حاكم المطيري: مشكلتنا هي قابلية الاحتلال
حوار: د. ساجد العبدلي
2003
وقعت الكويت بمفردها في أزمة خانقة أثناء الغزو الأمريكي على العراق، من خلال موقفها الراضخ للإعلام الأمريكي علاوة على السياسة الأمريكية في معالجة الأزمة العراقية، إلا أن أصواتاً لا تسمع داخل الكويت كانت ترفض هذا الاحتلال ومنها الحركة السلفية في الكويت، الذي كان لنا هذا اللقاء مع أمينها العام الدكتور حاكم المطيري، الذي يخص موقع (الإسلام اليوم) بهذا الحوار الشامل حول العراق والغزو الأمريكي، وانعكاسات ذلك على السياسة الأمريكية وإعادة النظر في أوضاع منطقة الخليج، ومن ثم حديثة عن التجربة الديمقراطية للحركة الإسلامية في الكويت..
- المشكلة الأكثر تعقيداً هي قابلية شعوب المنطقة وحكوماتها للاحتلال واستعدادها النفسي والذهني للخضوع له بدعوى تحقيق الأمن على حساب استقلال دول المنطقة وسيادتها.
- كل ما حدث بعد الحادي عشر من سبتمبر كان يجب أن يحدث حتى لو لم يقع حادث نيويورك فالحرب على أفغانستان تم التخطيط والإعداد لها قبل ذلك بمدة طويلة.
وهذا نص اللقاء :
س :الآن وبعد أن هدأت ضوضاء الحرب على العراق، كيف تقيمون النتائج المترتبة على الاحتلال الأمريكي للعراق وسقوط نظام صدام حسين؟
ج :لعل أشد نتائج هذه الحرب خطورة سقوط منطقة الخليج العربي كلها سياسياً وعسكرياً، ووقوعها تحت الاحتلال العسكري الأمريكي المباشر بعد أن كانت منذ سنة 1990 تحت سيطرته غير المباشرة ولا شك بأن أبرز مظاهر هذا الاحتلال هي القواعد العسكرية للجيش الأمريكي في كل دول المنطقة، واعتراف الحكومات نفسها بعدم قدرتها على منع أمريكا من استخدام هذه القواعد في الهجوم على أي بلد، ليصبح الخليج العربي قاعدة انطلاق الحملة الصليبية الجديدة على العالم العربي والإسلامي كما في حرب أفغانستان وحرب العراق وعلى كل حال نجاح المشروع الاستعماري الأمريكي للمنطقة مرتبط بقدرة أمريكا على السيطرة على العراق، وهو ما نشك فيه، فالشعب العراقي لن يمرر هذا المشروع، ولن يرضخ للاحتلال ولديه من الحس الإسلامي والقومي والوطني ما يحول دون ذلك، فأمريكا تريد ملء الفراغ السياسي والعسكري الذي حدث بعد انحسار النفوذ الاستعماري البريطاني عن المنطقة وزواله نهائياً سنة 1970.
ذلك الاحتلال الذي بدأ سيطرته بمصر وفتحها سلماً بمعاهدة الحماية في أواخر القرن التاسع عشر، ثم سيطر بعدها على الخليج العربي سلماً من خلال المعاهدات مع مشيخات موانئ المنطقة في أوائل القرن العشرين، ثم استطاع بعد ذلك الوصول إلى القلب وهو (العراق) والسيطرة عليه عن طريق الاحتلال العسكري سنة 1916 وقد دخل الاحتلال البريطاني العراق من جهة الخليج العربي عن طريق البصرة، وأمريكا اليوم تسير وفق ذلك المخطط، فقد نجحت في تحييد مصر واخضاعها سلماً بمعاهدة (كامب ديفيد) سنة 1977 ثم نجحت في إخضاع الخليج العربي والسيطرة عليه سلماً بالاتفاقيات الأمنية سنة 1990، لتتمكن بعد ذلك من الوصول إلى العراق واحتلاله بالقوة العسكرية سنة 2003، وهي تقريباً نفس المدة التي احتاجها الاحتلال البريطاني ليكمل سيطرته على المنطقة، ابتداء من مصر ومروراً بالخليج العربي والجزيرة وانتهاء بالعراق.!
