قضية البدون والحل المشروع
بقلم د. حاكم المطيري
الأمين العام للحركة السلفية
صحيفة الرأي العام 31 /7 /2003
جعلت الحركة السلفية حل قضية البدون1 على رأس الأولويات كما في (الرؤية الاصلاحية للحركة السلفية) هذه الرؤية التي تمثل برنامج الحركة الانتخابي وقد تم طرحها ونشرها في الصحافة والندوات الجماهيرية أثناء الحملة الانتخابية وستعمل الحركة بالتعاون مع أعضاء الكتلة الإسلامية في المجلس2 خصوصا الأعضاء المدعومين من الحركة السلفية من أجل حل هذه القضية حلا شرعيا يرفع الظلم عن هذه الفئة ويحفظ لها حقوقها المشروعة المسلوبة، وقد كان اهتمام الحركة السلفية بهذه القضية مرتبطا ارتباطا وثيقا بفهمها العميق لشمولية الإسلام وأحكام الشريعة الإسلامية لكل شؤون الحياة بعد أن اكتشفت مدى الخلل لدى بعض من يرفع شعار (تطبيق الشريعة الإسلامية) وفي الوقت نفسه يقفون ضد حقوق هذه الفئة باسم الوطنية والعصبية الجاهلية؟!
وإيمانا بقوله تعالى (إنما المؤمنون أخوة) 3 وقوله صلى الله عليه وسلم (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه) وقوله (من استقبل قبلتنا فذلك المسلم له ما للمسلمين وعليه ما عليهم) والتزاما بما تقرر شرعا من أن جنسية كل مسلم هي جنسية البلد الإسلامي الذي يستوطنه ويقيم فيه بصورة دائمة وأنه لا يوجد مسلم بلا جنسية كما جاء في فتوى مفتي مصر وشيخ الأزهر الإمام محمد عبده رحمه الله عندما سئل عن الجنسية فقال ــ كما في أعماله الكاملة 505/2-: (من المعلوم أن الشريعة الإسلامية قامت على أصل واحد وهو وجوب الانقياد لها على كل مسلم في أي محل حل وإلى أي بلد ارتحل فإذا نزل ببلد إسلامي جرت عليه أحكام الشريعة الإسلامية في ذلك البلد وصار له ما لأهله وعليه من الحق ما عليهم لا يميزه عنهم مميز» فالشريعة واحدة والحقوق واحدة فوطن المسلم من البلاد الإسلامية هو المحل الذي ينوي الإقامة فيه ويتخذ فيه طريقة كسبه لعيشه ويقر فيه مع أهله إن كان له أهل ولا ينظر إلى مولده ولا إلى البلد الذي نشأ فيه وإنما بلده ووطنه الذي يجري عليه عرفه وينفذ فيه حكمه هو البلد الذي انتقل إليه واستقر فيه فهو رعية الحاكم الذي يقيم تحت ولايته دون سواه من سائر الحكام وله من حقوق رعية ذلك الحاكم وعليه ما عليهم لا يميزه عنهم شيء لا خاص ولا عام، هذا ما تقضي به الشريعة الإسلامية على اختلاف مذاهبها)انتهى كلامه.
وهذا أيضا ما أكدته المواثيق الدولية لحقوق الإنسان كما جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 6: لكل إنسان أينما وجد الحق في أن يعترف بشخصيته القانونية.
والمادة 10: لكل إنسان الحق، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، في أن تنظر قضيته أمام محكمة مستقلة نزيهة نظراً عادلاً علنياً للفصل في حقوقه والتزاماته وأي تهمة جنائية توجه إليه.
والمادة 13:
(1) لكل فرد حرية التنقل واختيار محل إقامته داخل حدود كل دولة.
(2) يحق لكل فرد أن يغادر أي بلاد بما في ذلك بلده كما يحق له العودة إليها.
والمادة 15:
(1) لكل فرد حق التمتع بجنسية ما.
(2) لا يجوز حرمان شخص من جنسيته تعسفاً أو إنكار حقه في تغييرها.
وكما جاء في اتفاقية حقوق الطفل المادة 7:
1. يسجل الطفل بعد ولادته فورا ويكون له الحق منذ ولادته في اسم والحق في اكتساب جنسية، ويكون له قدر الإمكان، الحق في معرفة والديه وتلقي رعايتهما.
والمادة 8: «تتعهد الدول الأطراف باحترام حق الطفل في الحفاظ على هويته بما في ذلك جنسيته، واسمه، وصلاته العائلية، على النحو الذي يقره القانون، وذلك دون تدخل غير شرعي.
ولا شك بأن حرمان أفراد هذه الفئة من حق الهوية والميلادية والتنقل والعمل والزواج والتعلم والتضييق عليهم ومنعهم من اللجوء للقضاء الكويتي للنظر في استحقاقهم للجنسية كل ذلك من الظلم المحرم شرعا ومما يصادم قطعيات الشريعة الإسلامية التي يجب العمل على استكمال تطبيقها ابتداء برفع الظلم عن المظلومين من فئة البدون وذلك من خلال:
1- حصر أعداد كل من تتوفر فيه شروط استحقاق الجنسية ممن يحملون إحصاء 1965وتجنيسهم جميعا دون تعطيل هذا الحق الإنساني والشرعي ودون تقييد ذلك بعدد محدد سنويا لما في ذلك من إطالة معاناتهم والإضرار بهم دون وجه حق.
2- تجنيس كل من ولد على أرض الكويت منهم واستخراج شهادات الميلاد لهم والاعتراف بشخصية المولود القانونية كما تنص على ذلك اتفاقية العهد الدولي التي وقعت عليها الكويت كما في المادة رقم 12.
3- منح كل من لا تنطبق عليه الشروط السابقة الإقامة الدائمة وضمان حقهم في العمل والتعلم والتنقل وحق استخراج رخصة القيادة وجواز السفر وتوثيق عقود الزواج كما تنص على ذلك اتفاقية العهد الدولي على أن يتم تجنيسهم وفق جدول زمني محدد كما هو معمول به في أكثر دول العالم خصوصا والكويت تعاني من خلل خطير في التركيبة السكانية حيث إن الكويتيين يمثلون أقلية وسيسهم تجنيس البدون في علاج هذه المشكلة إذ إنهم من النسيج الاجتماعي نفسه للشعب الكويتي والجيل الحالي منهم يمثل الجيل الثالث من هذه الفئة وهم الذين ولدوا وترعرعوا على أرض الكويت ولا يعرفون موطنا ولا بلدا سواها، فهم كويتيون واقعا وشرعا وقانونا بحسب المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، على أن يشمل كل ما سبق من الحقوق كل من أكره على استخراج جواز دولة أجنبية لتعديل وضعه.
4- إصدار قانون يجعل للمحاكم الكويتية حق النظر في موضوع الجنسية منحا ومصادرة وفق ضوابط محددة للحيلولة دون تعسف السلطة التنفيذية في استخدام هذا الحق وهو ما انتقدته لجان حقوق الإنسان الدولية، إذ يعد منع القضاء من النظر في هذا الموضوع الخطير انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان في أخص خصائص المواطنة إذ يصبح حق المواطنة مرتبطا بالسلطة التنفيذية ورغباتها لا بالدولة ومؤسساتها وهو ما يعد خللا دستوريا يجب علاجه.
5- تأسيس لجنة شعبية أو جمعية كويتية للدفاع عن حقوق البدون ومتابعة قضيتهم مع اللجان المحلية لحقوق الإنسان ومع مجلس الأمة.
[1]- وهم مواطنون بلا هوية يصل عددهم حسب الإحصاءات الرسمية إلى (120) ألف.
[2]- وهو تجمع للأعضاء الإسلاميين في مجلس الأمة الكويتي.