لقاء الأنباء
مع د. حاكم المطيري
نائب رئيس حزب الأمة
(تقارير الأمم المتحدة صنفت الكويت في نطاق دول الخطر في مؤشر الفشل)
(لا يمكن الحديث عن إصلاح سياسي دون تعددية وتداول سلمي للحكومة البرلمانية المنتخبة)
(الوحدة الخليجية ضرورة إستراتيجية ووحدة النقد الخليجي خطوة على الطريق)
(عزوف 60 % عن المشاركة في الانتخابات استفتاء شعبي على فشل الحكومة)
(لا يوجد تيار إسلامي وآخر ليبرالي بل نخب سياسية فئوية ومناطقية)
(دول العالم اعترفت بهيئة علماء المسلمين كممثل سياسي للمقاومة العراقية فلماذا نتجاهلها)
(من الخطأ وضع البيض كله في سلة حلفاء أمريكا في العراق)
(سياسة أمريكا تحددها المؤسسات وليس الأفراد وخطاب أوباما خطوة إيجابية)
(مشكلة الولايات المتحدة في سياساتها العدائية وحروبها الاستباقية العبثية)
(لا توجد معارضة حقيقية عندنا بل أحجار على رقعة الشطرنج)
(المشهد السياسي الكويتي هو هو والممثلون هم هم والأوضاع كما هي)
(نحن مع أي حكومة تقوم بتحقيق الإصلاح السياسي المنشود)
بداية أرحب بكم أخ أسامة وأرحب بصحيفة الأنباء الغراء والقائمين عليها ونشكر لها جهودها الإعلامية المتميزة
د حاكم ـ أرى قائمة الأسئلة طويلة جدا هل تريد مني الإجابة بصراحة أم بدبلوماسية ومجاملة؟
أسامة ـ بصراحة طبعا !
د حاكم ـ صراحة إلى أي حد ؟
أسامة ـ الصراحة التي تميزت بها دوما جريدة الأنباء والدكتور حاكم وبلا حدود!
س 1 ـ بداية كيف تقرؤون نتائج انتخابات مجلس الأمة الأخيرة؟
ج 1 لا يمكن قراءة نتائج أي انتخابات ما لم تكن نزيهة وشفافة وما لم تتوفر لها كافة الضمانات لسير العملية الانتخابية دون أي خروقات ودون ذلك لا يمكن الاستفادة من مؤشراتها أو الاستنتاج منها لمعرفة توجه الرأي العام ولا يخفى على المتابعين عندنا ـ وهذا أيضا ما أكدته تقارير جمعية الشفافية ـ مدى الفساد الذي يشوب العملية الانتخابية برمتها وهو ما أدى إلى مقاطعة حزب الأمة لها بل وعزوف أكثر من 60 % من الشعب الكويتي عن المشاركة فيها مهما حاولت الحكومة إدعاء خلاف ذلك وهي أدنى نسبة مشاركة في تاريخ الكويت بل وعزوف المرشحين أيضا عن خوض الانتخابات وهي أدنى نسبة مرشحين منذ عقود وهو استفتاء شعبي على فقد الثقة بالحكومة وبالعملية السياسية التي تشرف عليها وهو ما يفقد هذه الانتخابات شعبيتها وشرعيتها في آن واحد دع عنك الإشكال الدستوري الذي صاحبها وهو أنها تمت تحت إشراف حكومة مستقيلة بعد أزمة سياسية وقد تم كالعادة من خلال المال السياسي تزييف إرادة الشعب الكويتي وإيصال عدد كبير من النواب عن طريق شراء الأصوات وبدعم من أطراف ذات نفوذ سياسي وحكومي وبناء عليه لا يمكن قراءة مثل هذه النتائج للتعرف على توجهات الرأي العام الكويتي.
