الدعاية الصهيونية
ومشروع تهويد الجزيرة
العربية!
بقلم: أ.د. حاكم المطيري
١٣/ ٢/ ١٤٤٥هـ
٢٩/ ٨/ ٢٠٢٣م
يُروّج مؤخرا كلام منسوب كذبا وافتراء على ابن تيمية وابن القيم ونصه:
"سئل ابن تيمية عن مكان مصر موسى التي ذكرها الله في القرآن {اهبطوا مصرا فإن
لكم ما سألتم}، فأجاب عن ذلك في تفسيره وقال: أن بني إسرائيل كانوا يعيشون في جبال
السراة ثم هبطوا إلى الوادي ويقصد بذلك تهامة لأن الهبوط يكون من علو إلى سفل وذكر
ذلك تلميذه ابن القيم".
وهذا أسوأ صور التحريف للنصوص والتضليل للمتابعين!
فلم يُسأل ابن تيمية عن هذا الموضوع أصلا!
ولم يُجب بهذا الجواب البتة!
ولا يوجد شيء من هذا في تفسيره المجموع ولا مجموع الفتاوى له ولا في
كتب ابن القيم ولا في كلام أحد من أهل التفسير أو أهل العلم!
وإنما اخترعه هؤلاء الدجالون المفتونون بالمشروع الثقافي الأمريكي
لتهويد جزيرة العرب لصالح المشروع الصهيوني الذي ترعاه الحملة الصليبية وينفذه لها
القرامطة الجدد ولن يفلحوا!
والخلاف بين أهل التفسير كما ذكره الطبري في {اهبطوا مصر} محصور بين
قولين لا ثالث لهما:
الأول: أنها مصر بلد النيل المشهور ويؤيده قراءة {مصرَ} بلا تنوين
وهو اسم علم ممنوع من الصرف ويؤكده قوله تعالى عن فرعون وقومه {فأخرجناهم من جنات
وعيون . وكنوز ومقام كريم . كذلك وأورثناها بني إسرائيل}.
والثاني: أنها قرية من قرى الشام كما في قراءة {اهبطوا مصرا}
بالتنوين يعني مصرا من الأمصار التي حولهم واستدلوا بآية {ادخلوا الأرض المقدسة}.
أما كلام ابن تيمية فهو يتحدث عن الفرق بين الهبوط من الجنة في قصة
آدم وهبوط بني إسرائيل المذكور في هذه الآية حيث كان بنو إسرائيل كما يقول في مجموع الفتاوى
(4/ 348): (فقوله: {فاهبط
منها فما يكون لك أن تتكبر فيها} يبين اختصاص السماء بالجنة بهذا الحكم؛ فإن الضمير
في قوله: {منها} عائد إلى معلوم غير مذكور في اللفظ وهذا بخلاف قوله: {اهبطوا مصرا
فإن لكم ما سألتم} فإنه لم يذكر هناك ما أهبطوا فيه وقال هنا: {اهبطوا} لأن الهبوط
يكون من علو إلى سفل وعند أرض السراة حيث كان بنو إسرائيل حيال السراة المشرفة على
المصر الذي يهبطون إليه ومن هبط من جبل إلى واد قيل له: هبط. وأيضا فإن بني إسرائيل
كانوا يسيرون ويرحلون والذي يسير ويرحل إذا جاء بلدة يقال: نزل فيها؛ لأن في عادته
أنه يركب في سيره فإذا وصل نزل عن دوابه. يقال: نزل العسكر بأرض كذا ونزل القفل بأرض
كذا؛ لنزولهم عن الدواب. ولفظ النزول كلفظ الهبوط فلا يستعمل هبط إلا إذا كان من علو
إلى سفل. وقوله: {ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين}
{قال اهبطوا} الآيتين. فقوله هنا بعد قوله: {اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر
ومتاع إلى حين} يبين أنهم هبطوا إلى الأرض من غيرها وقال: {فيها تحيون وفيها تموتون
ومنها تخرجون} دليل على أنهم لم يكونوا قبل ذلك بمكان فيه يحيون وفيه يموتون ومنه يخرجون
وإنما صاروا إليه لما أهبطوا من الجنة) ا.هـ
فابن تيمية يقول (حيال السراة) لا (جبال السراة)! يعني بحذاء أو مقابل
السراة المشرفة على المصر المذكور!
والسراة من الأرض كل أرض مرتفعة، وكل شيء مرتفع يقال له سراة كما قيل
(سراة القوم) وهم رؤوسهم وأشرافهم وأهل المكان الرفيع فيهم.
فبنو إسرائيل كانوا بأرض مرتفعة في الصحراء مشرفة على مصر من الأمصار
فقيل لهم اهبطوا منها وانزلوا المصر واستقروا فيه.