المحافظة على الهوية الإسلامية
في ضوء السنة النبوية
(النهي عن التشبه بالمشركين وأهل الكتاب نموذجا)
د. حاكم المطيري
كلية الشريعة
جامعة الكويت
2009
بحث محكم بمجلة الشريعة ـ كلية الشريعة ـ جامعة الكويت العدد 45
ملخص البحث
هذا البحث جمع ودراسة للأحاديث النبوية التي نهت عن التشبه بالمشركين عامة وأهل الكتاب خاصة للمحافظة على الهوية الإسلامية، والشخصية الاجتماعية للأمة، وحماية خصوصيتها الدينية والثقافية، والأخلاقية، وقد جاءت الدراسة في مقدمة وثلاثة فصول وهي :
1 ـ المقدمة في تعريف الهوية وتعريف التشبه وحكمه والحكمة من النهي عنه.
2 ـ الفصل الأول في الأحاديث النبوية الواردة في هذه القضية.
3 ـ والفصل الثاني فيما جاء عن الصحابة في هذا الباب .
4 ـ والفصل الثالث في أحكام التشبه واختلاف صوره .
الحمد لله رب العالمين وصل اللهم على نبيك الكريم محمد النبي الأمي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فقد جاء الإسلام دينا كاملا، وهديا شاملا، ونهجا عادلا، وأمر المؤمنين أن يكونوا أمة وسطا كما قال تعالى{وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس} [آل عمران 143]، وأن يكونوا على صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين {اهدنا الصراط المستقيم}[الفاتحة 6] لا يشابه هديهم هدي الأمم الأخرى، ولا يتشبهون بهم، لتتحقق بهم الشهادة على الأمم، ولتظهر بهم حجة الله على الخلق أجمعين، كما قال تعالى {كنتم خير أمة أخرجت للناس}[آل عمران 110] ولا يكون ذلك إلا بتميزهم عن كل أمم الأرض، واختصاصهم بهديهم وسمتهم الخاص بهم، الذي اختاره الله لهم، ولتحقيق تميزهم عن غيرهم من الأمم الأخرى من المشركين وأهل الكتاب جاءت الشريعة المطهرة والسنة المشرفة بالمنع من تشبه المسلمين بغيرهم من جهة، والأمر بمخالفة طرائقهم من جهة أخرى، ولهذا جاءت الأحاديث النبوية المؤكدة لهذا الأصل الإيماني العظيم للمحافظة على هوية المجتمع الإيماني، ونظامه الرباني القرآني، وقد جاء هذا البحث لبيان هذه القضية الإيمانية العلمية والعملية في ضوء السنة النبوية، مع بيان كلام الأئمة الأعلام في هذه القضية، وقد قمنا بجمع الأحاديث النبوية والآثار عن السلف الواردة في هذا الباب، مع دراستها دراسة حديثية، وبيان ما يستفاد منها من أحكام، وقد تم تقسيم البحث إلى :
المقدمة : في تعريف الهوية وتعريف التشبه وحكمه والحكمة من منعه:
الفصل الأول: الأحاديث النبوية في المنع من التشبه بالمشركين وأهل الكتاب:
الفصل الثالث : فيما نهى عنه السلف من التشبه حملا على عموم النصوص أو قياسا على ما ورد فيه النص :
المقدمة : تعريف الهوية وتعريف التشبه وحكمه والحكمة من منعه :
تعريف الهوية :
لغة : الهوية بضم الهاء وكسر الواو وتشديد الياء المفتوحة نسبة مصدرية للفظ (هو) وهي استعمال حادث .
أما الهوية بفتح الهاء فهي البئر البعيدة المهواة، والموضع الذي يهوي ويسقط من وقف عليه، والمرأة التي لا تزال تهوى. [1]
واصطلاحا :
عرفها الجرجاني فقال ( الحقيقة المطلقة المشتملة على الحقائق اشتمال النواة على الشجرة). [2]
وقال الكفومي بأن الهوية تطلق على ثلاثة معان : التشخص والشخص نفسه والوجود الخارجي.
ونقل عن بعضهم قوله عن الهوية (ما به الشيء هو هو باعتبار تحققه يسمى حقيقة وذاتا وباعتبار تشخصه يسمى هوية وإذا أخذ أعم من هذا يسمى ماهية). [3]
ويمكن القول بأن الهوية هي حقيقة الشيء وصفاتها التي يتميز بها عن غيره، وتظهر بها شخصيته، ويعرف بها عند السؤال عنه بما هو ؟ أو ما هي؟
وتقوم هوية كل أمة على ما تتميز به عن غيرها من الأمم كدينها ولغتها وقوميتها وتراثها. [4]
وعليه فالهوية الإسلامية هي كل ما يميز المسلمين عن غيرهم من الأمم الأخرى، وقوام هويتهم هو الإسلام بعقيدته وشريعته وآدابه ولغته وتاريخه وحضارته المشتركة بين كل شعوبه على اختلاف قومياتها.
تعريف التشبه وحقيقته:
التشبه : صيغة تفعل وهذه الصيغة تدل في الغالب على تكلف فعل الشيء [5] كتحلم أي تكلف سجية الحلم، حتى صار حليما، وتعلم أي تكلف طلب العلم حتى صار عالما.
فالتشبه تكلف مشابهة الشيء حتى يكون مثله وشبهه ومساويا له، قال في اللسان (الشبه والشبيه المثل، والجمع أشباه، وأشبه الشيء الشيء ماثله .. والمتشابهات المتماثلات، وتشبه فلان بكذا، والتشبيه التمثيل.. التشابه الذي هو بمعنى الاستواء). [6]
وقال ابن أبي حديد شارحا معنى الأمر بالتحلم والتشبه وأنه يقتضي التكلف حتى يصبح طبعا بعد حين (التحلم تكلف الحلم، والذي قاله عليه السلام صحيح في مناهج الحكمة، وذلك لأن من تشبه بقوم وتكلف التخلق بأخلاقهم، والتأدب بآدابهم، واستمر على ذلك ومرن عليه الزمان الطويل، اكتسب رياضه قوية، وملكة تامة، وصار ذلك التكلف كالطبع له، وانتقل عن الخلق الأول). [7]
ويشترط لثبوت حقيقة التشبه شرطان :
الأول : القصد والإرادة لتقليد المتشبه به.
الثاني :التكرار والمداومة على الفعل المقصود التشبه به فيه، ليصدق على صاحبه أنه تشبه وماثل من يتشبه بهم في الشكل أو الفعل.
وعليه لا يدخل في حقيقة التشبه من فعل الشيء اتفاقا ومصادفة بلا قصد تقليد غيره حتى وإن داوم عليه، كما لا يدخل فيه ما يفعله أحيانا بلا تكرار ولا مداومة.
قال شيخ الإسلام (والتشبه يعم من فعل الشيء لأجل أنهم فعلوه وهو نادر، ومن تبع غيره في فعل لغرض له في ذلك، إذا كان أصل الفعل مأخوذا عن ذلك الغير، فأما من فعل الشيء واتفق أن الغير فعله أيضا ولم يأخذه أحدهما عن صاحبه، ففي كون هذا تشبها نظر، لكن قد ينهى عن هذا لئلا يكون ذريعة إلى التشبه، ولما فيه من المخالفة، كما أمر بصبغ اللحى وإعفائها وإحفاء الشوارب، مع أن قوله صلى الله عليه و سلم (غيروا الشيب ولا تشبهوا باليهود) [8] دليل على أن التشبه بهم يحصل بغير قصد منا ولا فعل، بل بمجرد ترك تغيير ما خلق فينا، وهذا أبلغ من الموافقة الفعلية الاتفاقية). [9]
وهنا يلاحظ فرق دقيق وملحظ مهم بين التشبه الذي هو تكلف فعل ما تقليدا للغير، والمخالفة للغير فيما يقع عادة للجميع اتفاقا، فالأول وهو التشبه يكون من باب المنهيات التي يجب أو ينبغي تركها والكف عنها، ويصدق على من فعلها بأنه تشبه بغيره، والثاني وهو المخالفة يكون من باب المأمورات التي ينبغي فعلها حسب الاستطاعة بقصد التميز عن غيره.
وقال رشيد رضا (ومن أخذ الحكم من حديث (من تشبه بقوم فهو منهم) [10] جزم بأن القصد في المحاكاة داخل في معنى التشبه ؛ لأن صيغة التفعل تدل على ذلك، وأن معناه من تكلف أن يكون شبيهًا بقوم في شيء بتكرار محاكاتهم فيه؛ انتهى التشبه به إلى أن يكون مثلهم في ذلك الشيء، والحديث لا يدل على ذم التشبه في كل شيء، ولا على مدحه في كل شيء، ولا على أن المتشبه بقوم في شيء يكون مثلهم في جميع الأشياء).[11]
أنواع التشبه:
والتشبه قد يكون بالاقتداء بالمتشبه بهم في أفعالهم كعباداتهم وعاداتهم، أو التخلق بأخلاقهم وطبائعهم، أو بالمحاكاة لهم في هيئاتهم وأشكالهم.
قال ابن عبد البر (روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (من تشبه بقوم فهو منهم أو حشر معهم) [12] فقيل من تشبه بهم في أفعالهم، وقيل من تشبه بهم في هيئاتهم). [13]
وقال المناوي ((من تشبه بقوم) أي تزيا في ظاهره بزيهم، وفي تعرفه بفعلهم، وفي تخلقه بخلقهم، وسار بسيرتهم وهديهم، في ملبسهم وبعض أفعالهم، أي وكان التشبه بحق قد طابق فيه الظاهر الباطن، (فهو منهم) وقال بعضهم : قد يقع التشبه في أمور قلبية من الاعتقادات وإرادات، وأمور خارجية من أقوال وأفعال، قد تكون عبادات، وقد تكون عادات، في نحو طعام ولباس ومسكن ونكاح واجتماع وافتراق وسفر وإقامة وركوب وغيرها). [14]
وقال الملا علي القاري(قال رسول الله (من تشبه بقوم) قال الطيبي : هذا عام في الخَلق والخُلق والشعار، ولما كان الشعار أظهر في الشبه ذكر في هذا الباب، قلت بل الشعار هو المراد بالتشبه لا غير، فإن الخلق الصوري لا يتصور فيه التشبه، والخلق المعنوي لا يقال فيه التشبه بل هو التخلق).[15]
والصحيح أن التشبه عام لذلك كله كما قال الطيبي، سواء من حيث الدلالة اللغوية أو الشرعية، أما في الخلق المعنوي وهو التخلق فكما في البيت المشهور لرؤبة بن العجاج وهو ممن يحتج برجزه:
بأبه اقتدى عدي في الكرم ومن يشابه أبه فما ظلم [16]
أي شابهه في التخلق بخلق الجود والكرم، وأما الخلق الصوري فيكون التشبه فيه فيما يمكن حدوث التغيير فيه كقطع أو صبغ شيء من الجلد أو الظفر أو الشعر، وبعض الأحاديث الواردة في المنع من التشبه هي أصلا في أشياء صورية مادية كما سيأتي بيانه.
الحكمة من منع التشبه :
والحكم التي شرع من أجلها المنع من التشبه كثيرة منها :
أولا : أن الشارع أمر بمجانبة سبيل المشركين كله، وحذر الوقوع فيما وقعوا فيه، وفي التشبه بشيء من أحوالهم ما قد يفضي إلى اتباع سبيلهم والركون والميل إليهم، ومن حام حول الحمى أوشك أن يقع فيه، كما قال تعالى {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار}[هود 113] .
قال ابن عاشور (الركون: الميل والموافقة، ولعله مشتق من الركن ـ بضم فسكون ـ وهو الجنب، لأن المائل يدني جنبه إلى الشيء الممال إليه، وهو هنا مستعار للموافق، فبعد أن نهاهم عن الطغيان نهاهم عن التقارب من المشركين لئلا يضلوهم ويزلوهم عن الإسلام). [17]
ثانيا : أن التشبه بهم لا يكون عادة إلا بسبب حبهم أو تعظيمهم واستحسان أحوالهم وكل ذلك ممنوع شرعا، ولهذا أمر الله المؤمنين باقتداء آثار المهتدين من النبيين كما قال تعالى{أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده}[الأنعام 90].
