قصة الثورة العربية
بقلم د. حاكم المطيري
م5/10/2011
لقد تداعى الإسلاميون المصلحون بعد سقوط بغداد سنة 2003م، لتدارس المخرج بعد حدوث هذا الزلزال الذي كشف المنطقة عسكريا وسياسيا وفكريا!
وبدأت اجتماعاتهم السرية للتحضير للقاء يضم قيادات العمل الإسلامي في المنطقة، وكان ممن ساهم في التحضير له كل من :
الدكتور إبراهيم ...
والدكتور عبد الرحمن ...
وكان أول لقاء لتلك القوى على اختلاف توجهاتها الفكرية والتنظيمية في مدينة ... سنة 2004م، وقد شاركت في الإعداد له، وكنت حينها الأمين العام للحركة السلفية في الكويت، وكان بصحبتي الدكتور...، كما حضر من الكويت المهندس محمد... والمحامي محمد ... ممثلين عن ....!
وقد اجتمعوا على اختلاف توجهاتهم – وسأترك تفصيل ما جرى لكتاب آخر – يحدوهم الإخلاص والصدق، وتنقصهم الرؤية والمشروع والعزيمة!
وقد طلب مني أن أعد ورقة وتصورا للمخرج من الأزمة، فتحدثت في أول لقاء نحو نصف ساعة عن واقع المنطقة العربية، وعن تورط التيار الإسلامي بتحالفات مشبوهة شلت قدرته عن الحراك والتغيير، وعن فقدانه للرؤية والمشروع، وعن عجز قياداته عن العمل والمبادرة!
وقد تحدثت عن بداية التحالف الإسلامي مع النظام العربي الرسمي منذ مشروع الرئيس الأمريكي آيزنهاور سنة 1957م (مبدأ آيزنهاور) الذي تعهد فيه بحماية دول الشرق الأوسط من الشيوعية وحلفائها، وتبع ذلك تقديم دعم مفتوح لبعض الجماعات إسلامية، التي كانت تتعرض للاضطهاد في بلدانها، وتم توظيفها من حيث لا تشعر لمواجهة المد القومي الناصري، وتم تأسيس نواة ذلك المشروع الأمريكي لمواجهة الأيديولوجيا الشيوعية بأيديولوجيا عقائدية، وهو ما تفتقده الحكومات العربية الحليفة للولايات المتحدة، فرأت أمريكا ضرورة الاستفادة من التيار الإسلامي ليقوم بالمهمة، دون أن يصل إلى السلطة، وكان ترتيب ذلك التزاوج المشبوه قد تم في دول الخليج العربي وباكستان والمغرب والأردن، ثم بعد وصول السادات للحكم صار فجأة (الرئيس المؤمن)! وتم ترتيب التحالف مع الحركة الإسلامية فيها، وفتح الطريق أمامها للقيام بدورها في مواجهة الشيوعية والقومية، بدعم مصري رسمي، وازدادت العلاقة تشابكا بين الأنظمة العربية الحليفة للولايات المتحدة من جهة، وبعض الحركات الإسلامية من جهة أخرى، من المغرب إلى الباكستان، حتى إذا توج هذا التحالف بحرب تحرير أفغانستان من الروس، وبإسقاط الحكومة الشيوعية في عدن، في العقد الأخير من القرن العشرين، فإذا الولايات المتحدة وحكومات المنطقة تقلب لهم ظهر المجن، فقد انتهى دورهم ومهمتهم، ويجب إعادتهم للقمقم من جديد، وبدأت المواجهة لكل من يخرج عن الخط المرسوم أمريكيا، وفتحت المعتقلات لعشرات الآلاف في مصر وتونس والجزائر والمغرب والسعودية الخ خاصة الحركات الجديدة التي خرجت عن السيناريو المرسوم للجميع، والتي لم تدرك طبيعة التحالف الحركي الإسلامي التقليدي والنظام العربي الرسمي!
ووصل الحال ببعض الحركات الإسلامية التقليدية على اختلاف توجهاتها في الخليج والجزيرة العربية أن مضت في تحالفاتها مع الحكومات حتى في ظل الحرب الصليبية الجديدة على العراق، والتي سقطت بعدها دول الخليج والجزيرة العربية من جديد تحت احتلال عسكري مباشر، ليتم توظيف التيار الإسلامي الرسمي والشعبي فيها مرة أخرى لا لمواجهة التيار الشيوعي أو القومي، بل لمواجهة التيار الإسلامي الرديكالي الرافض للاحتلال الأمريكي والحكومات الحليفة له!
