما يقوم هذا المحور الشيطاني منذ
٢٠٠٣ باعتقال الآلاف من قادة المقاومة الحقيقية في سجونه وإعدامهم بإشراف أمريكي بتهمة
الإرهاب!
لقد قدم (محور إيران) غزة كبش فداء لتحقيق مصالحه ورفع العقوبات عنه واتخذ
منها ورقة ضغط في الملف النووي حتى نفت إيران رسميا علاقتها بطوفان غزة! وشاهدت الأمة
كلها كيف خذل محورها غزة وتخلى عنها والتزم طوال فترة الحرب باتفاق عدم توسيع ساحة
الصراع! وقد أدرك ذلك الشهيد السنوار وقيادة القسام من أول شهر في الحرب كما تواتر
ذلك عنهم!
وكذا ظل حزبها في لبنان ملتزما طوال سنة كاملة بقرار عدم توسيع نطاق الحرب
على غزة حتى تم تدميرها كاملا ولم يشارك مشاركة فعلية إلا حين قرر نتنياهو الهجوم عليه
في بيروت لجره إلى الحرب قسرا فخاضها دفاعا عن نفسه لا عن غزة!
لقد اقتتل المحوران (محور الأمة وشعوبها) (ومحور إيران وميليشياتها) في
العراق ثم في سوريا ثم في اليمن قبل طوفان غزة وذهب جراء هذه الحروب الطائفية الوظيفية
-برعاية الحملة الصليبية- ملايين المسلمين بين قتيل وجريح ومهجر في أكبر تغيير ديمغرافي
شهده المشرق العربي منذ غزو المغول في القرن الهجري السابع!
وكل محاولة لإعادة تأهيل هذا المحور الشيطاني ستبوء بالفشل وكل محاولة
لتبرير الانحياز إليه هي موالاة محرمة ﴿ومن يتولهم منكم فإنه منهم﴾ شرعا وسياسة!
لقد واجه الأفغان المحتل الروسي ثم الأمريكي ولم يحتاجوا إلى الانحياز
لمحور معاد للأمة وشعوبها يوالونه ويعادون عليه وينسبون أنفسهم له ويزكون قادته بوصف
الشهادة وهم يشاركون العدو المحتل قتل الملايين من إخوانهم المسلمين وتهجيرهم من أرضهم!
وكان المجاهدون في أفغانستان والعراق وسوريا يأخذون السلاح من كل مكان
ويتعاونون مع كل من يساعدهم دون أن ينحازوا إليه أو يعدوا أنفسهم جزءا من محوره فضلا
عن تزكيته ووصف مجرميه بأشرف الأوصاف الشرعية وهو وصف الشهادة لمن شاركوا أمريكا وروسيا
في احتلال بلدان المسلمين وقتل الملايين!
ولا يجتمع وصف الردة أبدا ووصف الشهادة في رجل واحد في آن واحد قبل أن
يتوب ويظهر توبة عما استحله من قتل المسلمين وإخراجهم من أرضهم ومظاهرة عدوهم الكافر
عليهم كما قال تعالى: ﴿إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم
وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون﴾.
ولم يفعل النظام العربي الوظيفي -على إجرامه وتبعيته للحملة الصليبية-
بالأمة وشعوبها ما فعله محور إيران في العراق وسوريا واليمن!
فإن جاز للمصلحة والضرورة الانحياز لمحور إيران وغض الطرف عن كل هذا الإجرام
والفساد في الأرض فالنظام العربي الوظيفي أولى بالانحياز إليه!
إنه لا مكان مع حكم القرآن لنظرية النسبية -فيكون واحدهم مقاوما قديسا
عند أهل غزة مجرما إبليسا عند عموم الأمة- ولا يتولى الظالمين المجرمين إلا ظالم مجرم
مثلهم ﴿وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون﴾!