﴿حتى لا
تكون فتنة﴾
أ.د. حاكم المطيري
٧/ ٥/ ١٤٤٥هـ
٢١/ ١١/ ٢٠٢٣م
مشاهد الأطفال والنساء
والشيوخ وهم ينتظرون الموت في غزة كل يوم قصفا أو حرقا دون حول ولا قوة منهم لوقف
العدوان عن أنفسهم هي الفتنة التي شرع الله من أجلها الجهاد، والحكمة من قوله
تعالى: ﴿وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة﴾، ولا يكون اضطهاد ولا فساد وحتى لا تتكرر قصة
أصحاب الأخدود التي قصها القرآن كما يشاهده العالم الآن واقعا في غزة -وقبله في
إدلب والرقة وحمص وحماة وحلب والموصل- حيث تتجلى وحشية الكفار من أهل الكتاب
والمشركين والمنافقين بأوضح صورها!
﴿والسماء ذات البروج واليوم الموعود وشاهد ومشهود قتل أصحاب
الأخدود النار ذات الوقود إذ هم عليها قعود وهم على ما يفعلون بالمؤمنين
شهود وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد الذي له ملك السماوات
والأرض والله على كل شيء شهيد إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا
فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق﴾ [البروج: ١-١٠]
ولا يردع الطغاة والظالمين إلا القتال المشروط بشرط أن يكون ﴿في سبيل
الله﴾ لا في سبيل الشيطان ولا من أجل الفساد في الأرض والإثم والعدوان كما هو ديدن
حروب أمم الكفر ﴿الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل
الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان﴾.
يجب حفظ هذه المشاهد المؤلمة في الذاكرة وعدم نسيانها وتذكيرها
الأجيال حتى لا يعود المستغربون -والطابور الخامس من بني جلدتنا ويتكلمون
بألسنتنا- مرة أخرى يشككون المسلمين في مشروعية الجهاد ويبشرونهم بمبادئ
الديمقراطية والمقاومة السلمية ونبذ العنف بينما أمم الكفر تستعد للقتال بالقنابل
النووية!
وهؤلاء المتفاجئون من تصريحات قادة دول أوربا وأمريكا وموقفهم المنحاز
للعدوان الصهيوني على أهل غزة وقتل الأطفال والنساء؛ يحتاجون إلى العودة إلى
القرآن وهداياته والتاريخ وحقائقه في معرفة طبيعة الصراع بين هذه الأمة الإسلامية
منذ ظهورها وأمم الكفر كافة وشدة عداوتهم لله ولرسوله محمد ﷺ وللإسلام وأهله وسعيهم الدائم للقضاء عليهم، كما فعل أصحاب الأخدود
بالمؤمنين كما في سورة البروج وهو ما يحدث مثله لأهل غزة اليوم ومن قبلهم أهل
سوريا والعراق وأفغانستان!
فلم تنزل سورة البروج إلا ليتذكر المسلمون دائما حال المؤمنين
المستضعفين عبر التاريخ حيث كانت تحفر لهم الأخاديد ويحرقون وهم أحياء لا لشيء إلا
لأنهم مسلمون مؤمنون بالله! ولهذا كان العالم ينتظر نبي الرحمة والملحمة والكتاب
والسيف محمدا ﷺ وأمّته التي تقيم دار السلام وسلطان الله في الأرض ﴿وما أرسلناك إلا
رحمة للعالمين﴾ بجهاد الكفار والمنافقين الذين نزع الله من قلوبهم الرحمة ﴿يا أيها
النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم﴾، وقال تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا
قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة﴾ ليرتدعوا عن التربص بكم ﴿حتى
يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون﴾ ويلتزموا شروط الإسلام وأحكامه والعدل الذي جاء
به، فإنكم إن لم تفعلوا؛ حدثت الفتنة واستباحوا بيضتكم وقتلوا أطفالكم ونساءكم،
كما هو حالهم دائما، فالله الذي خلقهم هو أعلم بهم وبما يصلح لهم ويصلح حالهم ﴿ألا
يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير﴾!
وصدق الله:
﴿والذين كفروا بعضهم أولياء بعض﴾
﴿لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة وأولئك هم المعتدون﴾
﴿ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم﴾
﴿ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم﴾
﴿ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء﴾