المغازي والسير
علماؤها وطبقاتهم
بقلم د . حاكم المطيري
كلية الشريعة
جامعة الكويت
2009
بحث محكم بمجلة قطاع أصول الدين جامعة الأزهر ـ القاهرة
ملخص البحث
هذه دراسة في علم المغازي والسير، في تعريفه، وبيان موضوعه، وبداية نشأته، ومعرفة طبقات أئمة المغازي والسير الذين إليهم المرجع في هذا الباب، ومعرفة مراتبهم عند الاختلاف، ومن هو المقدم في كل طبقة، ومصنفاتهم، وقد تم تقسيم البحث إلى مقدمة وخاتمة وفصلين:
الفصل الأول : في تعريف علم المغازي والسير وبيان أهميته وبداية ظهوره.
الفصل الثاني : في معرفة طبقات أئمة المغازي والسير.
المقدمة :
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد:
فإن علم المغازي والسير من أشرف العلوم قدرا، وأجلها خطرا، لشرف موضوعه وهو أخبار حياة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرته، وقد أولى سلف الأمة عناية كبرى في حفظ هذه الأخبار والسير وتصنيف المصنفات فيها منذ القرن الأول، بل تعد المؤلفات فيه هي أول الكتب التي ألفها المسلمون، وكان من أهم فنونه معرفة طبقات أئمة المغازي والسير الذين إليهم المرجع في هذا الباب، ومعرفة مراتبهم عند الاختلاف، ومن هو المقدم في كل طبقة، ومصنفاتهم، وهذه الدراسة لبيان هذا الموضوع، وقد تم تقسيم البحث إلى مقدمة وخاتمة وفصلين:
الفصل الأول : في تعريف علم المغازي والسير وبيان أهميته وبداية ظهوره.
الفصل الثاني : في معرفة طبقات أئمة المغازي والسير.
الفصل الأول :في تعريف علم المغازي والسير وبيان أهميته وبداية ظهوره:
المبحث الأول: في تعريفه وبيان موضوعه:
تعريفه لغة :
المغازي جمع غزوة وهو السير إلى قتال العدو من غزا يغزو غزوا فهو غاز إذا أغار على قوم وقصد حربهم.
والسِّيَر جمع سيرة وهي الحالة من السير، والسيرة السنة. ([1])
واصطلاحا :
علم المغازي والسير هو عَلَم على فن من فنون علم التاريخ من حيث أنه يؤرخ لحياة النبي صلى الله عليه وسلم ابتداء من إرهاصات بعثته، وأحوال العرب الذين بعث فيهم، وأحداث مولده، وأحوال نشأته، وقصة بعثته، وأخبار دعوته في مكة، وهجرته إلى المدينة، وإقامته للدولة فيها، وغزواته وسيرته، وسياسته مع المسلمين والمحاربين والمعاهدين إلى وفاته صلى الله عليه وسلم.
قال الشيخ قاسم القونوي في تعريف علم السير (السير جمع سيرة وهي الحالة من السير، كالجلسة والركبة، للجلوس والركوب، ثم نقلت إلى معنى الطريق والمذهب، ثم غلبت في لسان الشرع على أمور المغازي، لأن أول أمرنا السير إلى العدو، وأن المراد بها سير الإمام ومعاملاته مع الغزاة والأنصار، ومع العداة والكفار، وإنما سمي بها هذا الكتاب، لأنه بين فيه سير المسلمين في المعاملة مع الكافرين من أهل الحرب، ومع أهل العهد منهم من أهل الذمة والمستأمنين، ومع المرتدين بالإنكار بعد الإقرار، ومع أهل البغي الذين حالهم دون حال المشركين).([2])
ويظهر بجلاء أن المعنى اللغوي صار جزءا من المعنى الاصطلاحي الذي صار يشتمل على أخبار المغازي النبوية وطريقته صلى الله عليه وسلم وسننه في تعامله مع أعدائه بالإضافة إلى أخبار موالده ونشأته ونسبه ودعوته صلى الله عليه وسلم في مكة وهجرته ووفاته.
وقال الشيخ الطناحي (المقصود بمصطلح "السيرة النبوية" هو ما يتصل بسيدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم، من حيث الحديث عن نسبه الشريف، ومولده ونشأته، وبعثته، وصفاته، وتصرف أحواله إلى أن لقي ربه راضياً مرضياً بعد أن بلغ الرسالة وأدى الأمانة، وترك أمته على مثل المحجة البيضاء، فهذا هو الأصل في مصطلح "السيرة النبوية" لكنه قد استعمل أيضاً مضافاً إليه حديث المغازي والحروب التي خاضها الرسول صلى الله عليه وسلم، لإعلاء كلمة الله في الأرض، فصار هذان المصطلحان يتعاقبان على موضوع واحد، فكتاب ابن إسحاق يقال له : السيرة، ويقال له : المغازي، وقد جمع بعض المؤلفين المصطلحين في العنوان الذي اختاره لكتابه، كما ترى في كتب ابن عبد البر، وابن الجوزي، وابن سيد الناس، على أن هناك بعض الكتب التي تنصرف خالصة إلى السيرة النبوية بمعناها الأصلي الذي ذكرته، وذلك ما عرف بكتب دلائل النبوة، والشمائل، والخصائص). ([3])
وبناء على ما سبق يمكن إيجاز تعريفه بأنه علم يشتمل على أخبار حياة النبي صلى الله عليه وسلم من مولده إلى وفاته.
علم المغازي والسير بين علم التاريخ وعلم الحديث :
وعلم المغازي يتنازعه علم التاريخ من حيث أنه يؤرخ لحياة النبي صلى الله عليه وسلم، وعلم الحديث من حيث أن إثبات أخباره يكون بالأحاديث والآثار المسندة والمرسلة وهي مدار علم الحديث، كما إن كل ما صدر عنه صلى الله عليه وسلم هو من السنة والحديث النبوي كمصدر من مصادر التشريع، قال القنوجي (علم المغازي والسير :أي مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو من فروع علم التواريخ، وموضوعه ومنفعته وغايته وغرضه لا يخفى على كل ذي لب، ولكن لما كان ثبوتها بالأحاديث والآثار جعلناها من فروع علم الحديث، وفي هذا العلم مصنفات كثيرة أجلها وأفضلها تصنيف عبد الملك بن هشام ومغازي ابن إسحاق وغير ذلك).([4])
وكذلك جعله الإمام الحاكم فرعا من فروع علم الحديث فقال (النوع الثامن والأربعون : معرفة مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسراياه وبعوثه وكتبه: هذه النوع من هذه العلوم معرفة مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسراياه وبعوثه، وكتبه إلى ملوك المشركين، وكيف قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم الغنائم، وكيف أقام الحدود في الغلول، وهذه أنواع من العلوم التي لا يستغني عنها عالم).([5])
المبحث الثاني : في بيان أهميته وعناية السلف به :
وقد كان الاهتمام بهذا الفن مبكرا إذ كان الصحابة ومن بعدهم يحفظون المغازي والسيرة النبوية كما يحفظون القرآن، ويعلمونها الصغار، كما قال علي بن الحسين زين العابدين(كنا نُعلًّم مغازي النبي صلى الله عليه وسلم كما نعلم السورة من القرآن).([6])
وقال إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص(كان أبي يعلمنا مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعدها علينا، ويقول: هذه مآثر آبائكم فلا تضيعوا ذكرها).([7])
وقال الزهري(في علم المغازي علم الآخرة والدنيا).([8])
وقد كان ابن عباس يعلم المغازي، ويخصص لها يوما في دروسه.([9])
وقد كانت عناية ابن عباس في المغازي مبكرة جدا حين كان شابا يطلب العلم بعيد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة، حيث قال عن نفسه(كنت ألزم الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار فأسألهم عن مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نزل من القرآن في ذلك).([10])
وهو أوضح دليل على مدى ارتباط علم المغازي بعلم التفسير ونزول القرآن، إذ عامة أخبار المغازي ورد ذكرها في القرآن، وهو المصدر الأول لها، فاحتاج إلى المغازي لمعرفة أسباب نزولها، ومعرفة تفصيل ما أجمل القرآن ذكره من أخبارها .
ويمكن بيان أهمية علم المغازي والسير في كونه :
1 ـ التطبيق العملي للإسلام كما مارسه النبي صلى الله عليه وسلم.
2ـ فيه بيان لما جاء في القرآن من أحكام كثيرة بشأن معاملة من استجابوا للدعوة وهاجروا وما لهم من حقوق ومن لم يهاجروا منهم وكذا معاملة من لم يستجيبوا للإسلام ممن صالحوا وعاهدوا أو حاربوا وقاتلوا وأحكام الحرب والصلح والسلم...الخ
3 ـ البيان لمعاني كثير من آيات القرآن التي لا يمكن فهما إلا بعد الوقوف على تفاصيل أخبارها في المغازي والسير.
