رأي المشكاة
الانتخابات الجزائرية والأزمة الأخلاقية
بقلم: حاكم المطيري
صحيفة الوطن 16 /6 /1997م
دخلت الجزائر بعد الانتخابات الأخيرة مرحلة جديدة قد تسهم في تخفيف حدة
الصراع غير إنها ستزيد من تعقيد المشكلة التي ستظل قائمة ما دام الطرف الأساسي في الصراع
مستعبدا من الحوار محاصرا في السجون وما دامت النخبة العسكرية- التي قال عنها جيل كيبل
أستاذ معهد باريس للدراسات السياسية بأنها ((تضم مائتي (200) عائلة تسيطر على القطاع
النفطي)) الذي صار الاستثمار فيه -كما يقول- (حكرا على من يملكون زمام الأمور في الدولة
مما يدر عليهم أرباحا خيالية) ترفض أن يشاركها فيه أحد، وما دامت هذه النخبة هي التي
تدير دفة الأمور وتحدد للشعب ما يجب عليه اختياره!
ولعل أخطر ما كشفت عنه الانتخابات الجديدة هو تخلي أحزاب المعارضة عن الميثاق
والمبادئ التي اتفقت عليها في (مؤتمر روما) ومنها رفض استبعاد أي طرف من أطراف الصراع
فما بالك بالطرف الرئيسي؟!
وفي الوقت الذي يقبع الآلاف من (سجناء الرأي) في السجون وفي مقدمتهم قادة
(جبهة الإنقاذ) الذين يمثلون الشرعية الحقيقية يخرج (محفوظ النحناح) ليعلن للعالم
(إن الجبهة قد تجاوزها الزمن) مصدرا بذلك صك وفاتها ومبررا سبب استبعادها وليكشف عن
أبعاد الأزمة الجزائرية وأنها أزمة أخلاقية لا مجرد مشكلة سياسية؟! وهكذا أثبت (النحناح)
أن السجون وليست صناديق الاقتراع هي التي تحدد من هو في دائرة حركة الزمن ومن هو خارجها؟!!
قد لا تكون (الجبهة) هي الأقدر على تحقيق طموحات الشعب الجزائري -مع إنها
أثبتت نجاحها في إدارة البلديات- وقد تفشل عند وصولها للسلطة غير إنها كانت -في نظر
المواطن الجزائري- الأوثق والأصدق وأنه عندما أختار (جبهة الإنقاذ) ممثلا له لم يكن
ذلك عن سذاجة سياسية وإنما عن قناعة بها وأن الأحزاب الأخرى -بما فيها حزب محفوظ النحناح-
ليست مؤهلة للدفاع عن حقوقه المشروعة لتاريخها (الميكافلي) وقد أثبتت الأيام صدق ظن
المواطن الجزائري ففي الوقت الذي يرفض قادة (الجبهة) وهم في السجون وتحت وطأة التعذيب
التنازل عن حق الشعب في اختيار ممثليه بكل حرية بعيدا عن تدخل السلطة العسكرية يجد
قادة الأحزاب الأخرى تتنازل عن حقوقه مقابل المشاركة بفتات (السلطة) ؟!
وما كان (لمحفوظ النحناح) الذي صوت له قطاع كبير من أتباع الجبهة اضطرارا
لا اختيارا دفعا للمفسدة، أقول: ما كان له ولا لغيره مكان على مسرح الأحداث السياسية
لو شاركت الجبهة في الانتخابات إذ عندها -فقط- سيثبت للعالم من الذي تجاوزه الزمن؟!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مواضيع ذات صلة:
انكشف الغطاء فلتقرع الأجراس
االثورات العربية الموؤدة منذ الحرب العالمية الأولى وكيف واجهها الغرب
الثورات العربية والمؤامرات الدولية
الانقلاب في مصر والموقف الخليجي (مرئي)
مكتبة أ.د. حاكم المطيري