الإسـعـــاد
فـي نقد أحاديث الخضاب بالسواد
بقلم
د. حــاكــم المطـيـري
كلية الشريعة - جامعة الكويت
m
الحمد لله رب العالمين، وصل اللهمَّ وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
أما بعـــد :
فهذه دراسة حديثية نقدية للأحاديث الواردة في تحريم الخضاب بالسواد، خاصة حديث ابن عباس مرفوعًا : «يكون قوم في آخر الزمان يخضبون بالسواد كحواصل الحمام، لا يريحون رائحة الجنة» ؛ إذ هو من الأحاديث القليلة التي اختلف فيها نظر الأئمة إلى حد التناقض: بين من يحكم له بالصحة على شرط الشيخين، ومن يحكم عليه بالوضع !!
وقد اقتضت دراسة هذا الحديث دراسة شواهده الواردة في هذا الباب، خاصة ما جاء في حديث جابر في صحيح مسلم في قصة أبي قحافة، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : «جنبوه السواد»، وغيره من الروايات التي يمكن ادعاء صلاحيتها في الشواهد.
فجاءت الدراسة شاملة لكل الأحاديث الواردة في هذا الموضوع، وهي: حديث ابن عباس، وحديث أبي هريرة، وحديث أنس، وحديث أسماء بنت أبي بكر.
والله الموفق للصواب.
* * *
· حديث ابن عباس: «يكون قوم في آخر الزمان، يخضبون بالسواد كحواصل الحمام، لا يريحون رائحة الجنة»([1]).
دراسة الإسنـاد:
اختلف الأئمة في الحكم على هذا الحديث اختلافًا شديدًا إلى حد التناقض؛ فقد أورده ابن الجوزي في "الموضوعات"([2])، وأورده الشوكاني في "الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة"، وقال: (قال القزويني: موضوع)([3])، ولم يتعقبه الشوكاني ولا المحقق الشيخ المعلمي بشيء.
وقد صححه الضياء المقدسي في "المختارة"([4])، وقال الحافظ ابن حجر: (إسناده قوي) ([5]). وهو كما قال، إلا أن له علة؛ قال ابن الجوزي: (هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والمتهم به عبدالكريم بن أبي المخارق أبو أمية البصري). واستدرك عليه الحافظ ابن حجر فقال: (أخطأ في ذلك؛ فإن الحديث من رواية عبدالكريم الجزري الثقة المخرج له في الصحيح) ([6])، وهو الظاهر، وإن كانت أكثر الروايات قد ذكرت عبدالكريم مهملاً غير منسوب، وقد قال الذهبي: (وقد مات هو - أي ابن أبي المخارق - وعبدالكريم الجزري الحافظ في عام سبعة وعشرين ومائة، واشتركا في الرواية عن سعيد بن جبير، ومجاهد، والحسن، وروى عنهما الثوري، وابن جريج، ومالك، فقد يشتبهان في بعض الروايات) ([7]).
وعبيد الله بن عمرو الرقي الراوي عن عبدالكريم اشتهر بالرواية عن الجزري وأكثر عنه، وعُرف به([8])، فالأصل أنه إذا روى عن عبدالكريم مهملاً أن يكون المقصود هو الجزري لا البصري، وإن كان قد روى أيضًا عن البصريين من طبقة ابن أبي المخارق كما في ترجمته([9]).
إلا أنه يشكل على استدراك الحافظ أن الطبراني رواه في الأوسط من طريق هشام الدستوائي، عن عبدالكريم أبي أمية، عن مجاهد، عن ابن عباس مرفوعًا: «يكون في آخر الزمان قوم يسودون أشعارهم، لا ينظر الله إليهم يوم القيامة»([10]).
وعبدالكريم أبو أمية ابن أبي المُخارق، ضعيف من السادسة([11]).
فالحديث ضعيف، إلا أنه يفيد أن لقول ابن الجوزي وجهًا من أن المهمل هو أبو أمية.
فثبت بهذا الإسناد البصري أن عبدالكريم بن أبي المخارق البصري يروي هذا الحديث، وهشام الدستوائي ثقة حافظ، وقد روى عن عبدالكريم بن أبي المخارق([12])، ولم يعرف بالرواية عن عبدالكريم الجزري، كما أن عبدالكريم بن أبي المخارق يروي عن مجاهد([13]).
فثبت بذلك وجهة ما ذكره ابن الجوزي من أن عبدالكريم هو ابن أبي المخارق، وقد نظرت في رواية عبيدالله بن عمرو الرقي، فإذا عامة الروايات عند تذكر عبدالكريم مهملاً؛ كذا رواه أحمد، وابن سعد، والموصلي، وأبو داود، والنسائي([14])، والطبراني، والبيهقي.
وإنما جاء منسوبًا في رواية الطحاوي والبغوي، والظاهر من سياق رواية البغوي أن نسبته استظهار من أحد رواة الإسناد؛ إذ قال: (عن عبدالكريم هو الجزري) فالظاهر أن من نسبه استظهر ذلك؛ لكون الراوي عنه هو عبيدالله بن عمرو لا أنه منسوب في أصل الرواية، إلا أن عبيد الله يروي عن البصريين أيضًا.
ومما يؤيد هذه الرواية عن مجاهد ما رواه معمر في "جامعه"([15])، عن خلاد بن عبدالرحمن ، عن مجاهد، قال: «يكون في آخر الزمان قوم يصبغون بالسواد، لا ينظر الله إليهم». مما يؤكد أن للحديث أصلاً عن مجاهد ، كما جاء في رواية هشام، إلا أن الصواب وقفه على مجاهد، كما رواه خلاد بن عبدالرحمن، لا وصله ورفعه عن مجاهد عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم ، كما رواه عبدالكريم بن أبي المخارق فوهم على مجاهد، ولزم الجادة لكثرة ما يرويه مجاهد عن ابن عباس، فظن هذا الحديث منها ؟! كما وهم مرة أخرى فرواه عن ابن جبير عن ابن عباس تارة موقوفًا وتارة مرفوعًا ؟! ([16]).
وهذا اضطراب من ابن أبي المخارق فيما يبدو؛ فتارة يرويه عن مجاهد عن ابن عباس، كما رواه عنه هشام. وتارة يرويه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، كما رواه عبيدالله بن عمرو.
ثم على فرض صحة ما رجحه ابن حجر من أن عبدالكريم هو الجزري، فإن هذا لا يقضي للحديث بالصحة؛ للتالي:
1- أن الجزري وإن كان ثقة ، إلا أنه متكلم فيه، فقد قال عنه يحيى بن معين: "عبدالكريم عن عطاء رديء"([17]).
وقال عنه يعقوب بن شيبة: "إلى الضعف ما هو، وهو صدوق ثقة"([18]).
وقال عنه أبو أحمد الحاكم: "ليس بالحافظ عندهم"([19]).
وقال فيه ابن حبان: "كان صدوقًا، ولكنه كان ينفرد عن الثقات بالأشياء المناكير، فلا يعجبني الاحتجاج بما انفرد به من الأخبار، وإن اعتبر معتبر بما وافق الثقات من حديثه فلا ضير، وهو ممن أستخير الله فيه"([20]).
وقال عنه ابن عدي: "أحاديثه عن عطاء رديئة". وقال أيضًا: "لعبدالكريم أحاديث صالحة مستقيمة يرويها عن قوم ثقات، وإذا روى عنه الثقات فحديثه مستقيم"([21]).
وهذه الأقوال تقتضي التحري فيما انفرد به من الأخبار؛ إذ ربما حكم الأئمة على حديث الثقة المتفق على توثيقه بأنه منكر، إذا تفرد به ولم يتابع عليه عن إمام من الأئمة الذين جمع الحفاظ حديثهم؛ كقتادة والزهري وسعيد بن جبير([22]). فمن باب أولى إذا كان الثقة متكلمًا فيه كالجزري، وقد تفرد بهذا الحديث عن كل أصحاب سعيد بن جبير، ثم عن كل أصحاب ابن عباس!! وابن حبان وإن كان متساهلاً في توثيق المجاهيل لقاعدته التي التزم بها في تعريف العدل، فإنه في جرح المعروفين - من الرواة والعلماء المشاهير - ذو نظر بالغ ونقد ثاقب([23]).
وقد وافقه على تضعيف الجزري مطلقًا أو مقيدًا: يحيى بن معين، ويعقوب بن شيبة، وأبو أحمد الحاكم، وابن عدي، فلم يتفرد ابن حبان في حكمه هذا ، وإن كان أكثرهم تشددًا. وكل ذلك كاف للحكم على الحديث بأنه منكر، وإن كان قوي الإسناد؛ إذ ليس كل ما صح سندًا صح متنًا.
2- أن عبيد الله بن عمرو الرقي الراوي عن عبدالكريم ثقة ربما أخطأ([24])، وقد قال عنه ابن حجر: "ثقة فقيه ربما وهم"([25])، ولم يتابع على روايته عن عبدالكريم، ولا عن سعيد بن جبير، ولا عن ابن عباس، ولا عن أحد من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم !!
وقد قال أبو بكر البرديجي الحافظ: (إن المنكر هو الذي يحدث به الرجل عن الصحابة، أو عن التابعين عن الصحابة، لا يعرف ذلك الحديث - وهو متن الحديث - إلا من طريق الذي رواه، فيكون منكرًا).
قال ابن رجب بعد عبارة البرديجي : (ذكر هذا الكلام في سياق ما إذا انفرد شعبة أو سعيد بن أبي عروبة أو هشام الدستوائي بحديث عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا كالتصريح بأن كل ما ينفرد به ثقة عن ثقة ولا يعرف المتن من غير ذلك الطريق فهو منكر، كما قاله الإمام أحمد في حديث عبدالله بن دينار) ([26]).
فإذا كان هذا حال ما انفرد به أمير المؤمنين في الحديث شعبة بن الحجاج عن قتادة عن أنس في نظر البرديجي، فكيف بما انفرد به عبيد الله بن عمرو عن عبدالكريم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ؟!! لا شك بأنه أحق باسم المنكر.
3- أنه رواه تارة مرفوعًا وتارة موقوفًا، وقد رواه ابن الجوزي في الموضوعات بإسناد صحيح عن عبدالجبار بن عاصم عن عبيدالله بن عمرو به، موقوفًا على ابن عباس لم يرفعه([27]). وعبدالجبار ثقة باتفاق([28]). وقد أراد ابن الجوزي إعلاله بذلك.
وقد قال الحافظ ابن حجر: "وإسناده قوي، إلا أنه اختلف في رفعه ووقفه"([29]). وهذه علة توهن الحديث عند بعض الأئمة قديمًا، فإن منهم من يعل المرفوع بالموقوف والمسند بالمرسل مطلقًا([30]). وهذا الاختلاف هو من عبيدالله بن عمرو فيما يبدو.
وأما قول الحافظ ابن حجر: "وعلى تقدير ترجيح وقفه فمثله لا يقال بالرأي، فحكمه الرفع"([31]) - فغير مسلم له فيه ؛ إذ الحديث منكر من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس، فلا يثبت مرفوعًا ولا موقوفًا ولا مقطوعًا.