المبحث الثالث: في أول من صنف في المغازي والسير:
وقد اختلف الأئمة فيمن أول من صنف في المغازي فذهب ابن سعد إلى أن (محمد بن إسحاق أول من جمع مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم وألفها...وكان محمد بن إسحاق مع العباس بن محمد بالجزيرة وكان أتى أبا جعفر بالحيرة فكتب له المغازي).([11])
وذهب الذهبي إلى أن أول من صنف المغازي عروة بن الزبير([12]) ، وكذا قال ابن كثير(كان عروة فقيها عالما حافظا ثبتا حجة عالما بالسير، وهو أول من صنف في المغازي).([13])
بينما ذهب السهيلي إلى أن أول من صنف في السير هو ابن شهاب الزهري.([14])
وذهب الصفدي إلى أن أول من صنف المغازي عروة، وأول من صنف السير ابن إسحاق، حيث قال(فأول من صنف في المغازي عروة بن الزبير رضي الله عنهما، ثم موسى بن عقبة، ثم عبد الله بن وهب، ثم في السير ابن إسحاق).([15])
وقال القنوجي (جمعها محمد بن إسحاق أولا، ويقال أول من صنف فيها عروة بن الزبير، وجمعها أيضا وهب بن منبه، وأبو عبد الله محمد بن عائذ القرشي الدمشقي الكاتب، وأبو محمد يحيى بن سعيد بن أبان الأموي الكوفي الحنفي المتوفى سنة إحدى وتسعين ومائة عن ثمانين سنة، ومنها مغازي محمد بن مسلم الزهري، وعبد الرحمن بن محمد الأنصاري، والواقدي، وموسى بن عقبة بن أبي عياش المتوفى سنة إحدى وأربعين ومائة ومغازيه أصح المغازي ،وفي هذا العلم مصنفات كثيرة أجلها وأفضلها تصنيف عبد الملك بن هشام ومغازي ابن إسحاق وغير ذلك).([16])
وقال الكتاني (وكتاب السيرة لأبي بكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب القرشي الزهري المدني نزيل الشام أحد الأعلام التابعي الصغير، قال بعضهم :أول سيرة ألفت في الإسلام سيرة الزهري).([17])
وذهب الزركلي إلى أن (أبان بن عثمان بن عفان الأموي القرشي: أول من كتب في السيرة النبوية وسلمها إلى سليمان بن عبد الملك في حجه سنة 82 فأتلفها سليمان).([18])
وقال الطناحي (في النصف الثاني من القرن الأول الهجري بدأ بعض التابعين في تدوين أخبار السيرة النبوية ومغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويجمع مؤرخو السير على أن أول من كتب في ذلك هو أبو عبد الله عروة بن الزبير بن العوام الأسدي القرشي، المتوفى سنة 93هـ، وقد عاصره وتلاه نفر من التابعين الذين عرفوا بالعناية بالسيرة، وجمع أخبارها، منهم أبان بن عثمان بن عفان المتوفى سنة 105هـ، ووهب بن منبه المتوفى سنة 110هـ، وعاصم بن عمر بن قتادة المتوفى سنة 120هـ، ومحمد بن مسلم بن عبد الله بن شهاب الزهري المتوفى سنة 124هـ، وعبد الله بن أبي بكر ابن محمد بن حزم المتوفى سنة 135هـ ).([19])
والصحيح أنه لا تعارض بين هذه الأقوال، ويمكن الجمع بينها، فإن علم المغازي كان أسبق من علم السيرة في الظهور والتصنيف، فإن أول من صنف في فن المغازي من طبقة التابعين هو عروة بن الزبير، بينما أول من صنف في فن السيرة محمد بن شهاب الزهري، وإن اشتهر كتابه بعد ذلك بالمغازي، فإنه صنف في المغازي أيضا، غير أنه أول من ألف في السير، وقد يكون أبان بن عثمان ـ وهو شيخ الزهري ـ قد سبقه إلى ذلك إلا أن كتابه في السير لم يشتهر، وقد يكون صحيفة، وأول من صنف صحيح المغازي موسى بن عقبة، وأول من جمع المغازي والسير هو محمد بن إسحاق، وسيأتي في تراجمهم بيان ذلك وما يؤكده.
وأما نفي أن يكون لهؤلاء الأئمة مصنفات احتجاجا بما جاء عن مالك أنه قال :(لقد هلك ابن المسيب ولم يترك كتاباً، ولا القاسم بن محمد، ولا عروة بن الزبير، ولا ابن شهاب).([20])
فهذا احتجاج فيه نظر من وجوه:
الأول : أنه ثبت ثبوتا قطعيا أن لعروة وللزهري كتبا في المغازي والسير، ولا ينفي ذلك عدم علم مالك بها، على فرض صحة هذه العبارة عنه.
الثاني: أن هذه العبارة مجتزأة من سياق، وهي صحيحة في حق ابن المسيب والقاسم، أما عروة والزهري فلا، فيحتمل أنه قصد ليس لهما كتب في الحديث، أو ليس لهما كتب في الفقه، أو ليس لهما كتب يحدثون منها، بل كانوا يحدثون من حفظهم، وهذا هو السياق الذي أوردها الذهبي فيه.
المبحث الثاني : طبقات أئمة المغازي والسير :
وقد اشتهر أئمة هذا الفن منذ عصر التابعين ومن بعدهم، واشتهرت طبقاتهم، ومن هو المرجع والحجة فيهم عند الاختلاف في أخبار المغازي والسير، وهذه الطبقات والمراتب بحسب الزمان وبحسب المكان:
طبقاتهم ومراتبهم بحسب الزمان:
وتكاد تتفق كلمة الأئمة على أنهم على طبقتين:
الأولى : طبقة التابعين والحجة والمرجع فيهم ممن صنفوا ابن شهاب الزهري، كما قال ابن عبد البر (وقول ابن شهاب في هذا الحديث عن سعيد بن المسيب (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قفل من خيبر) أصح من قول من قال (أن ذلك كان مرجعه من حنين) لأن ابن شهاب أعلم الناس بالسير والمغازي، وكذلك سعيد بن المسيب ولا يقاس بهما في ذلك).([21])
والثانية : طبقة أتباع التابعين وأتباعهم ، والحجة والمرجع في فن المغازي والسير في أهل هاتين الطبقتين أربعة: موسى بن عقبة، ومحمد بن إسحاق، وأبو معشر، والواقدي، كما قال ابن سعد (خلاد بن قيس بن النعمان..ذكر عبد الله بن محمد بن عمارة الأنصاري أنه شهد بدرا مع أخيه خالد بن قيس، ولم يذكر ذلك محمد بن إسحاق، وموسى بن عقبة، وأبو معشر، ومحمد بن عمر، فيمن شهد عندهم بدرا، قال ولا أظن ذلك بثبت، لأن هؤلاء أعلم بالسيرة والمغازي من غيرهم).([22])
وقال ابن سعد أيضا(ولم يروه أحد ممن روى المغازي وأما موسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق وأبو معشر فلم يذكروا سعد بن مالك ولا ابنه سعد بن سعد فيمن شهد عندهم بدرا وهو الثبت عندنا أنه لم يشهد أحد منهما بدرا) ([23])
ثم كل من جاء بعد هاتين الطبقتين فهم عيال عليهم، وتبع لهم.
طبقاتهم ومراتبهم بحسب المكان:
كما فصل شيخ الإسلام ابن تيمية في مراتب أهل المغازي والسير بحسب البلدان، وقدم أهل المدينة على غيرهم في معرفة المغازي والسير، ثم أهل الشام، ثم أهل العراق، حيث قال(فإن أعلم الناس بالمغازي أهل المدينة، ثم أهل الشام، ثم أهل العراق، فأهل المدينة أعلم بها لأنها كانت عندهم، وأهل الشام كانوا أهل غزو وجهاد فكان لهم من العلم بالجهاد والسير ما ليس لغيرهم، ولهذا عظم الناس كتاب أبي إسحاق الفزاري الذي صنفه في ذلك، وجعلوا الأوزاعي أعلم بهذا الباب من غيره من علماء الأمصار).([24])
وهذه نبذة تاريخية عن مشاهير أئمة المغازي والسير خاصة من ذكر عنهم أنهم صنفوا في هذا الفن، بحسب طبقاتهم الزمانية، واقتصرت على طبقة التابعين، وأتباعهم، وأتباع أتباعهم، أي أهل القرن الأول والثاني، إذ كل من جاء بعد ذلك إنما هم رواة لكتبهم ومصنفاتهم، وعيال على مرواياتهم:
الطبقة الأولى : طبقة التابعين :
1ـ عروة بن الزبير (23 – 93 هـ):
وهو ابن الصحابي الكبير : الزبير بن العوام ـ ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ وأمَّه هي أسماء بنت أبي بكر الصديق ابنة الخليفة الأول، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة بعد الصحابة([25])، وقد سمع الحديث من كثير من الصحابة في المدينة خاصة خالته عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فقد لازمها حتى حفظ كل حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم([26])، وكان عمر بن عبد العزيز الخليفة الأموي يقول (ما أجد أعلم من عروة بن الزبير).([27])
وقد اشتهر عروة بعلم المغازي والسنن والتفسير ورواية الشعر، وقد ثبت عنه أنه كان يملي على أبنائه أبواب الفقه والسنن على التوالي كما قال ابنه هشام:كان أبي يدعوني وعبد الله بن عروة وعثمان وإسماعيل إخوتي فيقول: لا تعنتوني مع الناس إذا خلوت فسلوني، فكان يحدثنا يأخذ في الطلاق ثم الخلع ثم الحج ثم الهدي ثم كذا ثم يقول: كروا علي فكان يعجب من حفظي. قال هشام: فو الله ما تعلمنا منه جزءاً من ألف جزء من أحاديثه[28].وعن هشام بن عروة: أن عون بن عبد الله قال: حدثني عن أبيك ؟ قال: فذهبت أحدثه عن السنن. فقال لا غرائب حديثه.[29]
وقد كان في أول أمره قد أحرق بعض كتبه في الفقه إجلالا للقرآن أن يكون معه كتاب آخر، ثم بعد ذلك كتب كتبه وأملاها على الناس ومنها كتبه في المغازي، كما ثبت عن ابنه هشام بن عروة أن أباه أحرق كتبا له فيها فقه ثم قال: لوددت أنى كنت فديتها بأهلي ومالي.[30]
وهو أوَّل من صنف كتاباً في مغازي النبي صلى الله عليه وسلم([31])، وقد روى عنه المغازي وأخذها عنه كثير من الأئمة أشهرهم: ابنه هشام بن عروة، وابن شهاب الزهري، وأبو الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل القرشي الأسدي يتيم عروة بن الزبير ([32])، قال الحافظ ابن حجر(ورد عليهما بما أخرجه ابن لهيعة في المغازي التي يرويها عن أبي الأسود يتيم عروة عنه).([33])
وقال السخاوي:(محمد بن عبد الرحمن بن نوفل بن الأسود بن نوفل بن خويلد بن أسد بن عبد العزي بن الأسود القرشي: الأسدي، مدني الأصل، يتيم عروة، لأن أباه أوصى به إليه، نزل مصر وحدث بها بكتاب المغازي لعروة بن الزبير، وعن علي بن الحسين ..وعنه حيوة بن شريح وشعبة ومالك وابن لهيعة وآخرون، وكان أحد الثقات المشاهير، قال أبو حاتم: ثقة، وذكره ابن حبان في ثقاته، خرج له الأئمة وذكر في التهذيب، وتاريخ البخاري، وقال: مدني الأصل، سمع ابن الزبير، وعنه هشام بن عروة والزهري وحيوة ومالك، وقال ابن حبان:روى عنه مالك وأهل المدينة، وقدم مصر فيما قاله ابن لهيعة سنة ست وثلاثين، والأشبه قول الذهبي سنة بضع وثلاثين ومائة)([34]).