مواقف الحركة
س : للحركة السلفية بالكويت مواقف واضحة وجريئة من حرب الولايات المتحدة على العراق، هل كنتم تسبحون عكس التيار، أم أنكم كنتم تمثلون رأي الأغلبية الصامتة؟ أم غير ذلك؟
ج : نحن في الحركة السلفية رفضنا الحرب على العراق قبل حدوثها بنحو ستة أشهر منذ الإعلان عن نوايا أمريكا بهذا الخصوص، وقد طلبت السفارة البريطانية ثم الأمريكية ثم الأسبانية عقد لقاء معنا لمناقشة موقف الحركة السلفية الرافض للحرب، وقد أخبرنا وفود هذه السفارات بأسباب موقفنا، وأننا نؤمن بأنها حرب صليبية استعمارية جديدة على العالمين العربي والإسلامي، تنفيذا للمخطط المسيحي الصهيوني كما جاء في كتب الرئيسي الأمريكي الأسبق (ريتشارد نيكسون) "الفرصة السانحة" وما بعد السلام وكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي (شمعون بيريز) "الشرق الأوسط الجديد" ومعركة السلام وقد قلنا لهم: إننا ضد أي نظام استبدادي في المنطقة، ومع حق الشعوب في تغيير مثل هذه الأنظمة الاستبدادية، إلا إننا في نفس الوقت أشد رفضاً لعودة الاحتلال تحت ذريعة تحرير الشعوب من حكوماتها، ولا يمكن مقارنة خطورة الاستبداد الذي يصادر حرية الأفراد بالاحتلال الذي يصادر حرية الأوطان والشعوب واستقلالها وسيادتها، وعلى كل حال لم نتخذ موقفنا هذا بناء على توجه الشارع الشعبي الكويتي، بل بناء على الحكم الشرعي الذي يحرم تحريماً قاطعاً إعانة غير المسلمين في عدوانهم على أي بلد إسلامي، بقطع النظر عن طبيعة حكومته، إذ العدوان والضرر والفساد لا يقتصر على النظام القائم، بل يعم الشعب والأرض، بل ويتعدى إلى جميع دول المنطقة التي باتت اليوم تحت سيطرة الاحتلال الجديد بشكل مباشر، وهو ما كنا نتوقعه ونحذر منه، ولم يتحقق ما ظنه العلقميون الجدد الذين بشروا بقيام الديمقراطية والحرية في المنطقة، إذ أصبح العراق اليوم تحت الاحتلال الأمريكي البريطاني بشكل رسمي، وبقرار أممي صادر من مجلس الأمن، وأسقط في أيدي المعارضة العراقية التي باعت سيادة العراق واستقلاله مقابل حصولها على السلطة تحت ظل الاحتلال الأجنبي ليستبدلوا الاستعمار بالاستبداد.
س : من الواضح أن إسرائيل كانت تخطط للعراق منذ عقود من السنوات، وربما بشيء من الألم نستطيع القول بأنها استطاعت أن تنجح – ولو بشكل مؤقت- عن طريق حليفتها أمريكا في كسب المعركة، ما سر نجاح إسرائيل في ذلك؟
ج: المخطط كما ذكرت آنفا مخطط مسيحي صهيوني له أهداف كبرى تخدم بالدرجة الأولى المصالح الأمريكية، أما اليهود فهم أعجز من أن يقوموا بأمر عظيم وحدهم كما وصفهم القرآن ( ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس) وإنما ما هم يجيدون فن إشعال الحروب، وإثارة الفتن، كما قال تعالى: (كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فساداً) فالحرب قامت بها أمريكا بمساعدة من إسرائيل ودول عربية كثيرة.
الأولوية تجاه العراق
س: ما هي بنظركم أولويات الحكومات والشعوب الإسلامية والعربية تجاه الشعب العراقي في هذه المرحلة؟
ج: المشكلة ليست خاصة بالشعب العراقي، بل منطقة الخليج العربي كلها أصبحت اليوم تحت الاحتلال الأجنبي، والفرق هو أن العراق تم السيطرة عليه حرباً ويعيش العراقيون تداعيات هذه الحرب، أما باقي دول المنطقة فتم إخضاعها سلماً، فالواجب على الجميع – الحكومات والشعوب- العمل جميعاً للخروج من هذه الكارثة، غير أن المشكلة الأكثر تعقيداً هي: قابلية شعوب المنطقة وحكوماتها للاحتلال واستعدادها النفسي والذهني للخضوع له بدعوى تحقيق الأمن على حساب استقلال دول المنطقة وسيادتها!