وإنما يثبت عن مجاهد مقطوعًا عليه.
ثم على فرض صحة وقفه على ابن جبير أو ابن عباس، فلا يبعد أن يكون قد بلغه عن أهل الكتاب، فقد جاء عن الزهري قال: "مكتوب في التوراة: ملعون من غيرها بالسواد. يعني اللحية"([32]). ومثله ما ثبت عن مجاهد قال: "يكون في آخر الزمان قوم يصبغون بالسواد لا ينظر الله إليهم"، أو قال: "لا خلاق لهم"([33])، لا يقال بأن له حكم الرفع بدعوى أن مثله لا يقال بالرأي؛ إذ احتمال أخذه عن أهل الكتاب وارد كما جاء عن الزهري، وإلا لرفعه مجاهد إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإن لم يسنده إلى من سمعه منه، أما أن يرسله ولا يرفعه فلا يكون لمثله حكم الرفع؛ لشيوع الأخذ عن أهل الكتاب في ذلك العصر، ولا يبعد أن يكون عبدالكريم الجزري - وهو من تلاميذ مجاهد - قد سمعه من مجاهد([34])، فوهم على سعيد بن جبير أو دلسه عنه.
4- أن كل من روى هذا الحديث رواه بالعنعنة في كل طبقات الإسناد، لم يصرح فيه بالسماع، فقد رواه الناس عن عبيدالله بن عمرو، عن عبدالكريم، عن سعيد، عن ابن عباس معنعنًا، ولم أقف على رواية واحدة فيها تصريح بالسماع مع كثرة الرواة عن عبيدالله بن عمرو، مما يثير الشك في احتمال وقوع التدليس في الإسناد، وعبدالكريم الجزري ذكره ابن أبي حاتم في "المراسيل" وروى عن علي بن المديني قوله عنه: إنه لم يسمع من البراء([35]).
والبراء هو ابن زيد البصري، ابن بنت أنس بن مالك، ولم يرو عنه سوى عبدالكريم الجزري([36]).
وهذا وصم له بالتدليس من علي بن المديني؛ إذ إن الجزري أدرك أنس بن مالك ورآه([37]). فالظاهر أنه عاصر وأدرك حفيده البراء بن زيد من باب أولي، فتكون روايته عنه حينئذ من باب التدليس، إذ لم يثبت له منه سماع كما نص على ذلك ابن المديني.
وقد قال المحقق المعلمي: "إذا استنكر الأئمة المحققون المتن، وكان ظاهر السند الصحة، فإنهم يتطلبون له علة ؛ فإذا لم يجدوا علة قادحة مطلقًا، حيث وقعت، أعلوه بعلة ليست قادحة مطلقًا، ولكنهم يرونها كافية للقدح في ذلك المنكر، فمن ذلك إعلاله بأن راويه لم يصرح بالسماع، هذا مع أن الراوي غير مدلس)([38]). ثم ذكر أمثلة من تصرف البخاري وابن المديني وأبي حاتم في الإعلال بعدم التصريح بالسماع، مع أن الراوي لم يعرف بالتدليس.
فكيف إذا كان الراوي قد وُصم بالتدليس كالجزري وإن لم يذكر في المدلسين؛ إذ لم يشتهر به ولم يكثر منه.
وعلى كل حال، فإن العنعنة في حديث منكر نحو هذا الحديث توهن من قوته، على فرض أنه ليس في رجاله مدلس؛ إذ عدها بعض أهل الحديث من قبيل المنقطع، وإن كان الجمهور على خلاف([39]).
5- أن أيوب السختياني سأل سعيد بن جبير عن صبغ اللحية بالوسمة، فقال: "يعمد أحدكم إلى نور جعله الله في وجهه فيطفئه".
رواه عبدالرزاق قال: أخبرنا معمر، عن أيوب ، قال: سمعت سعيد بن جبير([40]).
وهذا إسناد مسلسل بالأئمة الحفاظ الأثبات، فلو كان الحديث الذي رواه عبدالكريم عن سعيد بن جبير محفوظًا عن ابن جبير، لما عدل سعيد عن الاحتجاج به - حين سأله أيوب عن صبغ اللحية بالسواد - إلى قوله : "يعمد أحدكم إلى نور.."، ولذكر له حديث : «يكون قوم آخر الزمان..»؛ لما فيه من الوعيد الشديد الدال على حرمة هذا الفعل، وأنه من الكبائر.
وقد رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن حماد بن زيد، عن أيوب، سمعت سعيد بن جبير وسئل عن الخضاب بالوسمة فكرهه، فقال: يكسو الله العبد في وجهه النور ثم يطفئه بالسواد([41]).
6 - أن محمد بن الحنفية سئل عن الخضاب بالوسمة فقال: "هي خضابنا أهل البيت". وكان هو يختضب بالسواد([42]).
وبعيد أن يروى ذلك عن أهل البيت - وابن عباس فقيههم - لو كان حديث عبدالكريم عن سعيد عن ابن عباس محفوظًا عنه.
وقد ثبت عن الحسن والحسين - رضي الله عنهما - أنهما كانا يصبغان بالسواد([43]). وهذا يؤكد صحة ما جاء عن ابن الحنفية، من نسبته الخضاب بالسواد إلى أهل البيت. وكذا كان علي بن عبدالله بن عباس يخضب لحيته بالسواد([44]).
فكيف يتواطأ أهل البيت على فعل ما فيه مثل هذا الوعيد الشديد، وراويه هو ابن عباس فقيه أهل البيت ثم لا ينهاهم ولا يخبرهم بهذا الوعيد وهو بين ظهرانيهم؟!
فاجتمع في حديث ابن عباس هذا ست علل إسنادية، هـي:
أ ) تفرد راويه في روايته عن إمام كبير وهو سعيد بن جبير، مع كثرة أصحابه الذين حفظوا حديثه ورووا عنه.
ب) وعدم وجود متابع له عن ابن عباس مع كثرة أصحابه الذين رووا عنه، ولا شاهد له عن أحد من الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ج ) وضعف في راوي الحديث عبدالكريم الجزري، خاصة فيما انفرد به من المناكير عن الرواة المشاهير، وهذا الحديث أحدها؛ إذ لا يُروى ولا يعرف هذا الحديث لا عن سعيد بن جبير، ولا عن ابن عباس ، ولا عن أحد من الصحابة الآخرين عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من طريق عبدالكريم ، بل ولم يروه عن عبدالكريم إلا عبيد الله بن عمرو الرقي، فيما وقفت عليه من الروايات، وهذا أشد أنواع المنكر نكارة، حيث لا يعرف من حديث أحد من الصحابة إلا عن ابن عباس، ولا يعرف من حديث أحد من التابعين إلا عن سعيد بن جبير، ولا يعرف من حديث أحد من أتباع التابعين إلا عن عبدالكريم الجزري، ولا يرويه أحد من أتباعه إلا عبيدالله بن عمرو([45]) !! وهذا كله على فرض أن عبدالكريم هو الجزري كما يرى الحافظ ابن حجر، لا عبدالكريم البصري الضعيف كما يراه ابن الجوزي.
د ) كما لم يُصرح فيه بالسماع في أي من طبقات الإسناد في جميع روايات هذا الحديث، مع وصم ابن المديني لعبدالكريم بالتدليس في روايته عن البراء بن زيد البصري مع عدم سماعه منه.
هـ) الاختلاف على راويه وقفًا ورفعًا، مع ما قيل فيه بأنه ربما وهم، مما يثير الشك في ضبطه لهذا الحديث.
و ) تردد الاسم المهمل بين عبدالكريم الجزري الثقة، والبصري الضعيف، دون قيام دليل قاطع على أيهما الراوي لهذا الحديث ، مما يورث الشك في صحته. هذا على فرض عدم وجود دليل خارجي يرجح أحدهما، فكيف وقد روى هشام الدستوائي ما يرجح أنه عن عبدالكريم بن أبي المخارق البصري ؟!
ز ) كما أنه يعارض ما جاء عن أهل البيت - وابن عباس فقيههم - من أن خضابهم السواد ، وقد ثبت ذلك عن الحسن والحسين ومحمد بن الحنفية، ونسبه إلى أهل البيت.
وكذلك في الحديث علتان في المتن توجبان التوقف فيه :
الأولى : أنه يعارض ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين :
· قال: «إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم»([46]). وفـي رواية: «غيروا الشيب، ولا تشبهوا باليهود والنصارى»([47]). فأمر بالتغيير مطلقًا ولم يستثن شيئًا من الأصباغ. وقد كان هذا الأمر بالخضاب وصبغ الشيب متأخرًا، كما قال الطحاوي: "في هذه الآثار إخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن اليهود والنصارى كانوا لا يخضبون ، فعقلنا بذلك أنه صلى الله عليه وسلم كان في البدء على مثل ما كانوا عليه؛ لما قد ذكرناه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان فيما لم يؤمر فيه بشيء يحب موافقة أهل الكتاب على ما هم عليه منه ؛ فكان صلى الله عليه وسلم على ذلك حتى أحدث الله عز وجل له في شريعتهما يخالف ذلك من الخضاب ؛ فأمر به، وبخلاف ما عليه اليهود والنصارى من تركه، وعقلنا بذلك أن جميع ما روي عنه صلى الله عليه وسلم في الأمر باستعمال الخضاب متأخر عن ذلك) ([48]).
ويؤكده أن راوي هذا الحديث هو أبو هريرة، وهو متأخر الإسلام؛ إذ هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم عام خيبر، في السنة السابعة من الهجرة([49]).
فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر الصحابة بصبغ الشيب ومخالفة أهل الكتاب الذين لا يصبغون، فإنه صلى الله عليه وسلم لم يبين لهم ما الصبغ الجائز من الصبغ الممنوع، ومعلوم أن تأخير البيان عن وقت الحاجة غير جائز، فقد أمر صلى الله عليه وسلم بالصبغ وتغيير الشيب مطلقًا، وهذا بإطلاقه يشمل جميع أنواع الصبغ بما فيها الوسمة وهي السواد. ولا يقال بأن هذا التعارض بين حديث ابن عباس هذا وحديث أبي هريرة يزول بحديث جابر مرفوعًا: «غيروا، وجنبوه السواد»، بدعوى أن هذا يقيد حديث أبي هريرة ويوافق حديث ابن عباس؛ إذ هذا الحديث إنما قاله صلى الله عليه وسلم عام الفتح في حق أبي قحافة عندما جيء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم كأن رأسه ثغامة(*) بيضاء.
· فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «غيروا هذا بشيء، واجتنبوا السواد»([50])، وفـي رواية: «غيروا هذا بشيء»([51])، وفـي رواية : «غيروا، أو اخضبوا»([52])، وفـي رواية: «غيروه، وجنبوه السواد»([53]).