فهو أشهر من روى نسخة المغازي مفردة عن عروة، وحدث بها في مصر، بخلاف الزهري الذي ألف كتابا في المغازي ـ كما سيأتي ـ وضمنه مغازي شيخه عروة ومرويات غيره من شيوخه، وكذا ابنه هشام الذي روى كتب أبيه كلها السنن والمغازي، ولهذا ذكر الأئمة مغازي أبي الأسود عن عروة كالحافظ ابن حجر فقال في إثبات بعض الصحابة وشهودهم للمغازي(وكذا ذكره موسى بن عقبة في المغازي عن ابن شهاب، وأبو الأسود عن عروة وسائر من صنف في المغازي).([35])
وقد أخرج ابن إسحاق نحو 40 رواية من مغازي عروة بن الزبير، بعضها عن الزهري عن عروة، وبعضها عن هشام وعن أخيه يحيى بن عروة عن أبيه، وبعضها عن يزيد بن رومان، وبعضها عن صالح بن كيسان.([36])
2 ـ عكرمة مولى ابن عباس ( 25 ـ 105 هـ):
وهو من أئمة هذا الفن وأعلمهم به، وعليه مدار كثير من أخبار المغازي والسير، وقد أخذ هذا العلم عن ابن عباس كما أخذ عنه التفسير، قال أبو الشعثاء (هذا عكرمة مولى ابن عباس، هذا أعلم الناس، قال سفيان الوجه الذي غلبه فيه عكرمة المغازي، وكان إذا تكلم فسمعه إنسان قال كأنه مشرف عليهم يراهم). ([37])
قال الطحاوي (وكان من الحجة عليهم في ذلك لمخالفهم أن عكرمة مولى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، ومحمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري، وعليهما يدور أكثر أخبار المغازي، قد روي عنهما ما يدل على خروج أهل مكة من الصلح الذي كانوا صالحوا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأحداث أحدثوها). ([38])
ولم يذكروا لها كتابا في هذا الفن مع أنه من أئمته بلا نزاع.
3 ـ أبان بن عثمان بن عفان (25 ـ 105 هـ ):
وهو كبار التابعين وثقاتهم، وأحد فقهاء المدينة العشرة، وكان والي المدينة لعبد الملك بن مروان، وقد روى عنه الزهري([39])، وأخذ عنه المغيرة بن عبد الرحمن المغازي، فقد جاء عنه (أنه لم يكن عنده خط مكتوب من الحديث إلا مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها من أبان بن عثمان فكان كثيرا ما تقرأ عليه وأمرنا بتعليمها).([40])
وهو دليل على أن أبان بن عثمان كان قد كتب مبكرا المغازي في كتاب أو صحيفة، وعنه أخذها المغيرة بن عبد الرحمن.
4 ـ عامر الشعبي (30 – 106هـ):
وهو أحد أئمة المغازي والسير، أخذها عن الصحابة رضي الله عنهم، حتى شهدوا له بإمامته فيها، قال المزي(قال عبد الملك بن عمير مر ابن عمر على الشعبي وهو يحدث بالمغازي فقال لقد شهدت القوم فلهو أحفظ لها وأعلم بها ! ..سمع من ثمانية وأربعين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ..ومرسل الشعبي صحيح، لا يكاد يرسل إلا صحيحا).([41])
وقد كان للشعبي كتاب في المغازي، وكان يقرأه ويحدث الناس به، ساق الخطيب البغدادي بإسناده(عن نافع قال سمع ابن عمر الشعبي وهو يحدث بالمغازي، فقال لكأن هذا الفتى شهد معنا!)، وبإسناده(عن عبد الملك بن عمير قال مر ابن عمر بالشعبي وهو يقرأ المغازي قال فقال ابن عمر كأنه كان شاهدا معنا !). ([42])
وهذا يؤكد أن له كتابا أو صحيفة فيها أخبار المغازي، وكان يقرأها ويحدث بها في حياة ابن عمر، ولعله لهذا لم يذكر عنه أنه ممن صنف في المغازي، إذ التصنيف مرحلة أكثر نضجا وتطورا من الكتابة والتدوين في الصحف، كما قال معمر (أخبرني عثمان الجزري عن مقسم، قال معمر كان يقال له عثمان المشاهد، كتبت عنه صحيفتين في المغازي فاستعارهما مني رجل فذهب بهما، ولم أعر قبلهما كتابا).([43])
5 ـ شرحبيل بن سعد المدني مولى الأنصار (30 ـ 123 هـ ):
وهو من علماء التابعين، وقد روى عن قدماء الصحابة، وقد وثقه جماعة، وضعفه آخرون، وقد عاش نحو مائة عام، وعنه أخذ الزهري، وموسى بن عقبة، وأبو معشر، ومحمد بن إسحاق، وقد قال عنه سفيان بن عيينة (كان شرحبيل بن سعد يفتي، ولم يكن أحد أعلم بالمغازي والبدريين منه).([44])
6 ـ وهب بن منبه الصنعاني (34 ـ 110 هـ):
من علماء التابعين وثقاتهم، روى عن الصحابة أبي هريرة وأبي سعيد الخدري وابن عباس وابن عمر وابن عمرو بن العاص وجابر وأنس، وعن التابعين عمرو بن شعيب وأخيه همام بن منبه وغيرهم.
وروى عنه ابناه عبد الله وعبد الرحمن وابنا أخيه عبد الصمد وعقيل ابنا معقل بن منبه وسبطه إدريس بن سنان وعمرو بن دينار وغيرهم.([45])
قال القنوجي(وجمعها ـ أي المغازي ـ أيضا وهب بن منبه).([46])
وقال الطناحي (ويقال إنه توجد قطعة من كتاب وهب بن منبه، في مدينة هيد لبرج بألمانيا، في مجموعة سكوت رينهارت، وهي قطعة صغيرة كتبت على ورق البردي ، وفيها ذكر بيعة العقبة).([47])
وقال جواد علي(وعثر على مجموعة من أوراق مخطوطة في خزانة كتب "هايدلبرك" بألمانية، رأي "بيكر" أنها جزء من كتاب في المغازي، ينسب إلى وهب بن منبه).([48])
7 ـ عاصم بن عمر بن قتادة المدني (45 ـ 120 هـ):
وهو أحد علماء التابعين وثقاتهم، أخذ عن جماعة من الصحابة، وقد كان له علم بالسيرة ومغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان ثقة كثير الحديث عالما، وقد أخذ عنه محمد بن إسحاق، وكان وفد علي عمر بن عبد العزيز في خلافته، وأمره أن يجلس في مسجد دمشق فيحدث الناس بمغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومناقب أصحابه ففعل، ثم رجع إلى المدينة فلم يزل بها حتى توفي سنة عشرين ومئة.([49])
قال عنه الذهبي (صدوق علامة بالمغازي).([50])
ومغازيه من أهم مصادر تلميذه ابن إسحاق حيث روى عنه نحو 40 نصا وخبرا من أخبار المغازي والسير.([51])
8 ـ سليمان بن طرخان التيمي البصري ( 46 ـ 143 هـ) :
أحد الأئمة الأعلام في البصرة، أخذ العلم عن أنس بن مالك والحسن البصري وقتادة وغيرهم، وروى عنه شعبة والثوري وحماد بن سلمة وغيرهم.([52])
وقد صنف المغازي ورواها عنه ابنه المعتمر بن سليمان، ولعله أول من صنفها من أهل البصرة، قال الإمام أحمد (أول ما جلسنا إلى المعتمر كان يقرأ المغازي أحاديث مراسيل عن أبيه وغيره فلم نفهم ولم نكتب منها شيئا).([53])
وكذا سماها الكتاني ونسبها إلى ابنه المعتمر حيث قال (المغازي لأبي محمد المعتمر بن سليمان التيمي البصري أحد الأعلام المتوفى سنة سبع وثمانين ومائة).([54])
وقد سماها ابن خير الأشبيلي (سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم) وجعلها من تأليف سليمان حيث قال في فهرسته (كتاب سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم تأليف أبي المعتمر سليمان بن طرخان يقال له التيمي: حدثني به شيخنا الخطيب أبو الحسن شريح بن محمد بن شريح المقرئ رحمه الله قراءة مني عليه غير مرة وسماعا عليه أيضا أخرى، قال حدثني بها الفقيه أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عيسى بن منظور رحمه الله سماعا عليه في رمضان سنة 458 ، قال حدثنا أبو ذر عبد بن أحمد بن محمد الهروي قراءة عليه وأنا أسمع بمكة حرسها الله جل جلاله في المسجد الحرام عند باب الندوة سنة 431 ، قال حدثنا أبو علي زاهد بن أحمد بن أبا بكر بن أبي موسى السرخسي الفقيه بسرخس قراءة عليه سلخ شوال من سنة 388 والإسناد لفظه، قال حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله بن محمد الربيسي العسكري بها قرأت عليه في ذي القعدة سنة 318 ، قال حدثنا أبو عبد الله بن محمد بن عبد الأعلى الصنعاني قال حدثنا المعتمر بن سليمان بن طرخان قال حدثني أبي رحمه الله).([55])
وكذا ذكرها ابن حجر باسم السيرة ونسبها لسليمان التيمي أيضا حيث قال في قصة عداس(فلما رجع عداس قالا له ويحك يا عداس لا يصرفك عن دينك، وذكر سليمان التيمي في (السيرة) له أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم أشهد أنك عبد الله ورسوله).([56])
وقال أيضا(وفي مغازي سليمان التيمي أن سبب حزنهم أنهم خافوا أن يكون رسول الله صلى الله عليه و سلم يريد الإقامة بمكة).([57])
ولا يبعد أن تكون السيرة من تأليف سليمان، والمغازي كتاب آخر من تأليف ابنه المعتمر جمع فيه روايات كتاب أبيه وروايات غيره وضمنها كتابه المغازي، كما يفهم من عبارة الإمام أحمد.