وعاد قطاع واسع من التيار الإسلامي التقليدي المتحالف مع الأنظمة يصارع طواحين الهواء لا لمشروع سياسي إسلامي بديل، بل لصالح الأنظمة الحاكمة وللاستعمار الذي فرضها وحماها، كما بدأ صراعه مع التيار الليبرالي الذي انتعش في ظل سيطرة أمريكا على المنطقة، وبدأ الاستنفار الدعوي لخوض حروب وهمية، لا من أجل المشروع الإسلامي، إذ ليس لديهم مشروع أصلا، بل من أجل تكريس الواقع نفسه، الذي يعترفون بمشروعيته، مع أن دهاقنته وسدنته ليبراليون علمانيون مستبدون مدعومون من الاستعمار الغربي!
وظل المستفيد من كل هذه الصراعات القديمة الجديدة هو النظام العربي الرسمي المستبد، وحليفه الغربي المحتل، وظلت الأمة تدفع ثمن هذا الصراع الذي يكرس الواقع أكثر فأكثر!
وقد قلت في الكلمة تلك لو وجدت الأمة في الخطاب الإسلامي دعوة إلى العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروة بالعدل، لما اجتاحت الشيوعية والاشتراكية العالم العربي في الخمسينات والستينات من القرن العشرين!
ولو وجدت الأمة في الخطاب الإسلامي دعوة إلى الوحدة ونضالا من أجلها، لما اجتاحت القومية العربية العالم العربي من المحيط إلى الخليج!
وها نحن نقع في الخطأ نفسه فالشعوب تتطلع إلى الحرية والخروج من هذه الحال البائسة، وإذا لم يستطع التيار الإسلامي أن يقدم حلا ورؤية لموضوع الحرية، فستجتاح الليبرالية العالم العربي، لا لأن الشعوب لا تريد الإسلام، وإنما لأن الإسلام الذي يعرض عليها منذ سبعين سنة إسلام مشوه مختزل، يريد ربطها بالآخرة دون حل لمشاكلها وواقع حياتها، بل ويتحالف مع الطغيان والظلم على حساب حريتها وكرامتها واستقلال أوطانها، وبدعوى أن الإسلام يرفض الثورة!
لقد فشل قادة التيار السياسي الإسلامي أو أكثرهم في فهم الإسلام نفسه، كما فشلوا في فهم واقع شعوبهم وحاجاتها، فهم يريدون من الشعوب أن تستنفر في كل مرة للوقوف معهم باسم الدين، دون أن يقفوا مع الشعوب من أجل دنياهم!
لقد تبنى الملايين في العالم العربي الاشتراكية لا كفرا بالإسلام، وإنما لأنهم لم يجدوا في الخطاب الإسلامي الرسمي ومؤسساته، ولا الشعبي وحركاته، دعوة حقيقة ولا نضالا من أجل العدالة الاجتماعية والمساواة!
كما تبنى الملايين من العرب القومية العربية لا كفرا بالإسلام، وإنما لأنهم لم يجدوا في الخطاب الإسلامي ما يحقق لهم الوحدة التي هي الحل لضعفهم وهوانهم، ودون مراعاة لشعورهم القومي الذي ينزع للوحدة والاستقلال عن الاحتلال! بل صار الإسلاميون فريقين فريق وطني قطري يستخف بكل دعوة للوحدة التي هي من أصول الإسلام وقطعياته {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا}، وفريق شعوبي يحتقر العرب ويزدريهم بدعوى المحافظة على الوحدة الإسلامية!
وقد أطلت في نقد أداء التيار الإسلامي السياسي وكشف تحالفاته مع الأنظمة، حتى وصلت إلى موضوع احتلال العراق، وكيف وقف قطاع كبير منه مع حكومات المنطقة التي تم تحويلها كلها إلى قواعد عسكرية للحملة الاستعمارية الجديدة على الأمة، دون أن يؤثر ذلك على تحالفات هذا التيار مع الأنظمة!
وكان أشد الحضور تأثرا أكبرهم سنا وهو الدكتور الفاضل محمد عمر ... والذي حاول الاعتذار عن الحركة الإسلامية والظروف الصعبة التي كانت تحيط بها آنذاك، إلا أنه اعترف بعمق الأزمة التي تعيشها، وغياب المشروع السياسي لديها!
ثم بعد أشهر تم عقد لقاء ثان بين ممثلي تلك القوى والتيارات وتم صياغة رؤية مشتركة للتعاون بين الجميع بما يدفع باتجاه الإصلاح السياسي في المنطقة، وبما يمكن معه لشعوب المنطقة مواجهة حدوث أي فراغ سياسي، حتى لا يتكرر ما جرى في العراق، وقد أعددت مسودة ذلك المشروع بتكليف من اللقاء الأول، وبعد يومين من العمل ومشاركة جميع ممثلي تلك القوى، في مدينة.... تم الاتفاق على المشروع الذي لم ير النور!
وبعد تلك الاجتماعات وفي لقاء آخر في بيروت صارحني الشيخ الفاضل الدكتور محمد عمر.. وكان معه الشيخ الطبيب حسين ... وقال لي : يا دكتور حاكم مشروع التغيير الذي تدعون إليه لن يستطيع الإسلاميون والدعاة والمشايخ حمله فتبعاته كبيرة فامضوا في طريقكم ولن يقفوا عائقا أمامكم!
