إلى الطبطبائي مع التحية
(2-4)
د. حاكم المطيري
الأمين العام للحركة السلفية
الرأي العام 20/10/2002
قال د. محمد الطبطبائي في شأن ضرب العراق كما في مقابلته المنشورة في السياسة 6/10/2002 :(هذه القضية بعيدة عن الطرح للعلماء ولم تطرح على مجامع فقهية أو على العلماء للفتوى فيها،وأرى أن القضية العراقية ليس لنا أي رأي حولها سواء التأييد أو عدمه بسبب أن ذلك لن يغير شيئا بالنسبة للحالة العراقية ولا نعرف ما المقصود من العمل العسكري هل المقصود النظام أو إنه سيتأثر الشعب العراقي ولا يمكن لأمثالي الحديث عن قضية لا يعرفون حقيقتها وأبعادها لإصدار الفتوى المناسبة أما التصريحات التي تصدر عن بعض العلماء فلا تعتبر فتاوى وليست سوى آراء)!
وأقول هذا كله كلام كليل وتعليل عليل ليس عليه أثر من فقه، فمن قال – قبل الطبطبائي – إن العلماء لا يبدون رأيهم في قضية حتى تعرض عليهم؟ وما الذي يمنع العلماء أن يبادروا إلى بيان الحكم الشرعي في المجامع الفقهية أو بصورة فردية؟ ومن قال إن هذه القضية لم تطرح على العلماء للفتوى فيها والجميع يعلم أن الشيخ عجيل النشمي قد أفتى بالتحريم كما أفتى بذلك القرضاوي والشيخ الغنيمان ومفتي مصر....الخ؟! ثم ما علاقة الحكم الشرعي وبيانه بقدرتنا على تغيير مجريات القضية الواقعة كما في ضرب العراق؟!
وإذا كان د. محمد الطبطبائي لا يعرف أبعاد هذه القضية ـ ومن ثم لا يستطيع إبداء رأي فيها ـ فلماذا يصادر على العلماء حقهم في بيان الحكم الشرعي ما داموا يعرفون أبعاد الموضوع وحكمه الشرعي؟ وما معنى قوله إذا :(أما التصريحات التي تصدر عن بعض العلماء فلا تعتبر فتاوى وليست سوى آراء) ؟
لقد اعترف د. الطبطبائي بأنه لا يدري من المقصود ومن سيتضررون من الضربة، الشعب العراقي أم الحكومة هناك وهذا الاعتراف يلزمه بأن يقول بحرمة هذه الحرب لأن التحريم هو الأصل بإجماع العلماء، في هذا الموضوع إذ لا خلاف بينهم في حرمة الاعتداء على أي شعب مسلم وعلى حرمة إعانة من أراد أن يعتدي عليه خاصة من غير المسلمين،إذا الإعانة في مثل هذه الصورة ردة وناقض من نواقض الإسلام ومعلوم عند الفقهاء إنه عند الشك يجب التمسك بالأصل والعمل به وهو هنا التحريم إلا إذا كان الطبطبائي يرى أن الأصل هو الإباحة!
وعلى كل حال ، فعلم الطبطبائي وعدم علمه في حكم هذه القضية وأبعادها سيان بل لقد رفض هذه الحرب التي يراد شنها على العراق كل الدول العربية والإسلامية بعد أن أدرك الجميع أهداف هذه الحرب التي يراد من ورائها السيطرة على المنطقة وثرواتها وترتيب أوضاعها بما يخدم المخططات الصهيونية والاستعمارية وهذا الذي جعل العالم كله يتحفظ عليها لولا الضغط الأميركي وقد حذر الرئيس المصري من خطورة هذه الحرب وإذا كان الطبطبائي لا يعرف الواقع مع وضوحه ولا يعرف الحكم الشرعي في مثل هذه القضية القطعية فما له وللتصدر للفتوى والخوض في شؤون الأمة والاعتراض على أهل العلم؟!
إن الموقف الإسلامي – إذا تجاوزنا ما يجري من جعجعة في الوسط الإعلامي الكويتي – يكاد يجمع على رفض هذه الحرب ولم نسمع أحدا من علماء الأمة الذين لقولهم اعتبار أيد مثل هذه الضربة وتشكيك د. الطبطبائي في فتاوى العلماء الذين أفتوا بالتحريم، كالشيخ عجيل(مؤكدا أن تصريح عدد من الشخصيات في الكويت لا تعد فتاوى وإنما آراء شخصية) يكشف عن مدى تواضع قدرات الطبطبائي العلمية وعن تعالمه الفاضح إذ العلماء الذين أفتوا بالحرمة إنما كانوا بصدد بيان الحكم الشرعي بحسب ما ظهر لهم في هذه الواقعة لا بصدد بيان آرائهم أو تحليلهم السياسي للحادثة فقولهم :(حرام ضرب العراق أو الإعانة على ضرب ) حكم شرعي لا رأي شخصي وهذه هي الفتوى سواء رضي بها الطبطبائي أو لم يرض بها وسواء وافقها أو خالفها!
ومما يؤكد هذا التعالم ويكشفه قوله في مقابلة أخرى منشورة في الأنباء 4/5/2002 عن فتاوى بعض أساتذة الكلية :( هذه الفتاوى شخصية .. لكن الجهة الرسمية في الكلية هي لجنة الفتاوى الشرعية فإن صدرت الفتوى عن هذه اللجنة تكن رسمية وخلاف ذلك يكون الأمر اجتهادا ليس أكثر)!!
فهل يقصد الطبطبائي أن الفتاوى الرسمية تمتاز عن غير الرسمية بأن هذا اجتهاد ليس أكثر بينما الرسمية نص منزل؟!
وما هو الفرق في نظر الطبطبائي بين الفتوى والاجتهاد والرأي؟!
وهل يقصد الطبطبائي أن كل ما صدر عنه من تحليل وتحريم في هذه المقابلة وغيرها هو مجرد آراء شخصية لا فتاوى شرعية لكونها لم تصدر عن لجنة رسمية؟ وللحديث بقية