9 ـ محمد بن شهاب الزهري القرشي المدني(50 – 123 هـ):
وقد كان أعلم أهل المدينة بالسنة وأكثرهم جمعاً لها، كما قال صالح بن كيسان (اجتمعت أنا والزهري ونحن نطلب العلم فقلنا : نكتب السنن، فكتبنا ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال : نكتب ما جاء عن الصحابة فإنه سنة، فقلت أنا : ليس بسنة فلا نكتبه، فكتب ولم أكتب فأنجح وضيَّعتُ).([58])
وكان في بداية طلبه للعلم يطوف على الشيوخ ويكتب كل ما يسمعه منهم بالألواح والصحف([59])، قال أبو الزِّناد (كنت أطوف أنا وابن شهاب على المشيخة ومع ابن شهاب الألواح والصحف)([60])، وعندما تولى عمر بن عبد العزيز الخلافة طلب منه أن يجمع له السنة، قال ابن حجر:(أول من دوَّن الحديث ابن شهاب الزهري على رأس المائة بأمر عمر بن عبد العزيز ثم كثر التدوين ثم التصنيف).([61])
وقد كان تلاميذ الزهري يقرؤون عليه كتبه([62])ومنها كتابه (المغازي) الذي كان يحفظه محمد بن إسحاق عن ظهر قلب، وكان ابن إسحاق من كبار تلاميذ الزهري الحفَّاظ خاصة في السيِّر والمغازي، وكان شيخه الزهري يشهد له بذلك.([63])
قال ابن عيينة (كنت عند ابن شهاب وسئل عن مغازيه، فقال هذا أعلم الناس بها يعني بن إسحاق، وقال حرملة بن يحيى عن الشافعي من أراد أن يتبحر في المغازي فهو عيال على محمد بن إسحاق).([64])
وقد صنف في المغازي، كما صنف السيرة أيضا، قال الكتاني (وكتاب السيرة لأبي بكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب القرشي الزهري، المدني نزيل الشام، أحد الأعلام، التابعي الصغير، قال بعضهم :أول سيرة ألفت في الإسلام سيرة الزهري).([65])
وقد أخرج ابن إسحاق في كتابه نحو 90 رواية عن الزهري.
10 ـ عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم المدني (60 ـ 130وقيل 135):
وهو تابعي كثير الحديث ثقة ثبت بلا خلاف، علم بالمغازي والسير، روى عن أنس بن مالك وسالم بن عبد الله بن عمر وأبي الزناد عبد الله بن ذكوان وهو من أقرانه وعبد الرحمن بن أبان بن عثمان بن عفان وعبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وعروة بن الزبير وعلي بن عبد الله بن عباس ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري وخالة أبيه عمرة بنت عبد الرحمن، وروى عنه شيخه الزهري وهشام بن عروة وابن إسحاق ومالك بن أنس وإسماعيل بن علية وحماد بن سلمة وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة وعبد الملك بن جريج وابن أخيه عبد الملك بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قاضي بغداد.([66])
قال عنه ابن حبان (من سادات الناس وفقهائهم).([67])
وقد روى عنه ابن أخيه عبد الملك بن محمد كتابه المغازي
وقد نسبه ابن النديم إلى عبد الملك فقال(عبد الملك بن محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم الأنصاري وتوفي سنة ست وسبعين ومائة ببغداد وكان قاضيا بها لهارون وله من الكتب كتاب المغازي).([68])
والصحيح أن المغازي لعمه عبد الله، فهو أحد الأئمة الذين روى عنهم ابن إسحاق كثيرا من أخبار المغازي والسير، بينما ابن أخيه عبد الملك فقيه قاض روى كتاب عمه المغازي.
وقد قال الذهبي عن عبد الله (الإمام الحافظ أبو محمد الأنصاري صاحب المغازي وشيخ ابن إسحاق).([69])
بينما قال الخطيب البغدادي عن ابن أخيه (عبد الملك بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أبو طاهر الأنصاري المدني، قدم بغداد وحدث بها عن عمه عبد الله بن أبي بكر، روى عنه سريج بن النعمان الجوهري، وكان ثقة، وولاه هارون الرشيد القضاء بالجانب الشرقي من بغداد، فمكث بعد أن وليه أياما ثم مات.([70])
وقال عنه سريج بن النعمان (عبد الملك بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم المدني الأنصاري من بني النجار، قدم علينا بغداد فأقام بها، وكتبنا عنه المغازي عن عمه عبد الله بن أبي بكر).([71])وقال طلحة بن محمد بن جعفر عنه (كان جليلا من أهل بيت العلم والسير والحديث).([72])
11 ـ موسى بن عقبة مولى آل الزبير (60 – 141هـ):
وهو من أئمة هذا الفن، ومن طبقة صغار التابعين، ولم يكن بالمدينة أحد أعلم بالمغازي منه([73])، وله كتاب(المغازي) وهي من أصح كتب المغازي والسير.([74])
وقد أخذ العلم عن كُريب مولى ابن عبَّاس (ت 98هـ)([75])، وقد قال موسى(وضع عندنا كريب حِمْلَ بعير من كتب ابن عباس، فكان علي بن عبد الله بن عباس إذا أراد الكتب كتب إليه: أبعث إلي بصحيفة كذا وكذا فينسخها ويبعثها إليه).([76])
وقد كان مالك يقول (عليكم بمغازي موسى بن عقبة فانه ثقة ـ وفي رواية أخرى عنه ـ عليكم بمغازي الرجل الصالح موسى بن عقبة فانها أصح المغازى...وكان ابن معين يقول كتاب موسى بن عقبة عن الزهري من أصح هذه الكتب).([77])
وقال مالك أيضا في توثيق مغازي موسى وتثبيتها(من كان في كتاب موسى بن عقبة قد شهد بدرا فقد شهد بدرا، ومن لم يكن في كتاب موسى بن عقبة فلم يشهد بدرا).([78])
قال الحاكم (وقد ذكر جماعة من الأئمة أن أصح المغازي كتاب موسى بن عقبة عن ابن شهاب).([79])
وقال الذهبي (موسى بن عقبة الأسدي المدني الحافظ مولى آل الزبير بن العوام...صنف المغازي .. قال أحمد بن حنبل عليكم بمغازي موسى بن عقبة فإنه ثقة).([80])
الطبقة الثانية : طبقة أتباع التابعين :
12 ـ محمد بن إسحاق المدني مولى قريش( 80 ـ 151 هـ ):
وهو إمام هذا الفن بلا منازع في عصره، قال شيخه الزهري : من أراد المغازي فعليه بمولى قيس بن مخرمة هذا([81]) ، وقال أيضا : لا يزال بالمدينة ـ أو بالحجاز ـ علم كثير ما بقى هذا بها يعنى بن إسحاق([82]) ، وقد بلغ من إجلال الزهري له أن أمر بوابه أن لا يحجبه متى جاء([83])، وقد بلغ من عنايته بعلم المغازي وشدة طلبها لها أنه حفظ مغازي شيخه الزهري عن ظهر قلب فتفلتت منه فحفظها ثانية.([84])
وقال شعبة : محمد بن إسحاق أمير المحدثين بحفظه .([85])
وهو إمام أهل هذه الطبقة في علم المغازي والسير، والمرجع فيه، وقد شهد له بذلك علماء هذا الفن في عصره، وبعد عصره، قال عنه الإمام الذهبي (محمد بن إسحاق بن يسار الإمام الحافظ أبو بكر المطلبي المدني مصنف المغازي رأى أنس بن مالك...وكان أحد أوعية العلم حبرا في معرفة المغازي والسير، وليس بذاك المتقن فانحط حديثه عن رتبة الصحة، وهو صدوق في نفسه مرضي، قال يحيى بن معين قد سمع من أبي سلمة بن عبد الرحمن وأبان بن عثمان، وقال هو ثقة وليس بحجة، وقال أحمد بن حنبل حسن الحديث، وقال علي بن المديني حديثه عندي صحيح، وقال النسائي ليس بالقوي، وقال الدارقطني لا يحتج به، وقال شعبة هو أمير المؤمنين في الحديث، وقال يزيد بن هارون لو كان لي سلطان لأمرت ابن إسحاق على المحدثين). ([86])
وقال الذهبي عنه أيضا (كان أحد أوعية العلم حبرا في معرفة المغازي والسير...والذي تقرر عليه العمل أن ابن إسحاق إليه المرجع في المغازي والأيام النبوية).([87])
وهو مع إمامته في المغازي فقد اختلف فيه أهل الحديث وتكلم فيه بعضهم والأئمة على الاحتجاج به في الحديث ولا ينزل حديثه عن الحسن كما رجحه الذهبي وعليه العمل. ([88])
وقال الحافظ ابن حجر (محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي مولاهم المدني نزيل العراق إمام المغازي والسير أحد الأئمة الأعلام). ([89])
وقد جمع ابن إسحاق المغازي والسير التي صنفت قبله، كمغازي عروة والزهري وغيرهما، وحررها أحسن تحرير، وأعاد تأليفها ثلاث مرات، قال عنه تلميذه إبراهيم بن سعد (نقض محمد بن إسحاق المغازي ثلاث مرات كل ذلك أشهده وأحضره).([90])
قال علي بن المديني: (نظرت في كتب ابن إسحاق، فما وجدت عليه إلا في حديثين، ويمكن أن يكونا صحيحين) ([91])، وقال عبدالله بن أحمد :(كان أبي يتّبع حديث ابن إسحاق، فيكتبه بالعلو والنزول، ويخرجه في المسند، وما رأيته أبقى حديثه قط).([92])
وقال عنه أحمد بن حنبل:(كان ابن إسحاق يأخذ كتب الناس، فيضعها في كتبه).([93])
وهذا أوضح دليل على كثرة الكتب في تلك الفترة، التي كانت مصادر لمحمد بن إسحاق استفاد منها في تأليف كتبه، ودليل أيضا على مدى اشتهار كتب ابن إسحاق.([94])
وقد علق الذهبي على كلام أحمد فقال:(هذا الفعل سائغ، فهذا صحيح البخاري فيه تعليق كثير).([95])
وقد أقبل الناس على كتابه المغازي يقرأونه عليه، ويحدثهم به، ويروونه عنه، واشتغلوا به عما سواها، قال يحيى بن سعيد الأموي (كان محمد بن سعيد أخي والعوفي سمعوا المغازي سماعا من ابن إسحاق، فأما أنا وأبو يوسف يعني القاضي وأصحاب لنا عرضا إلا الشيء يمر).([96])