وقد أكبرت في الرجل صدقه وإخلاصه وغيرته وحميته، وازددت إيمانا بأن الخطاب الديني المشوه يطبع الإنسان بالسلبية السياسية تجاه الاستبداد، وتجاه الاستعمار، فهو لا ينشد إلا الآخرة والنجاة لنفسه!
وبقدر فرحي بتداعي الجميع على اختلاف توجهاتهم لتلك الاجتماعات، بقدر ما أحزنني عجزهم وضعفهم وتشرذمهم وغياب الرؤية لديهم!
ورأيت ضرورة تأليف (تحرير الإنسان) لمعالجة الخلل الفكري والعقائدي لدى قطاع واسع من الأمة، فلم تعد المشكلة هي فقط في غياب مفاهيم الحرية في الخطاب السياسي الإسلامي، الذي جاء كتاب (الحرية أو الطوفان) ليبعثه من جديد، بل الأزمة أعمق وأعقد، فهي تصل إلى الإنسان المسلم العالم والفقيه والداعية نفسه وكيف يتم تحريره من العبودية لغير الله التي وصل إليها من حيث يظن أنه يعبد الله ويوحده!
وقد أخذت أدعو كل من لقيت إلى الخطاب السياسي القرآني والنبوي والراشدي، ولم أترك أحدا من أهل العلم والفضل إلا وسافرت إليه - وبرفقتي في أكثر تلك الأسفار الأستاذ المفكر ...، والدكتور الفاضل ... ولم نترك بلدا نستطيع الوصول إليه إلا ذهبنا إليه ندعو إلى ضرورة الإصلاح وتهيئة الشعوب للتغيير السلمي أو الثوري عند الضرورة!
وهو ما عبرت عنه صراحة سنة 2003م في كتابي الحرية أو الطوفان (ص 358) بقولي (وإن هذا الخطاب - الراشدي المنزل - لن يتحقق إلا بمواجهة الخطاب المؤول والمبدل فكريا، ثم بالعمل على نشره ودعوة الأمة وحكوماتها إلى تبنيه بالطرق السلمية؛ لتبادر الحكومات نفسها إلى إصلاح الأوضاع وتدارك ما فاتها، وإلا فالواجب العمل على تغييرها بكل وسيلة ممكنة، سواء بالعمل السياسي السلمي أو بالعمل الثوري؛ إذ بقاؤها بقاء للاستعمار، ولا سبيل إلى زواله إلا بزوالها)!
وأمضينا نحوا من ثمان سنين ( 2003 – 2010م ) قضيناها في الترحال لا يقر لنا قرار، نستنهض همم الرجال، في كل بلد عربي، وفي كل مؤتمر عام أو خاص، ندعوهم للنهضة والعمل من أجل التغيير، ومن أجل الحرية والتحرير، فكان أكثرهم يعجبه الرأي، ويستبعد إمكانية حدوثه!
وكان للشيخ العلامة سفر الحوالي – شفاه الله – موقف مشرف فقد كان من أكثر الدعاة اهتماما بالدعوة للإصلاح والتغيير، وقد دعاني للقاء حين قدومي للعمرة سنة 2004م، ولم يتيسر لي اللقاء به، فتجشم عناء الحضور للمطار في جدة قبل مغادرتي، وكان معه الدكتور الفاضل عبد الرحمن النعيمي من قطر، وكان برفقتي الشيخ محمد ...، وقد أثنى الشيخ سفر على ما ندعو إليه وعلى كتاب الحرية أو الطوفان وقال لي (هذا الكتاب فتح، وقد وفقك الله في تأليفه، ولم يؤلف في هذا الباب كمثل هذا الكتاب....الخ)، وأخبرته عن قيامنا بالتحضير للإعلان عن (حزب الأمة) في الكويت، وأنه حزب سياسي سلمي وأنه ...!
ففرح بهذه الخطوة فرحا شديدا، فكان من أبعد الشيوخ نظرا، وأسدهم رأيا، وأعظمهم همة وعزيمة!
كما اتصل بي أحد الدعاة المشاهير سنة 2005م وأخذ يثني على كتاب (الحرية أو الطوفان) ويصفه بأنه (كتاب العصر وأنه لم يؤلف مثله ...الخ) وأخبرني بأن وزارة الداخلية في بلده كلفت لجنة من خمسة أساتذة للاطلاع على الكتاب وكتابة تقرير عنه!
وقد كان بعض الدعاة يستخف بما كنت أدعو إليه من الإعداد للتغيير، والتحضير للمرحلة القادمة، والاستعداد وتهيئة الشعوب العربية للثورة، فكانوا يقولون هذه أحلام وأوهام، ويجب أن يكون خطابنا وسطيا لا تخدير فيه ولا تثوير!