ثالثا: أن التشبه الظاهري بهم، قد يفضي إلى التوافق القلبي والانجذاب الروحي إليه، الذي قد يصل إلى حد الشرك، قال شيخ الإسلام (نهى صلى الله عليه وسلم عن التشبه بأهل الكتاب في أحاديث كثيرة مثل قوله (إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم)(إن اليهود لا يصلون في نعالهم فخالفوهم), وقوله صلى الله عليه وسلم في عاشوراء(لئن عشت إلى قابل لأصومن التاسع), وقال في موضع (لا تشبهوا بالأعاجم) وقال فيما رواه الترمذي(ليس منا من تشبه بغيرنا), حتى قال حذيفة بن اليمان (من تشبه بقوم فهو منهم) , وما ذاك إلا; لأن المشابهة في بعض الهدى الظاهر يوجب المقاربة، ونوعا من المناسبة يفضي إلى المشاركة في خصائصهم التي انفردوا بها عن المسلمين والعرب، وذلك يجر إلى فساد عريض).[18]
وقال ابن القيم (نهى عن التشبه بأهل الكتاب في أحاديث كثيرة وسر ذلك أن المشابهة في الهدي الظاهر ذريعة إلى الموافقة في القصد والعمل). [19]
وقال أيضا (ونهى عن التشبه بأهل الكتاب وغيرهم من الكفار في مواضع كثيرة لأن المشابهة الظاهرة ذريعة إلى الموافقة الباطنة فإنه إذا أشبه الهدي الهدي أشبه القلب القلب) وقد قال (خالف هدينا هدي الكفار) وفي المسند مرفوعا (من تشبه بقوم فهو منهم)). [20]
وقال المناوي (وبين الظاهر والباطن ارتباط ومناسبة وقد بعث الله المصطفى صلى الله عليه وسلم بالحكمة التي هي سنة وهي الشرعة والمنهاج الذي شرعه له فكان مما شرعه له من الأقوال والأفعال ما يباين سبيل المغضوب عليهم والضالين فأمر بمخالفتهم في الهدى الظاهر في هذا الحديث وإن لم يظهر فيه مفسدة لأمور منها أن المشاركة في الهدى في الظاهر تؤثر تناسبا وتشاكلا بين المتشابهين تعود إلى موافقة ما في الأخلاق والأعمال وهذا أمر محسوس فإن لابس ثياب العلماء مثلا يجد من نفسه نوع انضمام إليهم ولابس ثياب الجند المقاتلة مثلا يجد من نفسه نوع تخلق بأخلاقهم وتصير طبيعته منقادة لذلك إلا أن يمنعه مانع ومنها أن المخالفة في الهدى الظاهر توجب مباينة ومفارقة توجب الانقطاع عن موجبات الغضب وأسباب الضلال والانعطاف على أهل الهدى والرضوان ومنها أن مشاركتهم في الهدى للظاهر توجب الاختلاط الظاهر حتى يرتفع التمييز ظاهرا بين المهدبين المرضيين وبين المغضوب عليهم والضالين). [21]
رابعا : المحافظة على الهوية الإسلامية والشخصية الإيمانية القرآنية، لتكون وسطا وشاهدا عدلا على الأمم كلها، قال رشيد رضا (والحكمة في هذه المخالفة أن يكون للأمة الإسلامية التي كانت تتكون في ذلك العهد مقومات ومشخصات ذاتية تمتاز بها عن سائر الأمم ، فتجعل نفسها تابعة لا متبوعة وإماما لا مقلدا، وأن لا تأخذ عن غيرها شيئا، لأن غيرها يفعله؛ بل تأخذ ما تراه نافعا أخذ العاقل المستقل الذي يستعمل عقله وعلمه في عمله، ولا يكون إمعا يتبع غيره حذو النعل للنعل، فالحكمة ضالة المؤمن، ولو اتبع كل جيش من الصحابة فتح بلادا لعادات أهلها وأزيائهم لفني فيهم، ولكن المسلمين على قلتهم كانوا يجذبون الأمم باستقلالهم إلى أتباعهم، حتى انتشر الدين الإسلامي ولغته في العالم سريعا). [22]
الفصل الأول: الأحاديث النبوية الواردة في المنع من التشبه بالمشركين وأهل الكتاب:
وقد جاءت أحاديث نبوية كثيرة تؤكد هذا الأصل وتمنع من التشبه بالمشركين وأهل الكتاب، إما أحاديث عامة تمنع من التشبه مطلقا، أو أحاديث خاصة في مسائل بعينها، إلا أن القدر المشترك بينها هو تأكيدها هذا الأصل وهو المنع من التشبه أو الأمر بمخالفة المشركين وأهل الكتاب، وهي على أقسام :
القسم الأول : الأحاديث العامة في النهي عن التشبه بالمشركين :
وقد كانت عناية الشارع كبيرة في هذا الشأن حيث جاءت السنة النبوية مطردة في المنع من التشبه بالمشركين أو متابعة أهل الكتاب السابقين، وجاء التحذير العام من متابعة سننهم وهديهم في أحاديث منها:
1 ـ عن أبي سعيد رضي الله عنه :أن النبي صلى الله عليه و سلم قال(لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه)، قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال (فمن؟).[23]
2 ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال ( لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها شبرا بشبر وذراعا بذراع ) . فقيل يا رسول الله كفارس والروم ؟ فقال ( ومن الناس إلا أولئك ). [24]
3ـ عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من تشبه بقوم فهو منهم). [25]
4 ـ عن حذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من تشبه بقوم فهو منهم).[26]
5 ـ عن طاووس بن كيسان عن الني صلى الله عليه وسلم مرسلا (من تشبه بقوم فهو منهم). [27]
القسم الثاني : أحاديث النهي عن التشبه بهم في العبادات والشعائر الدينية:
كما جاء التحذير من التشبه بهم أو مخالفتهم في أمور مخصوصة، ومن الأحاديث الواردة في هذا الباب :
أولا : ـ المخالفة لهم في الأذان والإقامة :
عن أنس رضي الله عنه قال: (ذكروا النار والناقوس فذكروا اليهود والنصارى، فأمر بلال أن يشفع الأذان وأن يوتر الإقامة). [28]
وفي لفظ (لما كثر الناس قال ذكروا أن يعلموا وقت الصلاة بشيء يعرفونه، فذكروا أن يوروا نارا، أو يضربوا ناقوسا، فأمر بلال أن يشفع الأذان وأن يوتر الإقامة).[29]
وعن أبى عمير بن أنس عن عمومة له من الأنصار قال اهتم النبى صلى الله عليه وسلم للصلاة كيف يجمع الناس لها، فقيل له انصب راية عند حضور الصلاة فإذا رأوها آذن بعضهم بعضا، فلم يعجبه ذلك، قال فذكر له القنع يعنى شبور اليهود فلم يعجبه ذلك وقال (هو من أمر اليهود) قال فذكر له الناقوس فقال (هو من أمر النصارى). [30]
وعن ابن عمر (أن النبي صلى الله عليه و سلم استشار الناس لما يهمهم إلى الصلاة، فذكروا البوق، فكرهه من أجل اليهود، ثم ذكروا الناقوس، فكرهه من أجل النصارى). [31]
ثانيا : النهي عن التشبه بهم في الصلاة وهيئاتها ومن ذلك:
1 ـ النهي عن اشتمال الصماء كما يفعل اليهود:
عن نافع : أن ابن عمر رضي الله عنهما كساه وهو غلام فدخل المسجد فوجده يصلى متوشحا، فقال أليس لك ثوبان ؟ قال بلى ! قال أرأيت لو استعنت بك وراء الدار أكنت لابسهما ؟ قال نعم ! قال فالله أحق أن تزين له أم الناس ؟ قال نافع بل الله ! فأخبره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عن عمر رضي الله عنه ـ قال نافع قد استيقنت أنه عن أحدهما وما أراه إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال( لا يشتمل أحدكم في الصلاة اشتمال اليهود، من كان له ثوبان فليتزر وليرتد، ومن لم يكن له ثوبان فليتزر ثم ليصل).[32]
وفي رواية (إذا صلى أحدكم فليلبس ثوبيه فان الله أحق من يزين له، فإن لم يكن له ثوبان فليتزر إذا صلى، ولا يشتمل أحدكم في صلاته اشتمال اليهود). [33]
وفي لفظ (إذا كان لأحدكم ثوبان فليصل فيهما، فإن لم يكن إلا ثوب واحد فليتزر به، ولا يشتمل اشتمال اليهود). [34]
وعن ابن عمر أن عمر بن الخطاب رأى رجلا يصلي ملتحفا، فقال: (لا تشبهوا باليهود، من لم يجد منكم إلا ثوبا واحدا فليتزر به). [35]
وعن ابن عمر قال : (لو لم أجد إلا ثوبا واحدا كنت أتزر به أحب إلي من أن أتوشح به توشح اليهود). [36]
2 ـ الأمر بالصلاة بالنعال والخفاف مخالفة لليهود والنصارى:
عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم). [37]
وفي لفظ (خالفوا اليهود والنصارى، فإنهم لا يصلون في خفافهم، ولا في نعالهم). [38]
3 ـ النهي عن الاختصار بالصلاة تشبها باليهود:
عن عائشة رضي الله عنها (كانت تكره أن يجعل يده في خاصرته وتقول إن اليهود تفعله). [39]
وفي لفظ عنها (أنها كرهت الاختصار في الصلاة ، وقالت : لا تشبهوا باليهود). [40]
أي أن يضع الرجل يده أو يديه على خاصرته أثناء الصلاة، وهذا له حكم الرفع فقد جاء عن أبي هريرة مرفوعا (نهى عن الخصر في الصلاة) وفي لفظ(نهي أن يصلي الرجل مختصرا). [41]
ثالثا: النهي عن التشبه بهم في الصيام :
عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في صوم يوم عاشوراء (صوموه وصوموا قبله يوما أو بعده يوما، ولا تتشبهوا باليهود). [42]
رابعا : مخالفة هدي المشركين في الحج :
عن المسور بن مخرمة قال (خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد : فإن أهل الشرك والأوثان كانوا يدفعون من ها هنا عند غروب الشمس حين تكون الشمس على رؤوس الجبال مثل عمائم الرجال على رؤوسها، فهدينا مخالف لهديهم، وكانوا يدفعون من المشعر الحرام عند طلوع الشمس على رؤوس الجبال مثل عمائم الرجال على رؤوسها، فهدينا مخالف لهديهم). [43]
خامسا : مخالفتهم في الدفن والجنائز :
1 ـ تغطية وجه الميت ومخالفة اليهود:
عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(خمروا وجوه موتاكم ولا تشبهوا باليهود). [44]