وقال إبراهيم بن سعد (قال قال لي محمد بن إسحاق تركتني على أنقى من ليلة الصدر). ([97])
وقال أبو أحمد بن عدي (ولمحمد بن إسحاق حديث كثير، وقد روى عنه أئمة الناس شعبة والثوري وابن عيينة وحماد بن سلمة وغيرهم، وقد روى المغازي عنه إبراهيم بن سعد وسلمة بن الفضل ومحمد بن سلمة ويحيى بن سعيد الأموي وسعيد بن زريع وجرير بن حازم وزياد البكائي وغيرهم، وقد روى عنه المبتدأ والمبعث، ولو لم يكن لابن إسحاق من الفضل إلا أنه صرف الملوك عن الاشتغال بكتب لا يحصل منها شيء إلى الاشتغال بمغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومبعثه ومبتدأ الخلق لكانت هذه فضيلة سبق بها بن إسحاق، ثم من بعده صنفها قوم آخرون فلم يبلغوا مبلغ بن إسحاق منها، وقد فتشت أحاديثه الكثير فلم أجد في أحاديثه ما يتهيأ أن يقطع عليه بالضعف، وربما أخطأ أو يهم في الشيء بعد الشيء كما يخطئ غيره، ولم يتخلف في الرواية عنه الثقات والأئمة وهو لا بأس به).([98])
ومن أشهر من روى عنه المغازي : زياد بن عبد الله بن الطفيل أبو محمد البكائي الكوفي سمعها من محمد بن إسحاق مرتين، وقدم بغداد وحدث بها، فروى عنه أحمد بن حنبل وإسماعيل بن عيسى العطار وعبد الله بن سعيد الأموي .. ثم رجع إلى الكوفة فمات بها سنة ثلاث وثمانين ومائة في خلافة هارون، قال ابن إدريس :ما أحد أثبت في ابن إسحاق من زياد البكائي لأنه أملى عليه مرتين، قال حدثنا ابن إسحاق هذه المغازي قدم بن إسحاق فنزل الحيرة فطلبوا كاتبا يكتب لرجل من قريش فجاء زياد فأملى عليه مرتين .... وقال أحمد بن حنبل: زياد يعني صاحب المغازي البكائي ما رأيت كان به بأس، كان بن إدريس ـ أي عبد الله بن إدريس ـ حسن الرأي فيه، وقال أحمد مرة أخرى وسأل عن زياد البكائي فقال: كان صدوقا، وقال يحيى بن معين: زياد البكائي في ابن إسحاق ثقة، وقال عثمان بن سعيد الدارمي وسألت يحيى بن معين عن البكائي: فقال لا بأس به في المغازي وأما في غيره فلا، وسألت يحيى قلت عمن أكتب المغازي ممن يرو أعن يونس بن بكير أو غيره؟ قال اكتبه عن أصحاب البكائي، وقال أبو علي صالح بن محمد: ليس كتاب المغازي عند أحد أصح منه عند زياد البكائي وزياد في نفسه ضعيف ولكنه هو من أثبت الناس في هذا الكتاب، وذلك أنه باع داره وخرج يدور مع بن إسحاق حتى سمع منه الكتاب.([99])
13 ـ معمر بن راشد ( 95 ـ 153 أو 154هـ ):
الإمام الحافظ، بصري نزل اليمن وتوفي فيها، أخذ العلم عن قتادة والزهري وهمام بن منبه وهشام بن عروة وغيرهم من الأئمة، وروى عنه شعبة والثوري وابن جريج وعبد الرزاق وغيرهم.([100])
وقد صنف الجامع والمغازي، وهو أحد الأئمة في هذا الفن، قال عنه الذهبي(الإمام الحافظ، شيخ الإسلام ..وكان من أوعية العلم، مع الصدق والتحري، والورع والجلالة، وحسن التصنيف).([101])
قال عنه ابن النديم (معمر بن راشد من أهل الكوفة، يروى عنه عبد الرزاق، من أصحاب السير والأحداث، وله من الكتب كتاب المغازي).([102])
وقال أيضا(عبد الرزاق بن همام بن نافع الصنعاني ويكنى أبا بكر مولى لحمير، توفي سنة إحدى عشره ومائتين، وله من الكتب كتاب السنن في الفقه كتاب المغازي).([103])
والصحيح أن المغازي تصنيف معمر، يرويه عبد الرزاق عنه، كما قال ابن خير الإشبيلي (كتاب المغازي تأليف عبد الرزاق بن همام رحمه الله حدثني به أبو محمد بن عتاب رحمه الله إجازة ..)([104]) وقال أيضا(وحدثني بكتاب المغازي وهو من جملة المصنف). ([105])
وبمراجعة مصنف عبد الرزاق كتاب المغازي([106]) يظهر جليا أنه كتاب معمر، وعامته بل كله يكاد يكون عن معمر، وإنما عبد الرزاق راوية له فقط، كما أن أكثره عن الزهري، مما يؤكد أنها نسخة من مغازي الزهري، وقد رواها عنه معمر في مغازيه، وأضاف عليه بعض الزيادات عن غير الزهري، كما أن أخبار المغازي فيها كثير منها عن الزهري عن عروة، وهو ما يؤكد أن الزهري ضمن مغازي شيخه عروة كتابه المغازي، وزاد عليها ما سمعه من شيوخه الآخرين.([107])
14 ـ أبو معشر نجيح بن عبد الرحمن المدني مولى بني هاشم (95 ـ170 هـ):
وهو أحد أئمة هذا الفن، أخذه عن محمد بن كعب القرظي ونافعا مولى ابن عمر وسعيدا المقبري ومحمد بن المنكدر وهشام بن عروة، روى عنه ابنه محمد ويزيد بن هارون ومحمد بن عمر الواقدي وغيرهم وكان المهدي قد أقدمه من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بغداد فلم يزل بها حتى مات وكان من أعلم الناس بالمغازي ..
قال أبو نعيم : كان أبو معشر كيسا حافظا ...
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل قال سألته يعني أباه عن أبي معشر نجيح المدني فقال صدوق، ولكنه كان لا يقيم الإسناد..
توفي أبو معشر سنة سبعين ومائة في خلافة هارون الرشيد.([108])
وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم سمعت أبي وذكر مغازي أبي معشر فقال كان أحمد بن حنبل يرضاه ويقول كان بصيرا بالمغازي. ([109])
وهو أحد الأئمة الأربعة الذين إليهم المرجع في هذا الفن كما قال ابن سعد في خبر (ولم يذكر ذلك محمد بن إسحاق، وموسى بن عقبة، وأبو معشر، ومحمد بن عمر، فيمن شهد عندهم بدرا، قال ولا أظن ذلك بثبت، لأن هؤلاء أعلم بالسيرة والمغازي من غيرهم).([110])
قال ابن النديم (نجيح المدني أبو معشر، عارف بالأحداث والسير وأحد المحدثين، له من الكتب كتاب المغازي).([111])
قال الذهبي عنه (الإمام المحدث، صاحب المغازي، نجيح بن عبد الرحمن السندي، ثم المدني، مولى بني هاشم، رأى أبا أمامة بن سهل بن حينف، المتوفى سنة مئة، حدث عنه:ابنه محمد بن أبي معشر بالمغازي له، فكان خاتمة من روى عنه).([112])
الطبقة الثالثة : طبقة أتباع أتباع التابعين:
15 ـ أبو إسحاق الفزاري (105 ـ 185 هـ ):
إبراهيم بن محمد بن الحارث الفزاري، أحد الأئمة الأعلام، كوفي نزل الشام، روى عن هشام بن عروة، وموسى بن عقبة، والأوزاعي، وشعبة، وسفيان الثوري، ومالك بن أنس وغيرهم.([113])
وقد سمع منه جرير بن حازم المغازي وكتبها عن أبي إسحاق بأرمينية.([114])
قال الذهبي (قال الشافعي: لم يصنف أحد في السير مثل كتاب أبي إسحاق، وقال أبو حاتم: اتفق العلماء على أن أبا إسحاق الفزاري إمام يقتدى به بلا مدافعة).([115])
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية(وأهل الشام كانوا أهل غزو وجهاد فكان لهم من العلم بالجهاد والسير ما ليس لغيرهم، ولهذا عظم الناس كتاب أبي إسحاق الفزاري الذي صنفه في ذلك وجعلوا الأوزاعي أعلم بهذا الباب من غيره من علماء الأمصار).([116])
وقد ذكره ابن خير الإشبيلي في فهرسه باسم (السير) فقال (كتاب السير تأليف أبي إسحاق إبراهيم بن محمد الفزاري).([117])
16 ـ الوليد بن مسلم الدمشقي (119 ـ 195 هـ ):
عن محمد بن عجلان وابن جريج والأوزاعي ومالك والليث بن سعد وأبي إسحاق الفزاري والأوزاعي وغيرهم، وهو أعلم الناس بالأوزاعي وحديثه، وأعلم أهل الشام بالمغازي في زمانه.([118])
وله أصناف كثيرة وفقه حسن، قال ابن جوصا (لم نزل نسمع أنه من كتب مصنفات الوليد بن مسلم صلح أن يلي القضاء، قال ومصنفات الوليد سبعون كتابا).([119])
قال ابن خير في فهرسته (كتاب سير الوليد بن مسلم عن الأوزاعي. حدثني به أبو محمد بن عتاب رحمه الله قال أخبرني بها أبي رحمه الله قال حدثنا بها أبو القاسم خلف بن يحيى قال قرأت على أبي المطرف عبد الرحمن بن عيسى ابن مدراج قال حدثنا أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن قال حدثنا محمد بن وضاح قال حدثنا محمد بن عمرو الغزي قال حدثنا أبو العباس الوليد بن محمد بن مسلم قال سألت أبا عمرو الأوزاعي رحمه الله).([120])
قال ابن النديم (الوليد بن مسلم من أصحاب السير والأحداث، وله من الكتب كتاب المغازي).([121])
قال الزركلي (له 70 تصنيفا في الحديث والتاريخ، منها " السنن " و " المغازي ").([122])
17 ـ يحي بن سعيد الأموي ( 120 ـ 194 هـ ):
يحيى بن سعيد بن أبان بن سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف أبو أيوب القرشي ثم الأموي، من أهل الكوفة، سكن بغداد وحدث بها عن يحيى بن سعيد الأنصاري وهشام بن عروة وإسماعيل بن أبي خالد وسليمان الأعمش وعبيد الله العمري وابن جريج، وروى عن محمد بن إسحاق كتاب المغازي، حدث عنه ابنه سعيد وأحمد بن حنبل وسريج بن يونس ويحيى بن معين ومحمد بن حسان الأزرق..وثقه أحمد ويحيى بن معين والنسائي والدارقطني. ([123])
