نعم لا للحرب على العراق
د. حاكم المطيري
الأمين العام للحركة السلفية
2003
نعم ! لا للحرب العدوانية وغير المشروعة على أي دولة أو أي شعب لقوله تعالى: (ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين)([1]) وقوله (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) ([2]). ولقوله تعالى: (من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً) ([3]).
نعم! لا للحرب على العراق لأن العالم كله بمنظماته الدولية والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ودول عدم الانحياز ومنظمة الدول الإفريقية والاتحاد الأوروبي وكل دول القارات الثلاث آسيا وأفريقيا وأوروبا وشعوبها ضد هذه الحرب.
نعم ! لا للحرب لأن العالم الذي رفض العدوان العراقي على الكويت سنة1990 التزاماً منه بميثاق الأمم المتحدة هو نفسه الذي يرفض اليوم العدوان الأمريكي على العراق التزاماً منه بنفس الميثاق.
نعم ! لا للحرب لأن الدستور الكويتي وميثاق الجامعة العربية ومبادئ منظمة المؤتمر الإسلامي والقانون الدولي كلها تحظر مثل هذه الحرب وترفضها مما حدا بكبار رجال القانون الدولي في بريطانيا إلى تحذير بلير من الدخول في هذه الحرب قبل صدور قرار من مجلس الأمن وإلا تعرض جنوده للمحاكمة بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
نعم ! لا لهذه الحرب لأن أول ضحاياها هو الشعب العراقي الشقيق الذي لم يعد يحتمل الحروب ولا يطيقها وسيسقط فيها آلاف الأبرياء من الأطفال والنساء قبل أن يسقط النظام هناك.
نعم ! لا للحرب لأن دول الخليج العربي والكويت على وجه الخصوص هي التي ستدفع فاتورة هذه الحرب سياسياً وأمنياً ومالياً وستتحمل نفقات هذه الحرب العدوانية التي تقدر بعشرات المليارات كما ستساهم في نفقات إعمار ما دمرته الحرب التي لم تكن طرفاً فيها وستكون تكلفة الحرب أضعاف تكلفة الصبر على الأوضاع الحالية حتى يقوم الشعب العراقي نفسه بإسقاط نظامه وتحمل مسؤولياته.
نعم ! لا للحرب لأن أهدافها أكبر أثراً وأشد خطراً من إسقاط النظام باعتراف كبار المسئولين في إدارة بوش كوزير الخارجية ووزير الدفاع ونائبه وأن الهدف هو السيطرة على منابع النفط والتحكم فيها وإعادة تشكيل المنطقة كلها وتغيير خريطتها تغييراً جذرياً بما يحقق مصالح أمريكا ويكرس وجودها العسكري في الخليج العربي بشكل دائم على حساب سيادة دول المنطقة واستقلالها ويحقق أمن إسرائيل ويضمن تفوقها العسكري على حساب الأمن القومي العربي والإسلامي وإغلاق ملف القضية الفلسطينية ومصادرة حقوق الشعب الفلسطيني كحق العودة وعودة القدس.
نعم ! لا للحرب لأنها لن تكون الأخيرة فما زال في جعبة الأمريكان مفاجآت فاجعات فإيران وسوريا وليبيا والسودان والمملكة العربية السعودية كلها على قائمة الدول الداعمة أو الراعية للإرهاب في نظر أمريكا وقد بدأ الحديث عن المفاعل النووي الإيراني والحديث عن الدعم السوري للمقاومة اللبنانية والفلسطينية الذي تراه أمريكاً دعماً للإرهاب!
نعم ! لا للحرب لأنها بهذه الحجج التي تتذرع بها أمريكا سيكون العالم العربي والإسلامي كله تحت الوصاية الأمريكية ومسرحاً لعملياتها ومغامراتها العسكرية فإن كانت الحرب من أجل تغيير النظام العراقي إلى نظام ديمقراطي فهذا يعني فتح الباب على مصراعيه لتغيير جميع الأنظمة في العالم العربي إذ ليس فيها كلها نظام ديمقراطي حقيقي واحد مع أن ميثاق الأمم المتحدة يحظر مثل هذا التدخل في شؤون الدول الداخلية.
وإن كانت الذريعة هي انتهاكات حقوق الإنسان فأكثر حكومات العالم العربي تنتهك حقوق الإنسان وتمارس ما يمارسه النظام العراقي خصوصاً الأنظمة الحليفة لأمريكا.