2 ـ تسوية القبور والمنع من رفعها والبناء عليها:
عن معاوية رضي الله عنه قال : (إن تسوية القبور من السنة، وقد رفعت اليهود والنصارى، فلا تشبهوا بهما). [45]
3 ـ المنع من اتخاذ القبور مساجد :
عن عائشة وابن عباس قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ وهو يحتضر ـ (لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) يحذر ما صنعوا . [46]
وعن جندب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يتوفى بخمس ليال خطب الناس فقال(ألا وإن من كان قبلكم اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك). [47]
4 ـ النهي عن اتباع الجنائز بالمجامر والنار :
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (لا تتبع الجنازة بنار ولا صوت). [48]
وعن سعيد بن جبير أنه كان يتبع جنازة فرأى مجمرا يتبع بها فرمى بها فكسرها، وقال سمعت ابن عباس يقول( لا تشبهوا بأهل الكتاب). [49]
القسم الثاني : ما جاء في السلوك والمظاهر الاجتماعية:
وكما نهى الشارع عن مشابهة أهل الكتاب والمشركين في الشعائر والعبادات الدينية فقد نهاهم عن مشاكلتهم ومشابهتهم في المظاهر والعادات الاجتماعية ومن ذلك :
أولا : مخالفتهم في التسليم والتحية:
عن عبد الله بن عمرو (أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ليس منا من تشبه بغيرنا، لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى، فإن تسليم اليهود الإشارة بالأصابع، وتسليم النصارى الإشارة بالأكف). [50]
ثانيا : إعفاء اللحى وإحفاء الشوارب ومخالفة المشركين :
عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب) . وكان ابن عمر إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته فما فضل أخذه. [51]
وعن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس). [52]
ثالثا: مخالفتهم في الصبغ وتغيير الشيب :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال (إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم). [53] وفي لفظ آخر له (غيروا الشيب ولا تشبهوا باليهود والنصارى). [54]
وقد احتج شيخ الإسلام ابن تيمية بهذه النصوص على كون العلة في المنع قصد المخالفة وعدم المشابهة فقال(ففي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (خالفوا المشركين أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى) رواه البخاري ومسلم وهذا لفظه، فأمر بمخالفة المشركين مطلقا، ثم قال (أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى)، وهذه الجملة الثانية بدل من الأولى، فإن الإبدال يقع في الجمل كما يقع في المفردات... فلفظ مخالفة المشركين دليل على أن جنس المخالفة أمر مقصود للشارع، وإن عينت هنا في هذا الفعل، فإن تقديم المخالفة علة تقديم العام على الخاص، والتقرير من هذا الحديث شبيه بالتقرير من قوله (لا يصبغون فخالفوهم) وقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس)، فعقب الأمر بالوصف المشتق المناسب وذلك دليل على أن مخالفة المجوس أمر مقصود للشارع، وهو العلة في هذا الحكم، أو علة أخرى، أو بعض علة، وإن كان الأظهر عند الإطلاق أنه علة تامة، ولهذا لما فهم السلف كراهة التشبه بالمجوس في هذا وغيره كرهوا أشياء غير منصوصة بعينها عن النبي صلى الله عليه و سلم من هدى المجوس). [55]
رابعا: المحافظة على نظافة البيوت والأفنية وتعطيرها وعدم التشبه باليهود:
عن سعد بن وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال(إن الله طيب يحب الطيب، نظيف يحب النظافة، كريم يحب الكرم، جواد يحب الجود، فنظفوا أفنيتكم وساحاتكم ولا تشبهوا باليهود) وفي لفظ (فنظفوا بيوتكم). [56]
خامسا : النهي عن التشبه بهم في الأكل بآنية الذهب والفضة ولبس الحرير :
عن حذيفة بن اليمان أنه استسقى وهو في المدائن بعد فتحها،فجاءه دهقان مجوسي بشراب في إناء من فضة،فقال حذيفة(إني أخبركم إني قد أمرته أن لا يسقيني فيه، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:لا تشربوا في إناء الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها،ولا تلبسوا الديباج والحرير،فإنه لهم في الدنيا، وهو لكم في الآخرة يوم القيامة)، وفي لفظ البخاري (أنهم كانوا عند حذيفة فاستسقى فسقاه مجوسي فلما وضع القدح في يده رماه به، وقال لولا أني نهيته غير مرة ولا مرتين، كأنه يقول لم أفعل هذا ..).[57]
سادسا : النهي عن التشبه بهم في قيامهم على رؤوس عظمائهم:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال :اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلينا وراءه وهو قاعد، وأبو بكر يسمع الناس تكبيره، فالتفت إلينا فرآنا قياما، فأشار إلينا فقعدنا، فصلينا بصلاته قعودا، فلما سلم قال (إن كدتم آنفا لتفعلون فعل فارس والروم، يقومون على ملوكهم وهم قعود، فلا تفعلوا، ائتموا بأئمتكم، إن صلى قائما فصلوا قياما، وإن صلى قاعدا فصلوا قعودا).[58]
قال ابن القيم (ومن ذلك أنه أمر المأمومين أن يصلوا جلوسا إذا صلى إمامهم جالسا سدا لذريعة التشبه بفارس والروم في قيامهم على ملوكهم وهم قعود).[59]
الفصل الثاثي : فيما نهى عنه السلف من التشبه حملا على عموم النصوص أو قياسا على ما ورد فيه النص :
فقد فهم الصحابة رضي الله عنهم من النصوص الواردة في هذا الباب العموم كما قال ابن عمر (خالفوا سنن المشركين)[60]، كما جاء عنهم النهي عن التشبه بالمشركين في مسائل لم يرد فيها نص خاص، وقاسوا المسكوت عنه على المنصوص عليه في مسائل أخرى، ومن ذلك:
1 ـ النهي عن زي المشركين في عاداتهم ولباسهم:
فعن أبي عثمان النهدي قال (كتب إلينا عمر ونحن بأذربيجان: يا عتبة بن فرقد! إنه ليس من كدك، ولا من كد أبيك، ولا من كد أمك، فأشبع المسلمين في رحالهم مما تشبع منه في رحلك، وإياكم والتنعم وزى أهل الشرك، ولبوس الحرير، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبوس الحرير). [61]
وفي لفظ (أتانا كتاب عمر ونحن بأذربيجان مع عتبة بن فرقد : أما بعد فاتزروا وارتدوا، وانتعلوا وارموا بالخفاف، واقطعوا السراويلات، وعليكم بلباس أبيكم إسماعيل وإياكم والتنعم وزي العجم). [62]
والزي هو الزينة والهيئة واللباس . [63]
وهذا يؤكد مدى حرص الخليفة الراشد عمر الفاروق على حماية الهوية الإسلامية، والشخصية الاجتماعية للأمة، خاصة بعد الفتوح العظيمة في عصره لفارس والروم، وحرصه على تميز المسلمين حتى لا يذوبوا في الأمم الأخرى، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في بيان عناية عمر في هذا الأصل (وقد قدمنا ما رواه البخاري في صحيحه عن عمر رضي الله عنه أنه كتب إلى المسلمين المقيمين ببلاد فارس (إياكم وزي أهل الشرك) [64] وهذا نهي منه للمسلمين عن كل ما كان من زي المشركين ..وفيه أن عمر رضي الله عنه أمر بالمعدية وهي زي بني معد بن عدنان وهم العرب فالمعدية نسبة إلى معد ونهى عن زي العجم وزي المشركين وهذا عام كما لا يخفى وقد تقدم هذا مرفوعا[65].... وقد كان لعمر رضي الله عنه في هذا الباب من السياسات المحكمة ما هي مناسبة لسائر سيرته المرضية فإنه رضي الله عنه هو الذي استحالت ذنوب الإسلام بيده غربا فلم يفر عبقري فريه حتى صدر الناس بعطن فأعز الله به الإسلام[66] ..ومما يوضح ذلك أن كل ما جاء من التشبه بهم إنما كان في صدر الهجرة ثم نسخ ذلك، لأن اليهود إذ ذاك كانوا لا يميزون عن المسلمين لا في شعور ولا في لباس لا بعلامة ولا غيرها، ثم إنه ثبت بعد ذلك في الكتاب والسنة والإجماع الذي كمل ظهوره في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما شرعه الله من مخالفة الكافرين ومفارقتهم في الشعار والهدى).[67]
2 ـ النهي عن زي اليهود في قص شعورهم:
عن الحجاج بن حسان قال دخلنا على أنس بن مالك فحدثتنى أختى المغيرة قالت وأنت يومئذ غلام ولك قرنان أو قصتان فمسح رأسك وبرك عليك وقال (احلقوا هذين أو قصوهما فإن هذا زى اليهود). [68]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (علل النهي عنهما بأن ذلك زي اليهود وتعليل النهي بعلة يوجب أن تكون العلة مكروهة مطلوبا عدمها فعلم أن زي اليهود حتى في الشعر مما يطلب عدمه وهو المقصود). [69]
3 ـ النهي عن دخول كنائسهم يوم عيدهم والتشبه بهم يوم مهرجانهم:
عن عمر رضى الله عنه : (لا تعلموا رطانة الأعاجم، ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم، فإن السخطة تنزل عليهم). [70]
وعنه أيضا (اجتنبوا أعداء الله في عيدهم). [71]
وعن محمد بن سيرين قال :(أتي علي رضي الله عنه بهدية النيروز فقال ما هذه قالوا يا أمير المؤمنين هذا يوم النيروز قال فاصنعوا كل يوم فيروز) قال أبو أسامة ـ حماد بن أسامة الراوي ـ كره أن يقول نيروز .