وعلى كل يجب مقاومة الاحتلال في العراق، بدعم الشعب العراقي في حربه ضد العدوان ليستعيد حريته واستقلاله وسيادته، كما يجب على شعوب الخليج الأخرى مقاومة الاحتلال الجديد بالضغط السياسي على حكوماتها لتتحمل مسئولياتها في حل هذه المشكلة التي ما كانت لتحدث لولا تفريط هذه الحكومات في واجبها نحو حماية أمن شعوبها وتوكيلها القوى الدولية بهذه المهمة ليعود الاحتلال من جديد، وقد أوضحت في مقال (عودة الاحتلال وكيفية مواجهة الحملة الصليبية الجديدة المنشور في (بوابة العرب) أسباب قابلية شعوب المنطقة للاحتلال وطرق مواجهته بشكل مفصل، فيمكن الرجوع إليه لمن أراد.
التجربة الديمقراطية
س:كيف تقرؤون تجربة الديمقراطية في العالم الإسلامي من خلال التجربة الكويتية؟
ج: لا يوجد ديمقراطية في الكويت، إذ الديمقراطية بمعناها الاصطلاحي ومفهومها التاريخي تعني حكم الشعب للشعب، وبمفهومها الحديث تطلق على الأنظمة السياسية التي تقوم على التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة وسيادة القانون واستقلال القضاء واحترام حقوق الإنسان، فالأساس الأول والركن الأصيل في النظم الديمقراطية وهو حكم الشعب للشعب غير موجود في التجربة الكويتية، بل ولا الأركان الأخرى التي تميز النظم الديمقراطية عن غيرها من النظم السياسية، وإنما هناك في التجربة البرلمانية الكويتية مشاركة شعبية في اختيار السلطة التشريعية فقط دون المشاركة في اختيار الحكومة نفسها، وهناك هامش من الحرية الصحفية، ولا يخفى أن ما تضمنه الدستور الكويتي من حقوق وحريات أقل مما كفلته الشريعة الإسلامية التي يقوم النظام السياسي فيها على مبدأ حق الأمة في اختيار السلطة كما قال تعالى: (وأمرهم شورى بينهم). وقد قال عمر – رضي الله عنه : (الإمارة شورى بين المسلمين) وقال في صحيح البخاري: ( إني قائم فمحذر الناس هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمرهم، من بايع رجلاً دون شورى المسلمين، فلا يتابع هو ولا الذي بايعه) وفي رواية صحيحة : (فلا يحل لكم إلا أن تقتلوه) وقال علي رضي الله عنه: أيها الناس إنما الأمير من أمرتموه والخليفة من اخترتموه. وقد أجمع الصحابة – رضي الله عنهم – على هذا الأصل العظيم، وعلى هذا الحق المشروع للأمة بالنص القرآني الذي تم سلبه منذ قرون.
فأسس الديمقراطية كنظام سياسي تتفق مع مبادئ النظام السياسي الإسلامي، غير أن العالم الإسلامي اليوم يعاني من مشكلة الاستبداد السياسي، وأخطر أنواعه الذي يتم تحت شعار الديمقراطية، وهو ما تريد أمريكا تسويقه في العالم الإسلامي كديمقراطية المؤسسات العسكرية الخاضعة للهيمنة الغربية كما في الجزائر وتونس وتركيا وباكستان.
ما هو المشروع الذي تطرحه الحركة السلفية في انتخاباتها البرلمانية؟
س: الحركة السلفية هي أول حركة في الكويت دعت إلى التعددية السياسية وإشهار الأحزاب والتداول السلمي للسلطة وتطوير الممارسات والعمل السياسي، وذلك بناء على الأدلة الشرعية، وكان ذلك قبل ثلاث،وقد قمت منذ سنتين بإعداد دراسة علمية بعنوان (الحرية أو الطوفان)، وهي دراسة عن الخطاب السياسي الشرعي ومراحله التاريخية، وعسى أن ييسر الله طباعته قريباً، وفيه معالجة للمشكلات التي يعاني منها الخطاب السياسي الإسلامي المعاصر، وقد كانت دعوتنا إلى الحرية السياسية قبل أحداث سبتمبر وحرب العراق، وقد اعترض عليها بعض الإسلاميين، غير إن كثيراً منهم أدرك اليوم خطورة الاستبداد السياسي وخطورة تهميش دور الأمة، وأن ذلك من أسباب عودة الاحتلال من جديد، ولك أن تتصور مدى التناقض الذي وقع فيه من كان يحرم على الشعوب حقها في تغيير حكوماتها الاستبدادية مهما بلغ انحرافها تحريماً مطلقاً وقاطعاً بدعوى أن ذلك من الخروج المحرم، ثم يفتي بجواز الاستعانة بالعدو الخارجي على تغيير هذه الحكومات!