وكأن هذه العبارة (لا تخدير ولا تثوير) أعجبتهم لحسن السجع فيها فاتخذوها عقيدة ودينا ومنهجا! مع فراغ مضمونها وإفلاسه فكريا وحركيا وأخلاقيا!
وكان لي مئات الجلسات والمناقشات مع العلماء والمفكرين والدعاة والمجاهدين حيث كنت أخبرهم بأن التغيير قادم، وأدعوهم إلى ضرورة الإعداد لملأ الفراغ السياسي حين حدوثه، حتى لا تتكرر كارثة العراق في بلد عربي آخر!
فكانوا بقدر إعجابهم بما أقول، استغرابهم مما أقول!
ثم جاءت مقابلتي في قناة الجزيرة في يناير سنة 2005م في برنامج بلا حدود مع أحمد منصور حول كتاب (الحرية أو الطوفان) والخطاب السياسي الإسلامي، وقد قال لي الأستاذ أحمد قبل الحلقة - وكان برفقتي الشيخ سيف الهاجري - لقد قرأت الكتاب ودهشت مما فيه! فأنا في الحركة الإسلامية منذ ثلاثين سنة لم أعرف بأن النظام السياسي الإسلامي يمكن أن تكون فيه معارضة وتداول سلمي للسلطة!
وقال : لقد كنا نعرف كل الأحداث التي ذكرتها في الكتاب إلا إننا لم نفهمها على هذا النحو الذي تم عرضها فيه!
فكانت تلك المقابلة إعلانا عن الخطاب السياسي الإسلامي الراشدي الجديد!
وكانت أصداؤها كبيرة، وكان يشاهدها كبار الملأ، كما أخبرت من جلسائهم، وكاد يجن جنونهم خاصة عندما سأل أحمد منصور : هل تعني أنه في الخطاب الراشدي لا ملكيات في الإسلام!
فقلت : نعم لا ملكيات في الإسلام!
وقد اتصل بي بعد المقابلة مباشرة الشيخ الفاضل عبد المجيد المبارك من بريطانيا وقلت له: هذا تأويل رؤياك قد جعلها ربي حقا!
وهي رؤيا الشيخ التي أشرت إليها في حاشية مقدمة الكتاب دون أن أقصها، وكان قد حدثني بها حين زرت الأخوة في أمانة معاذ الخيرية بمدينة برمنغهام في بريطانيا سنة 2003م، قبل طباعة الكتاب، وصليت الجمعة هناك، فأخبرني الشيخ عبد المجيد أنه رأى رؤيا قبل صلاة الجمعة: بأنه جاء للمسجد فإذا أنا أصلي بالناس إماما، ثم قمت فخطبت فيهم، فقال رجل : ألا تخشى أولئك ويشير بيده نحو أهل الخليج والجزيرة العربية؟
فقلت له (من أسخط الناس برضا الله رضي الله عنه وأرضى عنه الناس)!
فقام آخر فقال : ما ذكرته هو الحق وقد سبقك إليه الإمام الغزالي صاحب كتاب (إحياء علوم الدين)...الخ!
فلما فرغ الشيخ عبد المجيد من قص الرؤيا قلت له: لعل الرؤيا بشرى خير! فأنا عاكف على مراجعة مسودات كتاب (الحرية أو الطوفان)، وقد يكون له من الشهرة والأثر في إحياء الخطاب السياسي الإسلامي ما كان لكتاب الغزالي من شهرة وأثر في إحياء علوم الدين، بعد حالة الانحطاط الروحي التي عاشها المسلمون في عصره!
كما أستنبطت من الرؤيا من هم الذين سيتصدون للخطاب السياسي الإسلامي الراشدي الذي بشر به الكتاب، وأن أدعياء السنة هم أول من يحاربون الخطاب الراشدي ويذودون عن المحدثات وعن سنن الملك العضوض باسم السنة وسلف الأمة!
وبعد تلك المقابلة مباشرة قرر الملأ ضرورة محاصرة هذا الفكر!
وفي الرؤيا إشارات لم يقع تأويلها بعد!
لقد كانت دعوتي للثورة من منظور شرعي استجابة طبيعية للظروف التي جعلت من الثورة خيارا وحيدا، بعد أن فشلت كل المحاولات الإصلاحية في العالم العربي للخروج من هذا المأزق التاريخي، وآل أمر كل قيادات الإصلاح إلى السجون والمعتقلات، وسدت أمامهم كل الأبواب والطرقات، وقد أدرك عدد من نقاد كتابي (الحرية أو الطوفان) أبعاد الدعوة وأسبابها، كالكاتب الكبير فهمي هويدي، وغيره ممن تعرضوا للكتاب بالدراسة والنقد بعد صدوره، ومن أبرز تلك الدراسات حول الكتاب مقال (قراءة في أوراق الإصلاح العربي) 'الحرية أو الطوفان' مواجهة مع ميراث الاستبداد والطغيان:
بقلم محمد أبو رمان..
