الخليجيون والمصير المجهول
?xml:namespace>
بقلم د:حاكم المطيري
عضو مكتب الأمانة العامة
حزب الأمة
موقع حزب الأمة 2007
?xml:namespace>
تواجه شعوب الخليج والجزيرة العربية تحديات خطيرة ومشكلات كبيرة قد يكونون بعدها أو لا يكونون! فالمشهد اليوم في المنطقة يكشف عن عجز فاضح تعاني منه حكومات دول مجلس التعاون أمام العاصفة الهوجاء التي تعصف في الخليج منذ احتلال العراق إلى اليوم حيث تنامى النفوذ الاستعماري العسكري بشكل خطير تلاشت معه كل صور السيادة والاستقلال الصوري الذي تمتعت به شعوب الخليج مدة نصف قرن مضى!
فدول الخليج والجزيرة العربية وحكوماتها الحالية كلها باتت في مهب الريح وأصبحت الاحتمالات كلها مطروحة لتغيير خريطة المنطقة بإعادة تقسيمها وتجزئتها أو ضمها حسب ما تقتضيه الظروف والمصالح الدولية دون أن يكون لشعب الجزيرة العربية يد في ما يجري حوله كما لم يكن له يد في رسم خريطة الجزيرة والخليج العربي على هذا الشكل منذ الحرب العالمية الأولى واتفاقية سايكس بيكو وتداعياتهما إلى هذا اليوم!
لقد أصبحت نذر الحرب الجديدة الرابعة في الخليج تدق طبولها ويزداد أوارها حيث ازدادت الحشود العسكرية للجيش الأمريكي في العراق والخليج للتمهيد لحرب مع إيران ستكون ساحتها الجزيرة والخليج العربي وستدفع شعوب المنطقة فاتورتها من ثروات المنطقة المنهوبة وعلى حساب سيادة دولها ومصالح شعوبها المسلوبة لتنفيذ مخططات استعمارية قديمة جديدة للسيطرة على المنطقة والحيلولة دون انعتاقها من قمقم النفوذ الأجنبي!
إن الشعوب في الخليج والجزيرة ستظل في كل الظروف والأحوال في أوطانها وعلى أرض آبائها وأجدادها التي ظلت تعيش عليها منذ عهد عدنان وقحطان ولن يستطيع أحد تغيير أحكام الجغرافيا والديمغرافيا!وإنما الإشكالية التي تواجهها كيف سيكون مستقبلها وما الكيان البديل الذي سيضم شعبها ويلم شعثها حين تهب العاصفة؟ وما دور شعوبها في رسم هذا المستقبل؟ وما المشروع السياسي البديل؟
إن ما يجري في العراق اليوم قد يتكرر في الخليج والجزيرة كلها حين يقرر الاحتلال الأجنبي إعادة رسم خريطة المنطقة من جديد وإذا كانت المقاومة العراقية هي الرقم الصعب الذي يقف أمام مشروعه في العراق فإن لا يوجد في الخليج والجزيرة العربية من يستطيع الوقوف في وجه مخططاته لأسباب سياسية وفكرية وثقافية ومشكلات تعاني منها شعوب الخليج العربي تجعلها من أكثر شعوب العالم العربي والإسلامي قابلية الاستبداد الداخلي والاستعمار الأجنبي ولهذا لم تشهد حركة تحرر ضد الاستعمار البريطاني مدة قرن كامل تقريبا!
إن على الحركات والقوى السياسية والفكرية في الجزيرة والخليج العربي وعلى الحكومات الحالية مسئولية كبرى في بلورة مشروع سياسي لمستقبل المنطقة تصبح به المنطقة أكثر استقرارا وثباتا وأمنا وتطورا ونموا وازدهارا بعيدا عن أطماع القوى الاستعمارية ومخططاتها وحروبها ومغامراتها الإجرامية التي تجلت في أبشع صورها في تدمير العراق تدميرا كاملا شعبا ودولة ونسيجا اجتماعيا سيحتاج إلى عقود لتجاوز آثار هذه الحرب الكارثية.
إن كل ما تحتاجه دول الخليج العربي وحكوماته هو أن تحدد خياراتها المستقبلية وتحدد ما الذي تصبو إلى تحقيقه فإن واقعها اليوم يؤكد أنها دول مؤقتة لتصريف الأمور المستعجلة لشعوب المنطقة إلى أن تنتهي صلاحياتها المنوطة بها وهو ما بات يتحدث عنه كل عربي في الخليج والجزيرة العربية من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها فالكل ينتظر ويترقب ما الذي يخبئه المستقبل للمنطقة فالتاريخ أبو المفاجآت ولم تتوقف حركته بعد وما يحدث في عاصمة الرشيد أوضح دليل!