وعلى كل حال فالحركة السلفية ستطرح قريباً رؤية إصلاحية لكافة المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها المجتمع الكويتي، وذلك قبل الانتخابات القادمة.
أمريكا بعد أحداث سبتمبر
س: من الواضح تنامي العداء تجاه أمريكا في مختلف أنحاء العالم وليس العالم الإسلامي فقط، ويعزو بعض المحللين إلى تحميل الإدارة الأمريكية مسئولية تغييب الحقائق عن الشعب الأمريكي، هل ثمة فرص للتواصل مع الشعب الأمريكي لتوضيح حقيقة ما تمارسه إدارتهم في العالم؟
ج :التواصل مع الشعب الأمريكي وشعوب العالم الغربي أمر ضروري غير أن ذلك لن يغير من سياسة حكوماته التي تبني مواقفها على أساس من الدراسات الإستراتيجية، التي تهدف إلى تحقيق مصالح أمريكا كدولة كبرى، ولو عن طريق الحروب فالبرغماتية هي الأساس الفلسفي لسياسة حكومة الولايات المتحدة، والشعب الأمريكي هو الذي يختار حكومته فهي لا تصل إلا بعد اختيار أكثر الشعب لها، ولذا قلما يتغير موقفه من سياساتها إلى حد كبير، بل تظل نسبة كبيرة تثق في قياداتها التي اختارتها عن رضا، بالإضافة إلى أن الشعب الأمريكي شعب يؤمن بالبروتستانتية وهو من أكثر شعوب العالم الغربي تديناً، ويشكل العهدان: القديم (التوراة)، والجديد (الإنجيل) حجر الأساس في ثقافته، وقد أصبحت المسيحية وقيمها وتاريخها ثقافة قومية، حتى لدى العلمانيين منهم، كاليهودية لدى العلمانيين في إسرائيل، ومن ثم من الخطأ أن نراهن على الشعب الأمريكي، بل الواجب أن نراهن على شعوبنا وقدرتها على تغيير هذا الواقع، وعندها سيجد الشعب الأمريكي أنه ليس من صالحه أن تقوم حكومته بالاعتداء على شعوب العالم العربي والإسلامي وأن مصالحه تتضرر بسبب ذلك، وعندها فقط سيتغير موقف الشعب الأمريكي.
س:كيف تم توظيف ما حدث في 11 سبتمبر من قبل أمريكا وتشكيل فكرها الاستراتيجي في إعادة خلف صياغة أمريكية جديدة لإدارة العالم من منطلق مفهوم الأمن الأمريكي؟
ج: كل ما حدث بعد الحادي عشر من سبتمبر كان يجب أن يحدث حتى لو لم يقع حادث نيويورك، فالحرب على أفغانستان تم التخطيط والإعداد لها قبل ذلك بمدة طويلة كما اعترف بذلك رئيس الاستخبارات الباكستانية السابق، فبعد أن رفضت حكومة (نواز شريف) المشاركة في هذا المخطط، تم إسقاطها بانقلاب عسكري علماني لم يتردد في المشاركة في الحرب على أفغانستان، لا لأنه لا يستطيع رفض ما تريده أمريكا كما أوهم العالم، بل لأنه كان يتطلع إلى ذلك لأسباب أيديولوجية. وكذلك الحرب على العراق لم تكن بسبب أحداث سبتمبر، بل سبق التخطيط لها والإعداد منذ سنوات، وما تجهيز القواعد العسكرية الدائمة في الخليج إلا من أجل ذلك،حيث ترى الإدارة الأمريكية ضرورة تدمير العراق والسيطرة عليه، وإسقاط النظام الإيراني، وهو ما دعا إليه (بيريز) أيضاً في كتابه (الشرق الأوسط الجديد) وما ذكره (صموائيل هنتنغتون) في كتابه (صراع الحضارات) كان مبنيا على دراسة لتوجهات السياسة الأمريكية بقيادة الجناح المسيحي المتطرف، ولم يكن من نسج الخيال، وقد حدد منذ أكثر من عشر سنوات بؤر الصراع وأين ستقوم الحروب القادمة، وقد تحقق كل ما ذكره على أرض الواقع، والمقصود