فلا يقوى مثل هذا الحديث - الذي هو حادثة عين - على تخصيص عموم حديث أبي هريرة لو صح، فكيف وقد اضطرب راويه - وهو أبو الزبير المكي - في روايته؛ فتارة يقول: «غيروا هذا بشيء» مطلقًا، وتارة يقول: «غيروه وجنبوه السواد»، وقد رواه عنه بالإطلاق دون لفظ: «وجنبوه السواد»:
1 - زهير بن معاوية أبو خيثمة؛ كما عند مسلم وأحمد. وقد صرح زهير بالسماع من أبي الزبير عند أحمد، وفـي روايته: (قال زهير: قلت لأبي الزبير: أقال جنبوه السواد؟ قال: لا)، وكذا رواه علي بن الجعد في مسنده، وأبو داود الطيالسي([54]).
2- عزرة بن ثابت كما عند النسائي بإسناد صحيح، عن أبي الزبير، عن جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في شأن أبي قحافة: «غيروا أو اخضبوا».
وكذا رواه الحاكم من طريق عزرة بلفظ : «اخضبوا لحيته»([55]).
وقد رواه عن أبي الزبير بزيادة : «وجنبوه السواد» كل من :
1- ابن جريج: كما عند مسلم إلا أنه لم يصرح فيه بالسماع، ولم أقف على تصريح بالسماع له من أبي الزبير في جميع المصادر التي روته من طريق ابن جريج، بل رواه عنه معنعنًا وهو مشهور بالتدليس، وقد أورد مسلم روايته في المتابعات بعد رواية زهير بن معاوية([56]).
2- ليث بن أبي سليم: كما عند أحمد، وابن ماجه، ومعمر في الجامع، وابن أبي شيبة. إلا أن ليثًا شديد الضعف مع صلاحه وصدقه في نفسه([57])، وقد أجمل فيه الحافظ ابن حجر القول فقال: "صدوق اختلط جدًا، ولم يتميز حديثه فترك"([58]). وقد وهم الشيخ الألباني - رحمه الله تعالى - فظن ليثًا هذا هو ابن سعد، وهو لا يروي عن أبي الزبير إلا ما كان قد سمع من جابر، ولهذا صححه الشيخ الألباني([59]). والصحيح أن الراوي هو ليث بن أبي سليم المتروك([60]).
3- الأجلح بن عبدالله عن أبي الزبير عن جابر: كما عند الموصلي والطبراني([61])، وقال: (لم يروه عن الأجلح إلا شريك). وفيه علل:
أ ) ضعف الأجلح([62]).
ب) وضعف في شريك بن عبدالله([63]).
ج ) عنعنة شريك وهو مدلس([64]).
4- أيوب عن أبي الزبير عن جابر:
كذا رواه أبو عوانة([65])، عن أحمد بن إبراهيم، عن عبدالرحمن بن المبارك، عن عبدالوارث بن سعيد، عن أيوب، عن أبي الزبير، به؛ كما رواه ابن جريج.
وهو غريب جدًا من هذا الطريق، فلم أقف عليه من حديث أيوب - مع إمامته وكثرة الرواة عنه - إلا عند أبي عوانة، ولم أجد من تابع أحمد بن إبراهيم على روايته عن عبدالرحمن بن المبارك، ولا من تابعه على روايته عن عبدالوارث بن سعيد، ولا عن أيوب ؟!! وليس أحمد بن إبراهيم ممن يحتمل منه مثل هذا التفرد عن هؤلاء الأئمة.
وعلى كل، فليس فيه تصريح بالسماع بين أبي الزبير عن جابر، بل ثبت عنه أنه لم يسمع من جابر زيادة (وجنبوه السواد).
فإذا كان الأمر كذلك فالراجح عن أبي الزبير هو ما رواه عنه أبو خيثمة زهيربن معاوية وعزرة بن ثابت، وكلاهما ثقة ثبت، وقد صرح زهير بالسماع من أبي الزبير وقد سأله عن الزيادة : «وجنبوه السواد» فأنكرها ونفاها؛ فثبت بذلك أن رواية ابن جريج في صحيح مسلم مدلسة، وقد تكون بلغته عن ليث بن أبي سليم وهو ضعيف، فدلسها ابن جريج عن أبي الزبير ، أو يكون أبو الزبير إنما يرويها عن جابر بالعنعنة تدليسًا، فلما أوقفه زهير وسأله عن سماعه لهذه اللفظة نفاها، ولعله لهذا السبب قدم مسلم رواية زهير، ثم أورد رواية ابن جريج بعدها في المتابعات.
وعلى كل، فالصحيح عن أبي الزبير ما رواه زهير وعزرة، وهي الرواية الموافقة لحديث أبي هريرة في الصحيحين بلفظ الإطلاق، وأما الزيادة : «وجنبوه السواد» فلا تثبت عن أبي الزبير عن جابر، وقد نص أبو الزبير نفسه أنها ليست من حديثه، وهذا وحده كاف في إثبات بطلانها وعدم صحتها، وإن كانت في صحيح مسلم.
ثم إنه على فرض صحتها عنه فقد تكلم الأئمة في أبي الزبير، واشترطوا لقبول حديثه تصريحه بالسماع لكونه معروفًا بالتدليس، ولم يصرح ههنا بالسماع في كل الروايات عنه([66]).
وعليه، ففي حديث ابن جريج عن أبي الزبير في صحيح مسلم علل، هي:
1- عنعنة ابن جريج عن أبي الزبير، وهو مدلس لا يقبل منه إلا ما صرح فيه بالسماع([67]).
2- تفرد ابن وهب المصري في رواية هذا الحديث عن ابن جريج؛ إذ كل من رواه من طريق ابن جريج إنما رواه عن ابن وهب عنه، وقد تكلم يحيى بن معين في روايته عن ابن جريج، وقال: (ليس بذاك في ابن جريج، وكان يستصغره) ([68]).
3- عنعنة أبي الزبير عن جابر، ولم يصرح بالسماع وهو مدلس.
4- الاختلاف على أبي الزبير في لفظ هذا الحديث.
5- نفي أبي الزبير نفسه زيادة لفظ : «وجنبوه السواد»، وهي أقوى هذه العلل، وهي التي كشفت تدليس ابن جريج لهذا الحديث عن أبي الزبير، وأنه لم يسمعه منه، أو سمعه منه دون هذه الزيادة ودلسها عنه؛ ولهذا أوردها مسلم في المتابعات، وتجنب أحمد روايتها من حديث ابن جريج، وأخرج رواية زهير التي فيها تصريح أبي الزبير بنفي هذه الزيادة.
· دراسة شواهد حديث جابر : «وجنبوه السواد» :
1 - حديث عبدالعزيز بن أبي رواد، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة مرفوعًا:
«غيروا الشيب ، ولا تشبهوا باليهود، واجتنبوا السواد»([69]).
وهو من مناكير ابن أبي رواد، وقد أورده ابن عدي في "الكامل" على أنه منها([70]). وعبدالعزيز متكلم فيه؛ قال عنه علي بن الجنيد : "كان ضعيفًا وأحاديثه منكرات" ([71]). وقال ابن حبان: "يحدث على الوهم والحسبان، فسقط الاحتجاج به"([72]).
وقد انفرد ابن أبي رواد بهذه الزيادة: «واجتنبوا السواد»؛ إذ لم يتابعه على روايتها أحد ممن روى هذا الحديث عن أبي هريرة، كما لم أجد من تابعه على روايته هذا الحديث عن محمد بن زياد، فثبت صحة صنيع ابن عدي حين أورد هذا الحديث من مناكيره فمثله لا يكون شاهدًا؛ إذ المنكر أبدًا منكر.
وقد روى الطبراني من طريق أبي غسان النميري، عن أبي سفيان المديني، عن داود بن فراهيج، عن أبي هريرة قصة أبي قحافة، وقول النبي صلى الله عليه وسلم عن شيبه: «غيروه، وجنبوا السواد»([73])، وقال : "لم يروه عن داود إلا أبو سفيان".
وداود ضعفه شعبة بن الحجاج، ويحيى بن معين في إحدى الروايتين عنه. وقال تارة: ليس به بأس، وقال أبو حاتم: صدوق([74]).
فاجتمع في هذا الحديث :
1- جهالة في أبي غسان النميري ، الراوي عن أبي سفيان.
2- وتفرده بهذا الإسناد.
3- وضعف في داود بن فراهيج.
4- وعدم متابعة أحد من أصحاب أبي هريرة مع كثرتهم له في روايته هذا الحديث من قصة أبي قحافة؛ فالحديث منكر.
2- حديث هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال - لما جيء بأبي قحافة إليه عام الفتح - : «غيروهما - أي رأسه ولحيته - وجنبوه السواد»([75]).
وهشام بن حسان مدلس، وقد جعله ابن حجر في المرتبة الثالثة في المدلسين([76])، وهم من أكثروا من التدليس، فلم يحتج الأئمة إلا بما صرحوا فيه بالسماع([77]).
ولم يصرح هشام بالسماع في جميع الروايات عنه، بل رواه معنعنًا. وقد رواه هكذا: (سئل أنس بن مالك عن خضاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن شاب إلا يسيرًا، ولكن أبا بكر وعمر بعده خضبا بالحناء والكتم.
قال : وجاء أبو بكر بأبيه أبي قحافة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح بمكة، يحمله حتى وضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «غيروهما، وجنبوه السواد».
والجزء الأول من الحديث ثابت عن أنس في الصحيحين من طرق كثيرة، منها: حديث ثابت أن أنسًا سئل: خضب النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال: "لم يبلغ شيب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يخضب . . . ولكن أبا بكر كان يخضب بالحناء، وكان عمر يخضب بالحناء) ([78]).
كما رواه عاصم الأحول وأيوب السختياني كلاهما عن محمد بن سيرين([79])، بنحو حديث ثابت عن أنس. وكذلك رواه عبدالله بن إدريس وروح بن عبادة، كلاهما عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين، ولفظه: (سئل أنس بن مالك: هل خضب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: إنه لم يكن رأى من الشيب إلا - كأنه يقلّله - وقد خضب أبو بكر وعمر بالحناء والكتم) ([80]). فلم يذكر أحد ممن رواه عن هشام بن حسان، ولا ممن رواه عن ابن سيرين، ولا ممن رواه عن أنس، الزيادة التي جاءت في آخره وهي: (قال: وجاء أبو بكر بأبيه . . . إلخ) مما يثير الشك في صحتها، والظاهر أن هشام بن حسان روى الجزء الأول عن ابن سيرين عن أنس، ثم ذكر الزيادة في آخره وفصلها عن أول الحديث؛ ولهذا قال الراوي عنه - وهو محمد بن سلمة الحراني - في آخره : (قال: وجاء أبو بكر بأبيه . . . إلخ). وهذا يشعر بأن هذه الزيادة ليست متصلة بالحديث، ويبدو أن هشام بن حسان أو الراوي عنه قد دلسها، والمقصود بقول الراوي : (قال: وجاء . . . إلخ) هو هشام بن حسان.
ومما يؤكد أن هذه الزيادة ليست عند محمد بن سيرين: ما رواه ابن أبي شيبة عن إسماعيل بن علية عن ابن عون قال: (كانوا يسألون محمدًا عن الخضاب بالسواد، فقال: لا أعلم به بأسًا) ([81]). وهذا إسناد مسلسل بالأئمة الحفاظ الأثبات. فكيف يقول محمد بن سيرين بأنه لا يعلم بالخضاب بالسواد بأسًا، وهو يروي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في شأن شيب رأس أبي قحافة ولحيته: «غيروهما وجنبوه السواد»؟!