29/9/2005 مجلة العصر..
وجاء فيه ( يمثل جزء كبير من التراث والفقه السياسي الإسلامي عقبة رئيسة أمام تقدم حركة الإصلاح العربي اليوم، وعلى الرغم من الجهود التي بذلت طيلة القرن الماضي للتغلب على ما في هذا التراث من قيم وأحكام وأدبيات - تختزل المفاهيم والممارسة السياسية في علاقة الطاعة والخضوع للحاكم وتكرس الاستبداد- إلاّ أنّ تأثير هذا التراث السلبي ما زال حاضرا بقوة في الحس الإسلامي العام، ولما تستطع بعد كل المحاولات المبذولة هدم هذا الجدار الثقافي والنفسي الذي بناه التراث والخبرة التاريخية الإسلامية ضد إقبال الناس على ممارسة سياسية سليمة، بل على النقيض من ذلك فإن السياسة لدى التيار الشعبي العريض من الناس بمثابة الشجرة الملعونة التي يحظر الاقتراب منها. وهذا الانطباع السائد لا يقف عند حدود الثقافة الشعبية ودلالاتها، لكن أيضا لدى النخب المثقفة التي تحمل وعيا حذرا اتجاه الموضوع السياسي.
من هنا يعتبر اتجاه عريض من الباحثين والمفكرين أنّ أحد أهم شروط مضي حركة الإصلاح السياسي العربي قدما، وضمان اكتسابها القاعدة الاجتماعية والشعبية المطلوبة يتمثل في التخلص من الظلال والعبء الذي يضعه هذا التراث أمام مسيرة هذه الحركة وتطورها، الأمر الذي يتطلب مجهودا فكريا ومعرفيا كبيرا يقوم على إعادة بناء أحكام الفقه السياسي الإسلامي التي عكست الخبرة التاريخية العربية، أكثر مما عكست منطق الوحي الرباني من ناحية، وغربلة التراث الإسلامي - من ناحية أخرى- بما يكفل نقده نقدا منهجيا موضوعيا ثم إعادة توظيفه بما يخدم حركة الإصلاح ويدفعها إلى الأمام.
في هذا المجال بذلت جهود كبيرة في القرن الماضي، خاصة مع جهود الإصلاحية العربية الأولى، وقد بدأ هذه الجهود جمال الدين الأفغاني ورفيقه محمد عبده وتلميذه رشيد رضا وخير الدين التونسي ومعهم عبد الرحمن الكواكبي، إلاّ أن هذه الجهود لم تصل إلى النفوذ والتأثير الكبير داخل الحس الإسلامي العام نظرا للقطيعة الفكرية والسياسية الذي أحدثته معها فيما بعد الحركات الإسلامية، بذرائع مختلفة تتلخص باتهام الإصلاحيين الأوائل بالتواطؤ مع الاستعمار الغربي أو تهمة تطويع الدين لتبرير الحداثة، وربما أدت مقالة علي عبد الرازق (في نقد نظرية الخلافة) من خلال كتابه (الإسلام وأصول الحكم) دورا معاكسا تماما لما أريد لها، إذ أعطت دفعا وتبريرا للمخاوف من وجود محاولات داخل النسق الفقهي والفكري الإسلامي لإقصاء الإسلام عن المجال السياسي العام.
وعلى الرغم من رفض مرحلة الإحيائية الإسلامية للتراث السياسي القديم وتأسيسها لممارسة سياسية إسلامية تتجاوز مقولات الخضوع للسلطة والطاعة وتكفير المعارضة، إلاّ أنّ انصباب جهود الإحيائيين (الحركات السياسية الإسلامية) على الجانب العملي وإغفال الجانب الفكري والمعرفي وتغول مشروع الصراع السياسي مع السلطات العربية الحاكمة، أدى إلى استمرار الدور السلبي للتراث الإسلامي في الحس الشعبي العام، خاصة مع وجود بعض الاتجاهات الإسلامية التقليدية من ناحية والدينية الرسمية من ناحية أخرى التي تعيد الاعتبار لهذا التراث وتؤسس عليه مواقفها وممارستها السياسية السلبية لخدمة السلطة، من خلال التأكيد على لزوم طاعة السلطة وتحريم الأحزاب السياسية والمعارضة وتضييق مساحة الحريات السياسية ومصادرة مبادئ حقوق الإنسان بذريعة حداثتها وعدم وجود سند من التراث الإسلامي يرفدها.