قال عنه الذهبي (الإمام المحدث، الثقة، النبيل، أبو أيوب القرشي، الأموي، الكوفي، وهو والد سعيد بن يحيى الأموي صاحب المغازي).([124])
فهو من رواة مغازي محمد بن إسحاق، وكذلك صنف في المغازي أيضا، كما قال الكتاني (المغازي لأبي أيوب يحيى بن سعيد بن أبان بن سعيد بن العاصي الأموي، الكوفي نزيل بغداد، الملقب (بالجمل) المتوفى سنة أربع وتسعين ومائتين).([125])
وولده سعيد بن يحيى كذلك إمام في المغازي، يروي مغازي بن إسحاق عن أبيه([126])، وكذلك له مصنف في المغازي، وله أيضا كتاب السير .([127])
18 ـ محمد بن عمر الواقدي المدني (130 ـ 207 هـ):
قاضي بغداد، وأحد أئمة المغازي والسير، سمع بن أبى ذئب ومعمر بن راشد ومالك بن أنس ومحمد بن عبد الله بن أخي الزهري ومحمد بن عجلان وربيعة بن عثمان وابن جريج وأسامة بن زيد وعبد الحميد بن جعفر وسفيان الثوري وأبا معشر وجماعة سوى هؤلاء، روى عنه كاتبه محمد بن سعد... ([128])
قال عنه تلميذه ابن سعد (محمد بن عمر بن واقد الواقدي مولى لبني سهم من أسلم، وكان قد تحول من المدينة فنزل بغداد، وولي القضاء لعبد الله بن هارون أمير المؤمنين بعسكر المهدي أربع سنين، وكان عالما بالمغازي والسيرة والفتوح، وباختلاف الناس في الحديث والأحكام، واجتماعهم على ما اجتمعوا عليه، وقد فسر ذلك في كتب استخرجها ووضعها وحدث بها).([129])
وقال عنه الخطيب البغدادي (وهو ممن طبق شرق الأرض وغربها ذكره، ولم يخف على أحد عرف أخبار الناس أمره، وسارت الركبان بكتبه في فنون العلم من المغازي والسير والطبقات، وأخبار النبي صلى الله عليه وسلم، والأحداث التي كانت في وقته وبعد وفاته صلى الله عليه وسلم، وكتب الفقه واختلاف الناس في الحديث وغير ذلك، وكان جوادا كريما مشهورا بالسخاء).([130])
وقال الذهبي عنه(أبو عبد الله المدني الحافظ البحر، لم أسق ترجمته هنا لاتفاقهم على ترك حديثه، وهو من أوعية العلم، لكنه لا يتقن الحديث، وهو رأس في المغازي والسير، ويروى عن كل ضرب، مات سنة سبع ومائتين، ولي قضاء بغداد وكان له رئاسة وجلالة وصورة عظيمة عاش ثمانيا وسبعين سنة).([131])
وقد تركه الشافعي وأحمد وابن المديني ويحيى بن معين وجماعة وكذبوه، وضعفه الدارقطني والساجي وجماعة([132])، ووثقه يزيد بن هارون، وعبد العزيز الدراوردي وقال عنه(ذاك أمير المؤمنين بالحديث)، ووثقه أبو عبيد القاسم بن سلام، وقال محمد بن أحمد الذهلي (والله لولا انه عندي ثقة ما حدث عنه أربعة أئمة أبو بكر بن أبى شيبة وأبو عبيد وأحسبه ذكر أبا خيثمة ورجلا آخر)، ووثقه أبو عامر العقدي فقال وقد سئل عنه (إنما يُسأل الواقدي عنا ما كان يفيدنا الشيوخ والأحاديث بالمدينة إلا الواقدي)، وسئل مصعب الزبيري عن الواقدي فقال (ثقة مأمون)، وسئل المسيبى عنه فقال (ثقة مأمون)، وسئل معن بن عيسى فقال (أسأل أنا عن الواقدي؟ يُسأل الواقدي عنى) وسئل عنه أبو يحيى الزهري فقال (ثقة مأمون)، وقال إبراهيم الحربي (من قال إن مسائل مالك وابن أبى ذئب توجد عند من هو أوثق من الواقدي فلا يصدق، لأنه يقول سألت مالكا وسألت ابن أبى ذئب).([133])
وقد دافع عنه ابن سيد الناس فقال (قلت سعة العلم مظنة لكثرة الإغراب، وكثرة الإغراب مظنة للتهمة، والواقدى غير مدفوع عن سعة العلم فكثرت بذلك غرائبه، وقد روينا عن على بن المديني أنه قال للواقدي عشرون ألف حديث لم نسمع بها، وعن يحيى بن معين أغرب الواقدي على رسول الله صلى الله عليه وسلم في عشرين ألف حديث، وقد روينا عنه من تتبعه آثار مواضع الوقائع وسؤاله من أبناء الصحابة والشهداء ومواليهم عن أحوال سلفهم ما يقتضى انفرادا بروايات وأخبار لا تدخل تحت الحصر، وكثيرا ما يطعن في الراوي برواية وقعت له من أنكر تلك الرواية عليه واستغربها منه ثم يظهر له أو لغيره بمتابعة متابع أو سبب من الأسباب براءته من مقتضى الطعن فيتخلص بذلك من العهدة، وقد روينا عن الإمام أحمد رحمه الله ورضي عنه أنه قال ما زلنا ندافع أمر الواقدي حتى روى عن معمر عن الزهري عن نبهان عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم (أفعمياوان أنتما) فجاء بشيء لا حيلة فيه، والحديث حديث يونس لم يروه غيره. وكان الرمادي يقول هذا مما ظلم فيه الواقدي: فقد ظهر في هذا الخبر أن يونس لم ينفرد به، وإذ قد تابعه عقيل فلا مانع من أن يتابعه معمر، وحتى لو لم يتابعه عقيل لكان ذلك محتملا، وقد يكون فيما رمى به من تقليب الأخبار ما ينحو هذا النحو).([134])
والصحيح من مجموع أقوالهم وأعدلها قول الدارقطني أنه ضعيف في الحديث، أما في المغازي والسير وتفاصيل أخبارها فالصحيح أنه إمام حجة مقبول الرواية إلا فيما ثبت غلطه فيه.
وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية (وإنما سقنا القصة من رواية أهل المغازي، مع ما في الواقدي من الضعف، لشهرة هذه القصة عندهم، مع أنه لا يختلف اثنان أن الواقدي من أعلم الناس بتفاصيل أمور المغازي وأخبرهم بأحوالها، وقد كان الشافعي وأحمد وغيرهما يستفيدون علم ذلك من كتبه، نعم هذا الباب يدخله خلط الروايات بعضها ببعض، حتى يظهر أنه سمع مجموع القصة من شيوخه وإنما سمع من كل واحد بعضها ولم يميزه، ويدخله أخذ ذلك من الحديث المرسل والمقطوع وربما حدس الراوي بعض الأمور لقرائن استفادها من عدة جهات، ويكثر من ذلك إكثارا ينسب لأجله إلى المجازفة في الرواية وعدم الضبط، فلم يمكن الاحتجاج بما ينفرد به، فأما الاستشهاد بحديثه والاعتضاد به فمما لا يمكن المنازعة فيه، لا سيما في قصة تامة يخبر فيها باسم القاتل والمقتول وصورة الحال، فإن الرجل وأمثاله أفضل ممن ارتفعوا في مثل هذا عن كذب ووضع).([135])
19 ـ علي بن محمد أبو الحسن المدائني القرشي ولاء ( 131 ـ 224 هـ):
بصري سكن المدائن ثم انتقل عنها إلى بغداد فلم يزل بها إلى حين وفاته، وهو صاحب الكتب المصنفة، سمع قرة بن خالد وهو أكبر شيخ له، وشعبة، وجويرية بن أسماء، وعوانة بن الحكم، وابن أبي ذئب، ومبارك بن فضالة، وحماد بن سلمة، وسلام بن مسكين، وطبقتهم، وكان نشأ بالبصرة، روى عنه الزبير بن بكار وأحمد بن أبي خيثمة والحارث بن أبي أسامة والحسن بن علي بن المتوكل وغيرهم.. قال أبو قلابة حدثت أبا عاصم النبيل بحديث فقال عمن هذا فإنه حسن؟ قلت ليس له إسناد ولكن حدثنيه أبو الحسن المدائني، فقال لي سبحان الله أبو الحسن إسناد. ..قال يحيى بن معين ثقة ثقة ثقة، عن أحمد بن زهير قال قال لي يحيى بن معين غير مرة اكتب عن المدائني كتبه، وكان قد قارب مائة سنة فقيل له في مرضه ما تشتهي؟ فقال اشتهي أن أعيش! وكان مولده ومنشؤه بالبصرة ثم سار إلى المدائن بعد حين ثم سار إلى بغداد فلم يزل بها حتى توفي بها في ذي القعدة سنة أربع وعشرين ومائتين، وكان عالما بأيام الناس، وأخبار العرب وأنسابهم، عالما بالفتوى والمغازي ورواية للشعر صدوقا في ذلك. ([136])
قال عنه الذهبي(العلامة الحافظ الصادق أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله بن أبي سيف المدائني الإخباري، نزل بغداد، وصنف التصانيف، وكان عجبا في معرفة السير والمغازي والأنساب وأيام العرب، مصدقا فيما ينقله، عالي الإسناد).([137])
20 ـ أبو مسهر عبد الأعلى بن مسهر الدمشقي (140 ـ 218 هـ):
أحد الأئمة الحفاظ الأثبات الأعلام في الشام، في علم الحديث وفي علم المغازي والسير، وإليه المرجع فيه، قال عنه ابن حبان (وكان إمام أهل الشام في الحفظ والإتقان ممن عنى بأنساب أهل بلده وأنبائهم وإليه كان يرجع أهل الشام في الجرح والتعديل لشيوخهم).([138])
وقال عنه الخطيب البغدادي (عبد الأعلى بن مسهر أبو مسهر الدمشقي الغساني من أنفسهم، سمع سعيد بن عبد العزيز التنوخي ويحيى بن حمزة الحضرمي ومالك بن أنس.. روى عنه يحيى بن معين ومحمد بن عبد الملك بن زنجويه وغير واحد من الأئمة، وكان من أعلم الناس بالمغازي وأيام الناس).([139])
وقال الحاكم أبو أحمد (كان عالما بالمغازي).([140])
الخاتمة
ومن خلال هذا الاستعراض الموجز لطبقات علماء المغازي والسير يظهر ما يلي:
1 ـ أن علم المغازي والسير من أوائل العلوم والفنون التي صنف فيها المسلمون، وقد ظهرت بواكيرها ـ كمغازي أبان وعروة ـ في النصف الثاني من القرن الأول ما بين 70 إلى 80 هـ .