أنه لا فرق بين ما قبل أحداث سبتمبر وما بعدها، اللهم إلا ما كان يقوم الاحتلال به في الخفاء ومن وراء الكواليس بالأمس صار يقوم به اليوم علانية، فالحرب التي يشنها على الإسلام بدعوى تجفيف منابع الإرهاب والتطرف ليست جديدة، بل هي قائمة على قدم وساق منذ مؤتمر مدريد، والتدخل من أجل تغيير المناهج في دول المنطقة كان منذ ذلك التاريخ، وفرض الحصار على أفغانستان كان قبل الحرب بخمس سنوات، وكذا حصار العراق منذ سنة 1990، بغية تمهيد غزو هذه الدول، وأمريكا في حال حرب مع العالم العربي منذ حلت محل بريطانيا في المنطقة، وتحملت مسئولية ربيبتها إسرائيل، فقد دخلت حرب 67 وحرب 73 للدفاع عنها، بل وإعانتها على تحقيق أطماعها في المنطقة، وقد كانت تحارب العالم العربي من قبل من وراء الستار الإسرائيلي أما اليوم فهي تحاربه وجهاً لوجه.
والمقصود أنه لو لم تقع أحداث سبتمبر، لأوجدت أمريكا ذريعة أخرى لغزو العالم العربي والإسلامي، وإلا فما دخل العراق بتلك الأحداث وقد حاولت المخابرات الأمريكية الربط بين العراق وتنظيم القاعدة حتى وصل الأمر بها أن عرضت على المواطن الكويتي (خالد الدوسري) الذي تعرض ظلماً للتعذيب في إحدى الدول العربية تحت إشراف المخابرات الأمريكية- شيكاً مفتوحاً مقابل ظهوره على شاشات القنوات الفضائية، واعترافه أنه الوسيط بين القاعدة والعراق وحماس، غير أنه رفض ذلك العرض رفضاً قاطعاً وأضرب عن الطعام مدة أسبوعين حتى أشرف على الموت، فلما فشلت ادعت أن لدى العراق أسلحة دمار شامل، فلما فشلت لجان التفتيش في العثور على شيء رفعت شعار تحرير العراق من الدكتاتورية؟
س: ألم يحن الوقت لتتبلور جميع الحركات الإسلامية اليوم في تجمع واحد وتترفع عن خلافاتها في سبيل خلق مواجهة موحدة ضد العدو الأكبر والمتمثل في عودة الاحتلال اليوم والتوغل الصهيوني في المنطقة بأيد أمريكية؟
ج: بلى وليس بالضرورة أن تندمج في بعضها، فهذا شبه مستحيل، بل ليتها تشكل اتحاداً عالمياً أو رابطة عالمية تضم جميع الحركات، كالمؤتمر الدولي للأحزاب الاشتراكية والشيوعية، تتدارس فيه شؤونها فيما بينها، وتعمل على توحيد جهودها وتحديد أهدافها، وقد طرحت هذه الفكرة في مقال (السنن الإلهية الاجتماعية) ولعل الحملة العالمية لمقاومة العدوان تكون نواة مثل هذا العمل العظيم.
س: ما الذي يمكن أن تقدمه الحركة السلفية من أطروحات سياسية في إطار الوضع المفروض على المنطقة العربية بعد حرب العراق؟
ج:هناك مقال لي في (بوابة العرب) بعنوان (عودة الاستعمار) وفيه تفصيل لأسباب عودة الاحتلال وأسباب قابلية شعوب المنطقة له، وطرحت رؤية لمواجهة هذا الواقع الجديد يمكن الرجوع إليها لمن أراد، ونحن لا نفتقد للأطروحات بقدر فقدنا للعزيمة والإرادة، ونحن في الخليج قادرون على تغيير هذا الواقع بالعمل السياسي إذا تظافرت جهود الجميع، فليست المشكلة في الاحتلال، إذ ما من بلد ودولة وشعب في العالم إلا وتعرض للغزو والاحتلال واستطاع التخلص منه، بل المشكلة في القابلية للاحتلال والرضا به ورفض مقاومته حتى بالوسائل السلمية، بل وتوظيف الدين ونصوصه في إضفاء الشرعية على وجوده..!