"الحج أمن وسلام"
رسالة إلى حجاج بيت الله الحرام
بقلم: أ. د. حاكم المطيري
٦/ ١٢/ ١٤٤٥هـ
١٢/ ٦/ ٢٠٢٤م
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
والحمد الله الذي يسر الله لكم حج بيته العتيق، الذي هو أول بيت
ومسجد بني في الأرض لعبادة الله وحده لا شريك له، الحسنة فيه بمئة ألف حسنة، والصلاة
فيه بمئة ألف صلاة، والصدقة بدينار بمئة ألف دينار، والسيئة فيه أشد حرمة وأعظم
عند الله، ﴿ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم﴾.
فكل من هم فيه بإلحاد وشرك وكفر أو إحداث بظلم وعدوان وإثم فله عذاب
أليم.
فالبيت الحرام أمن وأمان وسلم لكل من دخله يريد الحج والعمرة ﴿ومن
دخله كان آمنا﴾ فالواجب على الجميع سواء الحجاج أو القائمين على شئون الحج وتنظيمه
وإدارته التعاون على جعله أمنا وأمانا.
ويحرم شرعا الإخلال بالأمن فيه، أو إثارة الفتن السياسية والطائفية،
أو مخالفة الأنظمة والقوانين التي تحقق المصلحة العامة للحجاج.
فهنيئا لكم أن يسر الله لكم السبيل إليه، وتقبل الله منكم حجكم،
وصالح عملكم.
وعلى الحاج في هذه الأيام المعلومات المعدودات في الحج من الإكثار من
العمل الصالح ﴿وتزودوا فإن خير الزاد التقوى﴾ والمحافظة على الصلوات الخمس في
أوقاتها، ومن الإكثار من التلبية وذكر الله في كل وقت وبعد الصلوات تكبيرا وتهليلا
وتحميدا، فهو عبادة الحاج، وبالإكثار من ذكر الله تتحقق التقوى وهي غاية الحج.
وليحرص الحاج على أن يكون حجه مقبولا مبرورا كما في الحديث: (الحج
المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) وذلك بأن يجعل حجه خالصا لله لا يريد به إلا وجهه
ورضاه وحده لا شريك له، وليأت بأركانه وواجباته على أكمل وجه، ويحرص ما استطاع على
سننه ومستحباته وهي:
١- الإحرام من الميقات:
فإذا جاء الميقات اغتسل أو توضأ، ولبس إحرامه، وصلى ركعتين في مسجد
الميقات، فإذا ركب السيارة أحرم بالحج -من الميقات- وهو نية الدخول في النسك وأهل
به، ولبى (لبيك اللهم حجا)، إن كان مفردا للحج، أو لبيك عمرة بحج، إن كان قارنا
بينهما، أو لبيك اللهم عمرة متمتعا بها إلى الحج، ويجهر بالتلبية، فإذا دخل المسجد
طاف المفرد والقارن بالبيت سبعا، طواف القدوم، ثم سعيا بين الصفا والمروة سبعا سعي
الحج.
ويطوف المتمتع بالبيت سبعا ويسعى بين الصفا والمروة سبعا لعمرته،
ويقصر شعره، ويتحلل المتمتع من عمرته فإذا جاء يوم التروية وهو الثامن من ذي
الحجة، اغتسل أو توضأ، ولبس إحرامه، ولبى بالحج من مكان إقامته، وذهب إلى منى، أو
يحرم ويلبي بالحج يوم عرفات.
ويتجنب المحرم محظورات الإحرام من لبس المخيط، والطيب، والنساء، وأخذ
الشعر والظفر.
وتتجنب المرأة لبس القفازين والنقاب، وتسدل على وجهها ما يستره عند
وجود الرجال الأجانب فإذا ابتعدوا رفعته.
ويتجنب الحاج الرفث والجدل والفسوق ﴿فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في
الحج﴾، فيتجنب اللغو والقيل والقال، والاختلاط بالناس بلا حاجة، ويتجنب النظر
المحرم، وليحفظ لسانه فلا يقل إلا خيرا وصدقا، ولا يفتر عن ذكر الله.
٢- الوقوف بعرفات:
فإذا وقف بعرفات وهو ركن الحج كما قال ﷺ (الحج عرفة) عمر وقته كله بالدعاء والتضرع إلى الله بالاستغفار
والتوبة وسؤاله الجنة، كما في الحديث: (خير الدعاء؛ دعاء يوم عرفة)، والإكثار من
ذكر الله والتهليل، كما في الحديث نفسه: (وخير ما قلت أنا والنبيون قبلي لا إله
إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير)..
وليتأكد أنه في حدود عرفات -فلا يقف خارجها- حتى تغيب الشمس، فيدفع
مع الناس.
٣- الوقوف بمزدلفة:
فإذا جاء الحاج إلى مزدلفة صلى المغرب والعشاء جمعا وقصرا وأوتر
بركعة، ثم بات فيها، ولا يسهر، ولا ينشغل
بغير ذكر الله، فإذا صلى الصبح أكثر من الدعاء بعد الصلاة حتى إذا أسفر جدا دفع مع
الناس قبل طلوع الشمس، إلا من كان معه نساء وأطفال وعجزة فلهم الدفع من مزدلفة بعد
نصف الليل إذا غاب القمر.
٤- الرمي والنحر والإفاضة يوم الحج الأكبر:
ثم يمضي الحاج إلى منى يوم الحج الأكبر وهو يوم النحر، فيرمي الجمرة
الكبرى، ويذبح القارن والمتمتع هديه إن كان معه هدي، ويحلق أو يقصر شعره، فيتحلل
الحل الأول، ويلبس ثيابه، ثم يذهب إلى البيت متى تيسر له ويطوف به سبعة أشواط طواف
الحج والإفاضة وهو من أركان الحج، ويسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط، إن كان
متمتعا، أما القارن والمفرد فلا يجب عليهما سعي الصفا إن سعيا للحج بعد طواف
القدوم.
فيتحلل الحاج الحل كله.
٥- أيام التشريق بمنى:
ويعود إلى منى ويبقى فيها لرمي الجمرات الثلاث في اليوم الثاني
والثالث للعيد، وهما الأول والثاني من أيام التشريق، ويعمرها بذكر الله كما قال
تعالى: ﴿واذكروا الله في أيام معدودات﴾ ثم إن شاء تعجل، ونفر بعد رمي الجمرات، وإن
شاء تأخر إلى اليوم الرابع للعيد وهو الثالث من أيام التشريق، فإذا رمى الجمرات
نفر، وطاف بالبيت طواف الوداع.