قال البيهقي( وفي هذا كالكراهة لتخصيص يوم بذلك لم يجعله الشرع مخصوصا). [72]
وعن عبد الله بن عمرو قال (من بنى ببلاد الأعاجم وصنع نيروزهم ومهرجانهم، وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك، حشر معهم يوم القيامة).[73]
وقد أخذ بذلك عامة الفقهاء بعدهم كما ذكر الونشريسي قال(سئل أبو الأصبغ عيسى بن محمد التميلي عن ليلة يناير التي يسميها الناس الميلاد، ويجتهدون لها في الاستعداد، ويجعلونها كأحد الأعياد، ويتهادون بينهم صنوف الأطعمة، وأنواع التحف والطرف المثوبة لوجه الصلة، ويترك الرجال والنساء أعمالهم صبيحتها تعظيماً لليوم، ويعدونه رأس السنة، أترى ذلك ـ أكرمك الله ـ بدعة محرمة لا يحل لمسلم أن يفعل ذلك، ولا أن يجيب أحداً من أقاربه وأصهاره إلى شيء من ذلك الطعام الذي أعده لها، أم هو مكروه ليس بالحرام الصراح؟ فأجاب: قرأت كتابك هذا، ووقفت على ما عنه سألت، وكل ما ذكرته في كتابك فمحرم فعله عند أهل العلم، وقد رويت الأحاديث التي ذكرتها من التشديد في ذلك، ورويت أيضاً أن يحيى بن يحيى الليثي قال: لا تجوز الهدايا في الميلاد من نصراني، ولا من مسلم، ولا إجابة الدعوة فيه، ولا استعداد له، وينبغي أن يجعل كسائر الأيام، وقال الفقيه المالكي سحنون التنوخي صاحب المدونة: لا تجوز الهدايا في الميلاد من مسلم ولا نصراني، ولا إجابة الدعوة فيه ولا الاستعداد له). [74]
وقال ابن قدامة (ويكره إفراد يوم النيروز ويوم المهرجان بالصوم؛ لأنهما يومان يعظمهما الكفار، فيكون تخصيصهما بالصيام دون غيرهما موافقة لهم في تعظيمهما، فكُره كيوم السبت، وعلى قياس هذا كل عيد للكفار أو يوم يفردونه بالتعظيم). [75]
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (موافقتهم في أعيادهم لا تجوز من الطريقين: الطريق الأول العام هو ما تقدم من أن هذا موافقة لأهل الكتاب فيما ليس من ديننا، ولا عادة سلفنا، فيكون فيه مفسدة موافقتهم، وفي تركه مصلحة مخالفتهم، حتى لو كانت موافقتهم في ذلك أمرا اتفاقيا ليس مأخوذا عنهم لكان المشروع لنا مخالفتهم، لما في مخالفتهم من المصلحة لنا، فمن وافقهم فقد فوت على نفسه هذه المصلحة، وإن لم يكن قد أتى بمفسدة فكيف إذا جمعهما؟
ومن جهة أنه من البدع المحدثة وهذه الطريق لا ريب في أنها تدل على كراهة التشبه بهم في ذلك، فإن أقل أحوال التشبه بهم أن يكون مكروها، وكذلك أقل أحوال البدع أن تكون مكروهة، ويدل كثير منها على تحريم التشبه بهم في العيد مثل قوله صلى الله عليه وسلم (من تشبه بقوم فهو منهم) فإن موجب هذا تحريم التشبه بهم مطلقا، وكذلك قوله (خالفوا المشركين) ونحو ذلك مثل ما ذكرناه من دلالة الكتاب والسنة على تحريم سبيل المغضوب عليهم والضالين، وأعيادهم من سبيلهم إلى غير ذلك من الدلائل، فمن انعطف على ما تقدم من الدلائل العامة نصا وإجماعا وقياسا تبين له دخول هذه المسألة في كثير مما تقدم من الدلائل، وتبين له أن هذا من جنس أعمالهم التي هي دينهم أو شعار دينهم الباطل، وأن هذا محرم كله، بخلاف ما لم يكن من خصائص دينهم ولا شعارا له، مثل نزع النعلين في الصلاة فإنه جائز كما أن لبسهما جائز، وتبين له أيضا الفرق بين ما بقينا فيه على عادتنا لم نحدث شيئا نكون به موافقين لهم فيه، وبين أن نحدث أعمالا أصلها مأخوذ عنهم، وقصدنا موافقتهم أو لم نقصد، وأما الطريق الثاني الخاص في نفس أعياد الكفار فالكتاب والسنة والإجماع والاعتبار..). [76]
وكذلك يحرم أيضا قبول الهدايا في أعيادهم أو الإعانة على مثل ذلك، أو إجابة دعوة من تشبه بهم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية (وكما لا يتشبه بهم في الأعياد فلا يعان المسلم المتشبه بهم في ذلك بل ينهى عن ذلك، فمن صنع دعوة مخالفة للعادة في أعيادهم لم تجب إجابة دعوته، ومن أهدى للمسلمين هدية في هذه الأعياد مخالفة للعادة في سائر الأوقات غير هذا العيد، لم تقبل هديته خصوصا إن كانت الهدية مما يستعان بها على التشبه بهم في مثل إهداء الشمع ونحوه في الميلاد أو إهداء البيض واللبن والغنم في الخميس الصغير الذي في آخر صومهم). [77]
4 ـ النهي عن التشبه بهم في لغتهم وهجر لغة القرآن :
عن عمر رضى الله عنه : (لا تعلموا رطانة الأعاجم). [78]
وعن ابن عمر أنه كره رطانة الأعاجم . [79]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (وأما اعتياد الخطاب بغير العربية التي هي شعار الإسلام ولغة القرآن حتى يصير ذلك عادة للمصر وأهله، ولأهل الدار وللرجل مع صاحبه، ولأهل السوق أو للأمراء أو لأهل الديوان أو لأهل الفقه، فلا ريب أن هذا مكروه، فإنه من التشبه بالأعاجم، وهو مكروه كما تقدم، ولهذا كان المسلمون المتقدمون لما سكنوا أرض الشام ومصر ولغة أهلهما رومية، وأرض العراق وخراسان ولغة أهلهما فارسية، وأهل المغرب ولغة أهلها بربرية، عودوا أهل هذه البلاد العربية حتى غلبت على أهل هذه الأمصار مسلمهم وكافرهم، وهكذا كانت خراسان قديما، ثم إنهم تساهلوا في أمر اللغة واعتادوا الخطاب بالفارسية حتى غلبت عليهم وصارت العربية مهجورة عند كثير منهم ولا ريب أن هذا مكروه). [80]
الفصل الثالث : أحكام التشبه وأقسامه وصوره:
فقد منعت الشريعة المطهرة والسنة المشرفة المسلمين من التشبه بالمشركين أو بأهل الكتاب حفاظا على دينهم وعقيدتهم من الزلل والانحلال، وعلى هويتهم وشخصيتهم الاجتماعية من الزوال والاضمحلال، حتى صار هذا الأمر أصلا من أصول السنة، ومحل إجماع الأمة، وكما تواترت السنة النبوية تواترا معنويا على المنع من التشبه بالمشركين عامة وأهل الكتاب خاصة، ومخالفة طرائقهم الدينية، وعاداتهم الاجتماعية، خاصة التي خالفوا فيها الفطرة وهدي الأنبياء وسننهم، بما بدلوا وغيروا في شرائعهم، حتى جاء الإسلام ناسخا لها ومهيمنا عليها، فقد أجمع أيضا الأئمة وسلف الأمة على هذا الأصل العظيم وبنوا عليه وقاسوا المسكوت عنه من ذلك على المنطوق به، وبالغوا في التحذير، خاصة بعد أن بدأت الأمة تفقد قوتها وعزتها، وتتشبه بغيرها، وقد بلغ الأمر ذروته في مطلع القرن الرابع الهجري، كما عبر عن ذلك محمد بن الحسين الآجري في كتابه الشريعة حيث حذر من خطورة اتباع المسلمين سنن الأمم قبلهم، واتباعهم طرائقهم، وقد أبان عن مدى شيوع هذه الظاهرة التي كادت تهدد كيان الأمة الاجتماعي، حيث قال(من تصفح أمر هذه الأمة من عالم عاقل، علم أن أكثرهم العام منهم يجري أمورهم على سنن أهل الكتابين، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى سنن كسرى وقيصر وعلى سنن أهل الجاهلية، وذلك مثل السلطنة وأحكامهم وأحكام العمال والأمراء وغيرهم، وأمر المصائب والأفراح والمساكن واللباس والحلية، والأكل والشرب والولائم، والمراكب والخدم والمجالس والمجالسة، والبيع والشراء، والمكاسب من جهات كثيرة، وأشباه لما ذكرت يطول شرحها تجري بينهم على خلاف السنة والكتاب، وإنما تجري بينهم على سنن من قبلنا، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، والله المستعان، ما أقل من يتخلص من البلاء الذي قد عم الناس، ولن يميز هذا إلا عاقل عالم قد أدبه العلم). [81]
وقد تصدى شيخ الإسلام ابن تيمية لظاهرة التشبه بأهل الكتاب التي استشرت في عصره، وقد كانت عنايته بهذا الأصل كبيرة لما ابتلي به المسلمون في عصره من ضياع الهوية وذوبان الشخصية الإسلامية، بعد سقوط العالم الإسلامي تحت سيطرة المغول شرقا والصليبيين غربا، واضطراب الحالة الفكرية العقائدية والأخلاقية السلوكية للمجتمعات الإسلامية بما هدد وجودها، فكان لتصدي شيخ الإسلام لهذه الحالة أكبر الأثر في استعادة الأمة لهويتها ولثقتها بدينها ونفسها، وعودتها للكتاب والسنة وهدي سلف الأمة، عقيدة وعبادة وسلوكا وخلقا وسمتا، وقد عالج شيخ الإسلام هذه القضية من كل جوانبها في كتابه العظيم (اقتضاء الصراط المستقيم) فقال في بيان الإجماع على هذا الأصل من حيث الجملة (إجماع الأمة على كراهة التشبه بأهل الكتاب والأعاجم في الجملة، وإن كانوا قد يختلفون في بعض الفروع، إما لاعتقاد بعضهم أنه ليس من هدي الكفار، أو لاعتقاد أن فيه دليلا راجحا أو لغير ذلك، كما أنهم مجمعون على اتباع الكتاب والسنة، وإن كان قد يخالف بعضهم شيئا من ذلك بنوع تأويل). [82]
وقال أيضا (لا أعلم خلافا أنه من التشبه بهم، والتشبه بهم منهي عنه إجماعا).[83]
كما رد على شبه من تساهل في هذا الأمر بدعوى أن من شرائع أهل الكتاب ما هو مقبول في شرعنا ما لم يرد في شرعنا ما يمنعه وأطال في ذلك فقال(الوجه الثاني لو فرضنا أن ذلك لم ينسخ فالنبي صلى الله عليه وسلم هو الذي كان له أن يوافقهم، لأنه يعلم حقهم من باطلهم بما يعلمه الله إياه، ونحن نتبعه، فأما نحن فلا يجوز لنا أن نأخذ شيئا من الدين عنهم لا من أقوالهم ولا من أفعالهم بإجماع المسلمين المعلوم بالاضطرار من دين الرسول صلى الله عليه وسلم، ولو قال رجل يستحب لنا موافقة أهل الكتاب الموجودين في زماننا لكان قد خرج عن دين الأمة). [84]
كما كان من الشبه التي أثارها من تساهل في هذا الأمر حتى وقع في التشبه الممنوع، أو بالغ فيه حتى خرج إلى الحد غير المشروع، هو ما إذا وافق أهل الكتاب بعض هدي المسلمين وما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم كصبغ الشيب ولبس العمامة ونحوها من السمت والزي الصالح فهل يشرع مخالفتهم أخذا بظاهر نصوص النهي عن التشبه أم لا ؟
وقد أجاب عن هذا الاستشكال شيخ الإسلام فقال :(كان ـ النبي صلى الله عليه وسلم ـ يعجبه موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء، ثم إنه أمر بمخالفتهم، وأمرنا نحن أن نتبع هديه وهدي أصحابه السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، والكلام إنما هو في أنا منهيون عن التشبه بهم فيما لم يكن سلف الأمة عليه، فأما ما كان سلف الأمة عليه فلا ريب فيه، سواء فعلوه أو تركوه، فإنا لا نترك ما أمر الله به لأجل أن الكفار تفعله، مع أن الله لم يأمرنا بشيء يوافقونا عليه إلا ولا بد فيه من نوع مغايرة يتميز بها دين الله المحكم عما قد نسخ أو بدل قد ذكرنا من دلائل الكتاب والسنة والإجماع والآثار والاعتبار ما دل على أن التشبه بهم في الجملة منهي عنه، وأن مخالفتهم في هديهم مشروع، إما إيجابا وإما استحبابا، بحسب المواضع وقد تقدم بيان أن ما أمرنا الله ورسوله به من مخالفتهم مشروع سواء كان ذلك الفعل مما قصد فاعله التشبه بهم، أو لم يقصد، وكذلك ما نهى عنه من مشابهتهم يعم ما إذا قصدت مشابهتهم، أو لم تقصد، فإن عامة هذه الأعمال لم يكن المسلمون يقصدون المشابهة فيها، وفيها مالا يتصور قصد المشابهة فيه، كبياض الشعر وطول الشارب ونحو ذلك ). [85]
اختلاف أحكام التشبه باختلاف الدار والحال قوة وضعفا :
وتختلف أحكام التشبه باختلاف الدار ففرق بين من كان في دار الإسلام فيجب عليه من المخالفة وترك التشبه ما لا يجب على من كان في دار الكفر في بعض زيهم المباح، ولهذا لم يشرع النهي عن التشبه بأهل الشرك وأهل الكتاب في السمت والهدي والزي إلا بعد الهجرة وقيام الدولة النبوية في المدينة وظهور الإسلام كما علل بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال عن سبب موافقة أهل الكتاب في أول الأمر ثم النهي عن التشبه بهم في آخر الأمر (وسبب ذلك أن المخالفة لهم لا تكون إلا بعد ظهور الدين وعلوه، كالجهاد وإلزامهم بالجزية والصغار، فلما كان المسلمون في أول الأمر ضعفاء لم يشرع المخالفة لهم، فلما كمل الدين وظهر وعلا شرع ذلك، ومثل ذلك اليوم لو أن المسلم بدار حرب أو دار كفر غير حرب لم يكن مأمورا بالمخالفة لهم في الهدي الظاهر لما عليه في ذلك من الضرر، بل قد يستحب للرجل أو يجب عليه أن يشاركهم أحيانا في هديهم الظاهر إذا كان في ذلك مصلحة دينية من دعوتهم إلى الدين والاطلاع على باطن أمرهم لإخبار المسلمين بذلك أو دفع ضررهم عن المسلمين ونحو ذلك من المقاصد الصالحة فأما في دار الإسلام والهجرة التي أعز الله فيها دينه وجعل على الكافرين بها الصغار والجزية ففيها شرعت المخالفة وإذا ظهرت الموافقة والمخالفة لهم باختلاف الزمان ظهرت حقيقة الأحاديث في هذا). [86]
اختلاف أحكام التشبه باختلاف صوره وهو على أقسام :
القسم الأول : وهو ما يحكم عليه بأنه كفر وردة، وهو التشبه المطلق بغير المسلمين، حتى يكون مثلهم ومنهم في شركهم وكفرهم.
