يا أيها الحفل
بقلم: أ.د. حاكم المطيري
1999م
هذه القصيدة إحدى القصائد البرمنغهامية التي جادت بها القريحة أثناء دراستي
للدكتوراه في مدينة برمنغهام بإنكلترا بعد أن أتى عيدا الفطر والأضحى سنة 1999م، ولم
يتيسر لي حينها السفر إلى الكويت بسبب قرب مناقشة رسالة الدكتوراه، وقد أثار القريحة
وأهاجها ما كنت أراه من فرحة الأخوة الذين كانوا يستعدون للسفر إلى أهليهم لقضاء مناسبة
العيد معهم، حتى إذا كان يوم العيد وصلينا في المسجد الجامع، ورأيت حنين من تخلف من
الإخوة معنا ممن لم يتيسر له السفر، وقد عطف بعضهم على بعض، كأنما هم في مأتم لا في
يوم عيد؛ واسيتهم بهذه الأبيات التي خففت عني وعنهم، بعض ما يجده الغريب عن أهله في
يوم العيد..
وقد ذكرت فيها ابن المبارك وهو الأديب الشاعر الدكتور عبد المجيد المبارك
والحبر وهو الشيخ الفاضل محمد الحبر ابن العلامة الأديب الكبير الجبر يوسف نور الدايم
وعواد هو الأخ الدكتور عواد برد العنزي، وقلت فيها:
يا أيها الحفـــل هل من رائح غــــادِ
إلى الكويت وهل من شــاعر حـــاد
هل من صديق كـريم الأصل ذي أدبٍ
يهزه الصــوت شهم من بني الضاد
يشــــدو معي حيث لا أهل ولا وطنٌ
وليس ثَمّ ســـوى دمـعي وإنشــادي
كابن المبــارك أو كالحبر يسعـــدني
بشدوه العــذب أو كالحــــر عـــــوادِ(1)
أما ترى الطيــر لا يشـــدو عـلى فنن
إلا وجــــــــــــاوبـه باكٍ لـه شــــادِ
وما تغـــــــرد ورقــــــاءٌ على ســلمٍ
إلا وغنى الحمـــام الـورق بالـوادي
هذان عيــــــدان لم أفــرح بعودهما
وكيف يـفـــــرح من عن أهلـــه بـادِ
ناء عن الأهــل والأوطـــان في بلدٍ
لا القوم قومي وليست أرض ميلادي
برمنغهـــام وإن أبـدت روائـعــهــا
وضــاحك البرق فيها رائــح غــــــادِ
وماؤه العــذب يجـري في جداولها
إني لعمرك فيها ظـــــــــامئ صـــــادِ
إني وإن كنـت في روض ورابيــةٍ
يحفها الزهر والريحــــــان والكـــادي
وبلبل الأيك يشــــدو في حدائـقهـا
كأنني خلف أســــــوار وأصـــــفـــــادِ
أكفكف الدمــع يوم العـيـد في شجنٍ
دمـع خـــفـــي ودمـع ظــــــاهــــر بـادِ
أرجع الصـــــوت كالورقاء أزعجها
كسر الجنــاح وصوت العــــابر الهادي
يا ضاحك البرق أمطر أرض كاظمة
ما كان من صحـصــحٍ فيها وأنجـــــــادِ
ويا نسيــم الصـبـــا بلغ تحيــــة من
قد غاب عن فــــــرح فيه وأعيــــادِ
بلغ تحيــــة من يـهــفــو لرؤيتــهـا
شــــــــوقــــــا إلى والدٍ فيها وأولادِ
إني على العـهد ما أخلفت موعدهم
لكنه قـــــــــــــدر أودى بميـــعـــــادِ
لله يا يوم أن غـــادرت أرضـــهــم
كما تـــــفــــــارق أرواح لأجــســـــادِ
لم يعرف القلب مني بعدهم فرحـا
وكيف يــــطـــــرب مثلي أيها النـادي؟!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ابن المبارك هو الأديب عبد المجيد المبارك،
والحبر هو الشاعر الأديب يوسف الحبر نور الدايم السوداني، وعواد هو ابن برد العنزي.