اختصار (أخت الأحرار)
بين يدي المختصر :
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للخلق أجمعين، وبعد ..
فقد أرسلت إلي الأخت الكريمة (أخت الأحرار) تقترح علي قبل أشهر أن أختصر كتابي (الحرية أو الطوفان)، وكتابي (تحرير الإنسان)، ليسهل على عامة القراء الاستفادة منهما، فاعتذرت إليها، كما اعتذرت إلى كثيرين ممن تمنوا علي اختصار كتبي، ثم طلبت منها أن تقوم هي مشكورة بهذه المهمة، خاصة وهي موهوبة في مجال الاختصار والتهذيب وتقريب الأفكار، كما يشهد لها كتاباتها، فوافقت على القيام بذلك، فكان هذا المختصر الذي فاق الأصل، لسهولة قراءته، بعد تهذيبه، واختصاره، حتى صار تقريبا ربع الأصل، وقد علقت الأخت الكريمة في الحاشية على مواطن كثيرة، وقد رمزت لتعليقاتها بعبارة (المختصر)..
هذا وأسأل الله الكريم أن يجزيها خير الجزاء على ما قامت به، وأن يشركها في الأجر والثواب، وأن يبارك في علمها وعملها.
المؤلف
الجمعة 15 ربيع الأول 1432هـ
الموافق 19/2/2011م
مقدمة المختصر
الحمد لله وصلى الله وسلم على رسوله محمد بن عبد الله وبعد ..
فهذا اختصار لكتاب الدكتور حاكم المطيري (تحرير الإنسان)، حاولت فيه تقريبه وتسهيل قراءته على أكبر شريحة من القراء الذين يحتاجون إلى المختصرات، وإذا كان أنصار (الحرية أو الطوفان) تنبؤا له بإحداث ثورة فكرية وحركية وتصحيحية، فما هي تنبؤاتهم يا ترى لأثر هذا الكتاب العنيف؟! الذي قال مؤلفه عنه (جاء هذا الكتاب (تحرير الإنسان وتجريد الطغيان) لا كدراسة تاريخية كما هو كتاب (الحرية أو الطوفان) بل دراسة عقائدية أصولية للخطاب السياسي الإسلامي الذي يرفض رفضا قطعيا كل هذه الصور الطاغوتية وما ينتج عنها من استبداد وفساد)...
إن الفتنة الكبرى في الأرض - كما يقول سيد قطب - هي أن يقوم من بين العباد من يدعي حق الألوهية عليهم ثم يزاول هذا الحق فعلا! إنها الفتنة التي تجعل الناس شيعا ملتبسة فهم من ناحية المظهر يبدون أمة واحدة أو مجتمعا واحدا، ولكن من ناحية الحقيقة يكون بعضهم عبيدا لبعض!
ويا ترى أيهما أشق على النفس تكاليف العبودية لغير الله أم تكاليف الخروج منها؟! سيأتيك الجواب في هذا الكتاب!
وعن سبب تأليف هذا الكتاب قال مؤلفه ( بعد صدور كتاب(الحرية أو الطوفان) دار جدل كبير وظهر لي ما لم يكن في الحسبان، بأن جذور الأزمة تجاوزت الخطاب السياسي العملي إلى الخطاب العقائدي، فرأيت أن أتبعه بكتاب ثان يجيب على الأسئلة التي أوردها علي كثير من أهل العلم والرأي).
إن ردود الفعل الصارخة كانت الباعث لتأليف هذا الكتاب فغدا: كعودٍ زاده الإحراق طيبا؛ وهذا من بركات الكتاب الأول (الحرية أو الطوفان) فسبحان الله مقدر الأمور، مسبب الأسباب، يفتح على من يشاء من عباده بما يشاء!
الكتاب يدور حول معاني وحقائق الكلمات التالية :
الرب -الإله - النبي - الدِّين - العدل - المُلك - الحُكم - الإنسان - الحرية - الاستخلاف - الأمة - الأرض
المال - الشرك - الظلم - الجاهلية - الجبابرة - الفرعونية - الطاغوتية
هذه الكلمات والمعاني التي تكرر ذكرها في القرآن الكريم ستجد لها أخي الكريم بعد قراءتك هذا الكتاب طعما ولونا ورائحة وفهما مضاعفا لمعانيها، فتقرأ حينئذ القرآن بشعور حيّ، كأنه أُنزل لك وحدك، ويعنيك وحدك؛ فتوحيد الله، وتجريد الشرك والطغيان، وبيان مهمة رسل الله، والفرق بينهم وبين ملوك الأرض، وبالتالي ضرورة تحريرك أنت - وأنت الإنسان المستخلف في الأرض - من كل صور العبودية المعنوية والحسية التي تُمارس عليك هو مادة هذا الكتاب.
إن الدافع الأول لاختصار هذا الكتاب كان من أجل شريحة مهتمة بحال أمّتها، متألمة لما وصلت إليه من ضعف وذل وهوان؛ وهي لا تدري من أين جاءت العلة، ولا كيف ترفعها؛ وقد أعرضت هذه الشريحة عن قراءة التفصيل والتأصيل، وأقبلت على غثاء المستعجل هنا وهناك؛ وهي تملك عقلية حرة؛ تمقت التبعية والعبودية لغير الله، عقائدهم بيضاء نقية، فطائرهم سليمة أبية؛ عندهم من الولاء والبراء وحب الجهاد وأهله وحب هذا الدين والاستعداد للتضحية في سبيله أضعاف أضعاف ما عند كثير من دعاته وعلمائه اليوم - مع شديد الأسف - وربما تجد بعضا منهم في ملاعب الكرة، وعلى الأرصفة، وفي الديوانيات والاستراحات، وأمام الشاشات، يقتلون أوقاتهم باللهو وفضول اللعب والحديث، يهربون من واقعهم المرّ ومن لهيب أسئلة تتقلب في أذهانهم، والآهات على حال أمّتهم وأوطانهم في صدورهم مكتومة!
شريحة عزيزة، وثروة مهدرة، تستحق العناية والرعاية، والأمل فيهم جد كبير، والرجاء واسع، متى ما عرفوا الحق الذي حُجب عنهم دهرا طويلا، ومتى ما سخر الله لهم أمرا راشدا ناصحا هاديا ودليلا.
وأنا إذْ أهدي لهم هذا المختصر أدعو لهم بالفتح الرباني العاجل، والعودة الجميلة إلى صراط العزيز الحميد، ليكونوا في عصر الظلمات هذا مشاعل نور، ومصابيح هدى، وقادة فتح وتحرير {والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه} ولا أطيب من قلب يحب الله ورسوله صدقا، ويحب الذين آمنوا وجاهدوا.
أخت الأحرار
20/1/1432هـ