القسم الثاني: ما يكون فسقا ومعصية، وهو التشبه بهم في أمر محرم في الشريعة الإسلامية، ويكون المتشبه بهم قد فعل محظورين، فعل المحرم في حد ذاته، وتشبهه بالمشركين في فعلهم له.
القسم الثالث: ما يكون مكروها، وهو التشبه بهم فيما كان مكروها في الإسلام، أو مباحا، إلا أنه من شعار غير المسلمين، فصار بقصد التشبه بغير المسلمين به مكروها في حقه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (قال رسول الله صلى الله عليه و سلم (من تشبه بقوم فهو منهم) وهذا إسناد جيد...وهذا الحديث أقل أحواله أنه يقتضي تحريم التشبه بهم وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم، كما في قوله {ومن يتولهم منكم فإنه منهم}[ المائدة51] فقد يحمل هذا على التشبه المطلق فإنه يوجب الكفر، ويقتضي تحريم أبعاض ذلك، وقد يحمل على أنه صار منهم في القدر المشترك الذي شابههم فيه، فإن كان كفرا، أو معصية، أو شعارا للكفر أو للمعصية، كان حكمه كذلك).[87]
وقال أيضا (فأخبر أنه سيكون في أمته مضاهاة لليهود والنصارى وهم أهل الكتاب، ومضاهاة لفارس والروم وهم الأعاجم، .. وإن كان الرجل لا يكفر بهذا الانحراف، بل وقد لا يفسق أيضا، بل قد يكون الانحراف كفرا، وقد يكون فسقا، وقد يكون سيئة، وقد يكون خطأ، وهذا الانحراف أمر تتقاضاه الطباع ويزينه الشيطان، فلذلك أمر العبد بدوام دعاء الله سبحانه بالهداية إلى الاستقامة التي لا يهودية فيها ولا نصرانية أصلا). [88]
وقال رشيد رضا (أما مسألة تشبه المسلمين بغيرهم ؛ فإن كان في أمر دينهم أو ما حرمه ديننا وإن لم يبحه دينهم فلا شك ولا خلاف في حظره، بل صرح بعض الفقهاء بأن من تشبه بهم في أمر دينهم وشعائرهم بحيث يظن أنه منهم يعد مرتدًّا، ويجري عليه حكم المرتد قضاء، وإن كان هذا في أمور الدنيا المباحة في نفسها؛ كالأزياء والعادات فهو مكروه، ولكنه إذا فعل مثل فعلهم ولبس مثل لبسهم غير قاصد للتشبه بهم، فلا يسمى متشبهًا، ولا يكون منه ذلك مكروهًا، هذا ملخص ما حرره الفقهاء وثبت الهدي النبوي بمخالفة المسلمين لغيرهم فيما يتعلق بأمر الدين والدنيا). [89]
وهنا ينبغي التنبه إلى ثلاث قضايا :
القضية الأولى : التفريق بين التقليد الممنوع والاقتباس المشروع :
فقد فرقت السنة النبوية بين التشبه والتقليد الممنوع، وخصت ذلك بما كان من الشعائر الدينية، أو المظاهر الاجتماعية، دون الاقتباس المشروع من الأمم الأخرى في العلوم والصناعات والاختراعات المادية، لأنها ليست حكرا على أحد، ولا شعارا لأمة من الأمم، بل الجميع فيها شَرَعٌ وشركة، ولا تؤثر على هوية الأمة الدينية، ولا شخصيتها الاجتماعية، ولهذا لم يتردد عمر رضي الله عنه من تدوين الدواوين واقتباسها من الفرس والروم، والاستفادة من النظم الإدارية لتطوير الدولة الإسلامية، كما قال رشيد رضا (ثم كان من شؤم التقليد الذي أصبنا به أن أنتقل جماهير المسلمين في هذه الأزمنة من التقليد في الدين والعلم إلى التقليد في العادات، حتى غلبت عليهم عادات الأمم الأخرى فوهت قوتهم، وسحلت مرائرهم[90]، وصاروا عالة على غيرهم، وفرق هنالك بين حكم الأزياء في نفسها، إذا تزيّا بها الأفراد لحاجتهم إليها، وبين تشبه الأمة بغيرها، وما فيه من المضار الاجتماعية والسياسية، وكذا بين اقتباس الفنون والصناعات الحربية والعمرانية عن الإفرنج، وبين التشبه بهم في عاداتهم وأزيائهم، وما في الأول من النفع الذي لا نحيا بدونه، وما في الثاني من الضرر الذي يحل جامعتنا، ويفسد كياننا، على أننا مفتونون بالضار معرضون عن النافع، إذا نظرنا إلى التقليد والتشبه من طرف السياسة تجلى لنا أن الصواب امتناع أمتنا عن التشبه أو التقليد لغيرها من الأمم في الأزياء والعادات (جمع عادة)، وكل ما لا فائدة فيه ولاسيما المناصبين والمحادين لنا .. ما ورد في الكتاب والسنة، وعمل الصحابة من النصوص والأفعال في ذلك، وما أخذه المسلمون عن غيرهم في الصدر الأول، وما تحاموه من ذلك بقصد المخالفة لغيرهم لتكوين جامعتهم، وما يفعله المسلمون في هذه الأزمنة، وما يتركونه من ذلك اتباعًا للهوى أو العادة لا للمصلحة ولا للشرع، وإن ادعى بعضهم اتباعه فيه). [91]
القضية الثانية : اختلاف أحكام التشبه بتغير العادات والمصالح والمفاسد :
وهذا إنما يكون في القسم الثالث من أقسام التشبه وهو التشبه فيما كان مباحا في الأصل وصار مكروها أو محرما لعلة التشبه ذاتها، فقد يختلف حكمه باختلاف العادات وتغيرها، فإذا كان لغير المسلمين شعار خاص بهم يعرفون به، فإنه يكره وقد يحرم فعله تشبها بهم، فإذا تركوه، عاد إلى الأصل وهو الحل والإباحة، فيرتفع حكم المنع من التشبه بالمشركين وأهل الكتاب فيما تركوه من العادات حتى لم يعد شعارا لهم ولا مختصا بهم، كما قال ابن حجر فيما ورد من نهي خاص بالمياثر الحمراء (فإن قلنا باختصاص النهي بالأحمر من المياثر فالمعنى في النهي عنها ما في غيرها كما تقدم في الباب قبله، وإن قلنا لا يختص بالأحمر فالمعنى بالنهي عنها ما فيه من الترفه وقد يعتادها الشخص فتعوزه فيشق عليه تركها فيكون النهي نهي إرشاد لمصلحة دنيوية، وإن قلنا النهي عنها من أجل التشبه بالأعاجم فهو لمصلحة دينية، لكن كان ذلك شعارهم حينئذ، وهم كفار، ثم لما لم يصر الآن يختص بشعارهم زال ذلك المعنى فتزول الكراهة). [92]
وقال أيضا (وقد ثبت أنه قال (من تشبه بقوم فهو منهم) كما تقدم معلقا في كتاب الجهاد من حديث ابن عمر وصله أبو داود وعند الترمذي من حديث أنس (ليس منا من تشبه بغيرنا) وقد ثبت عند مسلم من حديث النواس بن سمعان في قصة الدجال (يتبعه اليهود وعليهم الطيالسة) وفي حديث أنس أنه رأى قوما عليهم الطيالسة فقال كأنهم يهود خيبر ..وإنما يصلح الاستدلال بقصة اليهود في الوقت الذي تكون الطيالسة من شعارهم، وقد ارتفع ذلك في هذه الأزمنة، فصار داخلا في عموم المباح، وقد ذكره ابن عبد السلام في أمثلة البدعة المباحة وقد يصير من شعائر قوم فيصير تركه من الاخلال بالمروءة). [93]
وقال رشيد رضا (إن النصوص والمسائل التي تتعلق بالتشبه وعللها وحكمها ، تختلف باختلاف المنافع والمضار والمقاصد . وقد ألف ابن تيمية فيها كتابًا كبيرًا سماه : (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ) توسع فيه ببحث مشاركة المسلمين لغيرهم في أعيادهم ، وشدد في ذلك بالدليل والبرهان، وناهيك بسعة اطلاعه ودقة فهمه، ومع هذا يمكن أن يزاد ويستدرك عليه، ولكن لكل مقام مقالا، ولكل زمن مصالح وأحوالا، وما يعقلها إلا العالمون المستقلون، وإن من موانع العقل والفهم أن تجعل المسألة دينية تعبدية، وما هي إلا من المصالح الاجتماعية السياسية، فلا نجمد فيها جمود بعض المغاربة الذين تحرجوا من زيّ الجند الأوربي الذي يتوقف على مثله إتقان الحركات والأعمال العسكرية التي تعد من أعظم أسباب تفوق جند على جند، ولا نغلو غلو بعض المشارقة الذين يقلدون الأوربيين في كل زي تقليدا أعمى من غير حاجة إليه، كالحازقين الذين يلبسون الثياب الضيقة الضاغطة التي تعوقهم عن العبادة والحركة، ولا هي من أسباب الصحة ولا الراحة في بلادهم الحارة، بل نتأمل فيما عند غيرنا من أمثال هذه المستحدثات الدنيوية، فما وجدناه ضارا بأجسادنا أو بثروتنا أو بآدابنا اجتنبناه ألبتة، ونجتنب أيضا ما لا يضر ولا ينفع، وما كان ضره أكبر من نفعه، وأما ما وجدناه نافعا نفعا لا ضرر معه، أو معه ضرر قليل، يزيد عليه ضرر تركه وإهماله، فإننا نقتبسه لا بقصد التشبه والتقليد، بل بقصد النفع الذي ثبت عندنا، كما فعل النبي- صلى الله عليه وسلم - في اقتباس حفر الخندق من الفرس، ونجتهد مع هذا في جعله أحسن مما عليه غيرنا أو مخالفا له نوعا ما من المخالفة التي تكون عنوان استقلالنا وتميزنا، وسدا دون فنائنا في غيرنا من الأمم). [94]
القضية الثالثة : الفرق بين ما كان مشروعا لهم في الأصل وما ليس مشروعا من العبادات والعادات:
فالشريعة فرقت بين ما كان مشروعا في الأديان السابقة ثم نسخ في شريعتنا، وما كان مشروعا وأقرته شريعتنا، وما ليس مشروعا أصلا في الأديان السابقة، أو وما لم يعرف كونه مشروعا في الأديان السابقة ويفعله أهلها، وهذه إما أن تكون في العبادات المحضة، أو العادات المحضة، أو العبادات المختلطة بالعادات، وقد فصل شيخ الإسلام في أحكام كل قسم :
القسم الأول: وهو ما كان مشروعا في الشريعتين أو ما كان مشروعا لنا وهم يفعلونه:
وقد جاءت كثير من أحكام الشريعة الإسلامية متوافقة لشريعة موسى إلا أنها على صفة أو وقت مغاير تتميز به أحكام الإسلام عن أحكام الشرائع السابقة ويتميز بها المسلمون عن الأمم الأخرى (كصوم عاشوراء، أو كأصل الصلاة والصيام، فهنا تقع المخالفة في صفة ذلك العمل، كما سن لنا صوم تاسوعاء وعاشوراء، وكما أمرنا بتعجيل الفطر والمغرب مخالفة لأهل الكتاب، وبتأخير السحور مخالفة لأهل الكتاب، ونحو ذلك من الشرائع التي جامعناهم في أصلها وخالفناهم في وصفها). [95]
القسم الثاني: ما كان مشروعا ثم نسخ بالكلية:
وهذا القسم يحرم التشبه بهم فيه بأي حال من الأحوال سواء كان في العادات أو العبادات كالخمسين صلاة، أو عدم مؤاكلة الحائض (فليس للرجل أن يمتنع من أكل الشحوم وكل ذي ظفر على وجه التدين بذلك، وكذلك ما كان مركبا منهما، وهي الأعياد التي كانت مشروعة لهم، فإن العيد مشروع يجمع عبادة وهو ما فيه من صلاة أو ذكر أو صدقة أو نسك، ويجمع عادة وهو ما يفعل فيه من التوسع في الطعام واللباس وما يتبع ذلك من ترك الأعمال الواجبة واللعب المأذون فيه في الأعياد لمن ينتفع باللعب ونحو ذلك..فالأعياد المشروعة يشرع فيها وجوبا أو استحبابا من العبادات مالا يشرع في غيرها، ويباح فيها، أو يستحب، أو يجب من العادات التي للنفوس فيها حظ مالا يكون في غيرها كذلك). [96]
القسم الثالث :وهو ما أحدثوه من العبادات أو العادات أو كليهما:
وهذا القسم اجتمع فيه التحريم من وجهين وتضاعفت فيه المعصية من جهتين، أنه أولا ابتداع واشتراع بغير إذن من الله، وثانيا هو تشبه بمن أمر الشارع بمخالفتهم وهذا التشبه كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية (أقبح وأقبح، فإنه لو أحدثه المسلمون لقد كان يكون قبيحا فكيف إذا كان مما لم يشرعه نبي قط، بل قد أحدثه الكافرون فالموافقة فيه ظاهرة القبح ).[97]
خاتمة البحث
وفي خاتمة هذا البحث نوجز النتائج التالية :
1 ـ إن الإسلام دين أكمل الأديان وأشمل الشرائع، شرع للمسلمين في كل شئون حياتهم وعباداتهم وأحكامهم وسلوكهم ما كانوا به خير أمة أخرجت للناس.
