ممثلو الشعب ومأساة الشعوب
د. حاكم المطيري
الأمين العام للحركة السلفية
صحيفة الرأي 12 /4 /2002
في حديث دار في منزلي بيني وبين المستشار السياسي في سفارة اليابان يوم الأحد 7/4 في زيارة خاصة قام بها لمعرفة وجهة نظر (الحركة السلفية) في كثير من الأمور طرقنا موضوع البرلمانات في العالم العربي التي لا تمثل الشعوب بقدر تمثيلها للحكومات التي تستطيع بطرقها الخاصة احتواء أكثر هؤلاء (الممثلين) قبل الانتخابات، واحتواء من بقي بعد الوصول للبرلمانات؛ ليتم بعد ذلك تزييف إرادة الشعوب نعم لم يعد أكثر النواب يمثلون الشعب، بل يمثلون عليه، بل تجاوزوا فن التمثيل إلى فن الرقص؟!
لقد أصبحت إجادة هذه الفنون شرطًا ضروريًا للوصول إلى خشبة ذلك المسرح الكبير، حيث تدور أحداث مأساة الشعوب العربية بشكل أسبوعي، وكأنك تقرأ رواية (تاجر البندقية) حيث الصفقات المشبوهة التي تتم في زوايا ذلك المسرح وخلف الكواليس؛ ليظهر الممثلون على خشبة المسرح، وهم أكثر جدية ورزانة، وهم يحيون مشاهديهم حتى إذا حمي الوطيس وتفاعل الجمهور مع ممثليه؛ إذا بهؤلاء الممثلين يهتزون طربًا؛ فلا تزال نشوة التمثيل تأخذ منهم كل مأخذ حتى يبدأ الردح ومن ثم الرقص، وربما وصل الحال بهم إلى حد التعري، لتتكشف الحقائق للجمهور، ولتظهر بواطن الأمور، ولترتفع أصوات بعض الممثلين، وهم يصرخون في جنبات المسرح (لا للجهات الخارجية) ونعم (للداخلية) وليلتفت الجمهور في حال ذهول متسائلاً من المقصود بالجهات الخارجية؟!
ليكتشفوا بأنهم هم المقصود، وأنه لم يعد لهم مكان في قاعة العرض لمشاهدة هذا العرض المسرحي الراقص حد التعري، فالقاعة بكاملها باتت محجوزة للجهات (الداخلية) لتستمع بها وحدها ولا عزاء للجمهور؟!
لقد أصبح ممثلو الشعب أكثر براعة وإجادة لجميع الفنون المسرحية (الكوميدية) و(التراجيدية) دون حاجة لتغيير (الماكياج) أو (المونتاج) بل هم جاهزون في كل حين لأداء الدور المطلوب، فهم ممثلون حين يضحكون وحين يبكون، وممثلون حين يعدون وحين يتوعدون، وممثلون حين يصرخون وحين يهمسون، وممثلون حين يسبحون وحين يحوقلون؛ بل أشدهم صراخًا وأعلاهم صياحًا أكثرهم دهاء وأبرعهم أداء، وكلما علت أصواتهم واشتدت صرخاتهم؛ كان ذلك دليلًا على قرب حدوث صفقة وراء الكواليس، لا تحتاج إلا إلى بضع صرخات لتتم الولادة بشكل طبيعي دون طلق اصطناعي؟!
لقد كسدت أسواق المسارح التقليدية، وأصبحت تعاني الإفلاس بسبب المسرح البرلماني الذي يضم أبرع الممثلين وأروع المهرجين ممن كانوا وما زالوا فرساناً بلا خيول، ومناضلين بلا قضية، يركبون كل موجة ويسبحون مع كل تيار؛ ثوريون بلا نضال، وإسلاميون بلا إيمان، واشتراكيون بلا عدالة اجتماعية، وليبراليون بلا حقوق إنسان؟!