أهلا وسهلا بأمريكا !
ردا على افتتاحية بعض الصحف الكويتية
في ترحيبها بالرئيس الأمريكي
بقلم د. حاكم المطيري
رأي المشكاة ـ الوطن
1/3/2001
نعم أهلا وسهلا بأمريكا التي تدعو إلى إحلال السلام وتدافع عن حقوق الإنسان وتحترم التنوع الثقافي العالمي فالروابط التي تربط بين عالمنا الإسلامي الشرقي والمسيحي الغربي كثيرة جدا ولو لم يكن إلا القيم السماوية والمبادئ الإنسانية التي يدعوا إليها الإسلام وتحث عليها المسيحية لكفى بها قاعدة مشتركة للتفاهم واللقاء ،كيف (وقد قدمت الحضارة الإسلامية ـ كما يقول الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون ـ لأوربا ( ولمدة خمسة قرون من 700م إلى 1200م ) فيض معارفها وقادت العالم المسيحي في المجالات المختلفة مثل التسامح الديني والتعليم والتقنين والعلوم والطب والفلسفة والثقافة ونمط الحياة وكانت هذه الإسهامات الضخمة هي التي ساعدت على انطلاق عصر النهضة الأوربية وجاء الوقت لكي يسهم الغرب في إطلاق نهضة العالم الإسلامي)!
نعم لقد أرسى الإسلام مبادئ العدل والحرية والتسامح الديني كما قال الله} لا إكراه في الدين { فحفظ لجميع أهل الأديان حقوقهم وحرياتهم الدينية والمدنية يوم أن كان العلم كله يعيش صراعا دينيا وعرقيا وطبقيا لا رحمة فيه ولا إنسانية وأكد الإسلام كرامة الإنسان دون النظر إلى لون أو عرق أو طبقة أو جنس وأن الجميع إخوة في الإنسانية وإنما يتفاضلون بالعمل الصالح قال الله تعالى }ولقد كرمنا بني آدم { وقال} يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم { لقد كان الإسلام هو أول من دعا إلى حوار أهل الأديان بالتي هي أحسن كما قال الله تعالى} قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله { وقال سبحانه وتعالى} ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن {
لقد كان أول حوار بين الإسلام والمسيحية هو ذلك الحوار الذي انعقد في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم سنة 9 هـ بين النبي صلى الله عليه وسلم وعلماء النصارى من أهل اليمن حول موضوع حقيقة طبيعة السيد المسيح عليه السلام وحول حقيقة الإسلام وتم بعده الاتفاق على عقد صلح بين الطرفين على أن يمارس النصارى حريتهم الدينية في ظل الدولة الإسلامية وبلغ من كرم النبي صلى الله عليه وسلم وتسامحه أن أذن لهم أن يصلوا صلاتهم في مسجده وكان كما وصفه الله } وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين { .
نعم لقد صدق ريتشارد نيكسون عندما دعا إلى العمل معا كشركاء متساوين ودعا إلى المزج بين أفضل ما في حضارتينا وأن ذلك سيجعل من الحقبة القادمة من تاريخنا حقبة تعاون وبناء وليس حقبة صراع وتدمير كما يقول نيكسون في كتابه (أمريكا والفرصة التاريخية) .
نعم أهلا بأمريكا والغرب أصدقاء وشركاء في هذه القرية العالمية نحن وإياهم على قدم المساواة فالعالم الإسلامي يملك من الثراء الحضاري والثقافي والمادي ما يؤهله لأن يكون شريكا قادرا على الإسهام في هذه الحضارة الغربية كما أسهم فيها من قبل مدة خمسة قرون
نعم أهلا بأمريكا الحضارة ولا لأمريكا البرجماتية والقيم المادية التي تفقد الحياة الإنسانية قيمتها وتجعل من المادة إلهها الجديد!
وأهلا بالحرية ومبادئ حقوق الإنسان ولا لفرض المفاهيم الغربية لهذه الحقوق والحريات!
فللعالم الإسلامي من التراث ما يميزه عن الحضارة الغربية وله من القيم ما يحول بينه وبين هذه المفاهيم الخاصة بالثقافة الغربية.
ونعم للاتفاقيات الاقتصادية التي تحقق مصلحة الجميع وتسهم في دفع عجلة التنمية في عالمنا الإسلامي ولا للأحلاف والقواعد العسكرية التي تستنفذ مواردنا الاقتصادية وتحول المنطقة إلى ثكنة أسلحة نووية بدعوة حماية مصالح أمريكا القومية!
نعم لتطبيق القرارات الدولية العادلة التي تحفظ الأمن والسلام العالمي ولا لهذه الازدواجية في التطبيق وغض الطرف عن إسرائيل التي ما زالت تضرب القرارات الدولية بعرض الحائط وتمارس أبشع أنواع الجرائم ضد الشعب العربي الفلسطيني الأعزل دون أن تتدخل القوى الدولية لحماية حقوق هذا الشعب!
نعم لمواجهة النظام الإجرامي في بغداد ولا ليترك النظام الإجرامي العنصري في تل أبيب يهدد أمن المنطقة بأسلحة الدمار الشامل!
نعم أهلا بأمريكا صديقا وحليفا ولا لسياسة الهيمنة والسيطرة والاحتواء! فكما للشعب الأمريكي مصالحة وقيمه وثقافته فللعالم الإسلامي مصالحه وقيمه وثقافته فأهلا بالشركاء والأصدقاء ولا لسياسات الاستعمار والسيطرة والاحتواء!