لا أيها النائب الفاضل
بقلم: حاكم المطيري
الأمين العام للحركة السلفية
أفهم أن يصفق الشعوبيون (العلقميون) والليبراليون (الرغاليون) لهذه الحملة العسكرية الصليبية الجديدة على المنطقة بدعوى إسقاط صدام إذ لا يهم العلقميون ولا الرغاليون أن تسيطر هذه الجيوش على الخليج العربي والجزيرة العربية والتحكم بهما مستقبلاً ولا يمثل الاحتلال الأجنبي للمنطقة مشكلة في نظرهم فالتاريخ يعيد نفسه فقد كان (ابن العلقي) وزير الخليفة العباسي والفقيه (الطوسي) ممن شجع ودعا التتار للهجوم على العراق ودخول بغداد سنة 656هـ لتقع أكبر كارثة في تاريخ الأمة العربية والإسلامية ظناً منهما أنهما يرفعان الظلم عن أهل بغداد بهذه الطريقة وكأنه لا سبيل لإسقاط الطغاة إلا بالجيوش الاستعمارية والاحتلال الأجنبي؟!
أفهم أن ينظر العلقميون والرغاليون للأمور بهذه الطريقة لفقدهم الروح القومية والدينية التي تأبى أن تجعل من الأوطان واستقلالها عرضة للاحتلال الأجنبي تحت ذريعة إسقاط هذا النظام أو ذاك وإنما الذي لا أفهمه هو أن يقف نائب إسلامي مسئول عن كلمته ليؤيد مثل هذه الحملة العسكرية؟!
ألم يسمع النائب الفاضل ما يشاع عن هذه الحملة وأهدافها وأنها تتجاوز موضوع تغيير النظام في بغداد إلى تغيير وضع المنطقة كلها وترتيبها بما يخدم المصالح اليهودية والاستعمارية؟! ألا يقرأ ما تصدره مراكز الدراسات الإستراتيجية حول أبعاد هذه القضية؟ ألا يرى رفض العالم كله لهذه الحرب وتبريرها وتصريح كثير من المسئولين الغربيين والأمريكيين بأنها حرب غير مشروعة هدفها السيطرة على المنطقة وثرواتها؟ ألا يرى فرقاً شاسعاً بين موقف دول العالم المؤيد لحرب تحرير الكويت وموقفها الرافض لحرب العراق القادمة؟! إلا يستشعر النائب الفاضل الخطر الذي استشعره جميع العرب مما جعلهم يقفون صفاً واحداً في الجامعة العربية ضد ضرب العراق لولا الضغوط التي مارستها واشنطن على الدول العربية؟! ألم يستشعر الخطر الذي شعر به العرب من أبعاد هذه الحروب وأهدافها؟ ألم يثير انتباه النائب الفاضل رفض أقوى أحزاب المعارضة العراقية وألدها عداوة لنظام صدام حسين لهذه الحرب بعد أن أدركت أن الموضوع أكبر من موضوع تغيير النظام وأنه مشروع احتلال للعراق قد يدوم عقودا طويلة؟
إننا نفهم أن تقوم الحكومات بسبب الضغط الأمريكي بتأييد هذه الحرب مع عدم رغبتها بوقوعها إلا أننا لا نفهم أن يبادر نواب الشعب وممثلوه بتأييدها مع عدم وجود أي ضغط خارجي عليهم؟!
أيها النائب الفاضل إذا أردت أن تعرف ما سيؤول إليه حال الشعب العراقي بعد هذه الحرب إن كان يهمك حالة فأنظر إلى وضع شمال العراق الذي يسيطر عليه حزب الطالباني والبرزاني بتأييد وحماية من قبل الجيش الأمريكي حيث القتل وسفك الدماء ومطاردة الدعاة والعلماء من أبناء الشمال الكردي بدعوى القضاء على الحركات الأصولية هناك؟ وكل هذا يتم دون أن يتدخل أحد لإنقاذهم؟ أنظر لما حل بالشعب الأفغاني بعد التدخل الأمريكي إذ لم ير من الديمقراطية وحقوق الإنسان إلا الخراب والدمار وانتشار محلات بيع أشرطة الفيديو؟
أيها النائب الفاضل إن سقوط النظام العراقي بهذه الحرب ليس أمراً مهما غير أن المؤكد هو أن الدمار سيحل بالشعب العراقي ولا يعرف أحد إلا الله كم سيذهب من الأبرياء من الأطفال والنساء في هذه الحرب وحينئذ سيبوء بإثمهم كل من أعان على حربهم.
أيها النائب الفاضل ليست المشكلة بالنسبة لنا هي إسقاط النظام في بغداد الذي نؤيد إسقاطه بثورة شعبية أو بانقلاب عسكري وإنما المشكلة تكمن فيما وراء إسقاطه وهل ستخرج هذه الجيوش الغربية من المنطقة بعد ذلك أم ستبقى؟ وهل ستستمر هذه القواعد العسكرية في الخليج والجزيرة العربية التي باتت تحيطها من كل جانب أم سيتم تفكيكها وإخراجها؟ وهل ستدعو أيها النائب الحكومة الأمريكية للخروج من المنطقة كما دعوتها لدخولها أم ستصمت كما صمت الآخرون؟ أم ستؤيد وجودها إلى أن يتم إسقاط جميع الأنظمة الاستبدادية في العالم العربي وما أكثرها ليحكم بعدهم (الكرازايون) يحيط بهم الرغاليون والعلقميون ليبدأ (العصر الجليدي) للأمة العربية وثقافتها وقيمها ودينها في عهد (الغيبة الكبرى) للعقل العربي السياسي؟