كشف الأستار عن شبهات الحوار
رداً على ما كتبه خليل حيدر
في صحيفة الوطن
2-5
بقلم د. حاكم المطيري
الأمين العام للحركة السلفية
صحيفة الرأي العام 9/3/2004
ثالثا: تتجلى مشكلة الأستاذ حيدر في أنه يحب ممارسة هواية (الكتابة) باستخدام طريقة (القص واللصق) فليس له في عامة مقالاته فكرة واضحة أو رأي أصيل بل يقتات من أجل الاستمرار في ممارسة هوايته على ما كتبه الآخرون ومن ثم أصبح يمارس هذه الهواية كهدف في حد ذاته يشبع به رغباته (الهوائية) بغض النظر عما يقع فيها من تناقض وتهافت وفقدان للموضوعية والأمانة العلمية! لقد زج حيدر باسم حاكم المطيري في حوار من ست حلقات ليكتشف القراء بان تسعين في المئة من الحوار لا علاقة لحاكم المطيري به إلا سوء الطالع حين وقع اختيار حيدر على موضوع (الحوار السلفي الأميركي) ليمارس من خلاله هوايته ويملأ به زاويته في صحيفة «الوطن» فقد كان جل الحوار بل كله مع غير حاكم المطيري!لقد كتب حيدر في الحلقة الأولى ثمانين سطرا وثمانمائة كلمة في نصف صفحة لم ينقل سوى ثلاث عبارات من كلامي كان باستطاعته لولا العي أن ينقدها في ثمانية أسطر لا ثمانمائة سطر!!
لقد ذكر حيدر في المقال الأول الإخوان المسلمين والسلفيين وطالبان والجهاد الإسلامي وحزب التحرير وحزب الله والجماعة الإسلامية ثم ذكر الطوائف السنة والشيعة ثم عرج على الدول فذكر مصر وباكستان واندونيسيا والشام والخليج وفلسطين والكويت… الخ ثم لم ينس الشعوب فذكر الإيرانيين والمصريين والعراقيين والفرنسيين والروس والأسبان والأتراك والخليجيين والإيطاليين... الخ؟! ثم تذكر حيدر فجأة أنه يرد في هذا المقال على حاكم فقال (ونعود هنا مرة أخرى إلى ما قاله حاكم المطيري) ولا ادري ما هي مشكلة حيدر بالضبط فهل يريد أن يحاكم كل تلك الطوائف والحركات بسببي أم يريد محاكمتي بجريرة تلك الحركات؟ وما علاقتي أنا والحركة السلفية بكل هذا الحديث الممل الذي لا يفتأ حيدر يكرره في كل مقالاته عن الحركات الإسلامية؟ كما نقل في الحلقة الثانية عبارات مطولة لمرشدي حركة الإخوان المسلمين كمصطفى مشهور وعمر التلمساني وحامد أبو النصر ولبعض الإسلاميين الآخرين كعبدالله علي المطوع والشيخ محمد العثيمين والناطق باسم التجمع السلفي سالم الناشي وناظم المسباح ... الخ ثم في آخر المقال تذكر أنه يحاور حاكم المطيري فجاء بعبارات لي مسخها من سياقها كعادته حتى لم تعد تمت لي بأدنى صلة فصار الحوار كله مع غيري؟!
لن أراجع مدى أمانة النقل في عبارات أولئك الشيوخ وسأفترض جدلا ـ وإن كان مثل هذا الافتراض مستحيلا غير داخل في حيز الإمكان ـ أن الأستاذ حيدر اخطأ ولو مرة واحدة فالتزم بالأمانة العلمية بلا قصد منه!ولم يحرف في تلك العبارات وهو خطأ منه غير مقصود بلا شك! سأفترض كل ذلك جدلا فما دخل حاكم المطيري والحركة السلفية بتلك الأقوال؟ وهل يريد حيدر أن يحاورني بأقوال الآخرين؟ وهل يعقل أن يجادلني بآراء المخالفين؟ ما الذي يريد حيدر أن يقوله للقراء في حواره مع حاكم المطيري؟ إن كان يريد إثبات أن المطيري لا يؤمن بالتعددية السياسية ولا بالتداول السلمي للسلطة ولا بحق الشعوب في حكم نفسها وحقها في اختيار حكوماتها كما يزعم فالواجب على حيدر أن يقتصر على العبارات التي تؤكد هذه التهمة من مقالات حاكم نفسه لا من عبارات غيره من الإسلاميين ـ الذين قد يخالفون المطيري في هذا الموضوع جملة وتفصيلا ـ كما فعل حيدر عندما لم يجد أي عبارة يستطيع بها إثبات هذا الاتهام ضد حاكم فأخذ يؤكده بعبارات سالم الناشي وناظم المسباح!
وإن كان حيدر يريد إثبات أن من الإسلاميين من يرفض التعددية السياسية ويرفض حق الشعوب في اختيار حكوماتها فليحاورهم حيدر كما يشاء لا أن يحاور حاكم في أشهر قضية دعا إليها منذ أن أصبح أمينا عاما للحركة السلفية بأقوال من خالفوه فيها؟!
إن ما يمارسه حيدر هو ضرب من العبث لا يمت إلى الحوار بأدنى نسب فالواجب أن يحاورني فيما قلت لا فيما لم أقل! وأن يجادلني في آرائي لا في آراء الآخرين الذين قد يخالفونني الرأي! وأن يحاكمني إلى صريح ألفاظي لا أن يبترها أو يخترع لها معنى لم يخطر لي على بال ثم يحاورني فيما أخطأ هو في فهمه لا فيما هو معنى كلامي؟!