وقد قال ابن رجب في شرح العلل: (قاعدة: في تضعيف حديث الراوي إذا روى ما يخالف رأيه) ([82])، وقد ذكر عن أحمد وأكثر الحفاظ أنهم كانوا يعلون الأحاديث بمثل هذا.
وعلى هذا، فهشام بن حسان معروف بالتدليس، ولم يصرح بالسماع في هذه الرواية التي فيها هذه الزيادة، وهذا وحده كاف في تضعيفها، فكيف وقد ثبت عن محمد بن سيرين ما يعارضها ؟! كما لم يتابع أحد محمد بن سلمة الحراني على روايتها، لا عن هشام بن حسان، ولا عن محمد بن سيرين، ولا عن أنس بن مالك([83])، وهذا كاف للحكم على هذه الزيادة في حديث محمد بن سيرين بأنها منكرة.
نعم، رواه سعد بن إسحاق عن أنس مرفوعًا: «غيروا الشيب، ولا تقربوا السواد»([84]). وقد تفرد بروايته ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن سعد، به. وفيه ثلاث علل:
أ ) ضعف عبدالله بن لَهِيعة([85]).
ب) وعنعنته وهو مشهور بالتدليس([86])، وقد ذكره ابن حجر في المرتبة الخامسة، وهي أضعف المراتب، وهم من جمعوا مع ضعفهم التدليس، فلا يقبل ما صرحوا فيه بالسماع حتى يتابعوا إن كان ضعفهم خفيفًا([87]).
ج) وتفرده بهذا الإسناد وهذا اللفظ، وهو من مناكيره فلا يصلح متابعًا لمنكر مثله، ولا يتقوى أحدهما بالآخر.
3- الشاهد الثالث: ما رواه عبدالرحمن بن محمد المحاربي، عن محمد بن إسحاق من حديث أسماء بنت أبي بكر، وفيه : «وجنبوه السواد»([88]). وقد رواه الحفاظ عن محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عباد بن عبدالله بن الزبير، عن أبيه، عن جدته أسماء بنت أبي بكر الصديق في قصة إسلام أبي قحافة عام الفتح، وقول النبي صلى الله عليه وسلم لهم: «غيروا هذا من شعره»([89])، أي الشيب، وليس فيه: «وجنبوه السواد».
وقد رواه عبدالرحمن بن محمد المحاربي، عن محمد بن إسحاق، به. وزاد في روايته: «وجنبوه السواد» وتفرد بهذه الزيادة، وليست هي عند ابن هشام في "مختصر السيرة" ، ولا عند ثقات أصحاب محمد بن إسحاق. والمحاربي قال عنه الحافظ في التقريب: "لا بأس به وكان يدلس"([90])، وقد رواه معنعنًا، فهي زيادة منكرة.
4 - الشاهد الرابع : حديث عباد بن عباد عن معمر عن الزهري، رفعه :
أنا أبا بكر أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبيه يوم الفتح وهو أبيض الرأس واللحية، كأن رأسه ولحيته ثغامة بيضاء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ألا تركت الشيخ حتى أكون أنا آتيه»، ثم قال: «اخضبوه، وجنبوه السواد»([91]).
وهذا حديث مرسل، وفيه علة أيضًا، فقد رواه عبدالرزاق في الجامع([92]) عن الزهري مرسلاً مطولاً، وفيه: "وأمر بأن يغيروا شعره"، وليس فيه زيادة «اخضبوه وجنبوه السواد» ؟!
فثبت أن هذه الزيادة ليست في جامع معمر - رواية عبدالرزاق - وأنها من أوهام عباد بن عباد الراوي عن معمر، فإنه وإن كان ثقة إلا أنه يهم أحيانًا، حتى قال فيه أبو حاتم: (لا بأس به، قيل له: يُحتج بحديثه؟ قال:لا)([93]). ولهذا اعتذر ابن حجر عن تخريج البخاري له بقوله: "ليس له في البخاري سوى حديثين أحدهما في الصلاة بمتابعة شعبة وغيره، والثاني في الاعتصام بمتابعة إسماعيل بن زكريا) ([94]).
كما لم يخرج له أحد من أصحاب الكتب الستة شيئًا عن معمر بن راشد([95]).
ومما يؤكد عدم صحة هذه الزيادة عن معمر عن الزهري: ما ثبت عن الزهري نفسه أنه كان يصبغ بالسواد ولا يرى به بأسًا كما رواه معمر عنه([96]).
بل إن هذا اللفظ الذي رواه عباد بن عباد عن معمر عن الزهري مرسلاً، مطابق للفظ حديث معمر عن ليث بن أبي سليم عن أبي الزبير عن جابر، قال: (أتي بأبي قحافة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح كأن رأسه ثغامة بيضاء . . . ) ([97]). فالظاهر أنه خلط بين حديث معمر عن ليث الذي فيه هذا اللفظ، وحديث معمر عن الزهري مرسلاً الذي ليس فيه سوى قوله (وأمر بأن يغيروا شعره). فثبت بذلك أنه من أوهامه، وأنه لا أصل له عن الزهري بهذه الزيادة ، ولم يتابع عليها من حديث الزهري، ولهذا عزاها في كنـز العمال إلى الحارث وحده([98]). ويحتمل أن الوهم من معمر نفسه، فقد ضعف الأئمة رواية أهل البصرة عنه - وعباد بصري - لكونه كان يحدث من حفظه فيخلط، بخلاف روايته في اليمن حيث كان يراجع كتبه([99]).
· وعليه فزيادة لفظ: «واجتنبوا السواد» لا تثبت: لا من حديث جابر بن عبدالله؛ إذ نفاها أبو الزبير نفسه، ولا من حديث أبي هريرة؛ وقد أوردها ابن عدي في مناكير ابن أبي رواد، ولا من حديث أنس، ولا من حديث أسماء، وأن الصحيح المحفوظ من حديث أبي هريرة وجابر وأسماء الأمر بتغيير الشيب وصبغه مطلقًا، دون استثناء السواد.
· وقد روى نافع بن جبير بن مطعم عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً: «غيروا، ولا تشبهوا باليهود»([100])، وكان نافع يصبغ بالسواد([101]). فحمل الحديث على عمومه.
· كما روى ابن جريج عن الزهري مرسلاً، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم «غيروا بالأصباغ»، قال ابن شهاب: «وأحبها إليَّ أحلكها»([102]).
ورواه معمر عن الزهري قال: «أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالأصباغ». فأحلكها أحب إلينا، يعني أسودها([103]). والزهري هو راوي حديث أبي هريرة: «إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم»([104]). وكان الزهري يصبغ بالسواد([105]).
فقد حمل الزهري الأمر بالصبغ على عمومه، ولم يستثن السواد من الأصباغ، بل كان يستحبه ويقدمه عليها، وهذا يرجح عدم صحة الاستثناء الوارد في حديث أبي هريرة - كما في رواية ابن أبي رواد المنكرة - وكذا عدم ثبوت هذا الاستثناء عن النبي صلى الله عليه وسلم في نظر الزهري، وإلا لما خالفه.
وقد أخذ بهذا العموم جماعة من الصحابة، منهم :
سعد بن أبي وقاص([106])، وعقبة بن عامر([107])، وجرير بن عبدالله([108])، وعمرو بن العاص([109])، والحسين بن علي، والحسن بن علي([110]).
ولهذا قال مالك عن صبغ الشعر بالسواد: "لم أسمع في ذلك شيئًا معلومًا، وغير ذلك من الصبغ أحب إلـيَّ، وترك الصبغ كله واسع إن شاءالله، ليس على الناس فيه ضيق"([111]). وهذا القول هو أعدل الأقوال وأرجحها.
وأصح الأحاديث في هذا الباب هو حديث الزهري عن أبي سلمة بن عبدالرحمن بن عوف عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعًا: «إن اليهود والنصارى لا يصبغون، فخالفوهم»([112]). ورواه عن أبي سلمة بن عبدالرحمن أيضًا:
1- ابنه عمر بن أبي سلمة: عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعًا: «غيروا الشيب، ولا تشبهوا باليهود»([113]).
2- محمد بن عمرو بن علقمة: عن أبي سلمة بن عبدالرحمن عن أبي هريرة مرفوعًا: «غيروا الشيب ولا تشبهوا باليهود والنصارى»([114]).
كما تابع أبا سلمة بن عبدالرحمن على روايته عن أبي هريرة: سليمان بن يسار؛ رواه عنه الزهري([115]).
فهذا الحديث محفوظ عن أبي هريرة، وله شواهد في تغيير الشيب مطلقًا بلا استثناء؛ كحديث عائشة مرفوعًا: «غيروا الشيب ولا تشبهوا باليهود»([116]). وكان أبو سلمة بن عبدالرحمن - راوي الحديث عن أبي هريرة - يصبغ بالسواد. وكذا الزهري وهو راويه عن أبي سلمة، وكذا نافع بن جبير المدني([117]). وهؤلاء هم علماء المدينة، فلو كان الاستثناء ثابتًا عندهم عن أبي هريرة أو جابر أو أسماء - وكلهم من أهل المدينة - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - لما فاتهم، ولما خالفوه. وقد قال الحافظ ابن حجر في الفتح: (تمسك به [أي حديث الأمر بتغيير الشيب مطلقًا] من أجاز الخضاب بالسواد، وقد تقدمت مسألة استثناء الخضاب بالسواد لحديثي جابر وابن عباس) ([118]). وقد ثبت عدم صحة حديث ابن عباس وأنه حديث منكر، كما ثبت عدم صحة الزيادة الواردة في حديث جابر في صحيح مسلم، وأن الصحيح عنه بدونها ، فلم يبق ما يمكن الاحتجاج به، اللهم إلا بعض الأحاديث المرسلة والمعضلة كحديث:
1- عمرو بن شعيب، أن عمرو بن العاص حدّث؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : «نهى عن خضاب السواد»([119]).
وإسناده ضعيف، فإنه من رواية المثنى بن الصبَّاح، وهو ضعيف اختلط بأخرة، كما قال عنه الحافظ ابن حجر([120]).
كما أنه منقطع بل معضل؛ إذ عمرو بن شعيب لم يسمع من جد جده عمروبن العاص، وإنما يروي عن أبيه عن جده عن عبدالله بن عمرو بن العاص. وقد قال أبو زرعة الرازي : (عامة المناكير التي تروى عنه إنما هي عن المثنى بن الصبَّاح، وابن لَهِيعة، والضعفاء . . . ) ([121]).
فهذا الحديث من مناكير ابن الصبَّاح عنه، فلا يفرح به.
2- المحاربي، عن ليث بن أبي سُليم، عن عامر الشعبي مرفوعًا: «إن الله لا ينظر إلى من يخضب بالسواد»([122]). وعبدالرحمن المحاربي، قال عنه الحافظ: (لا بأس به وكان يدلس) ([123]). وقد رواه بالعنعنة. وليث اختلط جدًا فترك حديثه([124]). فاجتمع في هذا الحديث عنعنة المحاربي وهو مدلس، وإرسال الشعبي، وضعف شديد في ليث.