لقد طرح حزب الأمة رؤيته حول هذه المشكلة في كثير من بياناته وأدبياته وهي تتلخص في:
أولا : ضرورة تعزيز وحدة مجلس التعاون الخليجي مع ضم اليمن وتعزيز التكامل السياسي والاقتصادي بين دوله والدفع باتجاه وحدة كونفدرالية أو فدرالية أو أي شكل من أشكال الاتحاد السياسي لشعب كان وما يزال وسيظل واحدا في أصوله العرقية واللغوية والثقافية والتاريخية والدينية يعيش منذ فجر التاريخ على هذه الجزيرة في إقليم جغرافي واحد له خصوصيته التي تجعل من وحدته خيارا استراتيجيا أمام حكوماته وشعوبه في هذه المرحلة حيث أدى تشرذمها وتجزئتها إلى ضعفها وسهولة التدخل الأجنبي في شئونها ولا سبيل أمامها لمعالجة هذا الخلل إلا بالوحدة وتعزيزها في إطار مجلس التعاون كمرحلة مؤقتة تفضي إلى اتحاد سياسي فعلي حقيقي قادر على حماية شعب الجزيرة والخليج العربي من الأخطار الخارجية وصيانة مصالح شعبه وثرواته وسيادته على أرضه واستقلاله كخطوة ضرورية على طريق الوحدة العربية ثم الإسلامية مستقبلا إذ تمثل جزيرة العرب اليوم الحلقة الأضعف في المنظومة العربية بعد أن تحولت دوله إلى أكبر قواعد عسكرية للنفوذ الأجنبي الغربي في ظل تشرذم عربي وإسلامي غير مسبوق وبإمكان دول مجلس التعاون مع اليمن ـ حيث يبلغ تعداد سكان الخليج والجزيرة نحو خمسين مليون نسمة ـ أن تشكل اتحادا وكيانا قادرا على مواجهة التحديات بما يمثله من موقع جغرافي وديني واقتصادي استراتيجي للعالم العربي والإسلامي والمجتمع الدولي كافة ولا ينقصه سوى الوحدة التي تجعل منه قوة قادرة على التأثير في مجريات الأحداث من حوله.
ثانيا: تعزيز الحريات العامة في كل دول مجلس التعاون الخليجي واليمن وتطوير النظم السياسية العشائرية المتخلفة ومعالجة أزمة الهوية والاعتراف بحقوق المواطنة للجميع على حد سواء للحاكم والمحكوم بدلا من حقوق التبعية والرعوية التي تم فرضها مدة نصف قرن ليتقرر للشعوب الحق في اختيار حكوماتها المنتخبة التي تحقق لها دولة القانون والعدل والمساواة المفقودة اليوم في إطار توافق بين النظم الحاكمة والقوى السياسية الإصلاحية التي تمثل مكونات المجتمعات في الخليج والجزيرة العربية لتهيئة المنطقة للمستقبل وتغيراته الكبرى إذ لن يبقى الوضع على ما هو عليه اليوم أبدا فالمنطقة تشهد تغيرات اجتماعية كبرى ستصاحبها تغيرات سياسية حتمية فليشترك الجميع اليوم حكومات وقوى سياسية واجتماعية في رسم هذا المستقبل قبل أن يتفاجأ الجميع بمن يقلب الطاولة على رؤوس الجميع لتتحول المنطقة كلها إلى ساحات حروب أهلية أو عشائرية تفتقد إلى رابط يربطها في ظل أزمة الهوية وأزمة المواطنة التي تعيشها شعوب المنطقة المهمشة على نحو خطير منذ الاستقلال الصوري لدولها.
انيا:>
ثالثا: تعزيز قدرات المنطقة العسكرية الذاتية والاستغناء عن الوجود العسكري الأجنبي الذي صار يشكل خطرا لا على السيادة والاستقلال الصوري فحسب بل على البيئة والثروة والنمو الاقتصادي الذي تعطل بسبب التوتر الذي تعيشه المنطقة في ظل الوجود الأجنبي وبسبب تشرذم المنطقة وضعفها عن حماية مصالح شعوبها وصيانة أمن دولها بنفسها مما أدى إلى ضعف خطير في النمو الاقتصادي حيث لم تستفد شعوب المنطقة من ثرواتها الهائلة في إقامة اقتصاد صناعي وتكلونوجي كما حدث في ماليزيا التي نجحت في ربع قرن أن تحقق ما لم تحقق عشره كل دول مجلس التعاون في نصف قرن بسبب الفساد السياسي من جهة وعجز الحكومات عن تحقيق مشروع نهضة اقتصادية لضعف أدائها من جهة أخرى!
الثا:>
إننا في الخليج والجزيرة اليوم على أبواب تغيرات سياسية كبرى فإما أن نشترك في رسم مستقبلنا بأنفسنا وبإرادتنا الحرة وإلا الاستسلام للعاصفة القادمة حيث المصير المجهول!