س 2 ـ كيف تنظرون لفوز المرأة في أربعة دوائر مختلفة؟
ج 2 ـ الحزب ومنذ الإعلان عنه كان مع حق المرأة السياسي انتخابا وترشيحا وفق الضوابط الشرعية كما نص على ذلك القانون غير أن المشكلة تكمن في فساد العملية الانتخابية كلها ولا أتوقع أن المرأة وصلت للبرلمان فعلا من خلال اختيار حر ونزيه للشعب الكويتي إذ واقع العملية السياسية خلاف ذلك ولهذا نقول أن يسقط المرشح ـ رجلا كان أو امرأة ـ بشرف ونزاهة خير له من أن ينجح بشبهة تزوير وشراء أصوات وعلى كل حال هناك من أراد توصيل رسالة دعائية للخارج بإيصال المرأة في الكويت للبرلمان ولو من خلال عملية انتخابية غير نزيهة وغير شفافة وبما أنها وصلت فعسى أن تحقق المرأة ما عجز عنه الرجل وأن تكون جزءا من الحل لا جزءا من المشكلة.
س 3 ـ ما رأيكم في أداء التيار الإسلامي ومرشحيه في هذه الانتخابات؟
ج 3 ـ أداء التيار الإسلامي كأداء التيار الليبرالي ارتجالي وردود أفعال بلا أي مبادرة فكلاهما لا يحمل مشروعا سياسيا ولا رؤية إصلاحية للأزمة التي تعيشها الكويت ومن ثم لا تجد هذه التيارات ومنذ الاستقلال إلى اليوم سوى المناكفة السياسية والاقتيات على عثرات الحكومة وإخفاقاتها من جهة أو تحالفاتها وهباتها من جهة أخرى ومن ثم تحولت إلى أدوات تأزيم سياسي لصالح هذا الجناح الحكومي أو ذاك لتصفية الحسابات بين الأجنحة المتخاصمة المتصالحة ومما يؤكد غياب المشروع السياسي لدى كلا التيارين الإسلامي والليبرالي أنه ولأول مرة في التاريخ السياسي ترفض قوى سياسية في بلد ديمقراطي إشهار الأحزاب والتعددية والتداول السلمي للحكومة وهو اعتراف من هذه القوى بعجزها عن أن تكون بديلا لحكومة فاشلة وفق المعايير والمواصفات الدولية التي صدرت بتقارير من الأمم المتحدة!
والصحيح أنه لا توجد تيارات سياسية ولا معارضة حقيقية وإنما تكون المعارضة حقيقية حينما تطرحها نفسها كبديل عن الحكومة التي تعارضها وتطرح برنامجها وتسعى لتقرير حقها وحق الشعب معها للوصول إلى حكومة برلمانية منتخبة أما معارضة على هذا النحو الموجود في الكويت فشيء جديد على القاموس السياسي العالمي لا يوجد له مثيل في العالم!
س 4 ـ وكيف إذن تنظرون لصعود التيار الليبرلي وسقوط التيار الإسلامي؟
ج 4 ـ لا يوجد سقوط كبير أو نجاح كبير في ظل برلمان صوري ينجح أكثر أعضائه بالمال السياسي وفي ظل حكومة معينة لا تعبر عن إرادة الشعب وسواء فاز الإسلاميون أو الليبراليون أو المعارضة أو الحكوميون فالجميع أحجار على رقعة الشطرنج وأرقام زائدة مؤقتة في لعبة الكراسي التي يتربع على عرشها الكبار دائما ولهذا لم تشهد الكويت ومنذ عقود أي تغيير نحو الأفضل سواء وصل الإسلاميون أو الليبراليون فالمشهد السياسي هو هو والممثلون هم هم والأوضاع كما هي!
كما أتحفظ على مصطلح تيار ليبرالي وآخر إسلامي فهي بالنسبة للواقع السياسي الكويتي أسماء بلا معنى وبلا حقيقة وهي أشبه بالنوادي الرياضية أكثر منها شبها بالتيارات الفكرية أو الأحزاب السياسية وإنما عندنا نخب سياسية لها توجهات فكرية إلا أن أداءها السياسي متشابه إلى حد التطابق سواء كانت في الحكومة أو البرلمان ولهذا تتحول كلها عند أي اختبار كالاستجوابات مثلا إلى قوى فئوية ومناطقية!