2 ـ وأن أكثر أهل الأمصار عناية بعلم المغازي والسير هم أهل المدينة، وهم عروة بن الزبير، وأبان بن عثمان، وشرحبيل بن سعد، وعاصم بن قتادة، وابن شهاب الزهري، وعبد الله بن أبي بكر بن حزم، وموسى بن عقبة، ومحمد بن إسحاق، وأبو معشر نجيح بن عبد الرحمن، والواقدي، فهؤلاء هم الذين شهروه وهم الذين نشروه، وعلى كتبهم المعول والمعتمد.
3 ـ وأن أهل الشام أكثر عناية بهذا الفن بعد أهل المدينة كالوليد بن مسلم وأبي إسحاق الفزاري وعبد الأعلى بن مسهر ويحيى بن سعيد الأموي.
4 ـ كما لم يخل بلد من علماء شاركوا في العناية بهذا الفن، ففي مكة عكرمة مولى ابن عباس، وفي البصرة سليمان التيمي، وفي الكوفة عامر الشعبي، وفي المدائن وبغداد أبو الحسن المدائني، وفي اليمن وهب بن منبه ومعمر بن راشد.
5 ـ وأن أول من صنف المغازي عروة، وأول من صنف السير الزهري، وأول من جمع بينهما محمد بن إسحاق، وأول من صنف صحيح المغازي موسى بن عقبة، وأول من صنف في اليمن وهب بن منبه، وفي الكوفة الشعبي، وفي البصرة سليمان التيمي.
6 ـ كما أن أعلم الناس بهذا الفن من أهل الطبقة الأولى الزهري، ومن أهل الطبقة الثانية ابن إسحاق، ومن أهل الطبقة الثالثة الواقدي.
7 ـ وقد ثبت بأن عامة أئمة المغازي حفاظ أثبات ثقات في فنهم، ومن تكلم فيه أهل الحديث فإنما تكلموا فيه من جهة فنهم وهو رواية الحديث النبوي، وليس فيهم من تركوه إلا الواقدي، والصحيح أنه متروك في الحديث، وهو إمام في المغازي وثقه أبو عبيد القاسم بن سلام ويزيد بن هارون وعبد العزيز الدراوردي وغيرهم.
8 ـ وأن ما اتفق عليه موسى بن عقبة وابن إسحاق وأبو معشر والواقدي من أخبار المغازي والسير، فهو حجة ومحل اتفاق بين أهل المغازي، إذ هم أعلم بهذا الفن من غيرهم فاتفاقهم حجة كما نص عليه ابن سعد فيما سبق بيانه في طبقة أتباع التابعين .
9 ـ كما ثبت أن مغازي عروة، ومغازي الزهري محفوظة، جمعها وضمنها ابن إسحاق كتابه المغازي والسير، كما ضمنها معمر بن راشد كتابه المغازي، الذي يرويه عبد الرزاق، وكذا ضمنها غيرهم من الأئمة الذين جاؤوا بعدهم.
10 ـ كما بقيت نسخة المغازي لعروة مفردة من رواية ابن لهيعة عن أبي الأسود يتيم عروة، وقد ذكرها ونقل منها الأئمة في مصنفاتهم كالحافظ بن حجر.
المراجع والمصادر
أبجد العلوم : صديق القنوجي ، تحقيق عبد الجبار زكار، ط 1 1987دار الكتب العلمية ـ بيروت.
الإصابة في تمييز الصحابة : ابن حجر العسقلاني، تحقيق البجاوي ، ط 1 سنة 1412 هـ دار الجيل ، بيروت.
الإعلان بالتوبيخ لمن ذم أهل التاريخ، محمد بن عبد الرحمن السخاوي، طبعة أولى سنة 1986م ، تحقيق : فرانز لوزنثال، ترجمة : صالح أحمد العلي، الرسالة ـ بيروت .
أنيس الفقهاء : لقاسم القونوي، تحقيق الكبيسي ، ط 1 سنة 1406 ، دار الوفاء ـ جدة .
الأعلام : خير الدين الزركلي، ط 5 سنة 1980 ، دار العلم للملايين ، بيروت ـ لبنان.
البداية والنهاية : ابن كثير ، ط دار الكتب العلمية ، بيروت.
تاريخ بغداد : الخطيب البغدادي، دار الكتب العلمية، بيروت.
تاريخ دمشق : ابن عساكر ، تحقيق علي شيري ، دار الفكر ، لبنان.
تاريخ الطبري : ابن جرير الطبري، ط 1 سنة 1407، العلمية ، بيروت.
التاريخ الكبير : محمد بن إسماعيل البخاري، ط سنة 1361هـ ، إدارة المعارف العثمانية، الهند.
التاريخ: يحيى بن معين، تحقيق أحمد نور سيف، ط1 سنة 1399هـ .
التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة : السخاوي، نشر أسعد طربزوني، ط 1 سنة 1399 هـ.
تذكرة الحفاظ : الذهبي ، تحقيق عميرات، ط 1 سنة 1998 م، دار الكتب العلمية، بيروت.
التقريب: أحمد بن علي ابن حجر، تحقيق محمد عوامة، ط3 سنة 1411هـ، دار الرشيد، سوريا.
التمهيد: يوسف بن عبد البر ، طبعة ثانية سنة 1402هـ ، وزارة الأوقاف المغربية.
تقييد العلم: الخطيب البغدادي، تحقيق : يوسف العش، الطبعة الثانية ، 1974، دار إحياء السنة النبوية.
تهذيب التهذيب: أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني، الطبعة الأولى ، 1404 - 1984، دار الفكر ، بيروت.
تهذيب الكمال: المزي، تحقيق بشار عواد، ط1 سنة 1413هـ، الرسالة، بيروت.
الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع: الخطيب البغدادي، تحقيق د. محمود الطحان، مكتبة المعارف - الرياض ط 1403 .
الجرح والتعديل: ابن أبي حاتم، تحقيق المعلمي، ط1 سنة 372هـ دائرة المعارف العثمانية، الهند.
الدرر في اختصار المغازي والسير : ابن عبد البر ، تحقيق شوقي ضيف، ط 3 دار المعارف، مصر.
الرسالة المستطرفة : محمد بن جعفر الكتاني، تحقيق محمد المنتصر محمد الزمزمي الكتاني، الطبعة الرابعة ، 1406 – 1986، دار البشائر الإسلامية ـ بيروت.
سير أعلام النبلاء :محمد بن أحمد الذهبي، تحقيق جماعة، ط9 سنة 1413هـ، الرسالة، بيروت.
سيرة ابن هشام : ابن هشام ، تحقيق طه سعد، ط سنة 1411 هـ ، دار الجيل، بيروت.
شرح معاني الآثار: الطحاوي، تحقيق النجار، ط2 سنة 1407هـ، بيروت .
الطبقات: محمد بن سعد، تحقيق محمد عبدالقادر، ط1 سنة 1410هـ دار الكتب العلمية، بيروت.
طبقات المدلسين: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، تحقيق: د. عاصم بن عبدالله القريوتي، الطبعة الأولى ، 1403 – 1983، مكتبة المنار – عمان.
العلل رواية عبد الله بن أحمد: تحقيق وصي الله عباسي، ط1 سنة 1408هـ، المكتب الإسلامي، بيروت .
عيون الأثر في معرفة المغازي والسير، ابن سيد الناس، ط 1 سنة 1992، دار التراث، المدينة المنورة.
فتح الباري: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، تحقيق محب الدين الخطيب، ترقيم عبد الباقي ط1 سنة 1410هـ نشر دار الكتب العلمية، بيروت .
الفهرست : محمد بن إسحاق أبو الفرج النديم، ط 1398 - 1978دار المعرفة ـ بيروت .
فهرسة ابن خير الاشبيلي: أبو بكر محمد بن خير الأموي، تحقيق محمد فؤاد منصور، ط 1998م، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان.
الكاشف : محمد بن أحمد الذهبي ، تحقيق عوامة ، الطبعة الأولى سنة 1416هـ، دار القبلة، جدة.
الكامل في الضعفاء: عبد الله بن عدي الجرجاني، تحقيق سهيل زكار، ط3 سنة 1409، دار الفكر، بيروت.
