نظرة
في الحكومة المنتخبة
والتداول السلمي للسلطة
بقلم د. حاكم المطيري
الأمين العام لحزب الأمة
1) تعد قضية السلطة وإشكالية الحق في الحكم من أخطر القضايا التي واجهها الفكر الإنساني الفلسفي والسياسي فظهرت نظرية القوة وهي التي تقوم عليها النظم الدكتاتورية فالأقوى هو الأحق بفرض إرادته على المجتمع كما ظهرت نظرية التفويض الإلهي التي تقوم على أساسها الدولة الثيوقراطية والتي يحكمها ويسيطر عليها رجال الدين ونظرية العقد الاجتماعي التي ترى بأن المجتمع الأول لفض منازعاته وحسم خلافاته اختار وكيلا عنه ليحكم بينهم وتنازلت الجماعة له عن بعض صلاحياتها لتكون له سلطة يستطيع بها الفصل بينهم فكانت علاقة تعاقدية بين طرفين وعليها قامت الديمقراطية التي تعد أرقى النظريات البشرية التي أبدعها العقل الإنساني والتي تقوم على أساس مبدأ حرية الإنسان وحق الشعب في الحكم وأن السلطة ليست سوى ممثلة للشعب وإرادته وقد جاء الإسلام بحق الأمة بالأمر وحقها في الحكم والشورى كما قال تعالى(وأمرهم شورى بينهم) فتتوافق الديمقراطية مع الإسلام في هذا المبدأ ومن هذه الحيثية فالديمقراطية حكم الشعب للشعب والشورى حق الأمة في اختيار السلطة كوكيل عنها.
2) ولما كان هذا الحق مبدأ عاما يحتاج إلى آلية ونظام لتطبيقه على أرض الواقع ولما كان اشتراك كل الشعب في ممارسة السلطة والحكم أمرا مستحيلا كان لا بد من نظام يحقق هذا المبدأ فكان اختيار الشعب لمن يحكمهم عن طريق الرضا من خلال الانتخاب هو الوسيلة الوحيدة ليشترك الجميع في الحكم عن طريق انتخاب من يمثلهم.
3) ولكون السلطة بطبيعتها تمنح صاحبها سلطات واسعة وخطيرة ليتصرف في شئون الأمة كلها كان لا بد من نظام يقيد هذه السلطة ويجعل للأمة حق مراقبتها ومحاسبتها وعزلها فكانت مجالس الشعب والبرلمانات التي تمثل السلطة الرقابية والتشريعية الوسيلة المناسبة الممكنة لتقييد السلطة ومراقبتها.
4) وبما أن إمكانية انحراف السلطة عن حدودها أمرا واردا وممكن الحدوث ومن ثم كان عزل الأمة لها أمر مشروع وحق من حقوقها ولما كان تطلع النفوس البشرية للوصول للسلطة والمشاركة فيها أمرا جبليا فطريا كان لا بد من وضع نظام وآلية يتم من خلالها تغيير السلطة سواء بسبب انحرافها وفسادها أو ضعف أدائها أو وجود من هو أقدر على القيام بمسئولياتها فكان التداول السلمي للسلطة من خلال التحاكم للشعب ليختار من يراه أهلا لقيادته من المتنافسين عليها هو الحل الأمثل عقلا وشرعا.