س 5 ـ يتحدث البعض عن تفشي المال السياسي في الانتخابات وأنه كان وراء نجاح بعض القوى وهزيمة الأخرى كيف تنظرون إلى ذلك؟
ج 5 ـ هذا صحيح وقد عقدت عدد من القوى السياسية (حزب الأمة ـ المنبر الديمقراطي ـ الحركة السلفية ـ حركة العدالة والتنمية) مؤتمرها الصحفي في مقر حزب الأمة بعد الانتخابات مباشرة وأكدت رفضها للنتائج بسبب فساد العملية الانتخابية التي تدخل فيها المال السياسي بشكل مفضوح ولو لم يكن إلا عزوف أكثر الشعب الكويتي عن المشاركة في الانتخابات لكفى دليلا وشاهدا على مدى فسادها.
س 6 ـ لماذا قرر حزب الأمة مقاطعة الانتخابات فهل كان يتوقع عدم فوز مرشحيه؟
ج 6 ـ لا هذا غير صحيح فتوقعك لعدم الفوز لا يمنعك من خوض الانتخابات إذ هناك أهداف أخرى غير الفوز لكل مرشح ومنها تعريف الناس به وببرنامجه وتشكيل قاعدة له تعزز فرصه للفوز في المستقبل فما بالك إذا كان حزبا سياسيا له أهداف كثيرة سياسية وإعلامية وثقافية تدفعه للمشاركة في الانتخابات وليس بالضرورة أن يصل للبرلمان من أول مرة وحزب الأمة ومنذ تأسيسه سنة 2005 طرح رؤيته الإصلاحية التي تقوم على أساس حق الشعب الكويتي في اختيار حكومته من خلال إقرار التعددية والتداول السلمي للسلطة التنفيذية لتعبر فعلا عن توجه السلطة التشريعية التي يفترض أن تمثل الرأي العام الكويتي بكل أمانة ومصداقية وهو ما لم يتحقق فلا الحكومة والسلطة التنفيذية منتخبة ولا الانتخابات البرلمانية نزيهة وشفافة ولا السلطة التشريعية تمثل إرادة الشعب بل تمثل إرادة أصحاب المال والنفوذ السياسي ولهذا قاطع الحزب انتخابات 2006 واشترط للمشاركة في الانتخابات إصلاح العملية الانتخابية والسياسية من خلال تعديل الدوائر وتقديم ضمانات لنزاهة الانتخابات ليشارك فيها وقد زارنا بعد إعلان الحزب عن مقاطعته آنذاك الدكتور أحمد الخطيب الذي حاول إقناع الأخوة في الحزب بالمشاركة بدعوى أن رئيس الحكومة إصلاحي وأن عدم مشاركة الحزب في الانتخابات قد يعزز فرص قوى الفساد كما حصل حين قاطعت القوى الوطنية الانتخابات في الستينات إلا أننا أكدنا للدكتور أحمد الخطيب بأن المشاركة هي إضفاء للشرعية الشعبية على العملية السياسية والانتخابية الفاسدة ومشاركة في تضليل الرأي العام الكويتي وتكريس واقع مشيخي باسم الديمقراطية وبعد تعديل الدوائر ووعود الحكومة بتحقيق الإصلاح السياسي رأى الحزب خوض انتخابات 2008 في كل الدوائر الخمس وبـ 12 مرشحا ليثبت للجميع قدرته واستعداده للمشاركة في العملية السياسية من أجل الإسهام في عملية الإصلاح السياسي ولو في ظل حكومة غير منتخبة إلى أن يتم إقرار التعددية من خلال توافق وطني شعبي وحكومي إلا أن ما حدث في تلك الانتخابات من تزوير مكشوف ثبت بعد ذلك بأحكام المحكمة الدستورية وأحكام القضاء الكويتي مدى استشرائه سواء بشراء الأصوات أو العبث بصناديق الفرز جعل الحزب يعيد حساباته في المشاركة ولهذا قاطع انتخابات 2009 إيمانا منه بأنه لا جدوى من المشاركة في انتخابات صورية عبثية يحسم نتائجها المال السياسي لا إرادة الشعب الكويتي وأصبحنا أكثر قناعة بأنه لا سبيل للإصلاح السياسي في ظل حكومة معينة.
