وداعا حَبر القرآن
وعلم السودان!
بقلم: أ.د. حاكم المطيري
٥/ ٥/ ١٤٤٥هـ
١٩/ ١١/ ٢٠٢٣م
فقد السودان والعالم العربي والإسلامي اليوم عالما ربانيا جليلا وسيدا
هاشميا نبيلا من علمائه المحققين وأدبائه المدققين ودعاته المصلحين العلامة الأديب
اللغوي والمفسر الخطيب شيخنا البرفسور الحبر يوسف نور الدائم رحمه الله رحمة واسعة
وأكرم نزله في الفردوس الأعلى من الجنة وعظم أجرنا فيه وأحسن عزاءنا وآله وذويه ومحبيه
آمين آمين..
وقد كنت شرفت باللقاء به والقراءة عليه حين كان يزور ولده صديقنا الداعية
الفاضل الشيخ الخطيب محمد الحبر إمام جامع أمانة معاذ الخيرية في مدينة برمنغهام بانجلترا
سنوات تحضيري لرسالة الدكتوراه فيها من سنة ١٩٩٧ إلى سنة ٢٠٠٠م وكان رحمه الله -مع
ما أوتي من العلم بالقرآن والشريعة وعلومها وما عرف عنه من صلاح دين وتقوى وورع وكرم
نفس- بحرا من بحور الشعر والعربية حافظا له فقيها فيه مجيدا في إلقائه يبهر سامعه بجودة
حفظه وإتقانه وحسن بيانه مع ما آتاه الله من حسن خلق وأدب هاشمي طبعا لا تطبعا وسجية
لا تكلفا..
وكان بيني وبينه رحمه الله معارضات شعرية قبل أن ألقاه وأولها حين أرسل
وهو في السودان قصيدة إلى زوجته أم محمد حين زارت ولدها الشيخ محمد في برمنغهام يبث
فيها أشواقه إليهما ومطلعها:
أترحل هكذا أسماء عنيّ
وتتركني كأني ما كأني!
فجاءني الشيخ محمد بالقصيدة وطلب مني إعانته على الرد عليها فقلت بل أنا
أكفيك الجواب فكانت أول المعارضات بيني وبينه رحمه الله وأولها:
ألا طاب الترنم للمغنيّ
فأهلا بالقريض وبالتغني
إذا ما شاعر السودان غنى
تغنى الخلق من إنس وجنّ
ثم زارنا بعدها في برمنغهام وقرأت عليه أنا وابنه محمد من المفضليات للضبي
ومختارات من ديوان المتنبي وقرأت عليه من حفظي بعض المعلقات السبع وغيرها ..
ومهما وصفته فهو فوق وصفي له فهو من نوادر العصر وقد ظلمته جغرافيا السودان
كما ظلمت قبله أستاذه البرفسور عبدالله الطيب وقبلهما الشاعر السوداني محمد سعيد العباسي
ولو كانوا في مصر لكان لهم شأن وأي شأن!
وإنا وإن فقدنا الشيخ الحبر يوسف رحمه الله فقد خلف بعده من يحيي بإذن
الله ذكره ويتبع أثره ولديه الأستاذين الفاضلين الحبرين:
الشيخ محمد الحبر الذي ورث من أبيه الخطابة والاهتمام بالدعوة والعناية
بالتفسير وعلومه..
والدكتور عمر الحبر الذي ورث من أبيه العناية بالشعر والعربية والبيان..
واشتركا جميعا في ميراث الخلق والأدب والنبل والمروءة..
فرحم الله شيخنا وأبقى الله في آل الحبر من لا يزال وارثا له وعنه علما
وأدبا ودعوة وصلاحا..
آمين آمين