في المقابل، استأنف عدد من المفكرين والباحثين في المجال الإسلامي مقولات الإصلاحيين الأوائل، وتزايدت في السنوات الأخيرة الجهود الفكرية والمعرفية في محاولة نقد التراث الإسلامي وغربلته والتأسيس لفقه سياسي جديد، ومن هذه المحاولات ... والجهود الجديدة في غربلة التراث وإعادة بناء الفقه السياسي الإسلامي يجدر الوقوف أمام كتاب صدر مؤخرا للدكتور حاكم المطيري أحد القادة الإسلاميين في الكويت بعنوان "الحرية أو الطوفان: دراسة موضوعية للخطاب السياسي الشرعي ومراحله التاريخية" (دار الفارس، عمان، 4)، والكتاب أثار ضجة منذ صدوره، إذ جاء في بيئة سياسية وفكرية محافظة ينتشر فيها الوعي السياسي السلبي، والاتجاه السلفي الإحيائي، الذي يعطي هالة كبيرة للتراث وما يتضمنه من إنتاج فكري وسياسي.
تبرز القيمة الحقيقية لـ"الحرية أو الطوفان"، أنه يعيد قراءة النصوص الشرعية السياسية بما يناهض قيم الطاعة والخضوع والاستسلام للسلطة السياسية ومصادرة حق المعارضة والحريات العامة، وبالإضافة إلى تأكيد الكتاب على مفهوم العقد السياسي المشروط ومفهوم السلطة المقيدة وسحب البساط من تحت نظرية تسويغ الاستبداد، والكتاب يقدم رؤية نقدية للتراث تربطه بمراحل تطوره وشروطه التاريخية وتنزع عنه الهالة التي لبسها لدى العديد من الناس.
ويؤسس المطيري لشرعية مفهوم الثورة في الفقه السياسي الإسلامي لينقله من دائرة "الحرام" إلى دائرة "الواجب" إذا أخل الحاكم بعقده مع الشعب، وهي مقاربة على الرغم من ارتباطها، في كتاب المطيري، بالنسق الإسلامي العام، إلاّ أنها تذكرنا بوضوح برؤية جان لوك رائد الليبرالية السياسية ونظريته في العقد الاجتماعي... من ناحية أخرى تمثل مقالة المطيري استئنافا لجزء حيوي من مضمون الخطاب الإصلاحي الأول خاصة في مجال العقلانية والواقعية التي تسمح أكثر بالاقتراب من الإصلاح السياسي وإعلان الحرب على ميراث الاستبداد والطغيان المحشو في تراثنا الفكري وخبرتنا التاريخية) انتهى.
لقد كان كل ما يحتاجه الشباب الإسلامي- الذي يمثل أوسع التيارات الشعبية في العالم العربي - هو الخطاب الإسلامي الذي يبعث فيه الروح الثورية من جديد، تلك الروح التي طالما دعا لها سيد قطب في كتبه، وأطفأها الخطاب التقليدي الذي يفتقد لروح التجديد والمبادرة، وقد وجد الشباب في كتاب (الحرية أو الطوفان) بغيتهم، فصار دستور الحركة الثورية الشبابية الجديدة في أوساط التيار الإسلامي في كل بلد، كما ستكشفه عشرات الرسائل التي سيقف عليها القارئ لهذه الأسطورة!
لقد كان للتيار الإسلامي التقليدي دور رئيس في تكريس هذا الواقع السياسي بسبب تحالفاته مع السلطة في كثير من الدول العربية، وكان لا بد من بعث الروح في أجياله الجديدة دون مواجهة مباشرة مع قياداته!
ثم بدأ الحصار والحرب الإعلامية لمواجهة ما ندعو إليه، وبدأت حرب الصحافة المأجورة ضدنا، حتى خرج كاتب ليبرالي كما يزعم، ومستشار لرئيس الوزراء سابقا، ووزير لاحقا، ليكتب عني في صحفية كويتية بلا حياء ولا مروءة بأني (مروج مخدرات، وصاحب سوابق، وغسيل أموال)، وذلك بعد إن رأى قصيدتي (بغداد عذرا) منشورة بالنت!
فأدركت أن الملأ لا يتورعون في سبيل المحافظة على مصالحهم من اقتحام كل أبواب الرذيلة والإجرام، والافتراء والبهتان، في مواجهة كل من يرفض هذا الواقع ويعمل على تغييره!
وكانت الصحف قد امتنعت منذ الحرب على بغداد من نشر مقالاتي وتم إيقاف صفحة المشكاة التابعة للحركة السلفية في صحيفة الوطن آنذاك، مع أن الموقف الرسمي للحكومة حينها أنها ضد الحرب على العراق، كموقف الجامعة العربية ولا دخل لها فيها!
وقد كنت أرسل الردود للصحافة الحرة فلا تنشر!
وقد اعترف بعض رؤساء التحرير لنا بعد ذلك بأن هناك تعليمات من أعلى السلطات بأن لا يتم نشر أي شيء لكم ولا أي خبر عنكم!