لقد بدا تناقض حيدر في حواره معي واضحا جليا فأكد حيدر للقراء أن حاكم لا يؤمن بالحرية ولا بالتعددية بل ويميل إلى الاستبداد بل وتأييد نظام هتلر!
وفي الحلقة الثانية أخذ حيدر يورد من عبارات بعض الإسلاميين ما يثبت به أن دعوة حاكم المطيري إلى التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة مرفوضة من قبل الإسلاميين أنفسهم وليس لها أي مرجعية فقهية إسلامية؟ بل وأشد من ذلك أنه بعد أن أثبت للقراء بأن الحركة السلفية لم تدع إلى الديمقراطية ـ أي حكم الشعب ـ وتجاهلتها برمتها إذا به يقول في آخر الحلقة الثانية من حواره (والواضح لي أن ما ورد في الرؤية الإصلاحية للحركة السلفية وما ورد في لقاء السيد أمين الحركة ما هو إلا تكرار لبعض مطالب الحركة السياسية الكويتية بمختلف توجهاتها منذ أن بدأت الحياة النيابية) وقال أيضا (يبدو أن المرجعية لمثل هذه المطالب الواردة في بيان الحركة السلفية لإصلاح الحياة النيابية في الكويت وإشاعة التعددية الحزبية في البلاد وفي العالم العربي ليست إسلامية بالضرورة بقدر ما هي التوجهات الديمقراطية وتجارب البلدان الأوروبية التي عاش فيها حاكم المطيري نفسه فترة الدراسة)؟
لقد اعترف حيدر أخيرا كما اعترف في الحلقة الأولى من (الحوار السلفي ـ الأمريكي) بان الحركة السلفية قد طالبات في رؤيتها الإصلاحية (بإقرار مبدأ التعددية السياسية وحق الشعب الكويتي في اختيار حكومته وإقرار حق إشهار الأحزاب وجعل الكويت دائرة واحدة وتخفيض سن الناخب وإلغاء قانون التجمعات وتعديل قانون المطبوعات وفتح المجال أمام إشهار جمعيات النفع العام) مع أنه اتهم الحركة قبل ذلك بأنها لم تطرح أي رؤية ديمقراطية حيث قال في نفس المقال (الحوار السلفي الأمريكي) 21/1/2004: (اللافت للنظر أن الحركة السلفية قد تجنبت حتى استخدام كلمة الديمقراطية في البيان الذي تضمن أهدافها ونشر تحت الرؤية الإصلاحية وبينما طالبت الحركة الجميع بتبني هذه الرؤية فان الحركة لم تطرح رؤية ديمقراطية للكويت ومنطقة دول مجلس التعاون وتحاشت تماما استخدام كلمة الديمقراطية)؟! وقال أيضا في الحلقة السادسة: (فالحركة السلفية تتجاهل الديمقراطية برمتها وقد أجمع العالم العربي على ضرورتها للنهضة والتقدم)؟؟ فإن لم يكن هذا تناقض بين أول كلامه وآخره فليس في الدنيا تناقض!
أقول اعترف الأستاذ حيدر أخيرا بأن الحركة طالبت بالتعددية السياسية... الخ إلا إنه عاب عليها أنها طالبت بكل ذلك (في إطار ما اعتبرته المرجعية الإسلامية.. والمعروف أن المرجعية الإسلامية التي تشير إليها الحركة السلفية تتضمن كذلك حركة طالبان وسياستها في أفغانستان والتجربة السودانية) انتهى اعتراض حيدر على عبارة (المرجعية الإسلامية) الواردة في الرؤية الإصلاحية للحركة السلفية وتبرع مشكورا بتفسير كلمة المرجعية وأنها تتضمن ـ كما هو معروف عند حيدر ـ ممارسات حركة طالبان وتجربة حكومة السودان؟ وهذا التفسير إن دل على شيء فإنما يدل على مدى ما يتمتع به حيدر من ظرف ودعابة وروح فكاهة فقد أصبحت ممارسات الحكومة السودانية وممارسات حركة طالبان الأفغانية ضمن المرجعية الإسلامية التي يجب الالتزام بها كما في كتاب (الحاشية الحيدرية) على رؤية الحركة السلفية!
ولست أعجب من جرأة الأستاذ حيدر على ركوب مثل هذا الشطط في تفسير وفهم كلام مخالفيه وإنما أعجب من سعة خياله وقدرته على الاختراع وإلا فهل يخطر على بال أحد يعرف أبجديات الفكر السلفي مثل هذا التصور فضلا عمن يدعي أنه متخصص في فكر الحركات الإسلامية؟!
أقول لا يحتاج حيدر إلى تفسير معنى كلمة (المرجعية الإسلامية) الواردة في الرؤية الإصلاحية للحركة السلفية لأن الرؤية نفسها تضمنت في أول باب منها فصلا عن المجال التشريعي وضرورة إصلاحه بتحديد المرجعية التي تتمثل في الشريعة الإسلامية وتفعيل المادة الدستورية التي تنص على أن دين الدولة الإسلام والشريعة مصدر رئيسي للتشريع ولو لم تتضمن الرؤية شيئا من ذلك لكان الواجب يقتضي أن يرجع حيدر لأدبيات الحركة السلفية لمعرفة معنى كلمة (المرجعية الإسلامية) بدلا من الاجتهاد في تفسيرها على نحو لا يقول به أي مسلم فضلا عن حركة سلفية تؤمن بأن المرجعية التي يجب التحاكم إليها هي الشريعة الإسلامية (الكتاب والسنة) لا آراء العلماء ولا أقوال الفقهاء، دع عنك ممارسات حركة طالبان وسياسات حكومة السودان! فهل أخطأت عندما وصفت كتابات حيدر بأنها تفتقد الحد الأدنى من الموضوعية والمصداقية؟ وللحديث بقية