وداع لقاء أبا عثمان
بقلم: أ.د. حاكم المطيري
20/ 8/ 1446هـ
19/ 2/ 2025م
توفي بالأمس الشيخ
المفكر المجاهد نعيم عثمان التلاوي رحمه الله رحمة واسعة وعظم الله أجر ذويه ومحبيه
وأحسن عزاءهم فيه وقد فقدت فلسطين بفقده أحد أبنائها الأبرار الذين نذروا حياتهم في
سبيل تحريرها وكان من رواد العمل الفلسطيني المجاهد وقد أسس مع فتحي الشقاقي حركة الجهاد
الإسلامي في فلسطين واعتقل في مصر سنة ١٩٨١ بتهمة الانضمام لجماعة جهادية وكان طالبا
في الجامعة ودافع عن نفسه أمام المحكمة وأثبت براءته وأنه جاء لمصر للدراسة دون أن
يتخلى عن قضيته وهدفه الأول وهو تحرير بلده من المحتل الصهيوني وقد تأثر القضاة بخطابه
وكان رحمه الله متحدثا بليغا مؤثرا ثم اختلف مع الشقاقي بسبب العلاقة بإيران ورفضها
الشيخ نعيم وكان لا يرى فرقا بين المشروع الصهيوني والمشروع الإيراني وقد وقف مع الأمة
في كل ساحات الجهاد والثورة وشارك في دعم الثورة السورية منذ بدايتها مع ما كان يعانيه
من المنع والمتابعة والرقابة إلا أنه لم يتخلف عن القيام بالواجب حسب الإمكان وقد تم
التضييق عليه ومنعه من السفر.
وكان الشيخ من أفذاذ
الرجال شجاعة وكرما وشهامة ومروءة لا يكل ولا يمل في خدمة ضيوفه وإخوانه والسعي في
حوائجهم والدعوة إلى وحدة الأمة ونهضتها وتحررها وكان يرى فلسطين قضية أمة لا قضية
وطنية ولا قومية.
وقد كان رحمه الله
من أبرز الدعاة إلى مشروع (مؤتمر الأمة) وشارك في كل مؤتمراته ومنها مؤتمر (مصر الثورة
ومستقبل الأمة) في إسطنبول في سبتمبر ٢٠١٣ م.
وقد رأيته -رحمه
الله- في رؤيا جميلة صباح الثلاثاء وقد جاء وسلم علي وعانقني وهو ضاحك مسرور كعادته
ولم يطل اللقاء ولم يقل شيئا، واستيقظت صباحا وأردت الاتصال به للاطمئنان عليه، وتفاجأت
بخبر وفاته الليلة، واتصلت أعزي به، وإذا زمن الرؤيا هو وقت دخوله المستشفى ووفاته،
وكأنما أراد الوداع قبل الرحيل فسبقنا كعادته في حياته مع إخوانه وأصحابه، فإلى لقاء
أبا عثمان ﴿في جنات ونهر . في مقعد صدق عند مليك مقتدر﴾.