3- موسى بن دينار عن مجاهد قال: (رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً أسود الشعر قد رآه بالأمس أبيض الشعر، قال: من أنت؟ قال: أنا فلان. قال: بل أنت شيطان) ([125]). وموسى بن دينار متهم بالكذب([126]). فالحديث متروك.
4- وروى العَرْزَمي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعًا: «من غيَّر البياض سوادًا، لم ينظر الله إليه يوم القيامة». والعَرْزَمي قال عنه الحافظ: (متروك)([127]).
فهذا كل ما ورد في هذا الباب من أحاديث النهي عن السواد، كلها بين منكر أو متروك، وأحسنها حالاً حديث أبي قحافة مع ضعفه.
وقد قال الشيخ الألباني: (الحديث [حديث أبي قحافة] حجة على الزهري وغيره . . لا سيما وهناك حديثان آخران هما أدل على العموم من هذا؛ الأول: عن ابن عباس.. والثاني: عن أبي الدرداء مرفوعًا : «من خضب السواد سود الله وجهه يوم القيامة»([128]). وقد ذكر أن حديث أبي الدرداء ضعيف، بل قال أبو حاتم كما في "العلل": (حديث موضوع) ([129]). فلم يبق إلا حديث ابن عباس، وقد ثبت أنه حديث منكر، فلا يمكن الاحتجاج به، ولا يقوى على تخصيص عموم الأحاديث الصحيحة التي جاء فيها الأمر بالتغيير والصبغ مطلقًا.
وقد تأول بعض العلماء حديث ابن عباس بأنه لا دلالة فيه على كراهة الخضاب بالسواد، بل فيه الإخبار عن قوم هذه صفتهم، وحملوا حديث جابر في قصة أبي قحافة على من صار شيبه مستبشعًا كشيب أبي قحافة([130]).
والصحيح أن التأويل فرع التصحيح، والحديثان كلاهما غير صحيح؛ أما حديث ابن عباس فمنكر أصلاً، وأما حديث جابر فصحيح دون هذه الزيادة، ولا تكاد هذه الزيادة تثبت من وجه صحيح تقوم به الحجة.
نعم، جاء عن أبي هريرة موقوفًا عليه - وقد سئل عن الخضاب بالوسمة - "لا يجد المختضب بها ريح الجنة"([131]). إلا أن إسناده ضعيف؛ إذ هو من رواية موسى بن نجدة، وهو مجهول كما قال الحافظ في التقريب([132]).
كما كره بعض التابعين الخضاب بالسواد، وهو ثابت عن عطاء بن أبي رباح ، فقد سئل عن الخضاب بالوسمة. فقال: (هو مما أحدث الناس، قد رأيت نفرًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما رأيت أحدًا منهم يختضب بالسواد) ([133]). إلا أن من علم حجة على من لم يعلم، فقد ثبت عن جماعة من الصحابة أنهم كانوا يخضبون بالسواد([134]). وترك بعض الصحابة الخضاب بالسواد لا يصلح دليلاً على حرمته أو كراهته، بخلاف اختضاب من اختضب بالسواد منهم ، فإنه دليل ظاهر على جوازه عندهم، إن لم يكن مستحبًا؛ لدخوله في عموم قوله صلى الله عليه وسلم : «غيروا الشيب»، و «اصبغوا»، كما كره الخضاب بالسواد من التابعين: مجاهد([135]). إلا أنه علل كراهيته له بما يدل على أنه ليس عنده فيه شيء مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث قال: «أول من خضب به فرعون»، وهذا يشبه أن يكون مأخوذًا من جهة أهل الكتاب. وجاء عن مكحول أنه كره الخضاب بالوسمة، وقال: (خضب أبو بكر بالحناء والكتم)([136]). فلو كان عنده حديث مرفوع لما عدل عنه واحتج بفعل أبي بكر، وأنه كان يخضب بالحناء لا بالوسمة.
وقد سئل فرقد السبخي عن الصباغ بالسواد، فقال: (بلغنا أنه يشتعل في رأسه ولحيته نار، يعني يوم القيامة) ([137]).
وفرقد قال عنه الحافظ: (صدوق ليّن الحديث كثير الخطأ) ([138])، ولم يرفع الحديث، وقد أرسله بلاغًا.
فثبت بذلك:
1- أن الأحاديث المرفوعة التي فيها الأمر بتغيير الشيب بالصبغ مطلقًا دون استثناء شيء من الأصباغ - أصح بلا خلاف؛ إذ بعضها في الصحيحين كحديث أبي هريرة المحفوظ عنه والمتفق على صحته، بخلاف أحاديث الاستثناء إذ هي بين منكر أو معلول.
2- أن الآثار الموقوفة على الصحابة التي تدل على جواز الصبغ بالسواد، قد جاءت عن ستة من الصحابة، وأسانيدها بين صحيح وحسن لذاته أو لغيره. بينما لم يرو عن أحد منهم النهي عن ذلك إلا عن أبي هريرة، وإسناده ضعيف.
3- أن الآثار المقطوعة عن التابعين - مع عدم حجيتها - أكثرها على جواز الصبغ بالسواد، وعليه كبار علماء المدينة وحفاظ السنة كأبي سلمة بن عبدالرحمن ، والزهري، ونافع بن جبير، وموسى بن طلحة([139])، وعروة بن الزبير([140])، وعمر بن أبي سلمة قاضي المدينة([141])، حتى قال مالك - إمام دار الهجرة - : (لم أسمع في ذلك شيئًا معلومًا). وكان أبو قلابة يخضب بالوسمة، وكذلك قال إمام التابعين في البصرة محمد بن سيرين: (لا أعلم به بأسًا). وكان الحسن البصري لا يرى بالخضاب بالسواد بأسًا. وهو مذهب إمام التابعين في الكوفة إبراهيم النخعي، فقد قال: (لا بأس بالوسمة) ([142]). وإنما كرهه من التابعين مجاهد، وسعيد بن جبير، وعطاء، ومكحول.
وقد نقل ابن جرير الطبري إجماع السلف على أن تغيير الشيب ليس واجبًا بل هو مستحب عند من قال به، كما أن صبغ الشعر والشيب - بما في ذلك الصبغ بالسواد - ليس محرمًا عند من كرهه : (لإجماع سلف الأمة وخلفها على أن النهي عن ذلك لو كان على وجه التحريم، أو لو كان الأمر - فيما أمر به من ذلك - على وجه الإيجاب، لكان تاركو التغيير قد أنكروا على المغيِّرين، أو كان المغيِّرون قد أنكروا على تاركي التغيير، ولكن الأمر كان في ذلك كالذي وصفت، فلذلك ترك بعضهم النكير على بعض) ([143]). وكذلك قال ابن الجوزي، فقد قال: (اعلم أنه خضب جماعة من الصحابة بالسواد، وخلق كثير من التابعين، وإنما كرهه قوم لما فيه من التدليس، فأما أن يرتقي إلى التحريم - إذ لم يدلس - فيجب فيه هذا الوعيد، فلم يقل بذلك أحد)([144]).
واختاره ابن القيم حيث قال: (الخضاب بالسواد المنهي عنه خضاب التدليس؛ كخضاب شعر الجارية، والمرأة الكبيرة تغر الزوج، والشيخ يغر المرأة بذلك، فإنه من الغش والخداع، فأما إذا لم يتضمن تدليسًا ولا خداعًا فقد صح عن الحسن والحسين -رضي الله عنهما - أنهما كانا يخضبان بالسواد. ذكر ذلك ابن جرير عنهما في كتاب (تهذيب الآثار)، وذكره عن عثمان بن عفان، وعبدالله بن جعفر، وسعد بن أبي وقاص، وعقبة بن عامر، والمغيرة بن شعبة، وجرير بن عبدالله، وعمرو بن العاص، وحكاه عن جماعة من التابعين منهم: عمرو بن عثمان، وعلي بن عبدالله بن عباس، وأبو سلمة بن عبدالرحمن، وعبدالرحمن بن الأسود، وموسى بن طلحة، والزهري، وأيوب، وإسماعيلبن معد كرب . . . ) ([145]).يوب
· وكل ما سبق ذكره من الأحاديث والآثار إنما هي في الرجال، ولم يأت شيء منها في شأن النساء ، إلا ما جاء عن عائشة - رضي الله عنها - أنها سُئلت عن تسويد المرأة شعرها ، فقالت: (وددت أن عندي شيئًا أسوِّد به شعري)([146]).
وكذا جاء عن قتادة قال: (رُخِّص في صباغ الشعر بالسواد للنساء)([147]).
وهذا الأثر الصحيح ، وإن كان مقطوعًا موقوفًا على قتادة من قوله لم يرفعه، إلا أنه يحتمل أن يكون له حكم الرفع، فإن لفظ (رُخِّص) مبني للمجهول، وفعل لما لم يسم فاعله، فيحتمل أنَّ من رخص بذلك هم الصحابة، أو النبي صلى الله عليه وسلم ، ويرجح الثاني كون الرخصة حكمًا شرعيًا، وهذا مثل قول: (أُمر بكذا)، و (نُهي عن كذا)، إذا صدر عن التابعي، فقد قيل: هو مرسل مرفوع.
وقيل: بل موقوف على الصحابة([148]).
وعلى كلٍّ، فأثر عائشة، وهذا الأثر عن قتادة، كافيان في إثبات جواز الصبغ بالسواد للنساء، إذ لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم - أصلاً - ولا أصحابه ما يخالف ما جاء عن عائشة وقتادة في شأن النساء. وإذا ثبت عدم صحة أحاديث النهي عن السواد في حق الرجال، ورجحان أحاديث إباحة الصبغ مطلقًا عليها، فالنساء من باب أولى؛ إذ دخولهن في الحكم - عند من يقول بكراهة الصبغ بالسواد للرجال والنساء على حد سواء - إنما هو بالتبع لا أصالة، إذ المخاطب في الأحاديث هم الرجال. ولهذا فرق بعض من قالوا بالكراهة بين الرجال والنساء، فأجازوا لهن الصبغ بالسواد دون الرجال([149]). واللـــه أعلــم.
* * *
المصـادر والمـراجع
· الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان، ابن بلبان، تحقيق الأرنؤوط ط1 سنة1408هـ، الرسالة - بيروت.
· الإصابة، ابن حجر، ط1 ، سنة 1328 هـ، السعادة - مصر.
· تاريخ بغداد، الخطيب البغدادي، تصوير دار الكتب العلمية - بيروت.
· تعريف أهل التقديس، ابن حجر، تحقيق أحمد علي، ط1، سنة 1413هـ، الرياض.
· التقريب، ابن حجر، تحقيق محمد عوامة، ط3، سنة 1411 هـ، الرشيد - سوريا.
· التمهيد، ابن عبدالبر، تحقيق جماعة، ط2، سنة 1402 هـ، الأوقاف المغربية.
· تهذيب التهذيب، ابن حجر، ط1 سنة 1321 هـ، دائرة المعارف العثمانية - الهند.
· تهذيب السيرة النبوية، ابن هشام، تحقيق جماعة، ط2 ، سنة 1375 هـ، البابي - مصر.
· الجامع، الترمذي، تحقيق أحمد شاكر، دار الكتب العلمية - بيروت.
· الجامع ، معمر بن راشد، في آخر مصنف عبدالرزاق.
· جامع التحصيل، العلائي، تحقيق حمدي عبدالمجيد، ط2، سنة 1407 هـ، عالم الكتب - بيروت.
· الجامع الصحيح، البخاري، مع فتح الباري.
· الرفع والتكميل، للكنوي، تحقيق أبو غدة، ط3، سنة 1407هـ، البشائر، بيروت.
·
· روايات المدلسين، عواد الخلف، ط1، سنة 1421 هـ، البشائر - بيروت.
· سلسلة الأحاديث الصحيحة، الألباني، ط4، سنة 1398 هـ، المكتب الإسلامي - بيروت.
· شرح العلل، ابن رجب، تحقيق همام عبدالرحيم ، ط1، سنة 1407 هـ، المنار - الأردن.
· صحيح مسلم، مسلم بن الحجاج، بعناية فؤاد عبدالباقي، ط1، المكتبة الإسلامية - إستنبول.
· الطبقات، ابن سعد، تحقيق محمد عبدالقادر، ط1 سنة 1410 هـ، دار الكتب العلمية - بيروت.
· العلل، ابن أبي حاتم، ط سنة 1405 هـ، تصوير دار المعرفة - بيروت.
· علوم الحديث ، ابن الصلاح، تحقيق نور الدين عتر، ط1 ، 1406 هـ - دار الفكر - دمشق.
· الكامل في الضعفاء، ابن عدي، تحقيق سهيل زكار، ط3، سنة 1409 هـ، دار الفكر - بيروت.
· المجروحين، ابن حبان، تحقيق محمود زايد، ط2، سنة 1402 هـ - الوعي - حلب.
· مختصر السنن ، المنذري، تحقيق أحمد شاكر والفقي، مكتبة السنة المحمدية - مصر.
· المراسيل ، ابن أبي حاتم، تحقيق قوجاني ، ط2، سنة 1402 هـ، الرسالة - بيروت.
· المستدرك، الحاكم ، ط1 سنة 1335 هـ، دائرة المعارف العثمانية - الهند.
· المسند، أحمد بن حنبل، ط3، تصوير المكتب الإسلامي عن الطبعة الميمنية.
· المسند الجامع، بشار عواد، ط1، سنة 1413 هـ، دار الجيل ، بيروت.
· المصنف، ابن أبي شيبة، تحقيق كمال الحوت، ط1 ، سنة 1409 هـ - بيروت.
· المصنف ، عبدالرزاق، تحقيق الأعظمي، ط2 ، سنة 1403 هـ، المكتب الإسلامي - بيروت.
· المعجم الأوسط، الطبراني ، تحقيق الطحان، ط1 سنة 1405 هـ، المعارف - الرياض.
· المعجم الصغير، الطبراني، تحقيق كمال الحوت، ط1 سنة 1406 هـ، الثقافية - بيروت.
· الموطأ، مالك، تحقيق فؤاد عبدالباقي، ط 1406 هـ، دار إحياء التراث العربي - بيروت.
· النكت على ابن الصلاح، ابن حجر، تحقيق ربيع بن هادي، ط2، سنة 1408هـ، الرياض.
· شرح السنة، البغوي، تحقيق الشاويش والأرنؤوط، ط2 سنة 1983، بيروت.
· السنن الكبرى ، البيهقي، ط1 دائرة المعارف العثمانية، تصوير دار المعرفة - بيروت.
· شعب الإيمان ، البيهقي ، تحقيق محمد زغلول، ط1 سنة 1410 هـ، دار الكتب العلمية - بيروت.
· شرح مشكل الآثار، الطحاوي، تحقيق الأرنؤوط، ط1 سنة 1415 هـ، مؤسسة الرسالة - بيروت.
·
· الفوائد المجموعة، الشوكاني، تحقيق المعلمي، ط3 سنة 1987 م، المكتب الإسلامي - بيروت.
· مجمع البحرين، الهيثمي، تحقيق عبدالقدوس نـزير، ط1 سنة 1413 هـ، دار الرشد - الرياض.
· مجمع الزوائد ، الهيثمي، ط3 سنة 1402 هـ، تصوير دار الكتاب العربي - بيروت.
· معجم الطبراني الكبير، الطبراني، تحقيق حمدي عبدالمجيد، ط2 ، وزارة الأوقاف العراقية.
· مسند أبي يعلى الموصلي، تحقيق حسين أسد، ط1 سنة 1992م ، دار الثقافة العربية - دمشق.
· الموضوعات ، ابن الجوزي، تحقيق عبدالرحمن عثمان، ط2 سنة 1403 هـ، دار الفكر ، بيروت.
· المختارة مما لم يخرجه البخاري ومسلم، الضياء المقدسي، تحقيق الدهيش، ط1 سنة 1990م، النهضة - مكة المكرمة.
· غاية المرام، الألباني ، ط 3 ، سنة 1985، المكتب الإسلامي - بيروت.
· تاج العروس، الزبيدي ، ط1 سنة 1306 هـ، القاهرة. نسخة مصورة.
· تدريب الراوي، السيوطي، تحقيق أحمد عمر هاشم، ط1 ، سنة 1989م، دار الكتاب العربي - بيروت.
· ألفية السيوطي، شرح أحمد شاكر، ط 2، سنة 1979، دار التراث - القاهرة.
· مسند علي بن الجعد، تحقيق عبدالمهدي عبدالهادي، ط1 سنة 1985، الفلاح - الكويت.
·
· التقييد والإيضاح، العراقيِ، تعليق محمد راغب الطباخ، تصوير مؤسسة الكتب الثقافية.
· تهذيب الآثار ، ابن جرير، الجزء المفقود - تحقيق علي رضا، ط1 سنة 1995م، دار المأمون للتراث - دمشق.
· زاد المعاد ، ابن القيم ، تحقيق الأرنؤوط ، ط 23 سنة 1989، الرسالة - بيروت.
· لسان الميزان ، ابن حجر ، ط1 - تصوير دار الكتاب الإسلامي، القاهرة.
· الجرح والتعديل، ابن أبي حاتم، ط1 سنة 1372 هـ، دائرة المعارف العثمانية.
· تاريخ الإسلام، الذهبي، تحقيق عمر تدمري، ط1 سنة 1992م، دار الكتاب العربي، بيروت.
· الباعث الحثيث ، أحمد شاكر، ط 3 سنة 1979، دار التراث - القاهرة.
· أدب الاستملاء، السمعاني ، أحمد محمود، ط1 سنة 1993، المحمودية - جدة.
· فوائد الحنائي، نشر الحداد، دار تيسير السنة 1990م، القاهرة.
· بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث ، الهيثمي، تحقيق حسين الباكري، ط2 سنة 1992م، مركز خدمة السنة - المدينة النبوية.
· كنـز العمال، الهندي، البكري والسقا، ط1 1989م، مؤسسة الرسالة.
· منتخب كنـز العمال ، الهندي، بحاشية مسند أحمد، ط. الميمنية.
([1]) تخريج الحديث:
1- ابن سعد في الطبقات 1/340.
2- وأحمد في المسند 1/273.
3- وأبو داود في السنن ، ح رقم (4212).
4- والنسائي في المجتبى 8/138 ، ح رقم (5075).
5- والموصلي في المسند 4/471.
6- والطحاوي في شرح مشكل الآثار 9/314.
7- والطبراني في المعجم الكبير 11/350.
8- والبغوي في شرح السنة 12/92.
9- والبيهقي في السنن 7/311 ، وفـي شعب الإيمان 5/215 - 216.
10- وابن الجوزي في الموضوعات 3/55
كلهم من طرق عن عبيدالله بن عمرو الرقي، عن عبدالكريم ، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مرفوعًا.
([3]) ص 438 ، ح رقم 1421.
([4]) انظر: المختارة 10/233، والقول المسدد للحافظ ابن حجر ص 48، وذكر أن ابن حبان والحاكم صححاه. ولم أقف على هذا الحديث في صحيح ابن حبان ولا في مستدرك الحاكم!!
([5]) الفتح 6/499، وصححه الشيخ الألباني على شرط الشيخين كما في غاية المرام ص 84، ح رقم 106. وفيه نظر، فإن شرطهما على الرأي الراجح - كما حققه الحافظ ابن حجر - (أن يحتجا برجاله على صورة الاجتماع سالمًا من العلل). فلا يدخل في شرطهما ما احتجا برواته على صورة الانفراد، ولا ما احتجا بجميع رواته على صورة الاجتماع إذا لم يسلم من علة - كما في النكت على ابن الصلاح 1/314-317 - ولم يخرج الشيخان عن الجزري عن سعيد بن جبير شيئًا، وإن احتجا بكل منهما على سبيل الانفراد. وكذلك أيضًا لم يخرّج البخاري شيئًا من رواية عبيدالله الرَّقي عن الجزري - كما في ترجمة الجزري في تهذيب الكمال 18/253-254 - وعليه فلا يقال بأن هذا الحديث على شرطهما - على الرأي الراجح - بل يقال: ورجاله رجال الصحيحين ، إلا أنه معلول؛ ولهذا تنكب الشيخان عن إخراجه.
([6]) القول المسدد ص 48، ح رقم 9.
([7]) ميزان الاعتدال 2/647.
([8]) تهذيب الكمال 19/139، وانظر مختصر المنذري لسنن أبي داود 6/108.
([9]) تهذيب الكمال 19/137-138.
([10]) كما في مجمع البحرين 7/191 ، ومجمع الزوائد 5/161 وقال الهيثمي: (إسناده جيد) !! والحديث (الجيد) وكذا (القوي) ما تردد بين الصحيح والحسن لذاته. كما قال السيوطي في الألفية ص 19، وتدريب الراوي 1/143.
([11]) التقريب رقم (4156).
([12]) تهذيب الكمال 18/261.
([13]) تهذيب الكمال 18/260.
([14]) وقد نص المنذري في مختصره 6/108 على أن أبا داود والنسائي لم ينسباه، وما وقع في بعض نسخ أبي داود هو من بعض الرواة فيما يظهر.
([15]) كما في آخر مصنف عبدالرزاق 11/155، وإسناده صحيح إلى مجاهد.
([16]) انظر الموضوعات 3/55.
([17]) الكامل في الضعفاء 5/342، وتهذيب الكمال 18/256.
([18]) تهذيب الكمال 18/256.
([19]) ميزان الاعتدال 2/645.
([20]) المجروحين 2/146. وهذا يرجح عدم صحة ما ذكره ابن حجر من أن ابن حبان صحح هذا الحديث.
([22]) المنكر من الحديث - عند أكثر المتقدمين - : ما تفرد به ثقات الشيوخ ومن دونهم دون الحفاظ الأثبات، إذا لم يتابع من تفرد به، ولا يعرف الحديث إلا من طريقه. أما عند أكثر المتأخرين فالمنكر ما خالف الضعيف فيه الثقة أو المقبول. انظر حد المنكر في شرح العلل، لابن رجب 2/652-659. والنكت على ابن الصلاح 2/674، وألفية السيوطي ص 37.