وإن كانت الحرب بدعوى وجود أسلحة دمار شامل وأسلحة نووية في العراق فالدراسات تشير إلى وجودها أيضاً في عدد من الدول العربية والإسلامية التي تشعر بخطر التفوق العسكري الإسرائيلي النووي وتسعى إلى تحقيق توازن عسكري يحفظ أمنها من الأخطار الخارجية وفي الموافقة على هذه الحرب لأي ذريعة من هذه الذرائع نكون قد رسخنا مبدأ خطيراً يحق فيه لأمريكا إعلان الحرب على أي دولة عربية وإسلامية ترى أنها تنتهك حقوق الإنسان أو تمتلك أسلحة نووية أو كيميائية.
نعم ! لا للحرب لان مصلحة الكويت في رفضها وعدم وقوعها فآثارها الكارثية قد تدوم إلى سنوات بل إلى عقود على البيئة والصحة جراء استخدام كلا الطرفين العراقي والأمريكي لما لديه من أسلحة محظورة ومازالت آثار حرب التحرير تحصد المئات سنويا إلى يومنا هذا.
نعم ! لا للحرب لأنها باعتبار الرئيس الأمريكي نفسه حملة عسكرية صليبية بدأت في أفغانستان وستثني في العراق وستثلث في إيران وتربع في المملكة إلا إذا خضع الجميع للنفوذ الأمريكي والإسرائيلي في المنطقة وقد أثبتت الوقائع والأيام أن الرئيسي الأمريكي الذي يمثل الجناح المسيحي المتطرف يعني ما قاله في بداية حملته العسكرية التي جردها لفتح العالم العربي من أنها ستكون حملة صليبية.
نعم ! لا للحرب لأنها تمثل خطراً على الأمن الوطني الكويتي والأمن القومي العربي وأمن العالم الإسلامي مهما حاول المسئولون الأمريكيون التبشير بالديمقراطية والحرية وحماية حقوق الإنسان فخرائب أفغانستان المحطمة ومعتقل غونتنامو وحادثة قلعة جانجي وشهادة وزير العدل الأمريكي السابق رامس كلارك بخصوص جرائم الحرب التي قام بها الجيش الأمريكي هناك كلها أدلة على المستقبل الذي ينتظر المنطقة بأسرها!
نعم ! لا للحرب لأنه لن يتحقق بعدها السلام بل أنهار من الدماء والأشلاء وسيطرة الاستعمار من جديد وقيام أنظمة وكيلة عنه في المنطقة لن تكون أحسن حالاً من الأنظمة القائمة وها هو المرشح الجديد لقيادة العراق يؤكد أن له حقاً تاريخياً في الكويت !
نعم ! لا للحرب لأننا لسنا طرفاً فيها ولن نشارك في عملياتها ولا نعرف أبعادها ولأننا ملتزمون بقرارات الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومؤتمر دول عدم الانحياز الرافضة لهذه الحرب وإن كنا لا نستطيع منعها ولا نملك دفعها ولا الحيلولة دون وقوعها حتى وإن انطلقت من أرضنا فالعالم كله سيعذرنا.
نعم لقد نجحنا سياسياً في الإعلان عن تحفظنا على هذه الحرب والتزامنا بقرارات الجامعة العربية ومنطقة المؤتمر الإسلامي إلا أننا فشلنا إعلامياً بظهورنا بمظهر المؤيد لها الراقص فرحاً لقيامها حتى استصدرنا الفتاوى المشئومة التي تجيز هذا العدوان وما أشبهها بالفتاوى المشبوهة المؤيدة للعدوان العراقي على الكويت سنة 1990 ووظفنا الدين في خدمة الاستعمار ومخططاته التي سنكون أول ضحاياها واستعدينا بذلك العالم العربي والإسلامي الذي وقف معنا ضد العدوان العراقي واستثرنا الحس القومي والديني دون أي مصلحة تذكر إلا التشفي الصبياني وحجبنا الرأي الكويتي الآخر الرافض للحرب ولم نفسح له المجال ليبدي وجهة نظره أو يعبر عن مشاعره حتى لجأ للإعلام الخارجي بينما نجح الإعلام القطري ببراعته في تجنب ذلك كله مع وجود قاعدة العديد هناك!
نعم ! لا للحرب ولا للاستعمار ولا للأنظمة الاستبدادية ولا للتضليل الإعلامي ولا لحجب الحقائق ولا لتوظيف الدين في خدمة الأهواء السياسية والمخططات الاستعمارية ولا للرقص على ضفاف نهر الجنون!
بذلت لهم نصحي بمنعرج اللوى
فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد