كيف يتحقق النصر ؟!
بقلم: حاكم المطيري
الأمين العام للحركة السلفية
الوطن ـ مشكاة الرأي
31/5/2001
كيف تنهض أمة من عثرتها أو تسمو بعد كبوتها وقد اتخذت دينها لغواً ولعباً، ودنياها لهواً وطرباً حتى لم يعد يرهبها عدو لدود، ولا يرغبها صديق ودود؟! وحتى تكالبت عليها الأمم كما تتكالب الأكلة على قصعتها مع أن عددها أكثر من مليار نسمة غير أنهم غثاء كغثاء السيل لا يحسنون صناعة الموت كما لا يحسنون صناعة الحياة قد قذف الله في قلوبهم الوهن: كراهية الموت وحب الحياة؟!
أم كيف تنهض أمة تعشق العبودية، وتبغض الحرية، وتتلذذ بسياط جلاديها، وتسبح بحمد سفاحيها وتمجد طواغيتها صباح مساء أكثر من تمجيدها لرب الأرض والسماء وقد قال رسولها: "إذا رأيت أمتي تهاب أن تقول للظالم يا ظالم فقد تودع منها"؟!
أم كيف تنهض أمة لا تعيش إلا في ظل الاستبداد، ولا تنعم إلا في كنف الاستعباد، الحرية عندها أهون مسلوب، والكرامة أدنى مطلوب، بعد أن كان شاعرها يردد منشداً:
أما الملوك فإنا لا نلين لهم
حتى يلين لضرس الماضغ الحجر ؟!
وكيف تنتصر أمة تزرع في قلوب أبنائها الخوف، وتربيهم على الخضوع، وتدربهم على الخنوع، وتحثهم على الاستسلام لواقعهم ـ باسم الإسلام ـ بينما عدوها يربي أجياله على الشجاعة وحب المغامرة والإقدام ؟!!
أم كيف تنتصر أمة ترى الأحجام حكمة، والشجاعة والإقدام تهوراً، والسلامة غنيمة، (وحشر مع الناس عيد)؟!.
قل لي بربك كيف تنتصر أمة ترى الجهاد عملاً محرماً، والاستسلام شرفاً ومغنماً، ومازال علماؤها يتجادلون في العمليات الفدائية هل هي عمليات انتحارية أم عمليات استشهادية؟!
كيف تنهض أمة تحارب العلم باسم الدين، وتنبذ الدين باسم العقل، وترفض التراث بدعوى الحداثة، وتنتهك القيم الأخلاقية بدعوى الحرية الإنسانية، حتى غدت على قارعة الطريق لا يحترمها عدو ولا يجلها صديق؟!
وهل تنتصر أمة عقيدتها بين الأرجاء والجبر فإيمانها قول بلا عمل وتوحيدها استسلام للقدر بعد أن كانت تغالب الأقدار بالأقدار وتدفع القدر بالقدر (وتفر من قدر الله إلى قدر الله) وكأنها لا تقرأ قول الله تعالى: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"! وهل يتصور أن تنهض أمة يتحالف فيها المفتي والسلطان ـ كما تحالف القياصرة والرهبان ـ لا على إقامة العدل والإحسان، أو نشر الفضيلة والإيمان، بل على تعطيل أحكام القرآن وانتهاك حقوق الإنسان، ليصدق فيها قول النبي صلى الله عليه وسلم "لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه"؟!!
لقد أسمعت لو ناديت حياً
ولكن لا حياة لمن تنادي
ولو نار نفخت بها أضاءت
ولكن أنت تنفخ في رماد