ثم تتابعت المقالات والردود المدفوعة، ثم الكتب (الغوغائية) المشبوهة المطبوعة، في مطابع الاستخبارات العربية والخليجية ترد على كتبي وتصفني بأني خارجي ولست من أهل السنة!
واشتغل المأجورون بمقالاتهم في الانترنت لصرف الشباب عن كتبي!
فتارة يتهمونني بأنني ليبرالي تغريبي!
وتارة بأني خارجي إرهابي!
فالمهم عندهم أن لا أعرف ولا أوصف بأني سني سلفي، مع كوني الأمين العام للحركة السلفية!
وصارت توزع تلك الكتب في كل مكان وبالمجان! في الوقت الذي تمنع كتبي في أكثر البلدان! مما اضطر الشباب في كل بلد لسحب كتبي ومقالاتي من الانترنت، وتصويرها وقد أخبرني أحد الدعاة المشهورين – فك الله أسره - بأنه صور وحده مئات النسخ من كتاب (الحرية أو الطوفان) لنشرها في مدينته!
وكان بعض قيادات العمل الإسلامي في مصر يوصي الشباب بكتاب (الحرية أو الطوفان)، وكان يقوم بتدريس الكتاب، وكانت الروح الثورية تبعث شيئا فشيئا من جديد في أوساط الشباب الإسلامي، الذي يمثل قوة شعبية كبرى، لا ينقصها إلا هذه الروح الثورية!
وهذه رسالة بيني وبين بعض هذه القيادات الشبابية للثورة تكشف جانبا من هذه الأسطورة :
(رسالة من ميدان التحرير)
التاريخ...
5/4/2011م
شيخنا الحبيب أحييك من أرض الكنانة مصر..
وأقبل قدمك قبل يدك، لما قدمته للأمة من خلال مؤلفاتك القيمة، والتي أزعم أن لها دورا كبيرا في الثورات المباركة الحادثة في البلاد العربية..
شيخنا الحبيب كما أضأت لنا الطريق في كيفية التعامل مع الحكام عن طريق مؤلفات تأصيلية ممتعة تجمع بين التراث والمعاصرة والواقعية، أود من فضيلتك أن تؤصل لنا أبحاثا عن المواضيع التي تشغل الملايين منا مثل:
1- الدولة في الإسلام هل هي مدنية أم دينية أم مدنية ذات مرجعية إسلامية؟
2- المواطنة ومفهومها؟
3- ترشيح المرأة للبرلمانات وتكييفها الفقهي هل هي ولاية أم وكالة أم شهادة؟
4- التحالفات السياسة؟
5- الديمقراطية وموقف الإسلام منها بين القبول والرفض أو القبول المشروط؟
6- غير المسلمين في المجتمع الإسلامي وحدود الولايات التي يجوز أن يتولوها في الدولة المعاصرة؟
أرجوك أن تأخذ رسالتي بمحمل الجد..
ابنكم المحب لكم عبد المعطى....
من أرض الكنانة - أرض الثورة، وأحد شباب الثورة، وشقيق أحد شهدائها...
....
رسالة الرد :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
أخي الحبيب عبد المعطي.. أحبك الله الذي أحببتنا فيه..
وأكرمك الباري ورفع قدرك، وأنا الذي أقبل يديك التي شاركت في الثورة المصرية المباركة ورفعت رؤوسنا ..
أخي الكريم يسعدني التواصل معك، وسينزل في موقعي قريبا كتابي (نحو وعي سياسي راشد)، وسأحاول الإجابة عن الأسئلة التي أرسلتها لي قريبا بإذن الله..
حاكم المطيري..
....
لقد كانت روح الثورة تنفخ في روح الجيل الإسلامي الجديد - بخطاب إسلامي سني قائم على النص والدليل - من حيث لا تشعر الحكومات، ولا الشيوخ في الجماعات!
وأكملت مهمتي في الدعوة في وسط التيار الإسلامي بكل مدارسه في العالم العربي من خلال التواصل مع الشباب وتزويدهم بالكتب والمقالات عن الحرية في الإسلام، وعن مشروعية الثورة السلمية، وعن مشروعية الثورة المسلحة.. الخ
وكانت الرسائل تصلني بالمئات، من كل بلد ومن كل تيار، وكنت أعلم من شأن تلك الجماعات والتيارات وما يجري من تحولات بين شبابها ما لا يعلم عنه قياداتها!
