يـا نــور عذرا
قصيدة اعتذار قالها الكاتب بعد أول مكالمة هاتفية ـ يوم الأربعاء 20/5/1998 ـ مع ابنته نور ذات الخمس سنوات بعد سفره الثاني إلى برمنغهام وكان قد وعدها ألا يغادرها إذ كان يحاول في الحصول على قبول للدكتوراه في أي جامعة في العالم العربي كارها للسفر إلى أوربا وقضى الله أن يكمل دراسته في بريطانيا فكانت هذا الخواطر:
أوّاه من حزني ومن أشواقي
ومن الكروب وما أرى وألاقي
قد أحرقت نار الهموم بشاشتي
ومع الهموم حرارة الأشواق
فأبث في الأوراق آهاتي وهل
يخبو لهيب النار بالأوراق؟
وغدوت كالورقاء في تغريدها
وحنينها وفؤادها الخفاقي
لولا القصائد مت من فرط الهوى
شوق الأبوة لا هوى العشاق
يا نور ما يغني سماعي هاتفا
هز الفؤاد وعدتُ بالإملاق
كالحلم أو طيف الخيال يمر بي
بعد العهود وذلك الميثاق
يا نور عذرا سامحيني بنيتي
لم أدخر وسعا على الإطلاق
لم أستطع يا نور فك قيودهم
قد شُدّ في هذي البلاد وثاقي
جرم جناه علي من لا يتقي
من يرتدي للخلق ثوب نفاق
ما ضر قومي عزوتي لو أمهلوا
أمري إلى التيسير والإرفاق
ولقد كفى الرزاق قومي مؤنتي
والله جل مقسم الأرزاق
قد أسلموني لمن يظن عداوتي
دينا يقربه إلى الخلاق؟
أبنيتي ما كنت أحيا ليلة
في الغرب لولا همتي ورفاقي
ما لي وللغرب الغريب فإنني
بالروح شرقي وبالأعراق
وهواي شرقي ومن أهوى به
وهناك فيه مكارم الأخلاق
يا عاذلي في الشرق كف فإنه
لا يجرمنك مذهبي وشقاقي
أوما ترى فالشمس حين تزورنا
في الغرب عجلى تلوذ بالأطباق
فإذا أتت للشرق أشرق نورها
وتوهجت في ضوئها الرقراق
إني إذا ما الغرب أمسى راقصا
أمسيت في حزني وفي استشراقي
وإذا مشيت مشيت إما مطرقا
أو أرنو في حزن إلى الآفاق
يا صاح لا يجلو همومي مشية
بين الحدائق أو إلى الأسواق
بل يجلو همي حين يصمت برهة
وسط المدرج ساعة الإطلاق
ويقال للركاب حان رحيلنا
يا مرحبا فاشتدوا بالأطواق
فإذا أقلعت كالنسر في تحليقها
جفت حلوقهمُ من الأرياق
فإذا استقلت بين أجواء السما
والأمر حينئذ لربي الواقي
وتضاحك الركاب بعد وجومهم
ومشى المضيف فطاعم أو ساقي
ما أجمل اللحظات بعد زوال ما
قد كان من تعب ومن إرهاقي
ونعود للأرض التي نحيا بها
في عزة من غير ما إطراق
قومي إذا ما الضيف حل بأرضهم
لم يخش من فقر ولا إنفاق
أبنيتي إن عشتُ عشتِ كريمةً
سكناك بين محاجر الأحداق
أو لم أعد فالله خير خليفة
يرعاك جل هو الكريم الباقي
يا نور إن شاء الكريم لقاؤنا
لا بد من يوم لنا وتلاقي
فأعود أمسح دمع عينك فرحةً
من بعدما ذرفت دموع فراقي
سأعود عبدا في يمينك طائعا
سجني إليك كما لك إعتاقي
يا نور عذرا سامحيني بنيتي
وتجاوزي عن زلتي وإباقي
إني أنا الجاني وعذري أنني
لم أدخر وسعا على الإطلاق
?xml:namespace>