2 ـ وإن هذه الخيرية التي خصهم الله تعالى بها تقتضي تميز هديهم عن غيرهم من الأمم ولهذا شرع الله لهم من الأحكام ما خالف شرائع الأمم قبلهم حتى فيما كان مشروعا في الأصل في الشرائع السابقة اختلف بالوصف في الشريعة المطهرة المهيمنة على الشرائع كلها.
3 ـ وقد نهى الشارع عن التشبه بالمشركين وأهل الكتاب السابقين وأمر بمخالفتهم تأكيدا لهذا الأصل العظيم.
4 ـ وقد أجمعت الأمة على هذا الأصل من حيث الجملة وإن وقع خلاف في بعض الأحكام للخلاف في هل تدخل في التشبه الممنوع أم لا.
5 ـ كما إن التشبه منه ما هو كفر وردة، ومنه ما هو فسق ومعصية، ومنه ما هو مكروه وخطأ.
6 ـ وأن التشبه الممنوع هو ما كان تشبها بهم في أمورهم الدينية العقائدية أو التعبدية، أو أمورهم الدنيوية الاجتماعية الأخلاقية والسلوكية.
7 ـ وأنه لا يدخل في ذلك الاقتباس منهم في باب العلوم والصنائع إذ لا تختص بأمة دون أمة ولا يقع فيها أصلا التشبه.
8 ـ وأن من التشبه الممنوع ما قد يرتفع فيه المنع وهو خاص في العادات التي تتغير فلا تعود خاصة بهم، وكذا ما تكون المصلحة راجحة في أخذه عنهم، مع تغييره على نحو تتحقق المخالفة فيه بين المسلمين وبينهم.
المصادر والمراجع
الأحاديث المختارة :الحافظ محمد بن عبد الواحد بن أحمد الحنبلي المقدسي المشهور بالضياء المقدسي، تحقيق عبد الملك بن عبد الله بن دهيش، ط1 سنة 1410، النهضة، مكة المكرمة.
الاحسان بترتيب صحيح ابن حبان:ترتيب ابن بلبان، تحقيق:شعيب الأرنؤوط الطبعة الثانية ، 1414 - 1993 ، مؤسسة الرسالة، بيروت.
أحكام الجنائز : محمد ناصر الدين الألباني، ط 4 سنة 1986 ، المكتب الإسلامي، بيروت.
الأدب : ابن أبي شيبة : تحقيق القهوجي، ط 1 سنة 1420، دار البشائر، بيروت.
الاستذكار: أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر، تحقيق:سالم محمد عطا ومحمد علي معوض الطبعة الأولى 1421 – 2000، دار الكتب العلمية، بيروت.
إعلام الموقعين :محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد طبعة دار الفكر ، بيروت .
إغاثة اللهفان : محمد بن أبي بكر ابن القيم ، تحقيق : محمد حامد الفقي، الطبعة الثانية، 1395 – 1975، دار المعرفة، بيروت .
اقتضاء الصراط المستقيم : شيخ الإسلام أحمد ابن تيمية، تحقيق محمد حامد الفقي، ط سنة 1369 السنة المحمدية ، مصر .
التاريخ الكبير : محمد بن إسماعيل البخاري، ط سنة 1361هـ ، إدارة المعارف العثمانية، الهند.
التحرير والتنوير :الطاهر بن عاشور ، ط 1 سنة 2000 ، مؤسسة التاريخ العربي ، بيروت.
تحفة الأشراف: أبو الحجاج يوسف بن الزكي المزي، تحقيق عبد الصمد شرف الدين، ط2 سنة 1403هـ، المكتب الإسلامي، بيروت .
التعريفات : الجرجاني، تحقيق إبراهيم الأبياري، ط 1 سنة 1405 ، الكتاب العربي، بيروت.
التقريب: أحمد بن علي ابن حجر، تحقيق محمد عوامة، ط3 سنة 1411هـ، دار الرشيد، سوريا.
التمهيد: يوسف بن عبد البر ، طبعة ثانية سنة 1402هـ ، وزارة الأوقاف المغربية.
تهذيب التهذيب: أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني، الطبعة الأولى ، 1404 - 1984، دار الفكر ، بيروت.
تهذيب الكمال: المزي، تحقيق بشار عواد، ط1 سنة 1413هـ، الرسالة، بيروت.
الثقات: ابن حبان، ط1 سنة 1393هـ ، دائرة المعارف العثمانية ، الهند .
جامع التحصيل في أحكام المراسيل: أبو سعيد بن خليل بن كيكلدي العلائي، المحقق : حمدي عبد المجيد السلفي، الطبعة : الثانية 1407 – 1986، عالم الكتب، بيروت.
الجامع الصحيح المختصر:محمد بن إسماعيل البخاري، تحقيق مصطفى البغا، الطبعة الثالثة 1400 – 1987، دار ابن كثير، اليمامة – بيروت.
الجامع: الترمذي، تحقيق أحمد شاكر ، وكمال الحوت ، دار الكتب العلمية، بيروت .
الجرح والتعديل: ابن أبي حاتم، تحقيق المعلمي، ط1 سنة 372هـ دائرة المعارف العثمانية، الهند.
الجهاد : عبد الله بن المبارك ، تحقيق نزيه حماد، ط 1972 ، الدار التونسية، تونس.
دراسات في النحو : صلاح الدين الزعبلاوي، نشر موقع اتحاد كتاب العرب، برنامج المكتبة الشاملة.
الزهد : وكيع بن الجراح، تحقيق الفريوائي، ط 1 سنة 1984 ، مكتبة الدار، المدينة المنورة.
سلسلة الأحاديث الصحيحة، محمد ناصر الدين الألباني، الطبعة الرابعة سنة 1398هـ ، المكتب الإسلامي ـ بيروت.
سلسلة الأحاديث الضعيفة: محمد ناصر الدين الألباني، الطبعة الرابعة سنة 1398هـ ، المكتب الإسلامي، بيروت.
السنن :سليمان بن الأشعث أبو داود السجستاني، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، دار الفكر.
السنن :محمد بن يزيد بن ماجه، تحقيق فؤاد عبد الباقي ، طبعة أولى، المكتبة الإسلامية اسطنبول.
السنن الصغرى:أحمد بن شعيب النسائي، بعناية عبد الفتاح أبو غدة، ط2 1409هـ البشائر، بيروت.
سنن البيهقي الكبرى: أحمد بن الحسين بن علي بن موسى أبو بكر البيهقي، تحقيق : محمد عبد القادر عطا، ط 1994، مكتبة دار الباز، مكة المكرمة.
شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك: تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، ط دار التراث ، القاهرة ، 1980 .
شرح معاني الآثار : أحمد بن محمد الطحاوي، تحقيق الأرنؤوط ، الرسالة.
شرح نهج البلاغة: عبد الحميد بن أبي الحديد، تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم، ط1 دار أحياء الكتب العربية .
الشريعة : محمد بن الحسين الآجري، دار الكتب العلمية – بيروت.
شعب الإيمان:أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي، تحقيق : محمد السعيد بسيوني زغلول، الطبعة الأولى ، 1410 دار الكتب العلمية، بيروت.
صحيح مسلم :مسلم بن الحجاج، ترقيم عبد الباقي، ط1، المكتبة الإسلامية، استانبول.
طبقات الشافعية : السبكي، تحقيق الطناحي وجماعة، ط 2 سنة 1413هـ ، دار هجر .
العولمة وعالم بلا هوية: محمد المنير، ط1 سنة 1421، دار الكلمة ، مصر.
فتح الباري: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، تحقيق محب الدين الخطيب، ترقيم عبد الباقي ط1 سنة 1410هـ نشر دار الكتب العلمية، بيروت .
غريب الحديث للحربي: غريب الحديث: إبراهيم بن إسحاق الحربي، تحقيق د. سليمان إبراهيم محمد العايد، الطبعة الأولى ، 1405، جامعة أم القرى، مكة المكرمة .
فيض القدير شرح الجامع الصغير : المناوي، ط 1 سنة 1994 ، دار الكتب العلمية، بيروت.
الكليات : الكفومي ، تحقيق عدنان درويش، ط 1 سنة 1998، مؤسسة الرسالة، بيروت.
لسان العرب : محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري، الطبعة الأولى، دار صادر ـ بيروت.
مجلة المنار : محمد رشيد رضا، تصوير المكتبة الحديثية الشاملة.
مجمع الزوائد :أبو بكر الهيثمي، الطبعة الثالثة سنة 1402هـ، الكتاب العربي ، بيروت.
مجموع الفتاوى: أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية، جمع ابن القاسم، طبعة سنة 1412هـ عالم الكتب، الرياض.
مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح : ملا علي قاري، دار الكتب، بيروت.
المستدرك على الصحيحين: محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري، ترقيم:مصطفى عبد القادر عطا، الطبعة الأولى ، 1411 - 1990 دار الكتب العلمية، بيروت.
المستدرك: محمد بن عبد الله الحاكم ط1 سنة 1335هـ دائرة المعارف العثمانية .
المسند: أحمد بن حنبل، ط3، تصوير المكتب الإسلامي .
المسند : أحمد بن حنبل ، تحقيق أحمد شاكر، ط1 سنة 1377هـ، دار المعارف، القاهرة.
مسند الشاميين: سليمان بن أحمد بن أيوب أبو القاسم الطبراني، تحقيق :حمدي بن عبد المجيد السلفي، الطبعة الأولى ، 1405 – 1984، مؤسسة الرسالة، بيروت.
مسند أبي يعلى: أحمد بن علي بن المثنى أبو يعلى الموصلي التميمي، تحقيق :حسين سليم أسد، الطبعة الأولى ، 1404 – 1984، دار المأمون للتراث، دمشق.
مسند الشاميين: سليمان بن أحمد بن أيوب أبو القاسم الطبراني، تحقيق :حمدي بن عبد المجيد السلفي، الطبعة الأولى ، 1405 – 1984،مؤسسة الرسالة، بيروت.
مسند الشهاب: القضاعي، تحقيق حمدي السلفي، ط 2 سنة 1407، الرسالة، بيروت.
مصباح الزجاجة : البوصيري، تحقيق الكشناوي، ط 1403 ، دار العربية، بيروت.
المصنف: أبو بكر بن أبي شيبة ، تحقيق محمد عوامة، ط 1، دار القبلة .
المصنف:عبد الرزاق بن همام الصنعاني، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي ط1 سنة 1982م المكتب الإسلامي، بيروت .
المعجم الأوسط : سليمان بن أحمد الطبراني، تحقيق محمود الطحان، الطبعة الأولى سنة 1405هـ، المعارف، الرياض.
المعجم الكبير: سليمان بن أحمد الطبراني، تحقيق حمدي عبد المجيد، ط2، وزارة الأوقاف العراقية.
المعيار المعرب: لأحمد الونشريسي، ط 1981، نشر وزارة الأوقاف بالمغرب، طبع دار الغرب.
المغني : موفق الدين ابن قدامة، ط 1، 1984، دار الفكر، بيروت .
الورع : أحمد بن حنبل ، تحقيق زينب إبراهيم، ط 1403 ، دار الكتب العلمية، بيروت.
Abstract
establish the indentity of Muslims
Study of the Hadith (traditions) which
(prohibit imitating non Muslims)
By Dr . hakem Al Mutairi and Dr Awwad Al Anaze
This research is critical study of the narrations, of this subject , specially the prophetic Tradition Which are narrated regarding this subject,
The researcher has proved in this critical study That these narrations are Sound in these form in according to method of Hadith,s scholars (Muhadetheen)
المكرم رئيس تحرير مجلة الشريعة / السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحية طيبة وبعد :
فقد استلمنا ملحوظات المحكمين على بحثنا (المحافظة على الهوية الإسلامية) وتم إدخال كافة التعديلات والإضافات التي اقترحها المحكمان ومن ذلك :
1 ـ إعادة ترتيب الفصول وتأخير الفصل الأول وهو أحكام التشبه باستثاء مقدمته حيث تم جعلها مقدمة مستقلة في تعريف الهوية والتشبه ..الخ.
2 ـ تعريف الهوية لغة واصطلاحا.
3 ـ اختصار بعض الاقتباسات الطويلة بما لا يخل بالمعنى وبما يحقق اقتراح المحكم.
4 ـ كما قمنا بالتوسع في تخريج الأحاديث والآثار ـ إلا ما كان في البخاري ومسلم ـ والحكم عليها بحسب قواعد علم الحديث على وجه لا يتجاوز الحد المسموح به في عدد صفحات البحث ليتم نشره في المجلة.
5 ـ تم شرح عبارة رشيد رضا في الحاشية.
6 ـ كما تم إضافة شرح راوي الحديث لكلمة عطن الواردة في صحيح البخاري وذلك في الحاشية.
7 ـ إصلاح الأخطاء المطبعية والإملائية.
هذا وتقبلوا فائق الشكر والتقدير على اهتمامكم
الباحث الرئيس / أستاذ مساعد حاكم المطيري
الباحث المشارك / الدكتور عواد العنزي
[1] لسان العرب 6/313 مادة عرش و15/371 مادة هوا .
[4] انظر العولمة وعالم بلا هوية ص 146.
[5] دراسات في النحو ص 93 .
[6] لسان العرب 13/503 مادة شبه .
[7] شرح نهج البلاغة 19/27 .
[8] سيأتي تخريج الأحاديث الواردة في الاقتباسات في الفصل الثاني .
[9] اقتضاء الصراط المستقيم ص 83 .
[10] سيأتي تخريج الأحاديث الواردة في الاقتباسات في الفصل الثاني .
[11] مجلة المنار 14/906 .
[12] سيأتي تخريج الأحاديث الواردة في الاقتباسات في الفصل الثاني .
[14] فيض القدير 6/135 رقم 8593 .
[15] مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح 13/96 .
[16] انظر شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك 1/50 .
[17] التحرير والتنوير 11/341 .
[18] إقامة الدليل على إبطال التحليل3/473 .
[19] إعلام الموقعين 3/140 .
[20] إغاثة اللهفان 1/364 .
[22] مجلة المنار 14/906 .
[23] البخاري في الصحيح ح رقم 3269 و6889 ، ومسلم في الصحيح رقم 2669
[24] البخاري في الصحيح ح رقم 6888 .
[25] أبو داود في السنن ح رقم 4033 وقال الشيخ الألباني في تعليقه عليه (حسن صحيح)، وقال ابن حجر في الفتح 10/271 (رواه أبو داود بسند حسن) .
ورواه أيضا ابن أبي شيبة ح رقم 19474، وأحمد في المسند 2/50 و92 ، وعبد بن حميد في المسند رقم 834، والطبراني في مسند الشاميين ح رقم 216 ، والبيهقي في شعب الإيمان 2/75 رقم 1199 كلهم من طرق عن عبد الرحمن بن ثوبان ثنا حسان بن عطية عن أبي منيب الجرشي عن ابن عمر به، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (وفيه عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان واثقه ابن المديني وأبو حاتم وغيرهما وضعفه أحمد وغيره وبقية رجاله ثقات)، والحديث أسناده حسن كما قال ابن حجر وهو صحيح لغيره بشواهده.
[26] البزار في المسند ح رقم 2573 ، ، من طريق علي بن غراب عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي عبيدة بن حذيفة عن أبيه حذيفة به، قال البزار بعد روايته (ورواه غير علي بن غراب عن هشام عن ابن سيرين عن أبي عبيدة موقوفا).
وأخرجه والطبراني في الأوسط رقم 8327 من طريق ابن غراب به وذكر تفرده به، وأيضا في مسند الشاميين رقم 1862 بإسناد شامي حسن عن نمير بن أوس عن حذيفة مرفوعا. وإسناده حسن إن كان نمير سمع من حذيفة فقد ذكروا أن روايته عنه مرسلة كما في جامع التحصيل رقم 837 .
قال الهيثمي في مجمع الزوائد عن رواية الطبراني في الأوسط (فيه علي بن غراب وثقه غير واحد وضعفه بعضهم وبقية رجاله ثقات).
وقد رواه أحمد بن حنبل في الورع ص 178 عن يحيى بن سعيد القطان عن أبي عبيدة ـ كذا في المطبوع وفيه سقط والصواب عن هشام بن حسان عن ابن سيرين عن أبي عبيدة ـ أن حذيفة دعي إلى شيء فرأى زي الأعاجم فخرج فقال(من تشبه بقوم فهو منهم).
ولا يبعد أن يكون الحديث صحيحا مرفوعا وموقوفا فإن مثله لا يقال بالرأي خاصة وأن المرفوع جاء من طريق آخر غير طريق ابن غراب.
[27] رواه ابن المبارك في الجهاد ح رقم 105 عن الأوزاعي ثنا سعيد بن جبلة حدثني طاوس به، وابن أبي شيبة في المصنف 12/349 رقم 33681 عن عيسى بن يونس عن الأوزاعي به، وح رقم 33682 عن وكيع عن سفيان الثوري عن الأوزاعي به، والقضاعي في مسند الشهاب رقم 390 من طريق ابن المبارك عن الأوزاعي به.
وفي إسناده سعيد بن جبلة الشامي ذكره في الجرح والتعديل 4/10 ولم يذكر فيه شيئا، وذكره ابن حجر في لسان الميزان 3/25 ونقل عن محمد بن خفيف الشيرازي الشافعي قوله عنه (ليس عندهم بذاك) وأخشى أن الشيرازي إنما أراد حفيده أحمد بن محمد بن سعيد بن جبلة ترجم له البغدادي في تاريخ بغداد 5/11 ولم يذكر فيه توثيقا وذكر تفرده بحديث، وهو مذكور في طبقات الشافعية 2/63 وروى عن الشافعي فهذا الذي يمكن أن يتكلم فيه الشيرازي الشافعي، أما جده فقديم جدا ولم أقف له على ترجمة إلا في الجرح والتعديل فكيف للشيرازي وهو في القرن الرابع أن يعرفه ويقول (ليس عندهم بذاك) وهذا نقل عن جماعة أيضا!
والصحيح ما قاله ابن حجر في الفتح 6/98 (مرسل بإسناد حسن) وهو كما قال فإن سعيد بن جبلة هذا شيخ للأوزاعي وكأنه تابعي وليس له إلا هذا الحديث المرسل وليس متنه بمنكر فأقل أحوله أنه شيخ مقبول الحديث يحتمل حديثه التحسين وبشواهده يرتقي إلى الصحيح لغيره.
[28] البخاري في الصحيح رقم 578 ، ومسلم في الصحيح رقم 378 .
[29] البخاري في الصحيح رقم 581، ومسلم في الصحيح رقم 378 .
[30] أبو داود في السنن رقم 498 وحسنه الشيخ الألباني.
[31] ابن ماجه في السنن رقم 707 ،قال البوصيري في الزوائد (في إسناده محمد بن خالد . ضعفه أحمد وابن معين وأبو زرعة) وهو حسن بشواهده.
[32] عبد الرزاق في المصنف رقم 1390 عن ابن جريج ، والطحاوي في شرح معاني الآثار ح رقم 2053 واللفظ له حدثنا أبو بكر قال ثنا روح بن عبادة قال ثنا ابن جريج قال أخبرني نافع به، وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من حديث ابن جريج عن نافع، وقد صرح ابن جريج بالسماع، ولا يضره شك نافع أهو عن عمر أم عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد صرح هنا بأن الظن الراجح عنده أنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وثبت عنه من غير طريق ابن جريج عنه مرفوعا كما سيأتي بالرواية التالية.
ورواه أحمد في المسند 2/148 عن عبد الرزاق وابن بكر عن ابن جريج به مختصرا .
[33] شرح معاني الآثار - الطحاوي - (ج 1 / ص 377) ح رقم 2057 حدثنا بن أبي داود قال ثنا زهير بن عباد قال ثنا حفص بن ميسرة عن موسى بن عقبة عن نافع عن بن عمر رضي الله عنهما به وح رقم 2058 حدثنا بن أبى داود قال ثنا عبيد الله بن معاذ قال ثنا أبى قال ثنا شعبة عن توبة العنبري عن نافع عن بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم به نحوه.
قال الطحاوي( فهذا موسى بن عقبة وهو من جلة أصحاب نافع وقدمائهم فذكر ذلك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم ولم يشك ووافقه على ذلك توبة العنبري).
وقد رواه البيهقي في السنن الكبرى 2/235 من طريق شعبة عن توبة به مرفوعا.
ورواه أيضا البيهقي في السنن الكبرى 2/235 من طريق أنس بن عياض عن موسى بن عقبة عن نافع به مرفوعا.
وهذا إسناد صحيح وقد نص موسى بن عقبة على أن نافعا لا يراه إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا جزم منه برفعه بلا شك.
[34] سنن أبي داود ح رقم 635 عن سليمان بن حرب عن حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر به على الشك. قال الشيخ الألباني (صحيح)، وكذا رواه البيهقي في السنن الكبرى 2/236 من طريق حماد بن زيد به على الشك عن عمر أو عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد أخرجه ابن خزيمة في صحيحه رقم 769 من طريق ابن أبي عروبة عن أيوب عن نافع به مرفوعا بلا شك، وقد بوب له بما يفسره فقال(باب ذكر اشتمال المنهي عنه في الصلاة تشبها بفعل اليهود وهو تجليل البدن كله بالثوب الواحد).
[35] عبد الرزاق في المصنف رقم 1372 عن إبراهيم عن الزهري عن سالم عن أبيه به ، وابن أبي شيبة في المصنف رقم 3215 بإسناد صحيح عن الزهري عن سالم عن أبيه عبد الله به.
[36] ابن أبي شيبة في المصنف رقم 3218 بإسناد صحيح عن شعبة عن حيان البارقي به.
[37] سنن أبي داود ح رقم 652 حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا مروان بن معاوية الفزارى عن هلال بن ميمون الرملى عن يعلى بن شداد بن أوس عن أبيه به وصححه الألباني.
وأخرجه البزار ح رقم 2941عن أحمد بن أبان عن مروان به، والطبراني في المعجم الكبير 7/290 من طريق هشام بن عمار عن مروان به، والحاكم في المستدرك رقم 956 من طريق قتيبة وقال (صحيح الإسناد ولم يخرجاه) ووافقه الذهبي. وعنه البيهقي في السنن الكبرى 2/432.
[38] أخرجه ابن حبان رقم 2186 أخبرنا ابن قحطبة، قال: حدثنا أحمد بن أبان القرشي، قال: حدثنا مروان بن معاوية به.