([23]) انظر الرفع والتكميل للكنوي ص 335-339.
([24]) انظر تهذيب الكمال 19/138-139.
([28]) تاريخ بغداد 11/111، ونقل توثيق يحيى بن معين والدارقطني له.
([30]) والراجح أن هذا ليس مطردًا، وإنما يحكم تارة للمرسل وتارة للمسند بحسب القرائن والمرجحات، كما رجحه المحققون، وهو مذهب الأئمة المتقدمين، فحيثما رجحوا المرسل أو الموقوف فالموصول أو المرفوع معلول مردود، وحيثما رجحوا الوصل والرفع فهي زيادة ثقة مقبولة. انظر شرح العلل 2/638، والنكت على ابن الصلاح 2/604 و 695.
([32]) ابن سعد في الطبقات 1/304. وإسناده حسن لولا أنه عن رجل عن الزهري، ففيه راوٍ مبهم لم يُسَم.
([33]) جامع معمر في آخر مصنف عبدالرزاق 11/155 بإسناد صحيح.
([34]) انظر تهذيب الكمال 27/231.
([35]) ص 134 رقم 483 ، وأيضًا جامع التحصيل للعلائي ص 229 رقم 466.
([36]) تهذيب الكمال 4/34.
([37]) تهذيب الكمال 8/253.
([38]) مقدمته لكتاب الفوائد المجموعة للشوكاني ص 11. وهذا الصنيع من الأئمة دليل على مدى التلازم بين المتن والإسناد ، وأن نكارة المتن يلزم منها وجود خلل في الإسناد وإن كان ظاهره الصحة، كوهم من الراوي وإن كان ثقة، إذ إن وقوع الخلل في المتن إنما هو من قِبَل رواته لا من جهة الشارع المعصوم، كما هو معلوم، فوجب البحث عن علة وإن لم تكن في الأصل قادحة تُجعل سببًا لرده.
([39]) علوم الحديث لابن الصلاح ص 61.
([40]) جامع معمر في آخر مصنف عبدالرزاق 11/154. والوسِْمة بكسر السين وتسكينها: نبت يخضب بورقه الشعر أسود. كما في النهاية في غريب الحديث 5/185، وهو صبغ يجعل الشعر أسود حالكًا كما في زاد المعاد 4/368.
([42]) رواه ابن أبي شيبة في المصنف 5/184، من طريقين صحيحين عن عبدالأعلى بن عامر قال: سألت ابن الحنفية .. وعبدالأعلى قال عنه في التقريب رقم 3732 : (صدوق يهم).
([43]) رواه ابن أبي شيبة في المصنف 5/183 بإسناد صحيح عن قيس مولى خباب قال: دخلت على الحسن والحسين وهما يخضبان بالسواد. ورواه علي بن الجعد في مسنده ح رقم (2217)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار 9/315، والطبراني رقم (2788) من طريق الشعبي قال: دخلت على الحسين بن علي وهو يحتجم في رمضان وقد اختضب بالسواد. وإسناده صحيح لغيره، ورواه معمر في الجامع كما في آخر مصنف عبدالرزاق 11/155 ، 156 عن الزهري قال: كان الحسن بن علي يخضب بالسواد، وكان الحسين بن علي يخضب بالسواد. وروى ابن جرير في تهذيب الآثار - مسند الزبير - ص 468-470 من طرق كثيرة - بعضها صحيح - أن الحسن والحسين كانا يخضبان بالسواد.
([44]) رواه ابن جرير في تهذيب الآثار - مسند ابن الزبير - ص 476 وإسناده مقبول. وهو من رواية ميمون بن زيد البصري، وقد قال عنه أبو حاتم كما في الجرح والتعديل 8/239: (لين الحديث). وذكره ابن حبان في الثقات 9/173 وقال عنه: (روى عنه عمرو بن علي وأهل البصرة، يخطيء) فمثله يُقبل منه مثل هذه الآثار المقطوعة عن التابعين، إذ هو في نفسه عدل غير متهم ، وإنما يخشى عليه الخطأ في رواية الحديث، ولهذا لينه أبو حاتم، وذكره ابن حبان في ثقاته وعرفه، وعرف سبب لينه وهو كونه يخطئ. وقد روى هذا الأثر عن عيسى بن سنان، وعيسى صدوق في نفسه فيه لين من جهة حفظه وقد ضعفه جماعة، ووثقه يحيى بن معين - في رواية - وقال العجلي : لا بأس به. وقال ابن خراش: صدوق. كما في تهذيب الكمال 2/608. وزال ما يخشى من وهمه بروايته هذا الأثر مباشرة عن علي بن عبدالله بن عباس مشاهدة، ولفظه: (كان علي بن عبدالله بن عباس معنا بالشام وكانت له لحية طويلة يخضبها بالسواد).
فالخطأ إنما يخشى عليه في روايته للحديث لا فيما يخبر به عن مشاهدة ومباشرة. فلا معنى لقول محقق تهذيب الآثار - مسند ابن الزبير - : (مقطوع ضعيف الإسناد) وإنما يصح هذا الحكم لو كان هذا الأثر حديثًا مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
([45]) انظر مقدمة ابن حبان 1/155 ، 157 في ضرورة الاعتبار لما انفرد الراوي بروايته عن الأئمة، فإن توبع متابعة تامة أو قاصرة، وإلا ثبت أن الحديث لا أصل له. والاعتبار هو هيئة التوصل للمتابعات والشواهد، وسبر طرق الحديث لمعرفتهما. والمتابعات ما جاء من طرق أخرى عاضدة عن نفس الصحابي، فإن كانت عن صحابي آخر فهي شواهد للحديث.
والمتابعات التامة ما كانت عن شيخ الراوي المنفرد بالرواية، فإن كانت عمن فوقه فهي القاصرة. انظر الباعث الحثيث ص 50-51.
([46]) رواه البخاري ، ح رقم (5899)، ومسلم ح رقم (2103)، من حديث أبي هريرة.
([47]) رواه أحمد في المسند 2/261، 499 بإسناد حسن من حديث أبي هريرة.
([48]) شرح مشكل الآثار 9/297-298.
([49]) الإصابة 4/206 ، 207.
(*) والثغامة : واحدة الثغام، وهو نبت أبيض الزهر والثمر، ويشبه به الشيب. انظر : تاج العروس (31/355).
([50]) رواه مسلم، ح رقم 2102 من حديث جابر.
([51]) المصدر السابق، وكلا الروايتين عن أبي الزبير عن جابر.
([52]) النسائي 8/185 بإسناد صحيح عن أبي الزبير عن جابر.
([53]) معمر في الجامع كما في آخر المصنف 11/154 عن ليث بن أبي سليم عن أبي الزبير. وابن أبي شيبة في المصنف 5/182 عن ابن علية عن ليث، وأحمد في المسند 3/316 ، 322. وابن ماجه، ح رقم 3624.
([54]) في المسند 3/338 عن حسن بن موسى وأحمد بن عبدالملك كلاهما قالا: ثنا زهير - قال أحمد بن عبدالملك : ثنا زهير ثنا أبو الزبير به، ولفظه : «غيروا هذا الشيب». قال حسن: قال زهير: قلت لأبي الزبير: أقال جنبوه السواد؟ قال: لا . وكذا رواه أبو داود الطيالسي في مسنده ح رقم (1753) عن زهير قال: قلت له: أحدثك جابر به؟ قال: لا ؟! وكذا هو في مسند علي بن الجعد 2/954 من طريق شبابة نا أبو خيثمة زهير بن معاوية عن أبي الزبير به بلفظ (غيروا هذا). قال زهير: فقلت لأبي الزبير: (وجنبوه السواد؟ قال: لا). فثبت برواية هؤلاء الحفاظ الأربعة (الطيالسي وحسن بن موسى وأحمد بن عبدالملك وشبابة) عن زهير بطلان هذه الزيادة وعدم صحتها من حديث أبي الزبير عن جابر.
([56]) وبهذا اعتذر د. عواد الخلف لمسلم عن تخريجه هذا الحديث عن ابن جريج معنعنًا ولم يعثر على تصريح بالسماع له من أبي الزبير في كتابه (روايات المدلسين في صحيح مسلم) ص 229، مع شدة عنايته في البحث والتحري في أطروحته هذه.
والحديث رواه من طريق ابن جريج عن أبي الزبير معنعنًا مسلم (2102) ، وأبو داود (4204)، والنسائي 8/138 ، والطحاوي في مشكل الآثار (3683)، وأبو عوانة 2/74 ، وابن حبان (5471)، والحاكم 3/244، والبيهقي 7/310 كلهم من طريق ابن وهب عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر به.
([57]) انظر تهذيب الكمال 24/279 وما بعده.
([58]) التقريب رقم (5685).
([59]) غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام ص 83 رقم 105.
([60]) وانظر حاشية شرح مشكل الآثار 9/302 ، وحاشية ابن حبان 12/285 حيث استدرك الشيخ المحقق شعيب الأرنؤوط هذا الوهم الذي وقع فيه الشيخ الألباني.
([61]) مسند الموصلي ح رقم (1819)، و المعجم الصغير للطبراني، ح رقم (474).
([62]) انظر تهذيب الكمال 2/277.
([63]) قال في التقريب رقم (2787) : (صدوق يخطئ كثيرًا).
([64]) تعريف أهل التقديس ص 119 رقم 56.
([65]) مسند أبي عوانة 2/75. وشيخه أحمد بن إبراهيم القوهستاني ذكره الخطيب في تاريخ بغداد 4/9-10 ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً عن أحد من الأئمة، ولم يزد فيه على قوله: (أحاديثه مستقيمة حسان، تدل على حفظه وتثبته)، وتوفي سنة 267 هـ، ولهذا قال عنه الذهبي في تاريخ الإسلام في وفيات هذه الطبقة، ص 39 : (وُثِّق) إذ لم يجد إلا عبارة الخطيب هذه وليست نصًا في توثيقه، بل هي وصف لحال أحاديثه بعد سبرها. وقول الخطيب عنها (حسان) أي غرائب ؛ لأنها تستحسن أكثر من المشهور والمعروف كما هو اصطلاح المحدثين قديمًا. انظر الجامع لأخلاق الراوي 2/101، وأدب الإملاء 2/308 ولا شك أن هذا من حسان حديثه وغرائبه !!
([66]) انظر روايات المدلسين في صحيح مسلم ص 323 وص 358. ولم يعثر الباحث د. عواد الخلف على تصريح له بالسماع من جابر في هذا الحديث، واكتفى بالاحتجاج بتخريج ابن حبان له في صحيحه، بدعوى أنه لا يخرج من حديث المدلسين إلا ما صرح فيه بالسماع، مع أن هذا حكم أغلبي، فقد يظن ابن حبان صحة تصريح بعض الرواة بالسماع ويكون وهمًا من الراوي.
([67]) انظر روايات المدلسين ص 229 حيث لم يقف المؤلف على تصريح بالسماع هنا.
([68]) انظر الكامل في الضعفاء 4/202 وحاشية تهذيب الكمال 16/283.
([69]) رواه البيهقي 7/311.
([70]) الكامل في الضعفاء 5/291.
