بل هم خير أمة
أ.د. حاكم المطيري
١٢/ ٩ / ١٤٤٦هـ
١٢/ ٣ / ٢٠٢٥م
لا أوثق خبرا ولا أصدق نبأ من القرآن في معرفة فضل الصحابة رضي الله عنهم
الذين رباهم النبي ﷺ على الإسلام، وعلى هدى القرآن، وزكاهم الله ورضي عنهم، وشهد لهم:
▫️فهم خير أمة عرفتها الأمم بنص القرآن: ﴿كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون
بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون
وأكثرهم الفاسقون﴾ [آل عمران: ١١٠].
▫️وهم الأمة التي بشرت بهم التوراة والإنجيل كما بشرا بالنبي محمد ﷺ، فقال تعالى عنهم: ﴿محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء
بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود
ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه
يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا
عظيما﴾ [الفتح: ٢٩].
فأغاظ الله بهم الكفار إلى يوم القيامة، ولا يغتاظ منهم إلا كافر بنص
القرآن.
▫️ وهم السابقون المقربون
في جنات النعيم، كما قال الله عنهم: ﴿والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين
اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها
أبدا ذلك الفوز العظيم﴾ [التوبة: ١٠٠] .
وقال عن السابقين ﴿والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم﴾
[الواقعة: ١٠-١٢].
فلا يدخل مسلم بعدهم الجنة معهم إلا بشرط اتباعهم بإحسان.
▫️ وهم الذين اصطفاهم الله واختارهم لحمل رسالته الخاتمة مع رسوله محمد
المصطفى الخاتم ﷺ، فشرفهم من شرفه، وفضلهم من فضله، وحبهم من حبه، كما قال تعالى:
﴿ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد
ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير جنات عدن يدخلونها يحلون فيها
من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير﴾ [فاطر: ٣٢-٣٣].
▫️ وهم الذين وعدهم الله بالاستخلاف في الأرض إن تحقق منهم الشرط، وهو
الإيمان والعمل الصالح، فقال: ﴿وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم
في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من
بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا..﴾ [النور: ٥٥] .
فلما تحقق الاستخلاف يقينا ثبت تحقق الشرط والوصف منهم يقينا.
▫️ وقد فضل الله الصحابة الذي أسلموا قبل الفتح -وهو صلح الحديبية أو
فتح مكة- على من أسلم بعدهم، ووعد الجميع الحسنى في الدنيا بالاستخلاف والنصر، وفي
الآخرة بالجنة، كما قال تعالى: ﴿وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السماوات
والأرض لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا
من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير﴾ [الحديد: ١٠].
▫️ وقد تاب الله عنهم جميعا في السنة التاسعة بعد غزوة تبوك، وكان قد خرج
فيها مع النبي ﷺ نحو أربعين ألف صحابي، ولم يتخلف عنه إلا ثلاثة، فتاب عليهم جميعا بنص
القرآن: ﴿لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة
من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رءوف رحيم وعلى الثلاثة
الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ
من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم﴾ [التوبة:
١١٧-١١٨].
▫️ وقد أوجب الله على كل من جاء بعدهم: اتباعهم بإحسان، وحبهم، والاستغفار
لهم، وألا يكون في قلبه غل على أحد منهم، كما قال عنهم: ﴿للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا
من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون
والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم
حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون
والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا
تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم﴾ [الحشر: ٨-١٠]