لسان الميزان: أحمد بن علي ابن حجر، ط1 دار الكتاب الإسلامي، القاهرة .
المجروحين: محمد بن حاتم بن حبان، تحقيق محمود زايد، ط2 سنة 1402هـ دار الوعي، حلب.
مجموع الفتاوى: أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية، جمع ابن القاسم، طبعة سنة 1412هـ عالم الكتب، الرياض.
المصنف:عبد الرزاق بن همام الصنعاني، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي ط1 سنة 1982م المكتب الإسلامي، بيروت .
مشاهير علماء الأمصار : ابن حبان، الطبعة الأولى 1991 م، دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع ـ المنصورة.
المعرفة والتاريخ : البسوي، تحقيق ضياء العمري، ط 1 سنة 1989م ، مكتبة الدار ، المدينة المنورة.
معرفة علوم الحديث: الحاكم، تحقيق معظم حسين، ط1 دائرة المعارف العثمانية.
المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام: جواد علي، الطبعة الرابعة 2001م، دار الساقي.
الموجز في مراجع التراجم : محمود الطناحي، ط 1 سنة 1406 .
الموضوعات : ابن الجوزي، ط دار المعرفة ، بيروت.
الوافي في الوفيات : صلاح الدين الصفدي ، طبعة سنة 1962م، نشر: هلموت ريتر، فيسبادن.
[1] لسان العرب ، ابن منظور ، ط1 دار صادر ـ بيروت، 4/389 مادة سير و15/123 مادة غزا .
[2] أنيس الفقهاء لقاسم القونوي، تحقيق الكبيسي ، ط 1 1406 ، دار الوفاء ـ جدة ، ص 182 .
[3] الموجز في مراجع التراجم لمحمود الطناحي ط 1 سنة 1406 ص 34 .
[4] أبجد العلوم لصديق القنوجي ، تحقيق عبد الجبار زكار، ط 1 1987دار الكتب العلمية ـ بيروت، 2/514.
[5] معرفة علوم الحديث 1/320 باختصار .
[6]الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع 2/195، والبداية والنهاية 3/242 .
[7]الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع 2/195، والبداية والنهاية 3/242 .
[8] البداية والنهاية 3/242 .
[9] طبقات ابن سعد 2/368 .
[10] طبقات ابن سعد 2/371 .
[11] طبقات ابن سعد الجزء المتمم ص 401 ، وانظر تهذيب الكمال للمزي 24/ 426 ، وسير الأعلام 7/48 .
[12] تاريخ الإسلام 6/424 .
[13] البداية والنهاية 9/119، وانظر الوافي في الوفيات لصلاح الدين الصفدي 6/358 .
[15] الوافي في الوفيات 1/3 .
[16] أبجد العلوم لصديق القنوجي ، تحقيق عبد الجبار زكار، ط 1 1987دار الكتب العلمية ـ بيروت، 2/514.
[17] الرسالة المستطرفة ص 106 .
[19] الموجز في مراجع التراجم لمحمود ص 32 .
[20] تذكرة الحفاظ 1/ 84 .
[22] طبقات ابن سعد 3/627 .
[24] مجموع الفتاوى 13/346، ومقدمة في التفسير ص 68 .
[25] طبقات ابن سعد 5/136، وتهذيب الكمال 20/11، وسير الأعلام 4/421 .
[28] انظر المعرفة والتاريخ 1/305 .
[29] انظر المعرفة والتاريخ 1/302 .
[30] وانظر تاريخ ابن معين - رواية الدوري 3 /142 .
[31] الوافي في الوفيات، صلاح الدين الصفدي 1/3، طبعة سنة 1962م، نشر : هلموت ريتر، فيسبادن . والإعلان بالتوبيخ لمن ذم أهل التاريخ، محمد بن عبد الرحمن السخاوي، 147، طبعة أولى سنة 1986م . تحقيق : فرانز لوزنثال، ترجمة : د/ صالح أحمد العلي، الرسالة – بيروت .
[32] الجرح والتعديل 7/ 321 .
[34] التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة للسخاوي 2/174 رقم 3934.
[35] الإصابة في تمييز الصحابة 4/424 .
[36] انظر سيرة ابن هشام 2/54 و66 و77 و82 و127 و156 و160 و183 و184 الخ
[37] الكامل في الضعفاء 5/167.
[38] شرح معاني الآثار 3/ 311 .
[39] طبقات ابن سعد 5/ 151 ، وتهذيب الكمال 2/16 .
[40] طبقات ابن سعد 5/210 ، وتاريخ دمشق 60/72 ، وتهذيب الكمال 28/386 .
[41] تهذيب الكمال 14/35 .
[42] تاريخ بغداد 12/ 230 .
[43] رواه أحمد في العلل ومعرفة الرجال ـ رواية عبد الله ـ رقم 10 .
[44] تهذيب الكمال 12/ 417 .
[45] تهذيب الكمال 31/140 ، تهذيب التهذيب 11/147 .
[47] الموجز في التراجم ص 33 .
[48] المفصل في تاريخ العرب 1/86 .
[49] تاريخ دمشق 25/277 ، تهذيب الكمال 13/530 .
[51] انظر سرة ابن هشام 2/ 37 و38 و41 و45 و273 و276 و282و295 الخ
[53] العلل ومعرفة الرجال رقم 5175 .
[54] الرسالة المستطرفة ص 106 .
[55] فهرسة ابن خير الأشبيلي رقم 419 .
[58] عبد الرزاق في المصنف 11/258، ابن سعد في الطبقات 5/352، والمعرفة والتاريخ 1/637 وتقييد العلم 106 ، وجامع بيان العلم ص 127 .
[59] ابن سعد في الطبقات 5/352 ، والمعرفة والتاريخ 1/639 .
[61] انظر : فتح الباري 1/208 حديث رقم 113 ، والرسالة المستطرفة 4 – 6 .
[62] المعرفة والتاريخ 2/827 .
[63] تاريخ بغداد 1/219 وتهذيب الكمال 24/413 .
[64] تاريخ بغداد 1/215، وتهذيب الكمال 24/413 .
[65] الرسالة المستطرفة ص 106 .
[66] تهذيب الكمال 14/350 .
[67] مشاهير علماء الأمصار رقم 468 .
[70] تاريخ بغداد 10/408 وانظر تهذيب الكمال 18/293.
[71] تاريخ بغداد 10/408 وانظر تهذيب الكمال 18/294.
[72] تاريخ بغداد 10/408 وانظر تهذيب الكمال 18/294.
[73] تهذيب التهذيب 10/322 .
[74] تذكرة الحفاظ 1/148 وتهذيب التهذيب 10/361 – 362 والإعلان بالتوبيخ لمن ذم أهل التاريخ 146.
[75] سير الأعلام 4/480 وتهذيب التهذيب 8/433 .
[77] تاريخ دمشق 60/465، وتهذيب الكمال 29/119، وتهذيب التهذيب 10/322 .
[79] معرفة علوم الحديث ص 320 .
[80] تذكرة الحفاظ 1/148 .
[81] البخاري في التاريخ الكبير 1/40 .
[82] الجرح والتعديل 7/191 .
[83] الجرح والتعديل 7/191 .
[84] الجرح والتعديل 7/191 .
[85] البخاري في التاريخ الكبير 1/40 ، والجرح والتعديل 7/191 .
[86] تذكرة الحفاظ 1/172 .
[87] تذكرة الحفاظ 1/173 .
[89] لسان الميزان 7/518 .
[90] العلل رواية عبد الله بن أحمد 3/436 .
[94] وانظر الموضوعات لابن الجوزي 1/43 في قصة الشيخ الذي اشترى مغازي ابن إسحاق من السوق، وأخذ يحدث بها، وذلك في نصف القرن الثاني، مما يؤكد مدى شهرة كتابه، وذيوع صيته.
[96] تهذيب الكمال 31/322 .
[97] العلل رواية عبد الله بن أحمد 3/437 .
[98] الكامل في الضعفاء6/112.
[99] تاريخ بغداد 8/476 بتصرف واختصار .
[100] تهذيب الكمال 28/303 ، وتهذيب التهذيب 10/219 .
[104] فهرسة ابن خير رقم 425 .
[105] فهرسة ابن خير ص 108 .
[106] مصنف عبد الرزاق 5/ 313 .
[107] مصنف عبد الرزاق 5/ 313 و321 و330 و348 و375 و363 و383 و384 و410 .
[108] تاريخ بغداد 13/ 457 باختصار وتصرف.
[109] الجرح والتعديل 8/ 494 ، تهذيب الكمال 29/326 .
[110] طبقات ابن سعد 3/627 .
[112] سير الأعلام 7/435 .
[113] تهذيب الكمال 2/167 .
[114] الكامل في الضعفاء 2/125 .
[115] سير الأعلام 8/540 .
[116] مجموع الفتاوى 13/346، ومقدمة في التفسير ص 68 .
[117] فهرسة ابن خير الأشبيلي رقم 426 .
[118] تاريخ دمشق 63 /275 و287 .
[119] تاريخ دمشق 63 / 288 .
[120] فهرسة ابن خير رقم 427 .
[123] تاريخ بغداد 14/ 132 .
[124] سير الأعلام 9/139 .
[125] الرسالة المستطرفة ص 106 . لم يذكر الكتاني مصادره في أن له كتابا في المغازي والسير وليس بين أيدينا ما يؤكد ذلك أو ينفيه والمشهور بذلك ابنه أما هو فمشهور برواية مغازي ابن إسحاق.
[126] سير الأعلام 14/450 .
[127] فهرسة ابن خير رقم 428 .
[128] انظر تاريخ بغداد 3/3 .
[129] طبقات ابن سعد 5/425 .
[131] تذكرة الحفاظ 1/348 .
[132] انظر تهذيب التهذيب 9/323 .
[133] انظر أقوالهم في تاريخ بغداد 3/ 9 ـ 11.
[135] الصارم المسلول ص 101 .
[136] انظر تاريخ بغداد 12/54 ، وسير الأعلام 10/401 .
[137] سير الأعلام 10/400 .
[140] تهذيب التهذيب 6/91 .