([71]) تهذيب التهذيب 6/339.
([72]) تهذيب التهذيب 6/338 ، ولفظ كتاب المجروحين 2/136 : (غلب عليه التقشف حتى كان لا يدري ما يحدث به . . . ومن حدث على الحسبان وروى على التوهم حتى كثر ذلك منه سقط الاحتجاج به وإن كان فاضلاً في نفسه).
([73]) انظر مجمع البحرين 7/190، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 5/161 : (فيه داود بن فراهيج، وثقه يحيى وغيره، وضعفه جماعة، وفيه من لم أعرفهم).
([74]) الجرح والتعديل 3/422.
([75]) رواه أحمد 3/160 ، والموصلي رقم (2831) ، وابن حبان 12/286، والحاكم 3/244 وقال: على شرط الشيخين - ولم يذكر هذا اللفظ - كلهم عن محمد بن سلمة عن هشام عن ابن سيرين، به. وقد قال الشيخ الألباني في الصحيحة، ح رقم (496): (إسناد صحيح على شرط مسلم).
([76]) تعريف أهل التقديس ص 157 رقم 110.
([77]) مقدمة تعريف أهل التقديس ص 63.
([78]) البخاري ، ح رقم (5895) مختصرًا، ومسلم ، ح رقم (23411)، وأحمد في المسند (3/227) واللفظ له.
([79]) رواه البخاري ، ح رقم (5894)، ومسلم (2341).
([80]) مسلم، ح رقم (2341)، وأحمد 3/206 . وكذا رواه الحنَّائي في فوائده جزء 5 رقم 6 من طريق وهببن جرير ثنا هشام، بن حسان به. كما رواه الجماعة، وليس فيه هذه الزيادة.
([81]) المصنف 5/183. وإسناده صحيح.
([83]) قد روى هذا الحديث عن أنس مختصرًا ومطولاً بدون هذه الزيادة : قتادة، وثابت البُناني، وحميد الطويل، وموسى بن أنس، انظر: المسند الجامع، بشار عواد 2/134-138.
([84]) أحمد في المسند 3/247 ، والطبراني في الأوسط، كما في مجمع البحرين 7/189 وقال: (لم يروه عن سعد إلا ابن لهيعة).
([85]) انظر ميزان الاعتدال 2/475-483.
([86]) تعريف أهل التقديس ص 177 رقم 140.
([87]) انظر : المقدمة ص 63.
([88]) رواه ابن سعد 6/8، والطحاوي في شرح المشكل 9/302. وإسناده ضعيف لعنعنة المحاربي وهو مدلس.
([89]) سيرة ابن هشام 4/84 ، وأحمد في المسند 6/349 - 350، والطبراني 24/89، وابن حبان 16/187 - 188، والحاكم 3/46، وقال: صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه. وقال الشيخ الألباني في الصحيحة 1/815: (إسناده حسن).
([90]) التقريب، رقم (3999).
([91]) رواه الحارث بن أبي أسامة - كما في بغية الباحث - ح رقم (581).
([92]) منتخب كنـز العمال بهامش مسند أحمد 5/239 وعزاه إلى (عب) أي عبدالرزاق في الجامع لمعمر، والجامع مطبوع جزء منه في آخر المصنف، وليس هذا الحديث فيه، فالظاهر أنه في الأجزاء المفقودة من جامع معمر رواية عبدالرزاق.
([93]) الجرح والتعديل 6/83 ، وانظر تهذيب الكمال 14/130-131.
([95]) انظر تهذيب الكمال 14/129.
([96]) الجامع - مصنف عبدالرزاق - 11/154-155.
([98]) كنـز العمال 6/688.
([99]) انظر شرح علل الترمذي 2/762 فيمن ضُعف حديثه في بعض الأماكن دون بعض ، فذكر معمر بن راشد إذ حدث في البصرة ولم تكن كتبه معه فخلط في حديثه ، وهذا الحديث منها بلا شك.
([100]) ابن سعد 3/142 ، ونافع من علماء التابعين في المدينة من شيوخ الزهري. انظر تهذيب الكمال 29/274.
([101]) مصنف ابن أبي شيبة 5/183، وانظر تهذيب الكمال 29/275.
([102]) رواه ابن سعد1/340عن عبدالوهاب بن عطاء عن ابن جريج.وإسناده حسن إلا أنه مرسل.
([103]) جامع معمر في آخر مصنف عبدالرزاق 11/154.
([104]) البخاري مع الفتح 10/354.
([105]) جامع معمر 11/155 قال معمر: رأيت الزهري يغلف بالسواد.
([106]) رواه الحاكم في المستدرك 3/496. وانظر الفتح 10/354، وشرح السنة 12/94.
([107]) ابن سعد 4/256، وابن أبي شيبة 5/184، والطحاوي في شرح المشكل 9/314، وابن جرير في تهذيب الآثار - مسند الزبير - ص 473، وابن عبدالبر في التمهيد 21/85، كلهم من طرق عن الليث بن سعد وابن لهيعة عن أبي عشانة، قال: كان عقبة بن عامر يخضب بالسواد ويقول:
نسود أعلاها وتأبى أصولها ولا خير في الأعلى إذا فسد الأصل
وهذا إسناد صحيح. قال ابن عبدالبر: هو بيت محفوظ له. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 5/162: (رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح خلا أبا عشانة وهو ثقة). وكذا رواه ابن جرير أيضًا ص 474 من طريق آخر عن عقبة وهو حسن في المتابعات.
([108]) انظر فتح الباري 10/354 ، ومجمع الزوائد 5/162.
([109]) مستدرك الحاكم 3/454 ، والبيهقي 7/311 من طريقين مختلفين، وفـي رواية الحاكم: أنه دخل على عمر بن الخطاب وقد خضب لحيته بالسواد فلم يعب ذلك عليه، وفـي رواية البيهقي أنه عزم عليه أن يغسله. وكلا الروايتين في القوة سواء. وانظر مجمع الزوائد 5/162.
([110]) انظر ما سبق عن الحسن والحسين، وأيضًا شرح السنة 12/94، وفتح الباري 10/354. وأيضًا التمهيد 21/83-85، ومجمع الزوائد 5/162-163.
([111]) الموطأ 2/950 ، وإنما ذكرت قول مالك هنا لفائدته الحديثية، وهو أن الاستثناء أو النهي عن السواد غير معلوم لدى أهل المدينة ولم يسمع به إمام دار الهجرة، مع أن أبا هريرة وجابرًا وأسماء من أهل المدينة، بل كانوا يستحبون الصبغ بالسواد كما قال الزهري. ولست بصدد بحث آراء الفقهاء وعرضها في هذه المسألة، وإنما أذكر من أقوالهم ما يفيد الدراسة الحديثية.
([112]) رواه البخاري رقم (3462) و (5899)، ومسلم رقم (2103).
([113]) رواه الترمذي رقم (1752) وقال: (حسن صحيح)، وأحمد 2/229، 356، 387.
([114]) رواه أحمد في المسند 2/261، 499، وصححه ابن حبان 12/287.
([115]) رواه البخاري ح رقم (5899)، ومسلم (2103).
([116]) رواه الطحاوي في المشكل 9/289، والطبراني في الأوسط رقم (1252). واختلف فيه وصلاً وإرسالاً.
([117]) رواه ابن أبي شيبة في المصنف 5/183 وابن جرير في تهذيب الآثار - مسند الزبير - ح رقم (894) عن أبي سلمة بن عبدالرحمن بن عوف، بإسناد صحيح. ورواه ابن أبي شيبة 5/183 عن نافع بن جبير، وفـي إسناده عبدالله بن عبدالرحمن بن موهب المدني. قال الحافظ في اللسان 3/803: (ضعفه يحيى بن معين، وذكره ابن حبان في الثقات)، إلا أنه هو الراوي عن نافع هنا مباشرة حيث قال: (رأيت نافع بن جبير يختضب بالسواد) فزال ما يخشى عليه من الوهم في الرواية، إذ لم يخرج عن حد العدالة وإن كان ضعيفًا في الرواية ، ولهذا ذكره ابن حبان في الثقات.
([118]) الفتح 10/354 و 6/499.
([119]) ابن سعد في الطبقات 1/340.
([120]) التقريب رقم (6471).
([121]) الجرح والتعديل 6/239، وتهذيب الكمال 22/71.
([123]) التقريب رقم (3999).
([124]) التقريب رقم (5685).
([126]) الجرح والتعديل 8/142.
([127]) رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده - كما في بغية الباحث - ح رقم (580).
([128]) غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام ص 84 ح رقم (106).
([130]) انظر شرح مشكل الآثار 9/314، والموضوعات لابن الجوزي 3/55، وفتح الباري 10/354-355.
([131]) ابن أبي شيبة في المصنف 5/184.
([132]) التقريب رقم (7020).
([133]) ابن أبي شيبة في المصنف 5/184، وابن سعد في الطبقات 1/341 من طرق عن عبدالملك بن أبي سليمان عنه، وإسناده صحيح.
([134]) انظر هذه الدراسة ص 21-22.
([135]) كما في مصنف ابن أبي شيبة 5/184، ومصنف عبدالرزاق 11/155 بأسانيد صحيحة عنه.
([136]) رواه ابن أبي شيبة في المصنف 5/184 وإسناده صحيح.
([137]) مصنف عبدالرزاق 11/156 عن معمر أن رجلاً سأل فرقدًا السبخي.
([138]) التقريب رقم (5384).
([139]) ابن أبي شيبة في المصنف 5/183 بإسناد صحيح عنه. وكذا رواه ابن جرير - مسند الزبير - ص 478 من ثلاثة طرق عنه.
([140]) ابن جرير في تهذيب الآثار مسند الزبير ص 479 بإسناد حسن.
([141]) المصدر السابق ص 481 بإسناد صحيح.
([142]) ابن أبي شيبة في المصنف 5/183، وابن جرير ح رقم (873) و (866) و (896) و (897) و (883)، بأسانيد صحيحة عنهم جميعًا.
([143]) تهذيب الآثار - مسند الزبير - ص 518.
([145]) زاد المعاد 4/368.
([146]) رواه ابن سعد في الطبقات 8/353 عن هشام الطيالسي وعارم بن الفضل، وابن جرير في تهذيب الآثار ح رقم (856) من طريق يزيد بن هارون، ثلاثتهم عن حماد بن سلمة، قال: أخبرتنا أم شبيب، قالت: سألنا عائشة ، وهذا إسناد مسلسل بالأئمة الحفاظ. وأم شبيب هذه هي العبدية البصرية. ذكرها ابن سعد في طبقاته في التابعيات اللائي روين عن أمهات المؤمنين، وأورد لها حديثها هذا عن عائشة، ورواية حماد بن سلمة عنها تقوي حالها فيقبل منها مثل هذه الآثار الموقوفة.
([147]) رواه معمر في جامعه - كما في آخر مصنف عبدالرزاق 11/155 - عن قتادة به، وهذا إسناد صحيح، مسلسل بالأئمة الحفاظ.
([148]) انظر كلام العراقي على هذه المسألة في التقييد والإيضاح ص 54.
([149]) انظر فتح الباري 10/355.