س 7 ـ هل يعني هذا أنكم لن تشاركوا حتى ولو تم تعديل الدوائر إلى دائرة واحدة؟
ج 7 ـ تعديل الدوائر إلى دائرة واحدة خطوة على طريق الإصلاح وقد سبق للحزب أن دعا إلى ذلك في رؤيته الإصلاحية وفي عدد من البيانات والتصريحات وعندما اجتمعت القوى السياسية آنذاك في مقر الحزب لمناقشة تعديل الدوائر طرحنا وجهة نظرنا إلا أننا ورغبة في صدور بيان مشترك بين كل القوى السياسية وافقنا على الدوائر الخمس كحل وسط وصدر البيان حينها وهو أول بيان تصدره القوى السياسية مشتركة حول الدوائر الخمس ودفع الجميع باتجاه تحقيقه وقد أثبتت التجربة للأخوة الذين تحفظوا على الدائرة الواحدة آنذاك أنها هي الحل الأنسب لتحقيق العدالة في التمثيل من جهة والحد من استشراء الفساد والمال السياسي من جهة أخرى.
س 8 ـ إذن أنتم مع مشروع القانون الذي سيتقدم به التكتل الشعبي؟
ج 8 ـ نعم إذا كان هو المشروع الذي تم الاتفاق عليه بين القوى السياسية سابقا وقد كان حزب الأمة قد قدم ورقة في اجتماع للقوى السياسية تضمنت رؤيته بهذا الشأن وهي الدائرة الواحدة والقائمة النسبية وصوت واحد لكل ناخب ليصوت للقائمة التي يريدها وكان ذلك بحضور السيد أحمد السعدون وأعضاء من التكتل الشعبي (حشد) وقد توافق الجميع آنذاك على الدائرة الواحدة والقائمة النسبية ووعدنا عدد من نواب الكتل البرلمانية بتقديمه كمشروع قانون إلى مجلس الأمة ونأمل أن يقف الجميع معه حين يتم طرحه على المجلس ومناقشته.
س 9 ـ كيف تنظرون للحكومة الجديدة وهل باستطاعتها الخروج بالكويت من أجواء التأزيم السياسي؟
ج 9 ـ أولا هذه الحكومة قديمة بأقطابها الرئيسية وليست جديدة وقد ثبت فشلها أربع مرات وبتقارير من منظمات دولية ولن تستطيع أن تكون أحسن من سابقتها لأن المشكلة تكمن في آلية الممارسة السياسية التقليدية التي ثبت أنها عقيمة وقد أوصلت الكويت إلى طريق مسدود سياسيا واقتصاديا وتنمويا وكذلك عجزت السلطة عن تطوير ممارساتها بسبب فقد عنصر الكفاءة وهو ما يقتضي المبادرة إلى تحقيق الإصلاح السياسي الجذري ليشارك الشعب الكويتي كله في اختيار حكومته البرلمانية المنتخبة.
س 10 ـ طرحتم فكرة دستور جديد للكويت أليس بالإمكان طرح فكرة تعديل الدستور ليتم التعديل من خلال القنوات الدستورية؟
ج 10 ـ أوجه الخلل والقصور في الدستور الكويتي كبيرة جدا وقد سبق لنا أن بينا ذلك في عدد من المؤتمرات والندوات ولي دراسة في هذا الموضوع بعنوان(العلاقة بين السلطتين الخلل والحل) وهذا الخلل الدستوري هو سبب الأزمات المتكررة بين الحكومة ومجلس الأمة مع محاولة كل سلطة استخدام صلاحياتها غير أنها تصطدم فيما بينها بسبب تناقض نصوص الدستور نفسه ولا يمكن إصلاح الخلل إلا بإصلاح الدستور ذاته وهو ما يقتضيه نصف قرن من الحياة السياسية المأزومة إلا إن تخوف القوى السياسية الوطنية من فتح باب التعديل الدستوري خشية أن تكون التعديلات في غير صالح الحقوق والحريات في ظل الأوضاع السياسية المختلة لصالح الحكومة يجعل طرح فكرة وضع دستور جديد حلا سياسيا ممكنا بحيث تقوم القوى السياسية والشعبية خارج البرلمان ببلورة مشروع دستور يعبر عن تطلعات الشعب وطموحه ويحظى بإجماع وطني ويتلافى القصور في دستور 1962 ليتقدم به الجميع بعد ذلك للسلطة للموافقة عليه ثم يتم إقراره من خلال توافق سياسي بين الطرفين كدستور بديل بعيدا عن الخوض في دوامة تعديل الدستور الحالي وما يكتنف ذلك من مخاوف ومحاذير وعقبات دستورية على أن يكفل الدستور الجديد حق الشعب الكويتي في اختيار الحكومة وإقرار التعددية والتداول السلمي للسلطة التنفيذية لتكون الأمة فعلا مصدر السلطات جميعا تفعيلا للمادة السادسة من الدستور.