[39] البخاري في الصحيح ح رقم 3271 .
[40] ابن أبي شيبة في المصنف رقم 4634 بإسناد صحيح على شرط الشيخين.
[41] البخاري في الصحيح رقم 1161 و1162 ، ومسلم في الصحيح رقم 545 .
[42] أحمد في المسند 1/241 ، والطحاوي في شرح معاني الآثار رقم 3057 ، وابن خزيمة في صحيحه رقم 2095، والبيهقي في السنن الكبرى 4/287، كلهم من طرق عن هشيم بن بشير عن ابن أبي ليلى عن داود بن علي عن أبيه عن ابن عباس به مرفوعا، وفي إسناده ابن أبي ليلى وفيه ضعف، وقد رواه عبد الرزاق في المصنف رقم 7839 عن ابن جريج أخبرني عطاء سمعت ابن عباس يقول في يوم عاشوراء (خالفوا اليهود وصوموا التاسع والعاشر) موقوفا على ابن عباس، إلا أن مثله لا يقال بالرأي فله حكم المرفوع، فتتقوى به رواية ابن أبي ليلى إلى درجة الحسن .
[43] الطبراني في المعجم الكبير 20/24 مختصرا، قال الهيثمي في مجمع الزوائد(رجاله رجال الصحيح)، والحاكم في المستدرك رقم 3997 مطولا واللفظ له وقال (صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)، وعنه البيهقي في السنن الكبرى 5/125 .
[44] الطبراني في المعجم الكبير 11/183 قال الهيثمي في المجمع (رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات)، والبيهقي في السنن الكبرى 3/394، كلاهما من طريق عبد الرحمن بن صالح عن حفص بن غياث عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس به.
وقد أعل بالإرسال، فقد رواه ابن أبي شيبة في المصنف 3/749 بإسناد صحيح على شرط الشيخين عن عطاء مرسلا ليس فيه ابن عباس، ورواه الدارقطني في السنن 2/296 و297 من طريق علي بن عاصم عن ابن جريج به موصولا كما في رواية حفص بن غياث عند الطبراني. وكذا ذكر البيهقي في السنن الكبرى 3/394 رواية علي بن عاصم، وروى عن أحمد بن حنبل أنه حكم على رواية حفص بالخطأ، وحكم هو على متابعة علي بن عاصم بالوهم، وقد قوى ابن القطان في بيان الوهم 3/410 رواية الطبراني، وقد صححه الضياء في المختارة ، وضعفه الألباني في الضعيفة رقم 3556 .
[45] ابن أبي شيبة في المصنف 3/342 رقم 11920 و11921 بإسناد صحيح ،والطبراني في المعجم الكبير 19/352 رقم 823 ، قال الهيثمي في مجمع الزوائد 3/184 (رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح).
[46] البخاري في الصحيح ح رقم 425، ومسلم في الصحيح رقم 531 .
[47] مسلم في الصحيح رقم 827، وابن حبان في صحيحه رقم 6425 .
[48] أبو داود في السنن ح رقم 3173 ، وأحمد في المسند 2/428 ، والبيهقي في السنن الكبرى 3/394 ، كلهم من طرق إلى يحيى بن أبي كثير عن باب بن عمير عن رجل عن أبيه عن أبي هريرة به، وهذا إسناد ضعيف، وقواه الألباني في أحكام الجنائز ص 70 لشواهده.
[49] عبد الرزاق في المصنف رقم 6159 ،وابن أبي شيبة رقم 3/271 بإسناد صحيح إلى ابن عباس موقوفا عليه ومثله لا يقال بالرأي.
[50] الترمذي في السنن رقم 2695 عن قتيبة عن ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده . قال أبو عيسى (هذا حديث إسناده ضعيف وروى ابن المبارك هذا الحديث عن ابن لهيعة فلم يرفعه)، ورواه الطبراني في الأوسط ح رقم 7380 من طريق يزيد بن حبيب عن عمرو بن شعيب به، وحسنه الألباني بمتابعاته وشواهده كما في السلسلة الصحيحة رقم 2194 .
[51] البخاري في الصحيح ح رقم 5549 و5553 ، ومسلم في الصحيح رقم 259.
[52] مسلم في الصحيح رقم 260.
[53] البخاري في الصحيح ح رقم 3275 ، ومسلم في الصحيح رقم 2103.
[54] الترمذي في السنن رقم 1752 من حديث عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة به،وقال حسن صحيح، وعمر قال عنه في ابن حجر التقريب (4910) (صدوق يخطئ) .
ورواه أحمد في المسند 2/261 ، وأبو يعلى الموصلي في المسند ح رقم 5977 و6021، وابن حبان في صحيحه رقم 5473 كلهم من طرق عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة به ، وهذا إسناد حسن يتقوى بها الحديث إلى الصحيح لغيره.
[55] اقتضاء الصراط المستقيم ص 58 ـ 59 .
[56] الترمذي في السنن رقم 2799 من طريق خالد بن إلياس عن صالح بن أبي حسان عن سعيد بن المسيب عن المهاجر بن مسمار عن عامر بن سعد عن أبيه به، وقال غريب وخالد بن إلياس يضعف، وضعفه الألباني ، والبزار في المسند ح رقم 996 ، وأبو يعلى في المسند رقم 790 و 791 من طريق خالد به . وقال البزار لا يعرف إلا من هذا الوجه.
وقد رواه الطبراني في الأوسط رقم 4075 من طريق أبي داود الطيالسي عن إبراهيم بن سعد عن الزهري عن عامر بن سعد عن أبيه بلفظ (طهروا أفنيتكم فإن اليهود لا تطهروا أفنيتها) وإسناده صحيح رجال مسلم وقد صححه الشيخ الألباني في الصحيحه رقم 236.
وله شاهد مرسل رواه وكيع بن الجراح في الزهد ح رقم 293 حدثنا إبراهيم المكي عن عمرو بن دينار عن أبي جعفر وهو محمد بن علي الباقر عن النبي صلى الله عليه وسلم (نظفوا أفنيتكم فإن اليهود أنتن الناس).
قال الشيخ الألباني في الصحيحة رقم 236 (إبراهيم المكي هو الخوزي متروك ، وأبو جعفر لم أعرفه والظاهر أنه تابعي فهو مرسل)!
وأبو جعفر هو محمد الباقر قطعا وإبراهيم المكي يحتمل أيضا أن يكون هو ابن نافع المخزومي المكي فقد كان أوثق الشيوخ في مكة روى عنه وكيع وروى هو عن عمرو بن دينار كما في تهذيب الكمال 2/228 فإن ثبت أنه هو فهو مرسل صحيح .
ويرجح كونه المخزومي أنه مكي الأصل بينما الخوزي نزيل مكة وهو معروف بالخوزي كما إن وكيعا إذا روى عن الخوزي يصرح باسمه (حدثنا إبراهيم بن يزيد المكي) كما عند ابن ماجه رقم 1521 و2896 و2915 و3071 ، وبعيد أن يهمله هنا فيختلط بابن نافع الثقة وهما من طبقة واحدة ؟!
[57] البخاري في الصحيح ح رقم 5110، ومسلم ح2067.
[58] رواه مسلم في الصحيح ح 413 .
[59] إغاثة اللهفان 1/367 .
[60] ابن أبي شيبة في المصنف 13/328 بإسناد حسن.
[61] مسلم في الصحيح ح رقم 2069 .
[62] ابن حبان في صحيحه 5454 .
[63] انظر غريب الحديث للحربي 3/985 .
[64] اقتضاء الصراط المستقيم ص125. الحديث رواه البخاري رقم 5490 مختصرا لم يسق هذا اللفظ، ومسلم في الصحيح ح رقم 2069 مطولا وهذا لفظه.
[65] اقتضاء الصراط المستقيم ص 126 وانظر حاشية رقم 56 .ففيها تخريح للحديث.
[66] اقتضاء الصراط المستقيم ص 127 وهذا حديث ابن عمر عند البخاري رقم 3473 قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( بينما أنا على بئر أنزع منها جاءني أبو بكر وعمر فأخذ أبو بكر الدلو فنزع ذنوبا أو ذنوبين وفي نزعه ضعف والله يغفر له ثم أخذها ابن الخطاب من يد أبي بكر فاستحالت في يده غربا فلم أر عبقريا من الناس يفري فريه فنزع حتى ضرب الناس بعطن ) قال وهب ـ ابن جرير راوي الحديث ـ العطن مبرك الإبل يقول حتى رويت الإبل فأناخت.
[67] اقتضاء الصراط المستقيم ص 176 .
[68] أبو داود في السنن رقم 4419 وسكت عنه فهو صالح عنده، وقد وضعف إسناده الألباني، ولعله لكون المغيرة بنت حسان غير معروفة لم يوثقها غير ابن حبان في الثقات5/466 ، ولهذا قال عنها ابن حجر في التقريب 8685 (مقبولة) وليس في هذا الأثر ما ينكر فيقبل من مثلها كما فعل أبو داود .
[69] اقتضاء الصراط المستقيم ص 132 .
[70] عبد الرزاق في المصنف 1/411 عن الثوري عن عطاء بن دينار، وابن أبي شيبة في المصنف 9/11 عن وكيع عن ثور بن يزيد، والبيهقي في السنن الكبرى 9/234 من طريق الثوري عن ثور بن يزيد عن عطاء بن دينار قال عمر بن الخطاب به، قال شيخ الإسلام ابن تيمية (رواه البيهقي بإسناد صحيح) والصحيح أن عطاء بن دينار لم يدرك عمر ففيه انقطاع.
وله شاهد صحيح رواه المعافى بن عمران في الزهد رقم 188 عن عن عبد الله بن عمر العمري عن نافع عن ابن عمر عن عمر (لا تعلموا رطانة الأعاجم .. ولا تلبسوا لباسهم). وهذا إسناد صحيح إلى عمر.
[71] البيهقي في السنن الكبرى 9/234 رجاله ثقات وإسناده صحيح.
[72] البيهقي في السنن الكبرى 9/235 . وإسناده صحيح إلى محمد بن سيرين على شرط الشيخين إلا أن ابن سيرين لم يسمع من علي، ومراسيله صحاح، وانظر جامع التحصيل للعلائي ص 89.
[73] البيهقي في السنن الكبرى 9/234 . من طريق سفيان الثوري ومن طريق حماد بن أسامة عن عوف بن أبي جميلة عن أبي المغيرة عن عبد الله بن عمرو به، وإسناده صحيح.
[74] المعيار المعرب 11/ 150 ـ 154 .
[76] اقتضاء الصراط ص 180 .
[77] اقتضاء الصراط ص 227 .
[78] البيهقي في السنن الكبرى 9/234 . وإسناده صحيح إلا أنه منقطع بين عطاء وعمر، وله شاهد صحيح عند المعافى بن عمران في الزهد ح رقم 188 .
[79] ابن أبي شيبة في الأدب أثر رقم 54 عن ابن نمير عن عبيد الله العمري عن نافع عن ابن عمر به، وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
[80] اقتضاء الصراط ص 206.
[82] اقتضاء الصراط المستقيم ص 141 .
[83] إقامة الدليل على إبطال التحليل 4/421 .
[84] اقتضاء الصراط المستقيم ص177.
[85] اقتضاء الصراط المستقيم ص177.
[86] اقتضاء الصراط المستقيم ص 176 .
[87] اقتضاء الصراط المستقيم ص 82 .
[88] اقتضاء الصراط المستقيم ص 6.
[89] مجلة المنار 14/906 .
[90] سحلت مرائرهم : السحل ضد الفتل ، والمرائر جمع مريرة وهي العزيمة والمعنى استرخت عزائمهم وضعفت قوتهم.
انظر لسان العرب 5/165 مادة مرر ، و11/327 مادة سحل.
[91] مجلة المنار 14/906 .
[94] مجلة المنار 14/906 .
[95] اقتضاء الصراط المستقيم ص 178 .
[96] اقتضاء الصراط المستقيم ص 179 ـ 180 .
[97] اقتضاء الصراط المستقيم ص 179 ـ 180 .