وقد كان صدى تلك الكتب ثم المقالات والدراسات كبيرا خاصة في أوساط الشباب، كما عبر عن ذلك كثير من الكتاب، ومنهم الكاتب الإسلامي الشاب طارق نافع – أحد أبرز قيادات الحركة الشبابية للتغير في الكويت - في مقال بعنوان (كتاب تكرهه الملوك) سنة 2008م حيث يقول:
(كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يعرض الإسلام على القبائل ويعرّفهم به وكان ممن التقى بهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بنو شيبان فأخبرهم عن الإسلام وأن عليهم شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله حتى يكونوا مسلمين فأجابوه قائلين " إن هذا الأمر الذي تدعونا إليه هو مما تكرهه الملوك"
أقدم تلك المقدمة التي يستشهد بها الدكتور حاكم المطيري في كتابه الذي صدر مؤخراً «تحرير الإنسان وتجريد الطغيان» وهو موسوعة بحق في السياسة الشرعية، كما أنه يحمل فكرة قلّما تطرّق إليها في كتاب ممن كتبوا في السياسة الشرعية، وهي فكرة ربط السياسة الشرعية بالجانب العقائدي بدءاً بكلمة التوحيد وانتهاء بقيام دولة الإسلام كما أمر الله سبحانه وتعالى.
أهمية هذا الكتاب تنبع من كونه خرج في مرحلة حساسة من تاريخ الأمة عموماً، والحركات الإسلامية خصوصاً، التي وصلت في مطالبها السياسية إلى سقف تجد أنه من الصعب عليها اختراقه في إطار خطابها التقليدي، ولا في خطابها البراغماتي الواقعي حيث سدت في وجهها جميع الأبواب المشروعة لتحقيق مشروعها التي تبشر فيه منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي.
كتاب الدكتور حاكم المطيري «تحرير الإنسان وتجريد الطغيان» ليس أول كتبه التي ألفها، بل يأتي بعد كتابه الذي ذاع صيته في العالم الإسلامي وتلقفه أبناء الحركة الإسلامية باهتمام وعناية بالغة وكان بعنوان «الحرية أو الطوفان» هذا الكتاب الذي طرح أسئلة جديدة في أوساط الحركات الإسلامية وراجعت على إثره ولا تزال مجموعة حساسة من الأسئلة.
يأت كتاب «تحرير الإنسان وتجريد الطغيان» ليطرح عدة أسئلة من أهمها حقيقة منازعة ملوك الأرض وأنظمتها السياسية لسلطان الله تعالى وملكه، كما يناقش معنى الحرية وعلاقتها بالعبودية وفق الخطاب القرآني، ثم يربط كل ذلك بالخطاب العقائدي للسياسة الشرعية، وكيف تم تطبيق ذلك الخطاب عمليا في العهد النبوي والراشدي وكيف انحرفت الأمة عنه بعد ذلك؟!
كتاب يتناول تلك المباحث وغيرها سيكون هدفاً مستفزاً لأجهزة الرقابة الأمنية الجاهلة حتماً ولذلك فأنا لا أعتمد أبداً على حرية كثير من الأنظمة العربية في إجازة مثل هذا الكتاب بقدر اعتمادي على غبائها في عدم إدراك قيمة محتواه الذي سيكون له الأثر الكبير في الخطاب السياسي للأمة في الفترة القادمة، كما أعتمد على وسائل الاتصال والانترنت التي جعلت أنواع ووسائل الرقابة على الكتب والفكر ضرباً من العبث وتضييع الوقت ليس إلا.
يذكر لنا التاريخ العديد من الكتب التي كان لها الأثر البالغ في رسم المشهد الإنساني والتأثير به، مثل كتاب «أصل الأنواع» لداروين وكتاب «رأس المال» لكارل ماركس ومؤلفات جان جوك روسو وهوبز ولوك وغيرهم وما أحدثوه من أثر في العالم والتاريخ الإنساني، وكتاب الدكتور حاكم المطيري «تحرير الإنسان وتجريد الطغيان» هو من نوعية ومستوى تلك الكتب ولا أظنه إلا كتاب "مما تكرهه الملوك"). انتهى!
وما قاله الكاتب الفاضل هنا، قاله كثير من الكتاب والنقاد الذين اطلعوا على (الحرية أو الطوفان) وعلى (تحرير الإنسان)، كما صارحني به كثيرون كما سيأتي في الرسائل نماذج على ذلك من كل بلد عربي!
وقد بدأت بعض الحركات الإسلامية تتنبه لخطورة هذا الفكر على قواعدها الشبابية، وبدأت التعليمات تصل إليهم بعدم الاتصال بي، والتحذير مني ومن كتبي!
إلا أن التحذير جاء بعد أن فاتهم القطار، وطارت الفكرة الثورية كل مطار، وأشربتها العقول والأرواح، وبدأت الثورة في عالم الأفكار قبل عالم الأشباح، وصار لا حديث للشباب - حيثما لقيتهم في كل بلد - إلا عن الثورة والتغيير؟ ومشروعية ذلك؟ وكيف يبدأ به؟ فعلمت أن أوان فجر الثورة قد أزف والطغاة عنها لاهون وفي غيهم سادرون، بينما الشباب لها عاملون ومن أجلها يخططون ويفكرون!
وما زلنا مع قصة الثورة العربية، فلأسطورة الثورة بقية!