س 11 ـ إذن أنتم كقوى سياسية في حاجة للتفاهم مع الحكومة؟
ج 11 ـ بلا شك الحكومة بيدها قرار تعطيل أو تفعيل الدستور وتحقيق الإصلاح السياسي أو تعطيله ويجب التفاهم معها حول خطوات الإصلاح للخروج بالكويت من أزماتها والحكومة في حاجة وقوف الجميع معها ولن يتحقق ذلك ما لم تكن جادة في الإصلاح السياسي فالوضع خطير جدا وقد حصلت الكويت على 62 نقطة فقط من 120 في المؤشر الدولي للحكومات الفاشلة وقد تم تصنيف الكويت في سنة 2008 (ضمن نطاق دول الخطر الكامن في مؤشر الفشل) في الوقت الذي جاءت منغوليا والبحرين والإمارات وقطر وعمان بنتائج أفضل من الكويت في مؤشر الفشل وهذا جرس إنذار خطير يقتضي من الحكومة المبادرة لحشد إجماع شعبي وتوافق وطني لقيادة حركة الإصلاح السياسي لإقرار التعددية والتداول السلمي للحكومة وإقرار الدائرة الواحدة والقوائم النسبية ولا يمكن الحديث عن إصلاح اقتصادي وتنموي وخدماتي في ظل فساد وفشل سياسي ونحن على كل حال مع أي حكومة تقوم بتحقيق الإصلاح السياسي المنشود وستجد منا كل دعم ومؤازرة للخروج بالكويت من أزماتها.
س 12 ـ لكن أنت ذكرت بأن القوى السياسية ليس لديها رؤية وبرنامج عمل فكيف تساهم في عملية الإصلاح؟
ج 12 ـ لا لا هي لديها برامج انتخابية جزئية لا تحل المشكلة التي تعيشها الكويت منذ الاستقلال إلى اليوم فما فائدة أن يكون لديك برنامج عمل مادمت ترفض أو تتحفظ على التعددية السياسية وإشهار الأحزاب والتداول السلمي للحكومة المنتخبة؟ أو مادمت تطرحها فقط للاستهلاك المحلي لتحقيق صفقات من وراء الكواليس بين الفينة والأخرى دون أن تناضل من أجل تحقيقها في البرلمان وخارجه؟ بينما هي الطريق الوحيد لتنفيذ برامج العمل؟ إن البرنامج السياسي لا يتحقق إلا بالوصول إلى الحكومة المنتخبة لتنفيذه وفي الكويت الحكومة معينة ومجلس الأمة منتخب ومهما قدم الأعضاء من مشاريع وبرامج عمل جزئية لا يمكن أن ترى النور ما لم تتبناها الحكومة التي بيدها السلطة التنفيذية وتبقى البرامج التي تطرحها القوى السياسية أيام الانتخابات عبارة عن فقاعات في الهواء لأن من يقوم بالتنفيذ غير من يقوم بالتشريع!
