يا لثارات غزة
بقلم: أ.د. حاكم المطيري
الأمين العام لمؤتمر الأمة
أستاذ التفسير والحديث
كلية الشريعة / جامعة الكويت
السبت ١٣ صفر ١٤٤٦ الموافق ١٧أغسطس
٢٠٢٤
أيها المسلمون في كل مكان:
لقد جاءت رسالة مجاهدي غزة اليوم إلى "علماء الأمة" صرخة تبكي
كل حر وتستنهض كل بر للثأر لها ولوقف مذابح أهلها وأطفالها ولتؤكد بكل وضوح حقيقة العدوان
عليها وطبيعة الصراع على أرضها وأطرافه المشاركة فيه وأن من يشن عليها حرب الإبادة
منذ أكثر من ٣٠٠ يوم ليس العدو الصهيوني وحده بل المحتل الأمريكي الأوربي الذي يقف
وراءه ويقاتل معه ويمده ويستخدم الفيتو لوقف العدوان على أهلها وفي الوقت ذاته يشارك
هذا العدو الدولي في التفاوض كوسيط في عملية السلام وممثل للمرجعة الدولية لا كعدو
محتل!
وكل غض للطرف عن هذه الحقيقة في خوض الصراع معه لتحرير غزة و القدس وفلسطين
والمنطقة كلها سيطيل من مأساة شعبها حيث يمارس القاتل جرائمه بكل همجية ووحشية دون
أن تجرؤ الضحية على توجيه أصابع الاتهام له فضلا عن التصدي له كعدو محتل لا راع للسلام
وممثل للشرعية الدولية!
كما كشفت الرسالة غياب دور "علماء الأمة" عن نصرة أهل غزة
وعجزهم عن وقف العدوان عليها وتحملهم هذه الرسالة المسئولية أمام الله عن خذلانها
-كما خذلوا من قبل أهل أفغانستان والعراق- وهو ما يوجب على الأمة نفسها الوقوف على
سبب غياب دور العلماء الحقيقي في المشاركة في النصرة عمليا والاكتفاء بالبيانات والفتاوى
بينما أهل غزة يبادون ويستأصلون ولا أثر يذكر لتلك الفتاوى لا في سياسة دولهم وحكوماتهم
ولا في حراك الشعوب وتفاعلها معها!
لقد فقد "علماء الأمة" دورهم لما غدو بين:
١- عالم رباني صادع بالحق سجين في كل بلد أو محاصر ممنوع أو منفي مطارد.
٢- وعالم سلطاني يخاطب الأمة بما تريده السلطة أو وفق ما تحده له من حدود
لا يتجاوزها فيرفع صوته إن رفعت صوتها ويخفضه إن خفضته!
٣- أو عالم معتزل آثر أن يعيش لنفسه وعلمه ومريديه إما خوفا من البطش
به أو رجاء أن يكون من مريديه من يحقق ما عجز
هو عنه.
وبقدر ما كشفت رسالة أهل غزة عن خطورة ما وصل إليه حال أهلها وضرورة مبادرة
الجميع لنصرتها كل بما يستطيع فقد كانت تنبئ بقرب الفرج والنصر الذي وعد الله به المؤمنين
﴿أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء
وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب﴾.
وإنّي أحلف بالله -لا حانثا ولا آثما- إن لأحداث غزة ما بعدها وإن لمذبحة
أهلها لتداعيات كبرى وإنها لفاتحة ملاحم عظمى ستصم الآذان صواعقها وتزلزل الأرض كلها
قوارعها، ولن تقف إلا بتحريرها وتحرير العالم العربي والإسلامي كله قبلها !
وإن غدا لناظره لقريب!