س 13 ـ لنخرج من الشأن المحلي إلى الشأن الخليجي ما رأيكم بوحدة النقد الخليجية هل تتوقعون أن يكون لها أثر إيجابي على الاقتصاد الوطني؟
ج 13 ـ نحن في الحزب وكما جاء في المبادئ والأهداف في النظام الأساسي نرى بأن وحدة الخليج والجزيرة العربية ضرورة إستراتيجية تقتضيها أحكام الجغرافيا والديمغرافيا والتاريخ واللغة والدين فسكان هذه المنطقة شعب واحد وقبائل وأسر واحدة ولا خيار أمام حكوماتها ودولها إلا الوحدة وتعزيز التكامل فيما بينها سياسيا واقتصاديا وأمنيا لحماية شعبها وأرضها وثرواتها وبلا شك وحدة النقد خطوة إيجابية على هذا الطريق إذ ستسهل العمليات التجارية بين دول وشعوب الخليج وتعزز من ترابط اقتصادياتها وتمهد الطريق لنجاح الاتحاد السياسي فيما بينها إذا تمت العملية بالشكل الصحيح من خلال مراعاة خصوصية كل بلد خاصة في الأجور والرواتب وتوحيد سياسات دول الخليج البترولية وتفعيل الرقابة على البنوك وتعزيز إجراءات الشفافية المالية ومحاربة الفساد الاقتصادي وهذا كله منوط بتعزيز الحريات العامة والمشاركة السياسية للشعوب في إدارة شئون دولها ونتمنى على الإمارات وعمان سرعة الانضمام إلى وحدة النقد الخليجي فمصالح شعوب المنطقة فوق كل الاعتبارات السياسية المؤقتة.
س 14 ـ كيف تنظرون للتصعيد العراقي الأخير على الكويت؟
ج 14 ـ الكويت والعراق بلدان عربيان متجاوران تربطهما أخوة الدم العربي والدين الإسلامي ومهما اختلفا لا بد أن يتصالحا وهناك مشكلة خطيرة جدا في العراق ونحن وقعنا في أخطاء إستراتيجية في التعامل معها إعلاميا وسياسيا وما زلنا نكرر نفس الأخطاء بكل سطحية وقد سبق لنا أن حذرنا منها إبان حرب احتلال العراق التي سماها البعض عندنا حرب تحرير العراق بينما تسميها الأمم المتحدة والولايات المتحدة نفسها بأنها احتلال وكأننا طرف في هذه الحرب مع أن الكويت أعلنت قبل الحرب أنها ليست طرفا فيها والتزمت بموقف الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ودول عدم الانحياز غير أن هذه السياسة الحكيمة لم تستمر بعد شن الحرب وظهرنا بمظهر من يدعم الاحتلال الأمريكي للعراق دون مراعاة للحس القومي العربي والحس الإسلامي الرافض لها حيث وقف الجميع ضد تلك الحرب بينما وقفنا وحدنا في الخندق الآخر ودون إدراك لخطورة التورط في دعم مثل هذه الحرب قانونيا وسياسيا على المدى البعيد وهو ما بدأنا نقطف ثماره اليوم من خلال الأصوات التي تنادي بمقاضاة الكويت أمام المحاكم الدولية وعلى كل حال علينا أن نعيد النظر في سياستنا بعيدا عن العواطف فهناك احتلال أمريكي قائم في العراق وهناك حكومة ميليشيات طائفية وشعوبية جاء بها الاحتلال على ظهر الدبابة وكانت النتيجة خراب ودمار وملايين القتلى والمهجرين بحقد طائفي وشعوبي غير معهود ولا مسبوق في العالم العربي والإسلامي وهناك قوى مقاومة مشروعة للاحتلال تكفل لها المواثيق الدولية حقها في التحرر والمقاومة وليس من مصلحتنا على المدى البعيد أن نقف ضد مشروع المقاومة العراقية وتحرير العراق فهي بالنهاية ستنتصر وستفرض شروطها وستضطر الولايات المتحدة للتفاهم معها وعلينا أن نفتح قناة تفاهم معها من الآن ويجب أن تكون سياستنا مع وحدة العراق واستقلاله واحترام خيار شعبه وجميع مكوناته والمحافظة على هويته العربية والإسلامية وأن نقف من الجميع على مسافة واحدة بما يعزز وحدة العراق وأمنه واستقراره وعودته إلى محيطه العربي وأن لا نضع البيض كله في سلة أمريكا وحلفائها في العراق فلا توجد صداقات دائمة ولا عداوات دائمة في السياسة الأمريكية وإنما مصالح دائمة كما يجب علينا الدفع باتجاه تعزيز الوحدة الخليجية في إطار مجلس التعاون سياسيا واقتصاديا وأمنيا فالوحدة الخليجية هي الخيار الاستراتيجي لكل شعوب الخليج العربي لتحقيق الأمن والاستقرار للمنطقة حتى لا تكون عرضة للتهديد الدائم من أي طرف.
س 15 ـ لكن قوى المقاومة العراقية مختلفة إسلامية وبعثية ولا يعرف لها أجندة واضحة ليتم التفاهم معها؟
ج 15 ـ لا هذا غير صحيح كثير من فصائل المقاومة اعترفت بهيئة علماء المسلمين بقيادة الشيخ حارث الضاري كممثل شرعي سياسي لها وفوضته للتحدث باسمها وقد طرحت الهيئة مشروعها السياسي الذي يدل على وعي كبير وعقلانية وحرص على وحدة العراق وحقه بالتحرر من الاحتلال والمحافظة على عروبته وحرص على العلاقات مع دول الجوار العربي والإسلامي وقد نجحت هيئة علماء المسلمين في مؤتمرها بدمشق أن تحشد كل ألوان الطيف العراقي الرافض للعملية السياسية الطائفية التي فرضها الاحتلال وأثبتت أنها الأقدر على تمثيل الشعب العراقي والمقاومة وقد استقبلت روسيا وتركيا وكثير من دول العالم العربي والإسلامي وفد الهيئة وبالإمكان فتح قناة اتصال معها والتفاهم حول العلاقات المستقبلية فالهيئة اليوم تمثل نصف الشعب العراقي الرافض للاحتلال وليس من مصلحة الكويت تجاهل الهيئة ولا يمنع ذلك من التفاهم مع الحكومة الحالية أيضا وقد تنجح الكويت إذا انسحبت أمريكا في وقف نزيف الدم في العراق من خلال إقامة علاقات جيدة مع كل الأطراف المتناحرة في الساحة العراقية فمن مصلحة الكويت أن تساهم في استقرار العراق وعودة الحياة الطبيعية إليه وبناءه بعد الحرب وهذا يحتاج إلى علاقات جيدة مع كل الأطراف التي تمثل كل مكونات الشعب العراق.
س 16 ـ كيف قرأتم خطاب أوباما الأخير في القاهرة وهل تتوقعون أن يكون له آثار إيجابية؟
ج16 ـ أسلوب الخطاب في حد ذاته إيجابي وبادرة حسنة من الرئيس الجديد وقد رحبت به أكثر دول العالم العربي والإسلامي إلا أنه لا جديد في مضامينه وليس أوباما هو من يحدد السياسات الأمريكية فالولايات المتحدة دولة مؤسسات وهناك مصالح قومية حيوية لها في المنطقة والحزب الديمقراطي ملتزم بتحقيق الأهداف الإستراتيجية التي يتفق مع الحزب الجمهوري عليها وإنما سينفذها بتكتيك مختلف فالولايات المتحدة اليوم تواجه في الخارج هزيمة محققة في العراق وأفغانستان وأزمة مالية خانقة في الداخل وتحاول حشد الدول العربية خلف المشروع الأمريكي الإسرائيلي في المنطقة لمحاصرة قوى المقاومة في فلسطين ودول الممانعة والانتهاء من الملف النووي الإيراني وليس هناك جزرة تقدمها أمريكا لحلفائها إلا الوعود المكرورة بحل القضية الفلسطينية وكلما جهزت الولايات المتحدة لشن حرب في العالم العربي أو الإسلامي دعت لعقد مؤتمر لحل القضية الفلسطينية لكسب تعاطف الرأي العام ولرفع الحرج عن حلفائها في المنطقة!
والواقع أن مشكلة أمريكا هي في سياساتها العدائية وحروبها الاستباقية العبثية في العالم الإسلامي الذي تحول إلى ساحة حرب مفتوحة الزمان والمكان لمحاربة عدو مجهول اسمه الإرهاب وعلى كل حال نتمنى أن ينجح الرئيس أوباما في تحقيق تطلعاته لتحقيق السلام في المنطقة وأن يفي بوعوده بإنهاء الاحتلال في العراق وأفغانستان وكف الحرب العبثية على العالم الإسلامي تحت ذرائع مكافحة الإرهاب والضغط على حليفته إسرائيل لتكف عن جرائمها بحق الشعب الفلسطيني وإنهاء معاناته وانسحابها من كل الأراضي التي احتلتها وسيجد أوباما حينها من شعوب العالم العربي والإسلامي وحكوماته كل تعاون إيجابي بناء.